المرأة العُمانية قوة مؤثرة ونموذج للتسامح في المجتمعات
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
تلعب المرأة العمانية دورًا محوريًا في نشر قيم التسامح في المجتمع، حيث تسعى في بناء أسرة متماسكة وتعزيز القيم والمبادئ الأخلاقية، وتعد الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع، يتم من خلالها توجيه الأطفال وتعليمهم مبادئ التسامح، وتشارك العديد من النساء العمانيات في الأعمال التطوعية التي تهدف إلى تعزيز القيم الإنسانية والتسامح، مما يعكس روح التعاون والمشاركة، وبفضل هذه الأدوار المتعددة، تسهم المرأة العمانية في بناء مجتمع متسامح ومتماسك، يعزز من قيم الحوار والاحترام المتبادل.
وقالت الدكتورة رقية بنت إسماعيل الظاهري -كاتبة وطبيبة وناشطة حقوقية ورئيسة قسم الأبحاث والدراسات القانونية- وعضوة فريق الذكاء الاصطناعي بالمستشفى السلطاني: «المرأة العمانية ركيزة التسامح في بناء الأجيال في كل مجتمع، حيث تظل المرأة ركيزة أساسية في بناء الأجيال والمساهمة في صياغة قيمهم وأفكارهم ويتجسّد ذلك في الأدوار المحورية التي تقوم بها فهي الأم والمعلمة والقائدة والمربية، وتُعد المرأة عماد المجتمع ومحورا جوهريا في بناء أجيال متسامحة ومتصالحة مع ذاتها ومع الآخر، فالتسامح هو قيمة محورية في الإسلام».
وأضافت الظاهرية: «تُعد الأسرة النواة الأساسية للمجتمع وفي هذه الوحدة الصغيرة تتشكل القيم والمبادئ التي تُمثل قاعدة لبناء مجتمعات متماسكة، ومن هنا يأتي دور المرأة في تعليم أبنائها كيفية التعايش السلمي مع الآخرين ومواجهة التحديات الاجتماعية بحكمة وروية. إن المرأة القادرة على تربية أبنائها وعلى تقبل الآخر تسهم بشكل مباشر في بناء مجتمع أكثر تسامحا وتنوعا، وخالٍ من التمييز والتفرقة حيث تبدأ مهمتها العظيمة في ترسيخ قيم التسامح والاحترام منذ اللحظات الأولى للتربية، وذلك بسبب قدرتها الفريدة على التأثير العاطفي والنفسي فهي تُعد أول من ينقل قيم التسامح والتعايش لأطفالها لتزرع فيهم كيفية التعامل مع الخلافات بحكمة وتشجعهم على احترام آراء الآخرين وتغرس فيهم مفهوم تقبل الاختلاف، كما أن تربية الأبناء على قيم التسامح لا تأتي عشوائية بل تتطلب وعيا وفهما عميقا للأدوار التربوية، فالمرأة الواعية تُعلّم أبناءها أن الاختلاف سنة كونية وأن البشر يتفاوتون في أفكارهم ومعتقداتهم وحتى طرق حياتهم حيث إن التنوع هو الذي يُثري الإنسانية. ومن جهة أخرى تسهم المرأة في نشر التسامح من خلال تحفيز أبنائها على المشاركة المجتمعية والتفاعل الإيجابي مع محيطهم فتربية الطفل على مساعدة الآخرين دون النظر إلى خلفياتهم الاجتماعية أو الثقافية، تُعد خطوة حاسمة في بناء جيل ينبذ التعصب، وأن القيم التي تنقلها الأم في هذا السياق لا تتوقف عند حدود الأسرة بل تمتد لتشمل الأصدقاء، والزملاء والمجتمع ككل ما يؤدي إلى إيجاد بيئة أوسع تسود فيها روح التسامح والتفاهم».
