يمانيون/ تقارير

 

منذ انطلاق عملية إسناد معركة طوفان الأقصى، كان اليمن واضحاً في الموقف، رافعاً لسقف المناصرة، وثابتاً عليه بوتيرة تصعيدية، وبرؤية تصاعدية ضبطت إسناده لفلسطين على مدى عام الطوفان الأول، وفق معادلة طرفاها القدرة والقرار؛ القدرة بما توفر من مقدرات عسكرية وأمكن لليمن الوصول إليه تصنيعاً وتطويراً، والقرار وقد اتخذ بجلاء وجرأة من اليوم الأول لمعركة الطوفان، فما هي طبيعة عمليات الإسناد اليمني وفق خارطة المراحل التصعيدية التي أعلنها السيد في غير خطاب؟!.

220 عملية بـ(1.000) صاروخ وطائرة

 

إجمالاً بلغ عدد عمليات الإسناد اليمني خلال عام  كامل أكثر من (220) عملية، وباستخدام أكثر من (1000) صاروخ باليستي ومجنح وطائرة مسيرة،  ما يجعلها واحدة من أكبر وأكثر العمليات العسكرية زخماً في تاريخ الحروب الحديثة، فضلاً عن كونها أكبر عملية قصف لأراضي فلسطين المحتلة في تاريخ الصراع مع كيان العدو الإسرائيلي ؛ وقد طاولت هذه الضربات أهدافاً عدّة على امتداد مسرح عمليات هو الأوسع والأكبر من بين كل ساحات محور المقاومة، ويبدأ من البحر الأحمر من شماله باتجاه أم الرشراش ومينائها الشهير “إيلات” بوابة العدو الإسرائيلي باتجاه دول الشرق، وجنوبا ناحية باب المندب “المنفذ المائي ذو الأهمية الاستراتيجية العالمية للتجارة الدولية الرابط بين شرق العالم وغربه” وكذلك صوب خليج عدن، والبحر العربي، وصولاً إلى المحيط الهندي، ولاحقا وعلى المسرح المائي، البحر الأبيض المتوسط في أوسع اتساع ناري يحدث للمرة الأولى في تاريخ المنطقة والصراع وتقوده اليمن، مع العدو الصهيوني، ويُلحظ هنا أن المواجهات اليمنية مع العدو شملت شركاؤه الدوليين الأمريكي والبريطاني وحتى الأوروبي فيما بات يعرف بالتحالفات البحرية الدولية التي تشكلت تباعاً مع بدء العمليات البحرية اليمنية.

 

فشل التحالفات الغربية

 

(تحالف الازدهار ١٨ ديسمبر نهاية العام ٢٠١٣ والآخر التحالف الأوروبي المعروف بأسبيدوس في الشهر الثاني من العام ٢٠١٤)،

ويشار هنا إلى أن القوات المسلحة اليمنية تدرجت في التصعيد البحري ضد ملاحة العدو الإسرائيلي بدءاً من إعلانها منع السفن الإسرائيلية تماما من العبور، بعدها قررت منع السفن المتوجهة الى موانئ فلسطين المحتلة أيا تكن جنسيتها، ولاحقا وإثر الاشتباك البحري مع السفن الحربية الأمريكية والبريطانية قرر اليمن منع السفن التي تتعامل شركاتها الأم مع كيان العدو الإسرائيلي من العبور من البحر الأحمر،  وقد أخطرت الشركات المالكة والدول بشكل قانوني وفق قانون الملاحة الدولي وعبر القنوات الرسمية بالقرار، ويمكن الجزم هنا أن اليمن حقق أهداف إسناده المعلنة على الصعيد المائي في الشهرين الأولين من العمليات، وكانت أهم تمظهرات هذا النجاح إعلان إدارة ميناء أم الرشراش إغلاقه الكامل وتسريح أكثر من نصف العمال، والتحول لاحقاً إلى موانئ الأبيض المتوسط ” حيفا واسدود”.

 

في خضم هذه المرحلة سجلت اليمن أعنف اشتباك بحري شهده  العالم منذ عقود، حيث اشتبكت القوات اليمنية بمختلف تشكيلاتها مع الأساطيل والقطع البحرية الأمريكية والبريطانية في معارك وصفتها الأوساط الغربية بغير المسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية سواء لناحية الزخم الناري المستخدم أو لنوعية الذخيرة ومن بينها الصواريخ البالستية البحرية التي كشف اليمنُ عن امتلاكها وسجل أول استخدام لها في التاريخ، ولا تزال تداعيات هذا الاشتباك مدار حديث مراكز الأبحاث والدراسات المختصة و المهتمة، ولعل أهم وأخطر اشتباك كان مع الحاملة الامريكية آيزنهاور وهو ملف على فرادته و استثنائيته إلا أنه لم يأخذ حقه من البحث والدراسة.

