العُمانية: شاركت سلطنة عُمان ممثلة بهيئة البيئة اليوم في الاجتماع الأول للمجلس الوزاري لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والذي عقد في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة.

ترأس وفد سلطنة عُمان المشارك سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة.

وأكد سعادة الدكتور رئيس هيئة البيئة في كلمة له أن سلطنة عمان تولي اهتمامًا كبيرًا بالبيئة باعتبارهـا إحـدى أولويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وإن رؤية "عُمان 2040" تبنى على نهج شامل يربط بين حماية البيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ لتحقيق مستقبل مزدهر ومستدام، ضمن أولوية البيئة والموارد الطبيعية في الرؤية، والتي تحتل أهمية كبيرة كونها تعكس التزامها بالحفاظ على الموارد الطبيعية واستدامتها للأجيال القادمة.

وقال سعادته: إن سلطنة عُمان حققت تحسنًا ملحوظًا بمؤشر الأداء البيئي العالمي، حيث قفزت في التصنيف 95 مرتبة في أحدث قراءة للمؤشر للعام 2024 محققة التصنيف الـ 54 عالميًّا والثاني عربيًا، مضيفًا أنها تسعى إلى مواجهة التحديات البيئية من خلال تنفيذ مشروعات الحلول القائمة على الطبيعة، التي ستساهم في خفض ما نسبته 15% من الكربون من خلال استخدام تقنيات حجز الكربون وامتصاصه، والتي تأتي في مقدمتها زراعة الأشجار خاصة أشجار القرم.

وأوضح أن سلطنة عمان بدأت مبكرًا بتنفيذ مشروع استزراع أشجار القرم وإعادة تأهيل الأخوار والأراضي الرطبة منذ عام 2000م مما جعلها من الدول الرائدة في صون أشجار القرم على مستوى المنطقة، كما بذلت الحكومة جهودًا واسعة في صون التنوع الأحيائي الذي أثمر في الإعلان عن 30 محمية طبيعية في جميع محافظات سلطنة عمان، التي بلغت مساحتها ما يقارب 1.700.000 مليون هكتار.

ولفت إلى أن حكومة سلطنة عُمان تركز على توسيع نطاق الاستزراع من خلال السعي لاستخدام التكنولوجيا والابتكار في مجال البيئة والحلول القائمة على الطبيعة وكفاءة الاستخدام، منها الاستفادة من المياه المعالجة في مشروعات استزراع الأشجار، وإنشاء مشاتل نموذجية وإدخال أنظمة الزراعة النسيجيّة في الإكثار الكمي للشتلات، بالإضافة إلى تبني حفظ الموارد الوراثية النباتية في بنوك وراثية لحماية الأنواع النباتية المحلية من الاندثار وإعادة استزراعها في مختلف المحافظات ضمن برنامج سنوي يتم توزيع شتلات الأنواع والأصناف المثمرة الاقتصادية على المزارعين.

ويناقش الاجتماع عددًا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك من بينها: قرارات الوزراء بشأن العناصر التأسيسية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر والتقدم المحرز فيها من خلال ترجمة ميثاق المبادرة للغة العربية والفرنسية، والمسائل المؤسسية، والمسائل المالية، ومعايير ومنهجية تصنيف واختيار مشروعات مبادرة الشرق الأوسط الأخضر.

ويتناول الاجتماع مناقشة قرارات الوزراء بشأن العناصر التأسيسية لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر من خلال تعيين الأمين العام للمبادرة، وانضمام دول جديدة لعضويتها. ويأتي الاجتماع؛ تتويجًا للجهود التي قامت بها الدول الإقليمية الأعضاء في إعداد متطلبات المرحلة التأسيسية للمبادرة وتنفيذها، التي وصل عدد الدول المشاركة فيها حتى الآن إلى 50 دولة ومنظمة وهيئة دولية وإقليمية، ويعد التحالف الإقليمي الأول من نوعه الذي يهدف إلى الحد من آثار التغير المناخي على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما تهدف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر إلى زراعة 50 مليار شجرة منها 10 مليارات في السعودية و40 مليارًا في الشرق الأوسط، واستعادة 200 مليون من الأراضي المتدهورة.

