حاوره| نجيب علي العصار

قال اللواء عوض محمد بن فريد العولقي محافظ شبوة، أن ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة حررت جنوب الوطن وفتحت الطريق نحو الوحدة اليمنية.

وأكد العولقي في حوار أجرته “الوحدة” الصادرة اليوم الأربعاء، أن ثورة الـ 14 من أكتوبر 1963، ملحمة يمنية جسدت شموخ اليمنيين ورفضهم للاحتلال والوصاية وكل أشكال الخضوع التي كان يمارسها الاحتلال البريطاني آنذاك، داعياً الأحرار في كافة المحافظات الواقعة تحت الاحتلال لمناهضة المحتل السعودي الإماراتي ومرتزقته وعملائه وإجباره على المغادرة وإنهاء وجوده وهيمنته السافرة على المحافظات الجنوبية والشرقية والجزر اليمنية، فإلى نص الحوار:

ثورة 14 أكتوبر 1963 ثورة تحررية عظيمة في تاريخ اليمن المعاصر.

. ماذا يعني لكم شخصيا العيد الـ 61 للثورة الأكتوبرية باعتباركم أحد الرموز النضالية؟

حقيقةً، ذكرى العيد الوطني الـ61 لثورة الـ14 من أكتوبر، تمثل ملحمة ثورية عظيمة  يجسد فيها أبناء الشعب اليمني من خلال إحياء ذكرى هذه الثورة اعتزازهم بهذه الثورة الخالدة التي يحتفلون بذكراها، والتي مثلت انطلاق مرحلة الكفاح المسلح من جبال ردفان من أجل طرد الاحتلال البريطاني الذي جثم على أرض جنوب اليمن أكثر من ١٢٨ عاماً لنيل الاستقلال والحرية، وبالتالي فإن احتفال أبناء الشعب اليمني بها يُعد تأكيداً على اعتزازهم بهذه الثورة العظيمة و إصرارهم على السير نحو طريق التحرير والثورة لطرد المحتلين الجدد من جنوب اليمن.

ثورة أكتوبر حررت جنوب الوطن وفتحت الطريق نحو الوحدة اليمنية

كما أن ثورة الـ 14 من أكتوبر المجيدة لا تزال تمثل محطة ثورية يستلهم منها اليمنيون أعظم معاني النضال والتضحية من أجل انتزاع حريتهم واستقلالهم وسيادتهم من المحتل بالقوة، وهي بالنسبة لنا تجسد انحياز وانتصار اليمنيين لتاريخهم النضالي المشرف الرافض لكل أشكال الوصاية والاحتلال عبر كافة مراحل التاريخ القديم والحديث.

ثورة تحررية عظيمة

ماهي دلالات ومعاني هذه المناسبة بالنسبة لشعبنا في ظل التحولات والمعطيات والمستجدات الراهنة؟

بلا شك ، فإن لهذه المناسبة العظيمة دلالات ومعان كبيرة لدى أبناء الشعب اليمني في جنوب اليمن وشماله وشرقه وغربه ، حيث  تعد تعبيراً حياً عن مدى إيمان اليمنيين بقداسة حريتهم وما تمثله حريتهم من قدسية لا يمكن المساومة عليها ، ورفضهم الخضوع للمحتل وكل أشكال الاستعمار  ، لذلك فقد  حملوا السلاح ضد المستعمر البريطاني وأرغموا ما كانت تسمى الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس على الخضوع لإرادة اليمنيين والرحيل من جنوب اليمن في  الـ ٣٠ من نوفمبر ١٩٦٧م،  بعد أن التحم عدد من  مناضلي ثورة الـ٢٦ من سبتمبر مع إخوانهم مناضلي ثورة الـ١٤ من أكتوبر وصنعوا بتضحياتهم وبدمائهم الطاهرة الاستقلال لجنوب الوطن.

