التقاعد المبكر.. والحماية الاجتماعية للمرأة العُمانية
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
فايزة سويلم الكلبانية
faizaalkalbani1@gmail.com
يعكس مطلب المرأة العُمانية بمُراجعة قضية التقاعد المُبكر، قلقًا مشروعًا لدى مختلف فئات النساء في هذا الوطن العزيز، وذلك على خلفية بنود قانون الحماية الاجتماعية المُتعلقة بتقاعد المرأة، خاصة في ظل وضع اشتراطات جديدة للتقاعد المُبكر والتي قد تحد من المرونة التي كانت متاحة سابقًا.
النساء في عُمان يُعبِّرن عن الحاجة إلى مراعاة الخصوصية الاجتماعية التي تتحملها المرأة العُمانية، بما في ذلك مسؤوليات الأسرة والأمومة، والتي قد تجعل التقاعد المبكر خيارًا ضروريًا وليس رفاهية، حيث إن التعديلات الجديدة التي تتطلب سنوات خدمة مُعينة قبل الحصول على التقاعد المبكر قد لا تأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة التي تواجهها المرأة، خاصة في ظل موازنتها بين العمل والمسؤوليات الأسرية، وبالتالي، هناك دعوات مُلحة لتقديم حلول مرنة من خلال قانون الحماية الاجتماعية؛ بما في ذلك تقليل سنوات الخدمة المطلوبة أو تخفيف القيود العمرية، مع الأخذ في الاعتبار دور المرأة في المجتمع العُماني التقليدي، ومن المناسب أن تمنح المرأة التقاعد المبكر بعد 15 سنة خدمة بنسبة 50% من الراتب الشامل، بدلًا عن تمديد شروط الخدمة إلى 30 سنة عمل وفي حينها تكون المرأة وصلت إلى سن الـ60 عامًا وهذا غير مجدٍ لطبيعة المرأة ومتطلبات الأسرة، كما إنه ومن خلال التقاعد المبكر سيتيح خلق المزيد من فرص العمل للنساء من الجيل الجديد بدلًا من تكدس الباحثات عن عمل في ظل إنهاك الموظفات القديمات وعدم مقدرتهن على مواكبة متغيرات السوق ولا سيما في ظل التحول الرقمي في الأعمال ومتطلبات المرحلة الحالية.
وفي المقابل البعض يرى أن التغييرات المقترحة، تتطلب مدة خدمة وسناً معينة للتقاعد المبكر، قد تؤدي إلى تقليص خيارات النساء مقارنة بالقوانين السابقة التي كانت توفر مرونة أكبر للمرأة للتقاعد بعد عدد مُعين من سنوات الخدمة، وهذا الجدل نابع من رؤية أن النساء وفي ظل أدوارهن المتعددة في المجتمع كأمهات وربات أسر، قد يحتجن إلى خيارات أكثر مرونة للتقاعد المبكر. بينما ترى الفئات التي تدافع عن القانون الجديد أنَّ التعديلات تهدف إلى تحقيق عدالة بين الجنسين وتعزيز الاستدامة المالية للنظام التقاعدي، مع توفير حماية اجتماعية شاملة، بحيث تشمل هذه الحماية تأمينات الأمومة ومنحها هذا القانون 98 يومًا إجازة أمومة يجوز أن يكون منها (14) يومًا قبل تاريخ الوضوع، ويستحق المؤمن عليه بدل إجازة أبوة لمدة (7) أيام، بشرط أن يولد الطفل حيًا، وألا تتجاوز الإجازة اليوم 98 من عُمر الطفل، وتدخل هذه المدد ضمن مدة الخدمة الفعلية، ولا يجوز لجهة العمل إلزام المؤمن عليها بمباشرة العمل خلال فترة الإجازة، وفي حال انتقال المؤمن عليها إلى جهة عمل أخرى يستمر صرف بدل إجازة الأمومة، وفقًا للأجر الأخير قبل الانتقال، والإجازات المرضية وغيرها من الضمانات التي تساهم في دعم المرأة العاملة.
وبعض الأصوات تُطالب بمراجعة إضافية للنظام لضمان توافقه مع احتياجات النساء العاملات في مجالات مختلفة، مع التأكيد على أهمية الأخذ بعين الاعتبار الفروق في الأدوار الاجتماعية بين الرجال والنساء في سن التقاعد .