وخرج اجتماع المجلس الوزاري لمبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" في ختام أعماله بـ: الالتزام بتعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف والتخفيف من آثارها البيئية والاجتماعية والاقتصادية الكبيرة، والترحيب بانضمام الدول الجديدة كأعضاء إقليميين إلى مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والتأكيد على الدور المهم الذي ستقوم به الدول في المساهمة في تحقيق الأهداف الطموحة للمبادرة، بالإضافة إلى توجيه دعوة للدول الإقليمية الأخرى للانضمام إلى المبادرة والدول الأخرى كمساهمين ماليًا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشرق الأوسط الأخضر من خلال

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط على عتبة نظام جديد

 

مع انحسار نيران الحرب في غزة وتراجع التوتر على الجبهة اللبنانية، تتجه أنظار المنطقة والعالم إلى ما يمكن تسميته بـ”اليوم التالي”، أي مرحلة ما بعد الحرب، وما ستحمله من تغييرات في الموازين والمعادلات السياسية والعسكرية.

هذه الحرب لم تكن مجرّد مواجهة عسكرية بين “إسرائيل” والمقاومة، بل لحظة تاريخية كشفت اهتزاز البنية التي قام عليها النظام الإقليمي منذ عقود.

أولًا: موازين القوة بعد حرب غزة:

غزة.. من الحصار إلى التحول السياسي

رغم الدمار الهائل وسقوط آلاف الضحايا، خرجت غزة من الحرب الأخيرة أقوى سياسيًا وأعمق رمزيًا. فهي لم تعد مجرد مساحة جغرافية محاصرة، بل أصبحت رمزًا عالميًا للمظلومية والمقاومة. والنتيجة الأهم أن “إسرائيل” فشلت في تحقيق هدفها المركزي: القضاء على البنية السياسية والعسكرية للمقاومة، والرهان الإسرائيلي على “الردع عبر الإبادة” سقط عمليًا، فيما تحوّل الميدان إلى مختبر جديد لتوازن الإرادة لا توازن القوة.

على الجبهة الشمالية، نجح لبنان في تثبيت معادلة الردع المتبادل، فالمواجهة بين حزب الله و”إسرائيل” بقيت مضبوطة بسقف سياسي دقيق منع الانزلاق إلى حرب شاملة، مع الحفاظ على تأثير استراتيجي كبير. لقد أدركت “إسرائيل” أن كلفة المغامرة شمالًا ستكون فادحة، وأدرك الأمريكيون أن فتح الجبهة اللبنانية يعني سقوط المنطقة في فوضى مفتوحة. والمرحلة المقبلة مرجحة لأن تكون مرحلة تثبيت هذا الردع عبر وساطات دولية، وتفاهمات غير معلنة تؤسس لحدود أكثر هدوءًا، دون أن تعني نهاية الصراع.

تبدو الساحة السورية اليوم أكثر غموضًا من أي وقت مضى. ففي الوقت الذي تراجعت فيه مظاهر الحضور الإيراني وحزب الله على الأرض السورية، تكثّفت الضربات الإسرائيلية في العمق، مستهدفة مواقع عسكرية وأمنية حساسة دون أن تواجه ردًّا يُذكر. هذا المشهد يعكس تحوّل سوريا إلى مساحة مكشوفة استخباريًا وعسكريًا أمام “إسرائيل”، التي تسعى لتثبيت معادلة “الردع الصامت” عبر السيطرة بالنار دون التورط في مواجهة شاملة.