في مسار ناري إسنادي آخر استهدف اليمن عمق كيان العدو الاسرائيلي بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة والمجنحة ومؤخرا بصواريخ فرط الصوتية وجميعها طاولت أهدافا حساسة داخل فلسطين المحتلة بدءا من أم الرشراش جنوبا وصولا إلى عسقلان ويافا وحيفا وسواها من مدن فلسطين المحتلة.

ويمكن هنا إعادة ترتيب العمليات وفق خارطة المراحل التصعيدية كالتالي:

– المرحلة الأولى

بدأت أولى عمليات المرحلة الأولى أواخر شهر أكتوبر من العام ٢٠١٣م أي بعد أيام من انطلاق عملية طوفان الأقصى، واستهدفت بمجموعة كبيرة من الصواريخ المجنحة والبالستية والطائرات المسيرة مناطق وأهداف داخل كيان العدو الإسرائيلي دون تحديد أماكن محددة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وفق ما جاء في البيان الأول للمتحدث باسم القوات المسلحة، وكان لافتا إشارته إلى أن العملية تعد الثالثة.

في المرحلة ذاتها كان اليمن قد حظر على العدو الإبحار من البحر الأحمر وشرع فعلاً في استهداف السفن التي حاول الإبحار بحماية من السفن الحربية الأمريكية والبريطانية وحتى الأوروبية، ونلفت هنا إلى تفاجئ العدو والمجتمع الغربي عموما وحتى الأوساط الدولية المختلفة بفاعلية القرار اليمني وامتلاكها القدرة النارية على تنفيذ تحذيرات السيد القائد وقرارات القيادة العسكرية اليمنية وقد كانت عملية الاستيلاء واقتياد سفينة (جلاكسي ليدر) في التاسع عشر من نوفمبر للعام ٢٠٢٣م و المملوكة لكيان العدو فاتحة هذه المرحلة في صعيدها البحري ومحط تحول غير مسبوق في تاريخ الصراع، وقد حظيت بمباركة شعبية وجماهيرية واسعة في مختلف الدول ، كما أنها مثلت ورقة قوية للمقاومة الفلسطينية وضربة قاتلة للعدو الصهيوني ولشركائه وداعميه الغربيين٠

المرحلة الثانية:

وفي المرحلة الثانية تركزت أغلب عمليات القوات المسلحة اليمنية على استهداف السفن المتجهة إلى موانئ العدو عبر البحر الأحمر وإن كانت مملوكة لدول أخرى، وكان أبرزها استهداف سفينتي (يونتي إكسبلورر و نمبر ناين) في الثالث من ديسمبر ٢٠٢٣م و باستخدام صاروخ بحري وطائرة مسيرة وفق بيان القوات المسلحة.

ويسجل في هذه المرحلة ولادة التحالفات البحرية الرامية لحماية سفن العدو الإسرائيلي “تحالف الازدهار” بقيادة  الأمريكي وتحالف “اسبيدوس” الاوروبي، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن واشنطن قادت حملة دبلوماسية وحراكا كبيرا لتشكيل التحالف البحري لكنها وجهت بامتناع صريح أو إححام وكلاهما غير متوقع كما حصل لها مع الدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر أو الامتناع المعلن كما جرى مع أستراليا وإسبانيا وسواهما.

فشل الدبلوماسية الأمريكية هذا عدّه الكثير انتصارا آخر لليمن وينذر بتحول جيواستراتيجي طالما خشيته واشنطن في ظل الاستقطاب الدولي المحتدم أو المواجهة المؤجلة بينها والصين.

في هذا السياق -ووفقا لتحقيق خاص بموقع انصار الله- فقد سُجل عدد من الانسحابات التي اضطرت لها سفن حربية و مدمرات وحاملات من جنسيات أمريكية وبريطانية وفرنسية وألمانية ويونانية وهولندية ودنماركية بلغت في مجملها زهاء ٢٤ عملية انسحاب من المسرح المائي في البحر الأحمر

( ١٥ عملية انسحاب للقطع البحرية الأمريكية و ٩ لقطع أوربية )منها القطع الأمريكية: ( حاملة الطائرات “يو إس إس أيزنهاور” –  طراد “يو اس اس فلبين” الحربي –  المدمرة الحربية “يو إس إس جرافلي”- فرقاطة “يو اس إس ماسون” الحربية – البارجة يو اس اس كارني الحربية – المدمرة “يو اس اس توماس هودن”- السفينة: يو إس إس باتان” – سفينة يو “اس اس بي بولر” الحربية – فرقاطة “يو اس اس لابون” الحربية  – المدمرة الحربية “يو اس اس كول”. بالإضافة لهروب “FREMM Alsace“ الفرنسية و “Ever Huitfeldt” الدنماركية و “Louise-Marie” البلجيكية و الفرقاطة “Hessen” الألمانية وهيدرا اليونانية والمدمرة “داكن” البريطانية و”بسارا” اليونانية وغيرها الكثير والكثير.

