نظمت اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو" ومعهد بحوث الإلكترونيات التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، دورة تدريبية وطنية حول استخدام تكنولوجيا المعلومات في التعليم لتدريب المُعلمين في مجال الروبوتيك والذكاء الاصطناعي، وذلك خلال الفترة من ٦ – ١٠ أكتوبر الجاري.

 

جاء ذلك برعاية الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو - ألكسو - إيسيسكو). 

وحضر الدورة الدكتورة شيرين عبدالقادر محرم رئيس معهد بحوث الإلكترونيات، ورئيس مجلس إدارة مدينة العلوم والتكنولوجيا لأبحاث وصناعة الإلكترونيات، والمهندس زياد المعزاوي بإدارة تكنولوجيا المعلومات بمنظمة الألكسو، ومُمثل المنظمة، ود. شريف صلاح الأمين العام المُساعد للجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، ود. إسماعيل ياسين رئيس الجمعية العربية للروبوت والذكاء الاصطناعي، وبمُشاركة ما يقرب من ٢٥ مُشارك من وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وقطاع المعاهد الأزهرية، وذلك بمقر معهد بحوث الإلكترونيات.

وأكد الدكتور أيمن فريد مُساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل، القائم بعمل رئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات، والمُشرف على اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، أن هذه الدورة التدريبية تُعدّ تقديمًا شاملاً لمفاهيم التعلم الإلكتروني المُدمج وأساليب التعليم الإلكتروني الحديثة، فضلاً عن المُساعدة في تقديم استراتيجيات التعلم الذكي لتحسين الأداء التعليمي والمهارات الذاتية.

محاور دورة الروبوتيك والذكاء الاصطناعي 

وأوضح المُشرف على اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة أن محاور هذه الدورة تتمثل في أهمية تعليم الروبوتات، ولغات البرمجة المُستخدمة في الروبوتات، فضلاً عن التعرف على تطوير المناهج لتعليم الروبوتات، وتصميم خطط دروس فعالة في هذا المجال، والعمل على دمج الروبوتات في مناهج العلوم، والتكنولوجيا، والهندسة، والرياضيات.

ومن جهتها أكدت د. شيرين عبدالقادر محرم أن المعهد والمدينة يُقدمان دعمًا شاملاً لرواد الأعمال والشركات الناشئة، ويضم المعهد أكثر من ٢٣٠ خبيرًا و٢٨ مختبرًا مُجهزًا بأحدث التقنيات، بهدف تقديم خدمات متنوعة، مثل: الاستشارات العلمية، وورش العمل التدريبية؛ مما يُساهم في تطوير المُنتجات، ونمو الشركات الناشئة.

وأشارت رئيس معهد بحوث الإلكترونيات إلى أن المعهد يُعد أحد المؤسسات المُتميزة التي تستطيع المُشاركة بقوة في تحقيق اسـتراتيجية التنميـة المُسـتدامة " رؤيـة مـصر 2030" خاصة أن المعهد يُعد من أهم المعاهد البحثية التطبيقية المُتكاملة، والمُتخصصة بجمهورية مصر العربية في مجال تكنولوجيا الإلكترونيات والاتصالات والمعلومات، مؤكدًة أن المعهد يمتلك العديد من الأقسام البحثية المُتخصصة والمعامل المركزية المُجهزة بأحدث الأجهزة والتقنيات على المستوى القومي لتفي بمتطلبات تنمية وتطوير صناعة الإلكترونيات بمصر، وكذا دعم المشروعات التطبيقية نصف الصناعية التي يقوم بها المعهد في مجال الإلكترونيات، وتكنولوجيا المعلومات، فضلًا عن تقديم المشورة لقطاعات الصناعة والإنتاج والخدمات.