شكّل اندلاع الثورة من جبال ردفان بداية مرحلة الكفاح المسلح ضد المحتلين البريطانيين

واليوم تطل علينا الذكرى الـ61 لثورة الـ14 من أكتوبر في ظل أحداث ومعطيات ومستجدات دولية جديدة  ساهمت للأسف في إعادة جزء من الوطن إلى الوقوع تحت الاحتلال السعودي الإماراتي، ومن يقف خلفهم من الأمريكان والبريطانيين والصهاينة الذين يحاولون إخضاع الجنوب لمشاريعهم الخبيثة، ومحاولة التغرير على أبناء الجنوب بالشعارات الكاذبة، وأنهم جاءوا من أجل مصلحة اليمن وإعادة ما تسمى بالشرعية، ليدرك أبناء الشعب اليمني بعد أكثر من قرابة ثمانية أعوام  من الاحتلال كذب ادعاءاتهم ومبرراتهم، ويرى الجميع اليوم ما يمارسونه من نهب ممنهج لثروات الجنوب، وعدم تقديم أي شيء للمواطن الذي يفتقر لأبسط الخدمات الأساسية.

لهذا أصبح الناس في الجنوب على قناعة كاملة بأهمية التحرير وتطهير الجنوب من الاحتلال ومرتزقتهم، وإصرارهم أيضا على الانتصار لتاريخهم النضالي الرافض لكل أشكال الخضوع والاحتلال.

سياسة “فرّق تسد”

ماذا يمكنكم الحديث للمناضلين وأسر الشهداء وثوار أكتوبر ولأبناء الجنوب عموماً عن انجازات هذه الثورة التحررية ضد المستعمر البريطاني؟

الثوار والمناضلون وأسر الشهداء ومناضلو ثورة الـ 14 من أكتوبر يدركون عظمة وأهمية هذه الثورة التي حررت جنوب اليمن من أسوأ استعمار جثم على أرض جنوب اليمن لعقود طويلة، وظل ينهب ثروات الجنوب ويستفيد من موقعه الجغرافي المتميز لصالح بريطانيا ويزرع الأحقاد والطائفية، ويتخذ مبدأ “فرق تسد” لزرع الخلافات ليستمر في احتلاله لأطول وقت ممكن، فجاءت ثورة الـ 14 من أكتوبر لترغمه على الرحيل بالقوة وتعيد للجنوب استقلاله وحريته.

أما عن انجازات ومكاسب ثورة الـ14 من أكتوبر وأهدافها فهي معروفة ورغم كل المنعطفات والصراعات التي حدثت بعدها وبعد الاستقلال، إلاّ أنها أعادت للجنوب سيادته واستقلاله، ولعل أهم ثمارها في اعتقادي أنها أفسحت للمناضلين الطريق للسير من أجل تحقيق وحدة اليمن ليتحقق هذا الإنجاز في الـ٢٢ من مايو ١٩٩٠م،  ورغم الأخطاء التي حدثت بعد تحقيق الوحدة اليمنية، والتي أثرت عليها فعلياً إلا أن اليمنيين توحدوا بعد ثورة الـ٢١ من سبتمبر، والتفوا حول مشروع وطني جامع مشروع الحرية والاستقلال والخروج من عباءة الوصاية، وبناء الدولة اليمنية الحديثة والقوية والمستقلة، التي تضمن العيش الكريم لكل أبناء الشعب اليمني في  كل ربوع اليمن.

استعادة الأهداف العظيمة

أما في ما يخص مدى تحقيق أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر فاقترح شخصياً تشكيل لجنة من أحرار اليمن شمالا وجنوباً ومن المناضلين المجهولين وغير الحزبيين لتقييم ثورتي سبتمبر وأكتوبر تقييمًا شاملاً، وتحديداً ما تم إنجازه من أهداف هاتين الثورتين وما هي الأخطاء التي ارتكبت، ولماذا لم تتحقق أهدافهما بشكل مرضٍ مع قناعتي أن السلبيات أكثر من الإيجابيات.

ذكرى ثورة أكتوبر محطة ملهمة لإعلان الكفاح المسلح ودحر المحتلين الجدد من جنوب الوطن

وهناك أسباب كثيرة لعدم تحقيق أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر لتلبي طموحات المناضلين وكل ابناء الشعب اليمني، ومن أهمها المؤامرات التي تعرضت لهما الثورتين من قبل حكام السعودية وعملائها وأرى أن ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر تعتبر ثورة تصحيحية لما قبلها، ونتمنى أن تعمل على إنجاز ما عجزت عنه الثورتين السابقتين، لتحقيق طموحات كل اليمنيين شمالًا وجنوباً في ظل يمن موحد وبمشاركة كل اليمنيين الأحرار والمخلصين والشرفاء الذين يرفضون التدخلات الخارجية، وبالتأكيد يرفضون مشاركة العملاء وبائعي الوطن في صناعة مستقبل اليمن.