 

المرحلة الثالثة

في الرابع عشر من مارس كان اليمن قد أحكم قبضته تقريبا على المسرح المائي وانخفض عدد السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة المارة من البحر الأحمر، إلا بحماية مكلفة ومرافقة مستمرة من قبل البارجات والحاملات الغربية ، ما أجبر السفن الممنوعة على سلوك طريق رأس الرجاء الصالح الأطول والأكثر كلفة، ورغم هذا الهروب المهول قررت القوات المسلحة اليمنية توسيع مسرح عملياتها البحرية عبر تمديد نيران عملياتها لتشمل المحيط الهندي بمحاذاة جزيرة سقطرى وكان للقرار مفاعيله الميدانية وتأثيراته على الأسواق الاقتصادية للغرب عموما، وخطوط التوريد والشحن الدولي خاصة المرتبط منها بالعدو الإسرائيلي والبريطاني والأمريكي، وفي كل مرة يعود اليمن وبلسان القائد السيد عبدالملك التأكيد على سلامة الملاحة الدولية عبر المسرح البحري المُعلن وأمانة لبقية الشركات والسفن والدول التي لا علاقة لها بالعدو.

المرحلة الرابعة

وفي الثاني من مايو دخل اليمن المرحلة الرابعة من التصعيد المساند لفلسطين مقاومة وشعبا  وبدائرة استهداف أوسع تشمل السفن  التابعة للعدو الإسرائيلي أو تلك التي توفر الحماية لها والمتجة نحو موانئ فلسطين المحتلة، وأعلن بالتزامن توسعة رقعة الحظر لتصل  من البحر الأحمر إلى خليج عدن جنوبا وصولا للمحيط الهندي، وشمالا اتسع الحظر ليشمل الجانب الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، وفق قدرات الأسلحة اليمنية وحيثما تمكنت من الوصول.

كما شهدت المرحلة تطورا نوعيا في الذخائر المستخدمة من حيث الكفاءة والفاعلية وزخما كبيرا  في العمليات، وتنوعا في الوسائل النارية، حيث نفذت أكثر من 70 عملية استهدفت خلالها أكثر من 30 سفينة محظورة.

وحملت رابع مراحل الإسناد العديد من الإنجازات النوعية البارزة ورسائل فرط صوتية، عكست قدرة اليمن على تنفيذ عمليات دقيقة وقوية.

ومن أبرز ما تميزت به المرحلة الكشف عن منظومات جديدة كصاروخ “فلسطين1” بعيد المدى، وصاروخ “تنكيل” الفرط صوتي، وكذلك الزورق المسير عن بعد “طوفان1″، وزورق “طوفان المدمر”، مع قدرة في المناورة وقوة تدميرية، بالإضافة إلى توزيع مشاهد لعملية القوات البحرية التي استولت على سفينة تيوتر وأغرقتها لاحقا في عملية مركّبة جرت أمام مرأى الحاملة الأمريكية روزفلت القادمة في إثر هروب قرينتها آيزنهاور والتي ظلت قابعة على بعد مسافة آمنة من نيران القوات المسلحة اليمنية وهو ما اعتبر تخليا أمريكيا عن دعايتها الرائجة بخصوص حماية الملاحة الدولية.

 عمليات مشتركة مع المقاومة العراقية 

وضمن تصاعد وتيرة المرحلة أعلنت أول عملية مشتركة بين القوات المسلحة اليمنية والمقاومة الإسلامية العراقية في السادس من يونيو الماضي والتي استهدفت ميناء حيفا المحتلة.

العملية المشتركة فتحت أفقا جديدا عزز من قدرات وقوة الضربات وجدوائيتها، وأسهمت في توسيع نطاق الأهداف وخنق الموانئ العدو وتطويقا لحلقة نار المحور من أكثر من جهة.

