المال والسلطة والعشيرة: ثلاثية الهيمنة على المشهد العراقي
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
16 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة: الديمقراطية العراقية تعاني من مجموعة من الأمراض التي تجعلها غير قادرة على تحقيق العدالة والمساواة بشكل فعال.
وأحد أبرز هذه الأمراض هو نظام الحكم التوافقي والتشاركي، الذي بُني على أساس التقسيم الطائفي والعرقي.
وهذا النظام، وإن كان يهدف إلى تحقيق مشاركة واسعة من مختلف المكونات، إلا أنه في الواقع يمكّن الأطراف التي تمتلك المال والنفوذ العشائري من الهيمنة على الساحة السياسية.
و في الانتخابات، يتقدم هؤلاء الأشخاص للحصول على المناصب، لا بناءً على الكفاءة أو البرامج الانتخابية، بل بفضل قوة علاقاتهم الاقتصادية والعشائرية.
القوى السياسية في العراق تسعى للتنسيق مع الزعامات العشائرية في المحافظات لتقسيم المناصب والسلطات.
و هذه التفاهمات عادة ما تكون مبنية على المصالح المشتركة، وليس على الخدمة العامة أو المصلحة الوطنية.
و في هذا السياق، نجد أن كل طرف يحاول الاستحواذ على حصة أكبر من استحقاقه الانتخابي من خلال الضغط أو المال أو حتى التهديد بالقوة. وقد يظهر هذا بشكل أوضح في المحافظات ذات الطابع العشائري القوي، حيث يتحول التنافس السياسي إلى صراع مفتوح على الموارد والمناصب.
والقصص التي تعكس هذه الظاهرة تحدث في بعض المحافظات، حيث يحاول زعيم عشائري بارز دفع مرشح من عائلته لمنصب المحافظ. وان كان المرشح لم لا يملك أي خبرة في الإدارة أو السياسة، لكن بفضل قوة عشيرته، والدعم المالي الهائل الذي يتلقاه من رجال أعمال مرتبطين بالعائلة، يحاول الحصول حتى على منصب المحافظ. وهذا المثال يوضح كيف يمكن للعشائر والمال أن يتحكما بمصير الانتخابات.
أحد الآثار الجانبية لهذه التفاهمات والتقسيمات هو أن المناصب السياسية لم تعد تمثل وسيلة لتحقيق إصلاح أو تحسين الخدمات العامة، بل تحولت إلى أدوات لتحقيق مكاسب شخصية ومالية.
والمناصب الحكومية تُعتبر من أهم المصادر للحصول على النفوذ السياسي والمالي، ولهذا نجد أن التقاتل حولها مستمر، وأن السياسيين يتعاملون مع هذه المناصب كأصول قابلة للاستثمار.
والتوافق الطائفي والعشائري في النظام العراقي يضعف من قدرة الديمقراطية على التطور فيما الطموحات السياسية تتحول إلى صفقات تجارية، والأحزاب تلجأ إلى الزعامات العشائرية لضمان استمرارية نفوذها.
وفي مثل هذه البيئة المشوهة تعوق تطور النظام الديمقراطي وتجعل من الصعب تحقيق التغيير الإيجابي الذي يطمح إليه الشعب العراقي.
و إذا ما استمرت هذه الديناميكيات، فإن الديمقراطية العراقية ستظل رهينة للنفوذ العشائري والمالي، وسيبقى الصراع على المناصب هو السمة الأساسية للمشهد السياسي، ما يُعمّق الانقسامات ويُبعد العراق عن تحقيق دولة مؤسساتية حقيقية.
ومثال على ما يحدث، ما صرّح الباحث في الشأن السياسي، أحمد أبو عباتين، بأن الأزمة الجارية في مجلس محافظة نينوى تعود إلى عدم التوافق بين الأطراف السياسية على اقتسام المناصب، وهو ما انعكس في عدم انعقاد الجلسات.
وقال أبو عباتين، إن “كل طرف يسعى للاستحواذ على ما يتجاوز استحقاقه الانتخابي مستغلاً خيوط الضغط سواء على المستوى المركزي، حيث يجد داعمين له لتحقيق مصالح انتخابية مستقبلية، أو على المستوى المحلي من خلال ممارسة ضغوط مختلفة”.