أصوات نشاز

لماذا يتحسر البعض على عهد الاحتلال ويتجاسر على عهد الثورة والاستقلال؟

أجزم أنه لا يوجد أحد يتحسر على عهد الاستعمار البريطاني، لاسيما كل من تجرع ويلات هذا الاستعمار وعانى من الفقر والصراعات والشتات ممن عاشوا في تلك المرحلة فهم يدركون هذا الكلام، وما قد نسمعه من البعض من جيل ما بعد التحرير من تجاسر على عهد الحرية والاستقلال هو في إطار المماحكات ومحاولة الحصول على مكاسب خاصة وهذه أصوات نشاز، وهذا العمل ينم عن جهل لأنهم لم يعرفوا ولم يعيشوا مساوئ وويلات الاحتلال ومن هذا القبيل، وهذا رأيي الشخصي.

اليمنيون توحدوا بعد ثورة الـ٢١ من سبتمبر والتفوا حول مشروع وطني جامع هو الحرية والاستقلال

معاناة ونهب للثروات!

ولعل اليوم وما يحدث في جنوب اليمن من معاناة وانفلات أمني وفقر وعوز ونهب للثروات وتقييد للحريات وانعدام للخدمات وتضخم للعملة ووو إلخ، كفيل بل يؤكد بأن العدالة والرفاهية والخدمات والحياة الكريمة لا تتحقق إلا في ظل الحرية والاستقلال، وامتلاك الدولة لسيادتها وقرارها السيادي، وهذه حقيقة يؤكدها الواقع اليوم في المحافظات الجنوبية التي تعاني كثيراً جراء الاحتلال السعودي الإماراتي ومن خلفهما أمريكا وبريطانيا، التي تُعتبر من الفاعلين الدوليين الأساسيين في العدوان على اليمن، وتمارس استراتيجياتها الاستعمارية القديمة الجديدة عبر الإمارات من خلال احتلال معظم السواحل اليمنية الجنوبية والغربية.

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي ثورة الـ 14 من أکتوبر أبناء الشعب الیمنی الحریة والاستقلال هذه الثورة جنوب الیمن جنوب الوطن من سبتمبر على عهد أن ثورة من أجل

إقرأ أيضاً:

اليمن يصعِّد في “يافا” ويرفع الجهوزية لأي تصعيد

يمانيون../
في قلب المأساة الفلسطينية في غزة حيث تتراكم الأوجاع فوق جراح لم تندمل، يتضح مدى تواطؤ العالم في شرعنة وحشية العدو الإسرائيلي، الذي يعيث فساداً في الأرواح والممتلكات دون أدنى مراعاة للإنسانية. فبين صرخات الأطفال النائمين وأمهاتٍ يحتضن أطفالهن الرضع، يشير الواقع المأساوي إلى حقيقة مؤلمة: الموت هنا لا يميز بين براءة الطفولة وحب الأم. الأحياء يجتمعون على الهرب من صواريخ المحتل، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قذائف جديدة في العراء، لتبقى جثث الفلسطينيين المتناثرة بمرمى الإهمال، طعاماً للكلاب الضالة.

ومع استمرار القصف العشوائي، يطال الأذى المستشفيات التي تعاني تحت وطأة الضغوط، حيث تتحول سيارات الإسعاف إلى أهداف، والطواقم الطبية تُستهدف في محاولة واضحة لإبادة معالم الحياة. ورغم صدور مذكرة اعتقال دولية بحق بعض مجرمي الحرب الإسرائيليين، يبدو أن الكيان الإسرائيلي مُمعن في جرائمه، مدعوماً بتأييد أمريكا المطلق وتحدٍ صارخ للقرارات الدولية التي فقدت معناها في وجه القوة.

بطائق أمريكية للتعارف

في هذا السياق وفي الوقت الذي يصر فيه البيت الأبيض على دعم المجازر الإسرائيلية بكل الوسائل، يسارع أحد القادة العرب لتبني الرواية الإسرائيلية وموجها اللوم لـ”إسرائيل” عبْر وزير خارجية الولايات المتحدة بلينكن، ويذهب هذا القائد العربي -في الكواليس- إلى ما هو أبعد من توجيه اللوم، حيث أكد على ضرورة “هزيمة حماس”، مسرّاً لبلينكن: “لن نقول ذلك علناً، لكننا ندعم هزيمة حماس، ويجب على “إسرائيل” هزيمة حماس”.