ومن بين العمليات البارزة للمرحلة الرابعة  استهداف أسطورة القوات البحرية الأمريكية “آيزنهاور”، للمرة الرابعة مما أجبرها على مغادرة المنطقة في انسحاب وصف بالمخزي وغير المسبوق في تاريخ البحرية الأمريكية

 

المرحلة الخامسة:

المرحلة الخامسة بدأت بعملية يافا التي أيقظت المنطقة برمتها على خبر استهداف مدينة يافا “تل أبيب” في حدث مثل خرقا نوعيا لأنظمة العدو الدفاعية الجوية وحتى لمنظومات الدفاع المحمولة على السفن الأمريكية والبريطانية وكذلك لقواعد العدو الأمريكي المنتشرة في المنطقة وحتى لمنظومات الدفاع العربية المنذورة في خدمة كيان العدو الإسرائيلي.

ومع مرور الذكرى الأولى لمعركة طوفان الأقصى ضاعفت القوات المسلحة اليمنية من وتيرة عملياتها المستمرة والمتطورة ضمن المرحلة الخامسة دعما وإسنادا لغزة ولبنان.

ومن موقع الفعل والإنجاز ومن مربع المفاجأة.. شهدت المرحلة الخامسة من تصعيد اليمن إسناده لغزة تحولات فارقة على مستوى العالم، وزخما رائدا فرض نفسه على كل المعادلات، بدءا من مسيرة يافا في فجر السابع عشر من يوليو، والتي تلتها مفاجأة صاروخ فلسطين اثنين فرط الصوتي في الخامس عشر من سبتمبر الماضي الصاروخ مثّل علامة فارقة في الإسناد وذخيرة نوعية كاسرة لمعادلة التفوق الصهيوني وبخصائص مميزة تمثل كيرا لرهانات السادية الغربية في المجال التقني حيث يقطع الصاروخ فلسطين ٢ وبدقائق معدودة مسافة تزيد عن ألفي كيلو متر، وينجح في اختراق ثلاث منظومات دفاعية إسرائيلية، وأخرى عربية وأمريكية ليظهر في قدرته على المناورة والتخفي، ووصوله إلى الهدف حتمية لا تقبل التشكيك، وقد حظي الصاروخ بمساحات واسعة من التحليل والقراءة  على وسائل الاعلام العربي والغربي والعبري، وتوّجه السيد القائد عن ان للمرحلة والأهم أنه وضعه وبقية القدرات العسكرية اليمنية التي بلغها العقل اليمني في رسم خدمة مصالح الأمة ورهن الدفاع عنها.

ويبقى أن نشير إلى نجاحات الدفاعات الجوية اليمنية التي حصدت في عام الطوفان لوحده إحدى عشر عملية إسقاط طائرة إم كيو تسعة MQ9  وهو الرقم الأعلى في تاريخ الإسقاطات التي منيت بها أمريكا أو أي دولة أخرى في العالم مع ميزة أن اليمن اسقطها في غضون عام فقط علاوة عن ست عمليات أو أكثر للطائرة نفسها في مرحلة العدوان في الثمان سنوات التي سبقت الطوفان.

ومع أن حصاد الإسناد اليمني كبيرا ونوعيا وجديدا ومفاجئا لكن اليمن وهو يرقب مظلومية فلسطين يتشوق للأكبر ويتطلع للاشتباك المباشر ويتمنى ويسعى للمزيد وهنا ونختم بالتذكير بتأكيد السيد عبدالملك بأن اليمن يسعى لما هو أكبر.

 

نقلا عن موقع أنصار الله

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة الأمریکیة والبریطانیة کیان العدو الإسرائیلی البحریة الأمریکیة المرحلة الخامسة من البحر الأحمر الإسناد الیمنی فلسطین المحتلة فی تاریخ یو اس اس أکثر من عشر من

إقرأ أيضاً:

الجمهورية اليمنية تُطلّق التقرير الوطني الـ10 عن آثار العدوان على اليمن

يمانيون/ صنعاء أطلقت الجمهورية اليمنية، اليوم، التقرير الوطني العاشر عن آثار العُدوان الأمريكي، البريطاني، الصهيوني، السعودي، والإماراتي على اليمن.

وفي مؤتمر صحفي نظمته وزارة العدل وحقوق الإنسان، بحضور وزير الصحة والبيئة الدكتور علي شيبان، أكد نائب وزير العدل وحقوق الإنسان القاضي إبراهيم الشامي، أن التقرير الحقوقي العاشر يرصد ويوثق آثار العدوان والانتهاكات الممنهجة وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها دول العدوان وأدواتها ومرتزقتها من اليمنيين والأجانب على مدى عشر سنوات من العدوان بحق الشعب اليمني.

وأشار إلى أن العدوان الذي تعددت أشكاله من قصف مباشر بأعتى الأسلحة المحرمة دولياً على المحافظات اليمنية الحرة، استهدف المدنيين، والأعيان المدنية، والأحياء المكتظة بالسكان، والمنشآت الصحية والتعليمية والقضائية والاجتماعية والثقافية والدينية، بما في ذلك المنشآت التي تقدم المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء.