بناء مجتمعات متحضرة
وأكدت أن التسامح قيمة تشكل حجر الزاوية في بناء المجتمعات المتحضرة والمسالمة، وأن المرأة العمانية كغيرها من نساء العالم تسهم بشكل جوهري في زرع قيم التسامح والمحبة بين أفراد أسرتها، ومن ثم في أوسع دوائر المجتمع بما يجعلها قادرة على قيادة أجيال تنبذ التعصب وتحتضن الآخر، وفي عُمان، تُعد المرأة جزءا لا يتجزأ من التقدم والتنمية، وتلعب دورا مركزيا في تعزيز قيم التسامح بنضوجها الفكري ووعيها الاجتماعي كما تسهم في إيجاد بيئة تُحترم فيها جميع الأطياف، وتُنبذ فيها الأفكار المتطرفة التي تُمزق نسيج المجتمع، كما أن مشاركتها في الحياة العامة سواء كان ذلك من خلال العمل السياسي أو الاجتماعي، يجعلها أنموذجا يُحتذى به في التسامح وقبول الآخر، فقد شهدت المرأة العمانية منذ عقود دعما غير محدود من القيادة العمانية بدءا من السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، وصولا إلى القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وكان هذا الدعم واضحا في تمكين المرأة العمانية في مختلف المجالات مما أتاح لها الفرصة لتكون جزءا من اتخاذ القرارات وصنع السياسات التي تدعم التعايش السلمي، ولا يمكننا في هذا السياق إلا أن نتوقف أمام الدور البارز الذي تؤديه السيدة الجليلة عهد البوسعيدية حرم صاحب الجلالة في دعم النساء وتمكينهن في كافة المجالات.
واختتمت الدكتورة رقية حديثها قائلة: «يعد دور المرأة في نشر التسامح جزءا لا يتجزأ من رسالتها الإنسانية والوطنية فهي القادرة على تعليم الأجيال كيفية التعايش مع الآخرين بسلام، وتقديم أنموذج يُحتذى به في المحبة والتسامح، ومع احتفالنا بيوم المرأة العمانية، نُثمّن هذا الدور العظيم وندرك أن بناء مجتمع متسامح ومستقر يبدأ من الأسرة التي تقودها المرأة بحكمة ومحبة».
غرس القيم
وأوضحت نائلة بنت محمود البريدية -موجهة دينية- أن الله سبحانه وتعالى خلق المرأة بطبيعة متفردة، ففيها امتزاج عجيب، تلتقي فيها القوة والضعف، فالمرأة لها تأثير في غرس القيم، ولقد أشار سماحة الشيخ الخليلي إلى أنه «إذا كان مما يتردد على الألسنة أن المرأة نصف المجتمع، فإني أقول وأؤكد أن المرأة هي المجتمع كله» وذلك دلالة على أن للمرأة دورا أساسيا ومحوريا في تعزيز القيم، ومن أبرزها التسامح، فالتسامح مبدأ جوهري في المجتمعات فكيف إذا كانت المجتمعات ممتزجة ثقافيا، ومن أبرز ما يُميز المرأة قدرتها على الاحتواء، وهو ما يتطلب في كثير من الأحيان التسامح، سواء كان ذلك في إطار الحياة الزوجية أو الأسرية بشكل عام، وإرادتها في الحفاظ على قوة الأسرة وتماسكها يجعلها أكثر قدرة على التسامح وعلى حث الآخرين عليه، فإذا رأى منها الرجل التسامح حَفِظ لها ذلك في الشدائد، فالمرأة مصنع القيم في الإنسان ويُعزز هذه الصناعة الرجل المُساند لها، ففطرة المرأة تميل إلى التواصل الفعّال والعلاقات الاجتماعية على مختلف المستويات، كما قد يُكسبها في كثير من الأحيان مهارات وقيم تُمكنها من البقاء باحترام مع الآخرين، ولا يتأتى ذلك من منظومة القيم التي من أبرزها التسامح».