وأضاف، أن “الأحزاب المتصارعة تدرك أن المناصب تحقق لها مكاسب مالية ونفوذ سياسي، بالإضافة إلى تعزيز فرصها في الانتخابات المقبلة”، مشيراً إلى أن “من يملك المال والسلطة سيكون الأوفر حظاً في الانتخابات النيابية، وهو ما يدفع كل طرف للتمسك بمطالبه”.
وأوضح أبو عباتين أن “السبب الرئيسي للأزمة هو طبيعة نظام الحكم التوافقي والتشاركي، الذي ينتج منه جمود سياسي”، مشدداً على أن “الحل الوحيد لهذه المعضلة يكمن في تطبيق الديمقراطية الحقيقية، التي تتطلب وجود توازن بين الحكم والمعارضة داخل المجلس”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
خبير: ترامب يعتقد أن مجموعة البريكس تشكل خطر علي الهيمنة الاقتصادية ال
خبير: ترامب يعتقد أن مجموعة البريكس تشكل خطر علي الهيمنة الاقتصادية الأمريكية
قال الدكتور علي عبد الحكيم الطحاوي الخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية، إن مجموعة البريكس هي تحالف اقتصادي وسياسي يجمع بين خمس دول ناشئة في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، حيث تأسست المجموعة في عام 2006، وتحولت منذ ذلك الحين إلى قوة اقتصادية وسياسية تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول الأعضاء، وبلغ عدد دول مجموعة بريكس حاليا هو 10 دولة، بعد انضمام 5 دول جديدة بداية من يناير 2024، وتشمل هذه الدول الجديدة إيران والإمارات العربية المتحدة ومصر والأرجنتين وإثيوبيا.
ترامب يهدد مجموعة دول البريكسوأوضح الطحاوي في تصريحات لـ «الوطن»، أن ترامب يعتقد أن مجموعة البريكس هي مجموعة لردعة الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي والتدخلات السياسية بالنسبة لدول العالم، لذلك أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تهديداته لدول مجموعة البريكس، حيث أعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 100% إذا قامت هذه الدول بإنشاء عملة بديلة للدولار الأمريكي، وقد أكد ترامب علي هذه التهديدات في أعقاب قمة مجموعة البريكس التي عقدت في قازان الروسية، حيث ناقشت الدول الأعضاء تعزيز المعاملات بعملات غير الدولار وتعزيز العملات المحلية.
وأشار الطحاوي أن تهديدات ترامب لدول مجموعة البريكس تعتبر خطوة غير متوقعة، حيث تعتبر مجموعة البريكس تحالفًا اقتصاديًا هامًا يمثل أقلية كبيرة من الناتج الاقتصادي العالمي، وقد ردت روسيا على هذه التهديدات من خلال تأكيد أن أي محاولة أمريكية لإجبار الدول على استخدام الدولار ستؤدي إلى نتائج عكسية.
عملة موحدة لدول مجموعة البريكسوأكد الخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية أن فكرة العملة الموحدة ليست جديدة، حيث تمت مناقشتها في دول الخليج منذ الثمانينيات، وتم تجديد الفكرة بعد توسع أعضاء مجموعة البريكس العام الماضي، وأرى ذلك من الناحية النظرية، يمكن أن تساهم العملة الموحدة في تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول مجموعة البريكس، وتقليل مخاطر التحويلات المالية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، ومع ذلك لا ننسي هناك تحديات عديدة يجب التغلب عليها قبل أن يصبح طرح العملة الموحدة حقيقة واقعة.
وأوضح الطحاوي أن من بين تلك التحديات، الحاجة إلى توحيد السياسات النقدية والمالية بين دول المجموعة، وكذلك الحاجة إلى إنشاء بنك مركزي موحد يتحكم في السياسة النقدية، إضافة إلى ذلك هناك الحاجة إلى تحقيق توازن بين مصالح الدول الأعضاء المختلفة، بجانب الحاجة إلى تعزيز التعاون في مجالات مثل التجارة والاستثمار، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وبالنسبة لموقف ومستقبل دول مجموعة البريكس والتحالف كليًّا يبدو واعدًا ومليئًا بالفرص حيث تعتبر هذه المجموعة من بين أكثر المجموعات الاقتصادية والسياسية تأثيرًا في العالم، وتضم خمس دول ناشئة في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.