وذكر القاضي الشامي أن دول العدوان، بالإضافة إلى حصارها الجائر والشامل على اليمن، ونقل وظائف البنك المركزي اليمني من صنعاء، احتلت أيضاً أجزاء كبيرة من المحافظات الجنوبية والشرقية، ونهبت ثروات البلاد في تلك المحافظات، ودعمت الجماعات الإرهابية لممارسة أبشع الجرائم بحق المواطنين.

وأوضح أن التقرير لخص بإيجاز آثار وانعكاسات العدوان ومرتزقته، ويظهر أرقام ضحايا العدوان البشرية والمادية المباشرة وغير المباشرة، مشيراً إلى أن تلك الإحصاءات التي تضمنها التقرير غير نهائية، تم التوصل إليها من قبل وزارة العدل وحقوق الإنسان أثناء رصدها وتوثيقها لجرائم العدوان، بالإضافة إلى المعلومات التي حصلت عليها الوزارة من مختلف الجهات الحكومية.

ولفت إلى أن التقرير يظهر تدهور حقوق الإنسان في اليمن جراء المعاناة الكارثية التي عاشها اليمنيون خلال عقد من الزمن تحت العدوان والحصار.

وانتقد نائب وزير العدل وحقوق الإنسان عدم اضطلاع المجتمع الدولي بدوره إزاء انتهاكات دول العدوان لحقوق الإنسان في اليمن، وعدم إعماله لمبادئ القانون الدولي، ما شجع العدوان الأمريكي الصهيوني على الاستمرار في عربدته، لا سيما بعد أن انبرى الشعب اليمني وقيادته الثورية والسياسية الشجاعة للوقوف مع الشعب الفلسطيني، باعتبار القضية الفلسطينية هي قضية الشعب اليمني المركزية والأولى في ظل تخاذل عربي وإسلامي تجاهها.

كما أكد أن التقرير الحقوقي العاشر بقدر ما يمثل شاهداً على حجم الجريمة، يعتبر وصمة عار في جبين المنظومة الإنسانية الدولية، وإدانةً صارخة لدول ترفع شعارات حقوق الإنسان بينما هي تقتل وتمول وتسلح القتلة.

وقال: “لطالما رفعت أمريكا شعار حقوق الإنسان سيفاً، لتبرير تدخلاتها، لكن تاريخها يفضح حقيقتها بجلاء، لا سيما وهي تسلح الاحتلال الصهيوني الخبيث الذي يرتكب أبشع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني منذ عقود، وقيامها بتعطيل كل قرارات الأمم المتحدة لوقف تلك المجازر”.

واستغرب القاضي الشامي من فشل منظمة الأمم المتحدة الذريع في وقف العدوان وكسر الحصار على اليمن، لحد منع إيصال الدواء والغذاء إلى أطفال اليمن وفلسطين، معتبراً هذا الصمت الأممي ليس حياداً بل تواطؤًا واشتراكاً يكافئ المجرمين ويعاقب الضحايا.

وحيا صمود الشعب اليمني في وجه العدوان الأمريكي الهمجي، لافتاً إلى أن اليمن لم يتصد فقط للعدوان، إنما مد يده لنصرة الأشقاء في فلسطين، وأصبح اليمن اليوم يعلّم العالم معنى التضامن الإنساني الحقيقي.

وعد نائب وزير العدل العدوان المتجدد على اليمن امتداداً لعقلية الاستعلاء التي تجيز للقوي أن ينهب الضعيف، وهذه سياسة يرفضها اليمن رفضاً قاطعاً، مؤكداً وقوف الشعب اليمني مع القرارات الحكيمة والاستراتيجية لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي أرسى مبادئ المقاومة المشروعة ضد العدوان، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية والإنسانية وعدم التستر على جرائم العدوان تحت ذرائع السياسة.

وأفاد بأن اليمن لن يتنازل عن حقه في مقاضاة كل من سفك دماء أبنائه، وسيستخدم كل الوثائق التي بحوزته كأدلة دامغة على وحشية العدوان، وسيعمل على تحريك الجانب الحقوقي والقانوني وتجهيز ملفات عن الجرائم بالأدلة الموثقة، وإرسال نسخ منها للجهات الدولية ذات العلاقة، مثل محكمة لاهاي وغيرها، لمحاكمة مجرمي الحرب.