وأوضحت رئيس مجلس إدارة مدينة العلوم والتكنولوجيا لأبحاث وصناعة الإلكترونيات أن المعهد يقوم بتنفيذ "مبادرة توطين تكنولوجيا صناعة الإلكترونيات والمعلومات"، والتي تتماشي مع أهداف المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان" لتحسين جودة حياة المواطنين وتعزيز الاقتصاد المصري، وتتضمن هذه المبادرة خمس محاور، تتمثل في نشر الوعي وتعزيز الثقافة التكنولوجية بين طلاب المدارس والمعاهد والجامعات بأهمية توطين صناعة تكنولوجيا الإلكترونيات والاتصالات والمعلومات، والطاقة، وضرورة المُساهمة في تعظيم قيمة المُنتج المحلي وتسخير البحث العلمي لحل المُشكلات التي تواجه المُجتمع الصناعي، كما يتمثل المحور الثاني في تقديم برامج تدريبية قصيرة وطويلة الأجل لطلاب المدارس والجامعات ومنح للخرجين لتطوير مهاراتهم في مجال الإلكترونيات وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والطاقة طبقا لمُتطلبات سوق العمل إلى جانب إعداد مدربين مؤهلين لتدريب مختلف الفئات العمرية، بينما يتضمن المحور الثالث العمل على المُساهمة في تطوير المناهج التقنية وإعداد دبلومات مهنية لكليات الهندسة والحاسبات والعلوم والجامعات والمعاهد التكنولوجية لتتماشى مع أحدث التطورات في مجال الإلكترونيات وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والطاقة، فيما يعد المحور الرابع مسؤولاً عن البحث والتطوير والتصميم والتصنيع، بينما المحور الخامس يقدم الدعم التقني واللوجيستي والإداري والقانوني لرواد الأعمال والشركات الناشئة من خلال مدينة العلوم والتكنولوجيا لأبحاث وصناعة الإلكترونيات.

ومن جانبه أشار د. شريف صلاح إلى أن هذه الدورة التدريبية تأتي في وقت تشهد فيه جمهورية مصر العربية زخمًا واسعًا في تحديث منظومة التعليم، فضلاً عن إعداد مُعلم ومُتعلم ذو شخصية مُتكاملة قادرة على استثمار أعلى طاقاته، وامكانياته الخاصة في توظيف ما تعلمه في تنمية مُجتمعه، مؤكدًا أن التقدم المُتسارع في علوم الروبوت والذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة أدى إلى زيادة الاعتماد على الروبوتات في أداء مهمات متنوعة في المجالات كافة لتحل محل البشر في وظائف مُتعددة.

وأشار الأمين العام المُساعد للجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة إلى وجود خريطة واضحة واستراتيجية شاملة تضع التعليم في مكانته الصحيحة في منظومة النهضة الشاملة ورؤية مصر 2030 لضمان تعليم جيد ومنصف وشامل للجميع، وتعزيز فرص التعلم مدي الحياة.

وفي كلمته، نقل المهندس زياد المعزاوي مُمثل المنظمة، تحيات د. محمد ولد أعمر مُدير عام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، ود. محمد الجمني مدير إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالمنظمة وتمنياتهم لأعمال هذه الدورة التدريبية بالنجاح والتوفيق، مُوجهًا الشكر للجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة ومركز المعلومات والتوثيق الإعلامي التابع للجنة الوطنية المصرية على التعاون مع منظمة الألكسو في الإعداد والترتيب لهذا النشاط، مؤكدًا أن منظمة الألكسو لا تدخر جُهدًا في التعاون مع الدول الأعضاء لبناء قدرات العاملين في كافة المجالات ذات الصلة بعمل المنظمة.

ولفت مُمثل منظمة الألكسو إلى أن العالم أصبح في هذه السنوات الأخيرة يشهد تطورات هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي، واستخدام الروبوتات في جميع المجالات الحيوية، مؤكدًا أن الروبوتات لم تعد مجرّد آلات تنفذ الأوامر فقط، بل أصبحت قادرة على التفاعل مع البيئة والتعلم من التجارب وتكييف سلوكها وفقًا للظروف المحيطة بها، استنادا إلى تطبيقات التعلم العميق والذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي سمحت بتحسين القدرات الإدراكية للأنظمة الذكية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الروبوتيك الذكاء الاصطناعي اللجنة الوطنية المصرية ألكسو التعليم العالى اللجنة الوطنیة المصریة للتربیة والعلوم والثقافة تکنولوجیا المعلومات والذکاء الاصطناعی بحوث الإلکترونیات أن المعهد ی هذه الدورة فی مجال