أما في الداخل السوري، فالوضع لا يقل تعقيدًا. فالحكم يعيش حالة من القلق والتردّد الاستراتيجي، في ظل غياب رؤية واضحة لما بعد الحرب على غزة ولبنان، وتبدّل أولويات الحلفاء التقليديين. التحالف مع طهران انتهى برحيل النظام السابق، والعلاقة الحالية تقوم على مجرد تواصل متبادل، والعلاقة مع موسكو تمرّ بمرحلة برود، فيما الانفتاح العربي ما زال في طور “الاختبار المشروط”.

كل ذلك يجعل من دمشق اليوم نظامًا قلقًا أكثر منه ثابتًا، يتأرجح بين محاولات البقاء الاقتصادي والسياسي من جهة، والحرص على عدم الانخراط في أي مواجهة جديدة من جهة أخرى. ولذلك، يمكن القول إن سوريا تقف الآن عند مفترق ضبابي: إما أن تستفيد من الانكفاء الإقليمي لتعيد ترتيب أوراقها داخليًا، وإما أن تبقى ساحة مفتوحة للرسائل الأمنية بين اللاعبين الدوليين والإقليميين.

اليمن.. الجبهة البحرية في معادلة الردع الإقليمي

لم تكن الحرب الأخيرة على غزة حدثًا بريًا فقط، بل امتدت أصداؤها إلى البحر الأحمر وخليج عدن، حيث برز الدور اليمني بقيادة حركة “أنصار الله” كأحد أهم المتغيرات الاستراتيجية. فمنذ الأيام الأولى للمواجهة، انتقل اليمن من موقع الدعم السياسي إلى موقع الفعل العسكري المباشر، عبر عمليات بحرية استهدفت الملاحة المرتبطة بإسرائيل، ما جعل البحر الأحمر يتحول إلى منطقة ردع بحرية غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي. هذا التطور أعاد رسم الجغرافيا العسكرية للمنطقة: تجميد فعلي لحركة التجارة الإسرائيلية شرق السويس، وتحول باب المندب إلى ورقة ضغط إقليمية توازي الجبهتين اللبنانية والغزاوية، وإرباك أمريكي متزايد في إدارة حركة الأسطول الخامس وعمليات الحماية البحرية.

إستراتيجيًا، بات اليمن اليوم فاعلًا بحريًا من الدرجة الأولى، استطاع رغم محدودية موارده أن يفرض معادلة ردع بحري مستقلة، لا يمكن تجاوزها في أي تسوية مستقبلية. كما أن استمرار قدرته على التحكم بمسار الملاحة يجعل منه رقمًا صعبًا في معادلة الأمن الإقليمي، وركيزة غير مباشرة في بناء “توازن الضغط” على إسرائيل وحلفائها.

ثانيًا: انكفاء المشروع الأمريكي – الإسرائيلي

كشفت الحرب محدودية النفوذ الأمريكي في المنطقة. فواشنطن لم تعد قادرة على فرض حلول أو خوض حروب بالوكالة كما في الماضي، واكتفت بإدارة الأزمات بدل حسمها. أما “إسرائيل”، فقد فقدت عنصرها التاريخي الأهم: القدرة على الردع والحسم، والأزمة الداخلية، والتفكك السياسي، والخسارة الأخلاقية أمام الرأي العام العالمي، جعلت من تل أبيب قوة متوترة أكثر منها متفوقة.

هذه المعادلة تُنذر بأن التحالف الأمريكي-الإسرائيلي يعيش لحظة انكسار وظيفي: فإسرائيل والولايات المتحدة باتتا عاجزتين عن إدارة المنطقة وفق منطق القوة القديمة، بينما تصعد أطراف إقليمية جديدة تملك زمام المبادرة في ملفات الطاقة والسياسة والأمن.

ثالثًا: المتغيرات غير المحسوبة

الاقتصاد بعد الحرب:

القوى الإقليمية تتجه إلى إعادة بناء اقتصادات ما بعد الصراع عبر الشراكات المتعددة، لا من خلال الغرب وحده. الصين وتركيا وقطر مرشحة لتكون لاعبة اقتصادية رئيسية في إعادة إعمار غزة ولبنان.