ونوه القاضي الشامي بجهود الفرق التي عملت على إنجاز التقرير الحقوقي العاشر، لافتاً إلى أن وزارة العدل وحقوق الإنسان ستواصل رصد كل جريمة وتوثيق كل انتهاك ورفعه للمحاكم الدولية، لأن حقوق الشعب لا تسقطها السنوات ولا تتقادم، فدماء الأبرياء لن تذهب هدراً.

وفي المؤتمر الذي حضره نائبا وزيري الإعلام الدكتور عمر البخيتي، والكهرباء والطاقة والمياه عادل بادر، وممثلو عدد من الوزارات والمنظمات وشخصيات اجتماعية، اعتبر مسؤول قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل وحقوق الإنسان، علي تيسير، العدوان على اليمن سابقة تاريخية سطر فيها اليمنيون ملاحم خالدة أبهرت العالم.

وذكر أن العدوان بذرائعه المكشوف زيفها لا يمكن وصفه سوى بعدوان جبان، استهدف المدنيين، والأعيان المدنية والتاريخية والأثرية، ودمر المدارس والجامعات والمستشفيات والمطارات والجسور، وما له علاقة بالإنسان من كهرباء ومياه، وثروة حيوانية وسمكية.

ولفت تيسير إلى أن العدوان تسبب في نزوح قهري لنحو أربعة ملايين و500 ألف من الأطفال والنساء والشيوخ، وخلف أزمة إنسانية مركبة، وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ كارثة في التاريخ المعاصر، واستخدم في عدوانه كل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً طوال عشر سنوات.

وبين أن العدوان على اليمن منذ عشر سنوات، يؤكد أن مجرمي الحرب لا يعرفون شيئاً عن تاريخ اليمن الذي يُعد مقبرة للغزاة، مؤكداً أن معركة اليمن لإسناد الشعب الفلسطيني هي امتداد للصمود الأسطوري للشعب اليمني أمام قوى العدوان البربري.

وأشار مسؤول قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل إلى أن الشعب اليمني لم ير أو يسمع للأمم المتحدة صوتاً إزاء الجرائم التي ارتكبها العدوان، بل لا تزال هذه المنظمة مصرة على أن ما يجري في اليمن لا يربو عن كونه حرباً داخلية، وليس عدوانًا خارجيًا.

وقال: “القوانين الدولية والإنسانية أصبحت مجرد حبر على ورق، ولم تعد الأمم المتحدة قادرة على أن تحقق أي نصر للإنسان في أي مكان، وأصبح وجودها مضللًا للعالم وفقدت مبررات وجودها اليوم”.

في حين استعرض المستشار القانوني لوزارة العدل وحقوق الإنسان، حميد الرفيق، ملخص التقرير الوطني العاشر عن آثار العُدوان الأمريكي، البريطاني، السعودي والإماراتي على اليمن، والذي أوضح أن عدد الشهداء والجرحى المدنيين جراء العدوان منذ 26 مارس 2015 حتى 26 أبريل 2025 بلغ 95 ألفًا و346 مواطناً، بينهم 24 ألفاً و126 شهيداً، وذلك في إحصائية غير نهائية.

وأفاد التقرير بأن من بين الشهداء أربعة آلاف و176 طفلاً، وثلاثة آلاف و154 امرأة، وجُرح أربعة آلاف و175 طفلًا، وثلاثة آلاف و154 امرأة جراء عمليات تحالف العدوان خلال السنوات العشر الماضية. ومن بين الضحايا 69 طبيباً ومسعفاً، بينهم 66 شهيداً وثلاثة جرحى.

ولفت إلى أن مليوناً و483 ألفًا و23 مدنياً قضوا نتيجة العدوان بطريقة غير مباشرة جراء الحصار والعمليات العسكرية، وذلك لأسباب متعددة من الأمراض المزمنة، وسوء التغذية، وتفشي الأمراض، والسموم الناتجة عن المواد الكيميائية، وأمراض أخرى.

وتطرق التقرير إلى ارتفاع معدل وفيات الأمهات عند الولادة خلال العدوان، بنسبة 160 بالمائة عما كان عليه قبل العدوان، بواقع 400 حالة وفاة لكل 100 ألف حالة ولادة، بالإضافة إلى ارتفاع عدد وفيات المواليد، حيث يتوفى 100 مولود من أصل ألف ولادة حية، ويموت 65 طفلاً دون سن الخامسة من أصل ألف طفل.

وبين أن مليونين و900 ألف طفل دون الخامسة يعانون من سوء التغذية، من إجمالي خمسة ملايين و366 ألفًا و767 طفلاً، يموت منهم 400 ألف بسبب سوء التغذية الحاد والوخيم.