يحكي القصةَ الكاتب الأمريكي بوب وود ورد في كتابه “الحرب” مضيفا: “وهناك قائد عربي آخر تتبّع خطواتِ القائد الناصح ولكن بالتأكيد لبلينكن: “لا أحتاج إلى حماس بعد الآن، لا أريد عقبات مع أمريكا”. مشيرا إلى أن ذلك جاء على هيئة تأكيد من هذا القائد خلال استقباله توجيهات صريحة حملها بلينكن عن الإدارة الأمريكية مفادها أن “هناك أمرين باسم الرئيس بايدن: أنتم تتعاملون مع حماس بخصوص الرهائن، ونحن نقدّر أهمية وجود قناة للتفاوض”. وأوضح بلينكن في نهاية لقائه به “عندما ينتهي هذا، لا يمكن أن يستمر الوضع كالمعتاد مع حماس. هذا غير مقبول”. في المقابل، لم يكن أمام ذلك القائد العربي من بد إلا أن يؤكد: “أفهم ولن يحدث ذلك. سنبقي القناة مفتوحة الآن لأنكم تجدونها مفيدة. علاقتنا مع أمريكا مهمة جدًا”.

الحوار يكشف عمق الانصياع والولاء الذي يتمتع به هؤلاء القادة للسياسات الأمريكية، حيث يتحولون إلى أدوات لتنفيذ رغباتها. وعلى الرغم من محاولات بعضهم لترويج صورة إيجابية عن موقفهم، إلا أن الواقع يُظهر أنهم يمهدون الطريق للاحتلال ويعمقون معاناة الفلسطينيين.

تصفية القضية الفلسطينية

مع اتساع الفجوة بين القادة الرسميين وإرادة القواعد الشعبية العربية، يظل السؤال عن موقف الأمة العربية ومتى ستستيقظ من غفوتها، يطرق أبواب تلك الإدارات العربية خصوصا التي تُعد نفسها بحذر -من خلال التفاهمات مع الكيان الصهيوني- لتخاطر بفقدان شرعيتها في نظر شعوبها التي تحتج وتُظهر تأييدها للمقاومة بكل أشكالها.

وفي صباح يوم جديد، يقول الكاتب الأمريكي وود ورد- في ذات المصدر- إنه شهد لقاءً جمع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن بوزير خارجية إحدى الدول العربية التي تفضل التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، خلال هذا اللقاء أكد الوزير العربي لبلينكن أنه “كان ينبغي على ‘…’ أن يعرف أفضل من ذلك. لقد أخبره الجميع بعدم التعامل مع حماس، وكنا جميعاً إلى جانبه في هذا التحذير”. مضيفاً: “حماس هي جماعة الإخوان المسلمين”.

الفزع الحقيقي

في سياق متصل، وفي الوقت الذي تبحث فيه شعوب المنطقة عن إجابة عن السؤال المحير: متى ستستيقظ الأمة العربية من سباتها؟ متى سيتحرك الضمير العربي ليواجه بشاعة الجرائم الصهيونية المرتكبة في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية؟ وفيما يتضح أن البقاء على الهامش ليس خيارا، فالمقاومة في غزة تستحق الوقوف معها، والتضامن الحقيقي يجب أن يكون بمستوى المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون، تظهر على السطح تساؤلات خطيرة تتعارض مع موقف قوى الإسناد لدعم غزة، كمثل: هل يُعَدُّ إسناد غزة إرهابا؟

هذا السؤال، على الرغم من أنه قد يبدو عابرا بالنسبة للبعض، إلا أن الإجابة عنه تُظهر الفزع الحقيقي، خصوصا عندما تأتي من أحزاب تدّعي أنها تحمل صبغة إسلامية. بل، وتبدو الفاجعة أكبر حين يأتي الجواب من حزب يمني كان يُعَدُّ -حتى وقت قريب- من كبار المستثمرين في قضايا الجهاد لتحرير المقدسات.