تبدّل التحالفات:

الدول العربية التي سارعت إلى التطبيع مع “إسرائيل” تجد نفسها اليوم في مأزق أخلاقي واستراتيجي، بينما تبرز دول أخرى (كمصر والأردن) بدور الوسيط الحذر بين محور المقاومة والمحور الغربي.

احتمال الانفجار الداخلي الإسرائيلي:

الانقسام الاجتماعي والسياسي داخل “إسرائيل” بلغ ذروته، وأي إخفاق جديد أو أزمة اقتصادية قد تدفع البلاد إلى انفجار داخلي، يوازي في تأثيره هزيمة عسكرية. رابعًا: ملامح المرحلة المقبلة

غزة: تثبيت واقع سياسي جديد تحت مظلة عربية أو أممية وتحول المقاومة من عسكرية إلى سياسية تدريجيًا.

لبنان: استقرار نسبي وتوازن ردع، مع ضبط الحدود مقابل اعتراف دولي غير مباشر بالردع.

سوريا: غارات إسرائيلية وقلق داخلي، مع إعادة تموضع بانتظار توازنات جديدة.

اليمن: ردع بحري واستقلالية ميدانية تثبيت الحضور البحري كورقة ضغط إقليمية.

“إسرائيل”: أزمة قيادة وانقسام داخلي في مرحلة “ما بعد نتنياهو” واحتمال انتخابات مبكرة.

الولايات المتحدة: تراجع النفوذ المباشر والاكتفاء بالتحالفات الاقتصادية والأمنية من بعيد.

الخلاصة: شرق أوسط بلا هيمنة

الحرب الأخيرة لم تكن نهاية صراع، بل بداية مرحلة ما بعد الهيمنة. فلا طرف يملك اليوم القدرة على الحسم، ولا مشروع خارجي قادر على إعادة تشكيل المنطقة وفق مشيئته. والقوة لم تعد في السلاح وحده، بل في القدرة على الصمود وإدارة التوازنات.

في السنوات المقبلة، سيولد شرق أوسط جديد: تقلّ فيه الحروب الواسعة، وتتسع فيه مناطق الردع المتبادل، وتتحول فيه الشعوب والقوى المحلية إلى فاعلين سياسيين لا تابعين. إنها مرحلة “ما بعد القوة الغاشمة”، وولادة نظام إقليمي يتكئ على توازن الخوف بدل توازن السيطرة.

باحث لبناني

 

مقالات مشابهة

  • خبير استراتيجي: إيران تبحث عن موقع جديد في الشرق الأوسط بعد تراجع نفوذها
  • للعام 11 على التوالي.. «طيران ناس» يتوج كأفضل طيران اقتصادي في الشرق الأوسط وفق «منظمة السفر العالمي» World Travel Award
  • هيئة البيئة تتبنى سياسات مالية مبتكرة ومبادرات للالتزام بتحقيق الحياد الكربوني في سلطنة عُمان
  • كارولين عزمي ضمن أجمل 50 وجه في الشرق الأوسط لعام 2025
  • الرئيس السيسي يبحث مع رئيس الأركان الباكستاني سبل تفادي التصعيد في الشرق الأوسط وجنوب آسيا
  • قالوا عن المتحف المصري الكبير.. رئيس الهيئة الوطنية للصحافة في مقال لوكالة أنباء الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط على عتبة نظام جديد
  • رئيس هيئة الرقابة المالية يستعرض مؤشرات الأداء والإصلاح خلال ورشة تدريبية
  • قالوا عن المتحف المصري الكبير.. رئيس الوزراء في مقال لوكالة أنباء الشرق الأوسط
  • مجلة فوربس تختار رئيس الرعاية الصحية ضمن قائمة أبرز 10 قادة حكوميين