الأسرة نواة المجتمع
من جهتها قالت انتصار بنت سيف الحراصية باحثة شؤون إسلامية: «لا شك أن المرأة هي الضلع الذي يحمي أحشاء المجتمع من كل سقيم، فإذا كان هذا الضلع هشا ضاع وأضاع كل ما ينبغي عليه حمايته، ومما لا شك فيه كذلك أن المرأة قادرة على أن تكون صاحبة رسالة بنّاءة في هذا المجتمع أينما صيّرتها وظيفتها، أو مكانتها الاجتماعية، لكن لا يختلف اثنان على أن الدور الأعظم الذي تقوم به المرأة هو دورها في أسرتها حيث إن الأسر هي نواة المجتمع ومثل هذه القيم والأخلاق لو أردنا أن نعممها على المجتمع ليكون مجتمعا متسامحا مترابطا، لا بد أن تكون انطلاقتها من الأسرة، وأول الأدوار التي تقوم بها المرأة في غرس التسامح وأهمها، أن تتصف هي بهذه الصفة فتكون بذلك قدوة، فالتربية بالقدوة هي أهم أنواع التأثير، كما أن المرأة عندما تربي أبناءها على أخلاق القرآن، وسيرة النبي الكريم هي بذلك تقدم دورا مهما في غرس هذه القيمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم ضرب أروع الأمثلة في التسامح، فبقدر ما يتعزز في نفوس الأبناء الاهتداء والاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بالقدر الذي ستغرس معه هذه القيمة تبعا في المجتمع». وأوضحت أن دور المرأة ابتداء في غرس هذه القيمة يخرج من بيتها، ثم بعد ذلك سيكون كل فرد من أسرتها سفيرا عنها ليغرس التسامح في المجتمع كما تربى عليه، ثم يأتي بعد ذلك تباعا، سعيها لغرس هذه القيمة أينما وكيفما كانت، فبالكلمة الطيبة، وإن كانت تحسن الكتابة فبالكتابة تحث وتسلّط الضوء لقيمة التسامح وأثره، وإن كانت قادرة على أن تحيي مبادرات وأنشطة حسب مكانتها المجتمعية فتؤدي ذلك، بمعنى أن كل صاحبة رسالة تؤدي رسالة الإسلام في غرس التسامح حيثما استعملها الله في ذلك».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المرأة العمانیة قیم التسامح فی المجتمع بناء مجتمع هذه القیمة المرأة فی أن المرأة هذه القیم فی بناء على أن التی ت فی غرس
إقرأ أيضاً:
"تحولات السينما العُمانية".. رصد تاريخي لنصف قرن من الإبداعات على "الشاشة الكبيرة"
الرؤية- إيمان العويسية
يرصد كتاب "تحولات السينما العمانية 1970-2020" الصادر عن وزارة الثقافة والرياضة والشباب، بقلم المخرج السينمائي محمد الكندي، مختلف التحولات السينمائية في سلطنة عُمان منذ سبعينات القرن الماضي إلى عشرينيات القرن الحالي، مركزا على تداخل السينما مع التلفزيون.
وسلط الكتاب الضوء على أهم الجوائز التي حصدتها الأفلام الوثائقية محليا ودوليا خاصة والتي أنتجها تلفزيون سلطنة عمان، كما رصد خطوات الحراك السينمائي العماني، وإسهامات وزارة الثقافة والرياضة والشباب في دفع العجلة السينمائية، ودور النادي الثقافي في دعم الحركة السينمائية، وما قدمته جهود السينما العمانية في خدمة الحفاظ على البيئة.
ويسجل المؤلف أهم منجزات السينما العمانية في إنتاج الأفلام الوثائقية والروائية القصيرة، ويتطرق إلى لحظة تأسيس الجمعية العمانية للسينما، مسجلاً دورها الحيوي في تطوير المشهد السينمائي، كما يخصص فصلا هاما لأهم رواد السينما العمانية وإسهاماتهم في التجربة السينمائية على مستوى الانتقالات والتكوين وقيمة التجارب الفنية والجمالية، بدءاً بالمصور الفوتوغرافي والسينمائي تغلب بن هلال البرواني، ومسعود بن علي الخلاصي، والمصور السينمائي سلطان بن سعيد الطوقي الحارثي، والممثل والمؤلف الدرامي صالح بن عبدالله الشحي، والتقني والمخرج السينمائي سالم بن علي منصور، والمكرم والكاتب أمين عبد اللطيف، والمخرج سعيد بن ناصر المالكي، والمخرج عبد الرحيم بن سالم الحجري، والمخرج منصور بن عبدالرسول الرئيسي، والمخرج مال الله بن درويش البلوشي، والمخرج والكاتب عبدالله بن حبيب المعيني، والممثل والإعلامي ذياب بن صخر العامري، والمخرج حاتم الطائي، والكاتب والسيناريست عيسى بن حمد الطائي، ويتضمن الكتاب شهادة حول التصوير الفوتوغرافي والسينمائي في عُمان، والنشاط السينمائي التجاري بالبلاد.