إقرأ أيضاً:

الرقائق.. والذكاء الاصطناعي تفتح أبواب الصراع العالمي بين أمريكا والصين

 

وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تواجه شركات تصنيع الرقائق أزمة متفاقمة، حيث باتت في قلب المواجهة الاقتصادية المحتدمة. ومع تشديد القيود وفرض رسوم جمركية متبادلة، أصبحت شركات مثل “إنفيديا” تواجه عقبات متزايدة تحدّ من تدفق التكنولوجيا وتقلّص فرص الابتكار.

الصراع بين أكبر اقتصادين في العالم لم يعد محصوراً في السلع والبضائع، بل امتد إلى ساحة أكثر تعقيداً تتعلق بالسيطرة على مفاتيح المستقبل: الذكاء الاصطناعي.

ومع تصاعد القيود على تصدير الرقائق المتقدمة إلى الصين، يواجه قادة صناعة التكنولوجيا ضغوطًا متزايدة من المستثمرين والمحللين لفهم التأثيرات المحتملة على سلاسل التوريد العالمية، وخطط التوسع في إنتاج وحدات المعالجة الرسومية المستخدمة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. إذ تشكل هذه الرقائق حجر الأساس في تطوير نماذج لغوية متقدمة وأنظمة تعلم عميق تتطلب قدرات معالجة هائلة، ما يجعل أي تعثر في الإمدادات مسألة استراتيجية تمس الأمن التكنولوجي العالمي.

وبينما تسعى بكين إلى تسريع وتيرة الاكتفاء الذاتي في مجال أشباه الموصلات، تواجه الشركات الأميركية معضلة مزدوجة: الالتزام بالقيود الحكومية من جهة، ومواصلة السباق العالمي على الريادة التكنولوجية من جهة أخرى. في هذا السياق، يصبح السؤال أكثر إلحاحًا: إلى أي مدى ستؤثر هذه الحرب التجارية على وتيرة التقدم في الذكاء الاصطناعي؟

مؤشرات ومخاوف

وفي السياق، يشير تقرير لـ “نيويورك تايمز” إلى أن شركة إنفيديا وشركات أخرى أصبحت أحدث ضحايا التوترات المتصاعدة بين واشنطن وبكين، في الوقت الذي يضغط فيه المحللون على قادة الأعمال بشأن تداعيات الرسوم الجمركية.

وأشار التقرير إلى مؤشرات على مخاوف جديدة تواجه صناعة أشباه الموصلات. فقد أمرت إدارة ترامب المصنّعين بالحصول على تصاريح لشحن المزيد من منتجاتهم إلى الصين ودول أخرى. ومن المرجح أن يُقلل هذا الإجراء البيروقراطي الإضافي من مبيعات إنفيديا من معالجات الماء المخصصة للسوق الصينية.

*يشعر القطاع بالقلق بالفعل بشأن التعريفات الجمركية المرتقبة، بعد فترة راحة قصيرة من ترامب.

*كما يحاول القطاع إيجاد طريقة للتعامل مع الموقف الصعب الذي تواجهه تايوان ، وهي مركز تصنيع رئيسي، في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

*كما وقع ترامب يوم الثلاثاء على أمر تنفيذي يكلف وزارة التجارة ببدء تحقيق قد ينتهي بفرض رسوم على المعادن الهامة ، والتي يستخدم الكثير منها في صنع المعدات التكنولوجية والعسكرية.

بدأت استراتيجية ترامب الصارمة تجاه الصين تتبلور. وتهدف محادثات التجارة بين الدول إلى انتزاع ضمانات بأن الدول ستعزل الصين كشريك تجاري ، بحسب الصحيفة، التي تضيف: “يقال إن وزير الخزانة سكوت بيسنت هو الذي يقف وراء هذه الاستراتيجية، التي تتضمن منع الصين من استخدام هذه الدول كقاعدة لشحن بضائعها إلى الولايات المتحدة وبالتالي تجنب الحواجز التجارية”.