وحسب التقرير، يموت كل 10 دقائق في اليمن طفلٌ بسبب أمراضٍ ترتبطُ بسُوء التَّغذيةِ، والأوبئة. وتُشيرُ البياناتُ إلى أنَّ 86 بالمائة منَ الأطفالِ دونَ سنِّ الخامِسةِ يُعانُون أحدَ أنواع فقر الدَّم، وهناك تسعة آلافِ حالةٍ تُضافُ سنويَّاً من مرضى السَّرطان، 15 بالمائة منها منَ الأطفال، وأكثرُ من ثلاثة آلافِ طفلٍ مُصابُون بسرطانِ الدَّم، ويحتاجُ 300 طفلٍ مُصابٍ بسرطانِ الدَّم للسَّفر إلى الخارج بصُورةٍ عاجلةٍ لتلقّي العِلاج، وسُجِّلتْ أكثرُ من 389 حالةَ وفاةِ أطفالٍ، بسبب سُوء التَّغذيةِ خلالَ العام 2022م.

وتسبب العدوان في معاناة مليون و800 ألف امرأة من سوء التغذية، تُوفّيَ منهُنَّ خلالَ عشرِ سنواتٍ، أكثرُ من 46 ألف امرأة، نتيجةَ سُوءِ التَّغذيةِ، ومُضاعفاتٍ أخرى ناجمةٍ عنِ الحِصَار والعُدوان، فيما قضى 120 ألف مواطن بسببِ عدمِ قُدرتهم على السَّفر للخارج لتلقّي العِلاج.

وتعرَّضتْ أكثرُ من أربعة آلاف و623 امرأةً لحالةِ إجهاضٍ قسريٍّ؛ بسببِ الخوف، والرُّعب، وعدم تمكُّن مُعظمِهنَّ من الوصُول إلى المستشفيات والمراكز الصِّحيَّة.

وأظهرت تقاريرُ صحيَّةٌ عديدة أنَّ 350 ألف حالة إسقاط أجنة منَ بطون أمَّهاتِهم الحواملِ لإنقاذ حياتهنَّ لأسبابٍ صِحيَّةٍ تُعانِي منها الأمَّهاتُ، ما اضطّر المستشفيات للعنايةَ بالأمَّهات وإنقاذِ حياتِهنَّ.

ووفقًا للتقرير، سجلّت وزارةُ الصِّحَّة أكثرَ من 22 ألف حالة من تشوُّهات الأجِنَّة، منها ألف و200 حالة وَفَاةٍ منَ الأجِنَّة المشوَّهَةِ خلالَ العام 2022م، فيما ظهرت حالاتُ تشوُّهَاتٍ مُعقَّدةٍ لا تُوجدُ ضمنَ الأطلسِ العالميّ لتشوُّهاتِ الأجِنَّة.

كما تم تسجيل 95 ألفاً و850 حالةَ إصابةٍ بأمراضِ الأورام بمركزِ الأورامِ خلالَ عشرِ سنوات، ووجود عشرات المرضى لم يستطيعُوا الوصُولَ إلى مراكز الأورام؛ بسببِ عدم قُدرتهم على سدادِ رُسُوم المواصلات، أو بُعدِ المسافة عن تلك المراكز.

وأوضح التقرير الوطني العاشر أن أكثر من 37 ألفًا و320 حالةَ فشلٍ كُلويّ تحتاجُ إلى أكثر من مليونينِ ونصفِ غسلةٍ بشكلٍ دوريّ، يمُوتُ من بينهُم (2-3) مرضى يوميًّا، ويُواجهُ حاليًّا أكثرُ من خمسة آلافِ مريضٍ بالفشلِ الكلويّ نقصًا حادًّا في المخزون الدوائي، والأدوية المصاحبة لجلسات الغسيل، فيما تحتاجُ أكثر من 498 جهازَ استصفاءٍ دمويّ في عدة مراكزَ إلى قطع غيارٍ.

وبلغتْ حالاتُ الاشتباهِ بوباءِ الكوليرا مُنذ 2016م، حتى مارس 2021م حوالي مليونين و525 ألفاً و556 حالة، تُوفّيَ منهُم ما يُقاربُ ثلاثة آلاف و979 حالة.

ولفت التقرير إلى أن اليمن في 14 مارس 2024م شهد عودة لوباءِ الكوليرا، تمَّ تأكيدُ سبعِ حالاتٍ إيجابيَّةٍ، وبلغ إجماليّ الحالاتِ، منذ عودةِ الوباءِ حتى 30 يوليو 2024م، حوالي 122 ألفاً و154 حالة، وإجماليّ الوفيات 461 وفاة، وثلاثة آلاف و378 حالة مؤكدة مخبريًّا.