قبل انكشاف الأصول المرجعية لذلك المزيج المتناقض من الأفكار والممارسات المستندة إلى السلفية، والانفتاح، والإسلام السياسي، والإخوانية، والدعشنة، وطالبان، وهو ما روج له هذا الحزب في الأوساط اليمنية لعشرات السنين. الحزب نفسه أصبح اليوم يكشف النقاب عن أصول هذا اللفيف المسمى بـ”التجمع” بأنه يتبع إرادة القوى الأمريكية والبريطانية والفرنسية، بل ويظهر وكأنه أحد مخرجات ما يُسمى “الجامعة الإسلامية الكبرى” في “تل أبيب”.

ولماذا لا يكون كذلك؟ خصوصا، وقد أصبح بلا قناع، أداة رخيصة تعمل في فلك أمريكا، يرى ما تراه ويفعل ما تأمره، معبراً بكل حرص عن سلامة سفن الكيان المحتل. وبجل تصرفاته التي تسير وفق ما يملى عليه، يصرخ الخائن العرادة -وهو أحد قيادات هذه الحزب- قائلاً: “أمريكا لم تدمر بلدنا بما فيه الكفاية”!، متوسلاً منها مزيدا من الغارات والدمار. نعم، هذا هو “العرادة” الذي لم يتورع في وصف قصف أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” لموانئ بلده بـ “الضربات الناعمة”، في الوقت الذي يتغنى فيه على الجانب الآخر من البلد -وأعنى المحافظات اليمنية التي ترضخ تحت الاحتلال السعو-اماراتي- بالوطنية!!!.

هذا النفاق المكشوف والولاء الواضح للصهيونية لا يعكس خيانة فردية فحسب، بل يُنبئ عن سياسة عمالة ممنهجة امتدت من “سلطان العرادة” مرورا بـ”عيدروس الزبيدي”، لتعبر عن خيانة عظمى صار لها مشرعون يرددون ذات النداء: “المزيد من الحروب”!، كالخائن “طارق عفاش” الذي لم يكن أقل مرتبة من رفيقيه في مجلس الخيانة، المشكل بتوافق سعو-إماراتي ومباركة صهيو-أمريكية وبريطانية، حيث تعهد بتأمين سفن الكيان الصهيوني.

هذه الدمى المصطنعة والمملوكة كعلامات تجارية حصرية على أربابها، أعلنت أنها على أتم الاستعداد لتقديم العون المطلق للأمريكان والإسرائيليين والبريطانيين في ما يخططون له من توجيه الضربات القاسية بالقوات المسلحة اليمنية قيادة صنعاء. وبالتالي ستبقى تتحرك وفق برامج صانعيها، ولن تمثل اليمن على أي حال.

صنعاء ماضية في دعمها لغزة

في المقابل، ووسط كل هذا الظلام، يَبرُز الموقف اليمني صوتاً استثنائياً في معركة الكرامة. رغم الحصار والعدوان المستمر على اليمن، يواصل اليمنيون -بقيادة صنعاء- تأكيدهم على إسناد فلسطين غير آبهين بالتحديات أو التهديدات. وبرغم المتغيرات، فإن صنعاء ماضية في دعمها لمظلومية الشعب الفلسطيني، في رسالة واضحة أن فلسطين ستبقى بوصلة الأحرار في اليمن مهما تخاذل الآخرون.

في الوقت ذاته، تتزايد التحركات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية والبريطانية في المنطقة، حيث يبدو أن واشنطن ولندن تسعيان لتعزيز نفوذهما في اليمن، مع التركيز على تعطيل أي دور يمكن أن تقدمه صنعاء لدعم المقاومة الفلسطينية في غزة. زيارة السفير الأمريكي ستيفن فاجن إلى قيادات المرتزقة اليمنيين، تزامنا مع زيارة قائد القيادة الوسطى الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا للمنطقة، تكشف عن تصعيد دبلوماسي وعسكري يهدف إلى إعادة ترتيب أوراق الحرب في اليمن وتحويلها إلى ساحة مواجهة تخدم المصالح الإسرائيلية.

لم تكن زيارات السفير الأمريكي إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المرتزقة مجرد لقاءات بروتوكولية بقدر ما تحمل في طياتها رسائل واضحة لصنعاء. حيث تركزت اللقاءات المتكررة مع قيادات المرتزقة على إعادة إحياء الجبهات الداخلية ضد “أنصار الله”، في محاولة لتشتيت الجهود اليمنية التي باتت تشكل تهديدا فعليا للهيمنة الإسرائيلية في البحر الأحمر، ولتقويض أي دعم عسكري أو لوجستي تقدمه صنعاء لفلسطين.