ارتباك

يقول استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K عاصم جلال، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

*ثمة صعوبة بالغة في تحليل مشهد يشوبه مستوى عالٍ من الإرباك، وتجاهل متصاعد لقواعد التجارة العالمية، وغياب الحد الأدنى من التفاهمات بين القوى الكبرى.

*العالم أمام مشهد عبثي يتبادل فيه الطرفان الاتهامات بالتسبب في زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي، بينما يخشى كل منهما، في الوقت ذاته، من انزلاق محتمل نحو ركود اقتصادي، حتى إذا تم التوصل إلى حلول جزئية لبعض القضايا العالقة.

*المشهد طويل الأمد للتجارة العالمية مقبل على تحوّلات عميقة؛ فقد أدركت دولٌ عدة خطورة الارتهان الكامل إلى التوازنات القائمة، وباتت تسعى إلى بناء قدر من الاكتفاء الاستراتيجي وإعادة توزيع المخاطر.

لكن هذا التحوّل قد لا يحدث بسلاسة، وقد يمر الاقتصاد العالمي أولاً عبر نفق مظلم تتخلله اضطرابات شديدة.

في خضمّ ذلك، تتضرر صناعة الرقائق، التي تُعدّ العمود الفقري لتطوّر الذكاء الاصطناعي، بشكل مباشر. فقيود التصدير، وصعوبة الوصول إلى التقنيات، وتهديد سلاسل التوريد، جميعها تحدّ من قدرة هذا القطاع على النمو والابتكار. والمفارقة أن الذكاء الاصطناعي، الذي يُعوَّل عليه في إيجاد حلول لأزمات معقدة، قد يُبطأ تطوره نتيجة تلك الصراعات الجيوسياسية التي باتت تفكك النظام الاقتصادي العالمي الذي دعمه في المقام الأول، وفق جلال.

أكثر الشركات المتأثرة

وصنف تقرير لـ “يورو نيوز” أبرز الشركات التي ستتأثر برسوم ترامب الجمركية على أشباه الموصلات، واضعاً إنفيديا في المقدمة، إذ قد تُشكّل الرسوم الجمركية الأميركية على أشباه الموصلات سلاحًا ذا حدين لشركة التكنولوجيا الأميركية العملاقة إنفيديا، ويرجع ذلك إلى اعتماد الشركة على عدد من الشركاء الأجانب، مثل شركة إس كيه هاينكس الكورية الجنوبية، وشركة تي إس إم سي التايوانية، وشركة إيه إس إم إل الهولندية العملاقة للرقائق.

وفي المرتبة الثانية تأتل “إنتل”، إذ لا تزال الشركة تُعهِد بتصنيع بعض رقائقها الأكثر تطورًا، وخاصةً معالجات الهواتف المحمولة، إلى شركات أخرى. وإذا تأثرت هذه الرقائق بالرسوم الجمركية الأمريكية على أشباه الموصلات، فقد يُعيق ذلك بشكل كبير قدرة الولايات المتحدة على تطوير صناعة الذكاء الاصطناعي لديها والمنافسة عالميًا.

إضافة إلى شركة TSMC التايوانيةعلاوة على سامسونغ للإلكترونيات، والتي قد تتأثر بشدة بالرسوم الجمركية الأميركية المرتقبة على أشباه الموصلات، لا سيما وأن الشركة تُصدّر الشركة الرقائق الإلكترونية إلى عدد من العملاء الأميرييين، مثل إنتل وآبل وإنفيديا وكوالكوم. كما تُزوّد ​​مصانعها الرقائق الإلكترونية لشركات مثل تيسلا، إلى جانب عدد من الشركات المصنعة الأصغر حجماً.