وأخيرًا.. إنَّ الحوار حول هذه القضية مُستمر، والنساء العُمانيات يأملن أن تستجيب الجهات المختصة لهذه المطالب عبر إعادة النظر في التشريعات لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، والحقيقة أننا- نساء عُمان- نأمل نحظى بإعلان هذه التعديلات في مثل هذه المُناسبات الوطنية كتكريم لجميع نساء هذا الوطن الغالي بمختلف قطاعاته.
كل عام والمرأة العُمانية في خير وسعادة وتقدم وازدهار.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أستاذة بالجامعة الأمريكية: المرأة في صدر الإسلام كان لها حضور بارز في التعليم والفتوى
واصل العلماء المشاركون في فعاليات الجلسة العلمية الأولى بالندوة الدولية لدار الإفتاء المصرية نقاشاتهم حول موضوع الفتوى والأمن الفكري، حيث استعرضت الدكتورة وفية حمودة، الأستاذة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في بحثها بعنوان: "المرأة مفتية .. الأهمية والمعايير"، أن المرأة في صدر الإسلام كان لها حضور بارز في مجالات التعليم والفتوى، حيث تناول العديد من العلماء تراجمهن في مؤلفاتهم، على سبيل المثال، في كتاب "الإصابة في تمييز الصحابة"، ترجم الحافظ ابن حجر لـ 1543 امرأة، منهن فقيهات ومحدثات وأديبات، كما ذكر الإمام السخاوي في كتابه "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" نحو 85 شيخة.
ويشير الإمام النووي في كتابه "آداب الفتوى" إلى شروط المفتي، التي تشمل الكفاءة والنزاهة والعلم، وهذه الشروط ساعدت في تمكين النساء في مجالات الفتوى والتعليم، حيث كانت المرأة تتولى منصب الإفتاء وفقًا لمَلَكتها العلمية وأخلاقياتها، بغض النظر عن جنسها.
وأضافت: خلال القرن التاسع الهجري، كان لعدد كبير من النساء دور بارز في التعليم والفتوى في مكة المكرمة، ووفقًا للأرقام، بلغ عدد الفقيهات التي كانت لهنَّ علاقة بمكة حوالي 270 فقيهة، مما يعكس دور المرأة المهم في العلوم الشرعية في ذلك العصر، موضحه أن كتب الفقه لم تهتم بتوثيق أقوال النساء الفقيهات إلا ما كان مرتبطًا بأمهات المؤمنين وبعض نساء صدر الإسلام، ومن الأسباب التي أدَّت إلى هذا الإهمال زهدُ العديد من النساء في الكتابة والعلم، بالإضافة إلى هيمنة العلماء الرجال على الساحة الفقهية في تلك الفترة.
وتابعت: إن من أبرز النساء اللاتي لعبن دورًا في الفتوى والتعليم، أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، التي تخرج على يدها العديد من الفقيهات. ومنهن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وصفية بنت شيبة، وأم الدرداء الصغرى، اللاتي اشتهرنَ بعلمهن وزهدهن.
وفي القرون الهجرية الأولى، كان هناك العديد من النساء المتميزات في الفقه، مثل أسماء بنت أسد بن الفرات في القيروان، التي تعلمت على يد والدها وكان لها حضور في مجالس المناظرة، وكذلك خديجة بنت الإمام سحنون في تونس التي كانت من أبرز الفقيهات في عصرها، كما كان هناك فقيهات في مصر مثل أخت إسماعيل بن يحيى المزني، التي كانت تنافسه في الفقه وتناقشه، على الرغم من أن معظم العلماء لم يذكروا إسهاماتها بشكل بارز.
وفي ختام كلمتها أوضحت أن الذهبي في "ميزان الاعتدال" أشار إلى أن النساء كان لهن دور بارز في نقل العلم، حيث لم تُعهد عليهنَّ كذبة أو علَّة في رواية الحديث. وقد ذكر ابن القيم أن عدد من حفظ عنهم الفتوى من الصحابة والتابعين بلغ 130 شخصًا، من بينهم نحو 22 مفتية.