خلال لقاءاته الأخيرة، أشار السفير الأمريكي فاجن بشكل مباشر إلى “ضرورة العمل على مواجهة التهديدات الحوثية”، ووصف عمليات صنعاء الأخيرة في البحر الأحمر بأنها “تعطيل للأمن الدولي”.

هذا الخطاب يتماهى مع التوجهات الإسرائيلية التي تطالب الولايات المتحدة بمزيد من الضغط على صنعاء، وصولا إلى توجيه ضربات عسكرية مباشرة. وهو ما بات يحدث منذ عملية إسناد اليمن للمقاومة الفلسطينية ضمن معركة طوفان الأقصى. وقد تبادلت أمريكا وبريطانيا الأدوار في قصف المدن اليمنية، كما حدث في الحديدة وصنعاء وصعدة، حيث قاربت الغارات الأمريكية والبريطانية على اليمن ٨٠٠ غارة منذ أكتوبر 2023م.

الجنرال مايكل كوريلا قائد القيادة الوسطى الأمريكية -المعروف بدوره في إدارة العمليات العسكرية الأمريكية في “الشرق الأوسط”- التقى بمسؤولين في السعودية والإمارات لمناقشة “تعزيز التنسيق الأمني”، مع تركيز خاص على الملف اليمني.

ووفقا لتقارير إعلامية، فإن كوريلا ناقش سيناريوهاتٍ لتصعيد المواجهة مع صنعاء، بما في ذلك توفير دعم عسكري واستخباراتي مباشر للمرتزقة، والتنسيق مع “إسرائيل” لضمان تحييد الدور اليمني عن دعم المقاومة الفلسطينية. هذه التحركات تكشف عن مساعٍ أمريكية لإشعال حرب إقليمية تستهدف اليمن تحت ذريعة ما تسميه “مواجهة التهديد الحوثي”، بينما الهدف الحقيقي يتمثل في تأمين المصالح الإسرائيلية، خاصة في البحر الأحمر والممرات البحرية الاستراتيجية.

“إسرائيل” تطالب بدعم غربي عاجل

مع تصاعد الدعم اليمني لغزة، خرجت أصوات صهيونية تطالب بتوجيه ضربة عسكرية “قاضية” ضد “أنصار الله”. التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، ركزت على ضرورة “تحييد الحوثيين” بشكل كامل، تزامنت مع تحركات عسكرية أمريكية وبريطانية في المنطقة.

“إسرائيل” -التي تخشى من تطور القدرات العسكرية اليمنية- ترى في صنعاء تهديدا استراتيجيا طويل المدى، خاصة مع إعلان يمني عن استعداد اليمن لتوسيع نطاق العمليات العسكرية إذا استمرت الجرائم الصهيونية في غزة. وقد نفذت تهديداته بضرب عمق الكيان بأربعة صواريخ خلال أيام أدت لإصابة 30 مستوطنا صهيونيا.

الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي استهدفت أهدافا إسرائيلية خلال الأيام الماضية كانت مؤشرا على القدرات المتطورة التي تمتلكها اليمن، ما دفع “إسرائيل” للمطالبة بدعم غربي عاجل لتجنب سيناريوهات أكثر تعقيدا.

تحضيرات أمريكية واسعة

وفي ظل التحركات الأمريكية والبريطانية المدعومة بالتصعيد الإسرائيلي، يجتمع المرتزقة في الرياض للمرة الثانية خلال أقل من شهر، وسط تحضيرات أمريكية واسعة تحمل إشارات واضحة لحرب إقليمية قد تندلع في أي لحظة. ولكن يظل السؤال الأهم: إلى أين ستصل هذه الحرب؟ خصوصا وأن التصعيد يأتي في وقت تشير فيه التقارير إلى نية واشنطن ولندن تعزيز الدعم العسكري للمرتزقة، بما في ذلك تسليم معدات وأسلحة متطورة.

اللافت في هذا السياق، أن التصعيد والصمود، يُظهران المشهد اليمني كمسرح لتطورات قد تعيد تشكيل المنطقة ، ولكن على العكس تماما لمسار ما رسم له أمريكيا وإسرائيليا في ما أسمي بخارطة “الشرق الأوسط الجديد”.