كذلك شركة “آبل” ليست في مأمن من التأثيرات المحتملة؛ ذلك أنها قد تواجه ضربة مزدوجة من الرسوم الجمركية الأميركية المرتقبة على أشباه الموصلات والإلكترونيات، إذ تستعين الشركة بشركة TSMC لتصنيع رقائق السيليكون. كما تستورد الشركة الرقائق من SK Hynix وSamsung Electronics. مع ذلك، تُصمّم آبل رقائقها بنفسها.

نيران الحرب التجارية

وإلى ذلك، يشير أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي كاليفورنيا، الدكتور حسين العمري، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن:

*شركات تصنيع الرقائق عالقة في مرمى نيران الحرب التجارية.

*دخلت شركات تصنيع الرقائق في قلب الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين، لتصبح أكثر من مجرد كيانات تكنولوجية؛ بل أدوات استراتيجية في صراع النفوذ العالمي.

هذا التوتر المتصاعد لم يمر مرور الكرام على مسار تطور الذكاء الاصطناعي، بل بدأ يشكّل عائقًا متناميًا أمام تقدمه المتسارع.

منذ أن فرضت واشنطن قيودًا على تصدير الرقائق المتقدمة مثل NVIDIA H100 إلى الصين، بات واضحاً أن السباق نحو الذكاء الاصطناعي لن يُحسم فقط في المختبرات، بل في سلاسل التوريد ومراكز القرار السياسي.

هذه القيود لا تحرم الصين من التكنولوجيا فحسب، بل تؤخر قدرتها على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة، الأمر الذي قد يخلّ بتوازن المنافسة في هذا القطاع الحاسم.

وفي المقابل، تواجه شركات تصنيع الرقائق نفسها تحديات متزايدة بسبب هشاشة سلاسل الإمداد العالمية، وتداخل المصالح بين قوى متعددة، في طليعتها تايوان وكوريا الجنوبية وهولندا، وفق العمري، الذي يعتقد بأن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى اضطرابات في الإنتاج أو نقص في المعدات الدقيقة، ما يعني تباطؤًا في تطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي على نطاق عالمي.

ليس هذا فحسب، بل إن التكلفة العالية لبناء مصانع محلية بديلة، سواء في أميركا أو الصين، تستهلك وقتًا وموارد ضخمة، مما يعيد رسم خريطة الابتكار بشكل بطيء وثقيل. وبينما تحاول بعض الدول النهوض بمنظوماتها الصناعية عبر دعم سيادي واستثمارات ضخمة، تبقى الفجوة التقنية معقدة وصعبة التجسير في المدى القصير.

ويستطرد: من جهة أخرى، أدّت هذه التوترات إلى ما يمكن تسميته بالانقسام التكنولوجي العالمي، حيث تتجه المنظومات الغربية والشرقية إلى بناء أنظمتها الذكية الخاصة، المدعومة ببياناتها وقيمها وسياقاتها المحلية. وهذا يحمل في طياته تحولًا جذريًا في طبيعة الذكاء الاصطناعي نفسه، الذي لم يعد مجرد تقنية، بل أداة تعكس سياسات ووجهات نظر ثقافية متباينة.

إن استمرار الحرب التجارية على أشباه الموصلات ينذر بتباطؤ الابتكار العالمي في الذكاء الاصطناعي، ويهدد بتحويله إلى تكنولوجيا مجزأة تفتقر إلى التعاون الدولي وتوحيد المعايير.

لذا، فإن الحل لا يكمن في الانعزال أو فرض المزيد من القيود، بل في إعادة التفكير في أطر التعاون التكنولوجي عبر الحدود، وبناء جسور تبادل آمن للمعرفة والمكونات الأساسية، بما يضمن توازنًا بين الأمن القومي والتقدم العلمي، وفق العمري.