وبيّن أن أعلى المحافظاتِ التي سجَّلتْ إصاباتٍ بوباء الكوليرا، هي محافظة حجة بواقع 21 ألفاً و227 حالة، توفي منها 56 حالة، ثم محافظة عمران بعدد 15 ألفاً و532 حالة، توفي منها 32 حالة، يليها محافظة ذمار بـ10 آلاف و948 حالة، توفي منها 34 حالة، ثم محافظة الحديدة بـ10 آلاف و129 حالة، توفي منها 93 حالة.

وفيما يتعلق باستهداف العدوان للأعيان المدنية، قدم التقرير الوطني العاشر تفصيلًا بالأضرار الجسيمة للأعيان جرَّاءَ العُدوان الأمريكيّ، البريطانيّ، الصُّهيُونيّ، وأدواته السُّعُوديّة والإماراتيّة، في مختلف القطاعات.

في قطاع التعليم، ألحق العدوان أضرارًا جسيمة بـ2,775 منشأة تعليمية وتربوية، و45 جامعة، و74 معهدًا فنيًا وتقنيًا، وفي قطاع الصناعة، استهدف العدوان 408 مصانع، وخمس صوامع غلال.

وفي قطاع الكهرباء والاتصالات، استُهدفت 5,601 شبكة ومحطة كهرباء، و2,181 موقعًا ومنشأة وشبكة اتصالات، أما في قطاع الطاقة، استُهدفت 537 محطة وقود وغاز، و391 ناقلة وقود، و163 ألف أسطوانة غاز منزلي.

وفي قطاع النقل والموانئ، استُهدف 14 ميناءً مع تكرار الاستهداف، وأربع رافعات موانئ، وتسعة مطارات مع تكرار الاستهداف، ومرافق ثلاثة مطارات، وأربع طائرات مدنية، ومنظومة جهاز الإرشاد الملاحي، بالإضافة إلى ستة من قطاعات الطيران المدني والأرصاد.

ووفقاً للتقرير الوطني العاشر، استهدف العدوان 58 مؤسسة إعلامية مرئية، و28 مركز إرسال إذاعي، وانتهك 232 حرية للإعلام خلال العام 2023 فقط.

وأشار التقرير إلى أن العدوان استهدف 49 من مجمعات ومباني ومحاكم من منشآت السلطة القضائيَّة والسجلات والوثائق والملفات القضائية في 33 منشأة ومنازل 48 قاضياً وعاملاً في القضاء و136 منشأة رياضية وشبابية.

وفيما يخص شبكة الطرق، دمّر العدوان 7,848 طريقاً وجسراً وأعطب وأتلف 5,378 طريقاً واستهدف 133 جسراً علوياً ودمر 8,462 سيارة ووسيلة نقل مختلفة.

كما أكد التقرير أن العدوان استهدف 2,214 مبنى حكومياً خدمياً عاماً و11 مبنى تابعاً لصناديق الرعاية الاجتماعية و10 منشآت من دور ومراكز الرعاية الاجتماعية ومركزاً واحداً لرعاية المكفوفين.

وفيما يتعلق بالمنشآت الدينية والثقافية استهدف العدوان 1,836 مسجداً و91 مقبرة وضريحاً و419 موقعاً أثرياً وتاريخياً و367 منشأة سياحية.

تخلل المؤتمر الصحفي عرض ريبورتاج مصور عن انتهاكات وجرائم العدوان على اليمن خلال السنوات الماضية.

مقالات مشابهة

  • الحوثي: إعلان بريطانيا عن عملية في اليمن محاولة لرفع معنويات الأمريكيين بعد فشلهم أمام الصمود اليمني
  • الجبهة الشعبية: اسقاط طائرة أمريكية إف-18 دليل على صلابة واقدام القوات اليمنية
  • الجمهورية اليمنية تُطلّق التقرير الوطني الـ10 عن آثار العدوان على اليمن
  • شاهد| الجيش اليمني يفاجئ أقوى حاملات الطائرات ويدخلها في حالة من الرعب والإرباك
  • بريطانيا: قوات أمريكية وبريطانية نفذت عملية عسكرية مشتركة ضد الحوثيين في اليمن
  • ماذا استهدفت الطائرات البريطانية في أول عملية مشتركة مع أمريكا في اليمن؟
  • بريطانيا تشارك الولايات المتحدة في عملية عسكرية ضد الحوثيين
  • العميد راشد: إف 18 سقطت بنيران القوات اليمنية والرواية الأمريكية كاذبة
  • مسؤول أمريكي: طائرة إف 18 سقطت أثناء مناورتها لتفادي النيران اليمنية
  • عاجل.. مقتل 30 مهاجرًا أفريقيًا في غارات أمريكية شمال اليمن "تفاصيل"