رغم التصعيد المستمر، تؤكد صنعاء أن أي تحرك أمريكي أو إسرائيلي أو بريطاني -سواء كان مباشرا أم عبر وكلائهم- لن يمر دون رد. إذ يمتلك اليمن أوراق ضغط كثيرة، تشمل التطور التقني العسكري في صناعة الصواريخ والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى موقعه الاستراتيجي بالقرب من المصالح الغربية. ما يعني أن التصعيد ضد اليمن قد يدفع الأخيرة إلى إغلاق الممرات البحرية الاستراتيجية، ما يُلحِق خسائر كبيرة بالمصالح الغربية.

تحفة الخاتمة

تتجلى إرادة اليمن القوية في مواجهة العدوان رغم التحديات الجسيمة التي يواجهها اليمن. إذ تؤكد القوات المسلحة من خلال مواقفها أن اليمن لن يكون ساحة مفتوحة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية. وفي ظل استمرار العدوان على غزة، يبرز دعم صنعاء للمقاومة الفلسطينية كونه دليلاً على مبدئية موقفها، في وقت يختار فيه كثير من الأنظمة العربية التخلي عن مسؤولياتها.

تشير المؤشرات إلى تصاعد التوتر في المنطقة، ما ينبئ بأيام حاسمة قد تفصلنا عن مستجدات كبيرة. إن مستقبل اليمن والمنطقة يظل ضمن دائرة اهتمام العالم، في ظل صراع يتجاوز القضايا التقليدية ليصل إلى مسألة الكرامة والمبادئ.

من مواقف القيادة في صنعاء، يتضح أن الاستعدادات تكتسب زخماً كبيراً، حيث أكد قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي أن الجهوزية في أعلى مستوياتها، وأننا حاضرون لمواجهة أي عدو سواء أمريكا أو بريطانيا أو أي جهة أخرى، كما أكد أنه تم تجنيد أكثر من 600 ألف مقاتل خلال معركة طوفان الأقصى فقط. هذه التأكيدات لا تترك مجالاً للشك في استعداد اليمن لمواجهة أي تهديد، مع وعي تام بألاعيب الأعداء المتربصين.

وفي الوقت الذي تكون فيه الأعين مشدودة نحو الرياض، تأتي الرسائل واضحة بأن التحركات تُراقَب بدقة وأن اليد على الزناد. وتبقى النصيحة التي لا تنقطع من صنعاء هي ضرورة التقدم في خارطة الطريق، وترجيح المصالح المشتركة لشعوب المنطقة، مع التحذير من الانجراف وراء التحريض الأمريكي. فبعد عشرة أعوام من العدوان، تظل الدروس حاضرة، مُنبّهة من مغبة التمسك بسياسات لا تخدم سوى مصالح القوى الاستعمارية.

بكل ثقة، يؤكد اليمن أن النصر قريب، مستعداً لمواجهة أي نكوص قد يحدث من الرياض عن التفاهمات، ما قد يُحدث تغييرات جذرية تصب في مصلحة الشعب اليمني.

موقع أنصار الله

مقالات مشابهة

  • شاهد | “إسرائيل” عاجزة عن مواجهة اليمن
  • الاحتلال الصهيوني يعزز وجوده في “المنطقة العازلة” جنوب سوريا بإنشاء نقاط استراتيجية
  • اليمن يصعِّد في “يافا” ويرفع الجهوزية لأي تصعيد
  • اللواء ركن “صدام حفتر” يشهد تخريج دفعة من كتيبة الصاعقة
  • رئيسة قطاع المرأة بـ “تقدم”: ديسمبر “ثورة نساء” لبناء السلام وتحقيق العدالة
  • رئيسة قطاع المرأة بـ “تقدم”: ديسمبر”ثورة النساء” لبناء السلام وتحقيق العدالة
  • “الذراع الأخيرة في محور الشر”.. نتنياهو يعلق على الهجوم الإسرائيلي على اليمن
  • “القضاء يحقق في تصريحات عزيز غالي المثيرة للجدل حول الوحدة الترابية للمغرب”
  • “ابو زريبة” يبحث تعزيز دعم أسر الشهداء والمفقودين
  • فتح الانتفاضة: نبارك العملية النوعية والجريئة التي نفذها أبطال اليمن في قلب “يافا”