الرقائق.. سلاح رئيسي

ويوضح المستشار الأكاديمي في جامعة “سان خوسيه” الحكومية في كاليفورنيا، الدكتور أحمد بانافع، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أنه في ظل اشتداد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي أصبحت ساحة رئيسية فيها هي صناعة الرقائق الإلكترونية، فإنهذه الحرب لا تؤثر فقط على التجارة التقليدية، بل تضرب في قلب الابتكار، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي (AI).. ويشير إلى تأثير ذلك على وتيرة التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، على النحو التالي:

أولاً- تباطؤ الابتكار في الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل جوهري على الرقائق المتقدمة (مثل وحدات المعالجة الرسومية GPUs من NVIDIA وشرائح AI من AMD، وTPUs من Google)، وأن أي قيود على تصدير هذه الرقائق أو تصنيعها يؤدي إلى:

تأخير في تدريب النماذج الضخمة للذكاء الاصطناعي، وصعوبة في بناء البنية التحتية للحوسبة السحابية AI Cloud Infrastructure.

نقص في القدرة التنافسية للدول التي تتعرض للعقوبات أو القيود.

ثانياً- السباق نحو السيادة التكنولوجية:

كل طرف في الحرب التجارية يحاول الآن بناء نظام AI خاص به، دون الاعتماد على الآخر:

الصين تستثمر في إنتاج رقائقها الخاصة (مثل شرائح هواوي Kirin 9000S)، وتدعم شركات ناشئة محلية مثل Biren وCambricon.

الولايات المتحدة تقيد تصدير الرقائق المتقدمة وتمنع شركات مثل NVIDIA من بيع شرائح A100 وH100 للصين.

لكن هذا يؤدي إلى: (انقسام العالم إلى معسكرات تقنية، وتكرار الجهود بدلًا من التكامل العالمي، وبالتالي إبطاء التطور الجماعي في الذكاء الاصطناعي).

ثالثاً- تضخم تكاليف البحث والتطوير:

عندما يُمنع بلد من استيراد رقائق متقدمة، يضطر إلى بناء خطوط إنتاج محلية، ما يؤدي إلى: (ارتفاع تكلفة تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، وإبطاء وتيرة النشر التجاري لتقنيات AI، وتحول في الأولويات من الابتكار إلى الأمن التقني).

رابعاً- مخاطر الاحتكار التكنولوجي

إذا سيطرت دولة أو تحالف معين على إنتاج الرقائق، فقد يؤدي ذلك إلى:

فرض شروط سياسية واقتصادية على استخدام الذكاء الاصطناعي عالميًا.

صعوبة وصول الدول النامية إلى تقنيات AI حديثة.

خامساً: الدفع نحو بدائل جديدة:

بعض الشركات بدأت تنظر في تصميم نماذج أكثر كفاءة في استخدام الطاقة والموارد (Efficient AI)، كما تنظر في استخدام تقنيات بديلة مثل الحوسبة الكمومية أو AI على الحافة (Edge AI).

ويختتم حديثه بقوله إن الحرب التجارية تضغط على نقطة الاختناق الكبرى في مسار الذكاء الاصطناعي، وهي “الرقائق”، مما يؤدي إلى إبطاء التقدم عالميًا، وتعميق الفجوة التكنولوجية، وتحفيز سباق جديد نحو السيادة الرقمية

 

مقالات مشابهة

  • اجتماع بعدن يناقش التحضير الجارية لإنعقاد ورشة إنتاج البن
  • اختتام دورة تدريبية في مجال صيانة وترميم المخطوطات الأثرية
  • نقابة المهندسين الزراعيين تنظم دورة تدريبية لتحليل الرقم الإحصائي
  • "تكنولوجيا الأغذية" يواصل تنظيم برامج تدريبية لطلاب الجامعات المصرية
  • «محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي» تعقد النسخة الأولى من مؤتمر «أبوظبي للذكاء الاصطناعي والروبوتات»
  • معهد الإدارة العامة يعلن عن وظائف تدريبية في عدة مناطق بالمملكة
  • الرقائق.. والذكاء الاصطناعي تفتح أبواب الصراع العالمي بين أمريكا والصين
  • الذكاء الاصطناعي والبطالة.. هل اقتربت الروبوتات من السيطرة على سوق العمل؟
  • برامج في الألعاب الإلكترونية والذكاء الاصطناعي في الإمارات
  • تأهيل 1159 كادراً بحرياً عبر 73 دورة تدريبية خلال 3 أشهر