كما يستعرض الكتاب ندوة السينما بين الحرية والوصاية ورقة الحرية والرقابة الذاتية، تلك الندوة التي احتضنها مهرجان مسقط السينمائي العاشر 2018؛ والتي قدمت للمتلقي نظرة حول جهود المنظمين في تطوير البنية الأساسية الداعمة للممارسة السينمائية في البلاد، وتهيئتها لتكون منصة تستوعب مختلف النقاشات المتعلقة بقضايا صناع السينما العمانية، وتسليط الضوء على ذاكرة مهرجان مسقط السينمائي الدولي وأيام الملتقيات السينمائية.
وقال مؤلف الكتاب: "لم تكن هناك مصادر مكتوبة وبحوث سينمائية محققة عن تاريخ بدايات أنشطة مشاهدة أو نشأة السينما في سلطنة عمان، كما نستطيع القول بأن المرجع يعد الأول من نوعه في هذا المضمار ما لم يأت ما يخالف ذلك".
وأضاف: "بدأت السينما في عمان بالأفلام الوثائقية، وكذلك كان الحال في البدايات الأولى للتصوير في سلطنة عُمان منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت وثائقية أيضًا، وقد افتتَح بها تلفزيون سلطنة عمان بثّه، وهو لا يزال يعول على الفيلم الوثائقي القصير ويعتمد عليه في توثيق الحياة الاجتماعية والسياسية والتجارية والصحية، وغيرها من المناشط الحيوية والتنموية".
يشار إلى أنَّ المخرج السينمائي محمد الكندي، مؤلف هذا الكتاب حاصل على شهادة البكالوريوس في الإنتاج والإخراج التلفزيوني والسينمائي من جامعة جريفث الأسترالية 2006، ويمتلك خبرة في المجال الإعلامي على مدى 30 سنة، وأخرج عددا من الأفلام القصيرة الوثائقية، ومثل في عدد من المسلسلات العمانية، وحاز على جوائز ذهبية وفضية وبرونزية عن برامج تلفزيونية وأفلام وثائقية داخليا وإقليميا ودوليا وهو أحد مؤسسي الجمعية العمانية للسينما.
واختتم الكتاب بسرد لأهم الأنشطة التي قامت بها الجمعية العمانية للسينما منذ بداية يناير 2017 إلى ديسمبر2018، إلى جانب ملحق خاص يُعنى ببعض المحطات في تاريخ السينما العمانية انطلاقاً من تسليط الضوء على بعض تفاصيل دورات مهرجان مسقط السينمائي منذ الفترة الأولى 2001 والثانية 2002، والدورة المنعقدة في إطار عمان عاصمة الثقافة العربية سنة 2006، وبرنامج الدورة الخامسة 2008 والسادسة 2010 والسابعة 2012 والثامنة 2014 والتاسعة 2016 والعاشرة 2018.
ويضم الملحق إشارة إلى أيام "مجان" السينمائية لسنتي 2004و2005، والتأريخ لأول عدد من مجلة "سيني عمان"، ومهرجان مسقط السينمائي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورتيه الأولى2007 والثانية 2009، وملتقى الفيلم العماني بمدينة نزوى 2011 و2013، وأيام البريمي السينمائية 2014، وملتقى ظفار الأول للفيلم العربي بصلالة 2014 والثاني 2015 والثالث 2016، كما وثق أهم الجوائز السينمائية بعمان للأفلام الروائية والوثائقية القصيرة، ومسابقة أفلام التحريك، ومسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة للتراث الثقافي المادي، منتهيا بصور فوتوغرافية لبعض الوثائق ذات الصلة بالمؤلف والحركة السينمائية العمانية في تاريخ السينما العمانية.