عامر حسن: الخطة الأمريكية (ب) في السودان
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
عامر حسن يكتب: الخطة الأمريكية (ب) في السودان.
(إتفاق جدة للقضايا الإنسانية أصبح حصان طروادة الأمريكي)
سبق لنا الكتابة عن المشروع الامريكي المعادي لوحدة ونماء السودان ومحطات الاستهداف المستمرة وكانت ذروة كل ذلك الاستفادة من المشكلات والخلافات الداخلية وتوظيفها لاستغلال الغفلة التاريخية لاجهزة ومؤسسات الدولة السودانية وإشعال حرب الخامس عشر من ابريل 2023 فهو مشروع امريكي غربي بامتياز حشد له الدعم من جيوب الحالمين بأوهام الدولة الاقليمية في الامارات العربيه المتحدة .
مرت الحرب بمراحل عدة اولاها الإنقلاب في صبيحة 15 ابريل لاستلام السلطة سريعا وتطويع المشهد بضربة قاضية وثانيها العمل علي كسر ظهر الجيش السوداني بالحصار الشامل علي وحداته والهجوم المتواصل في الميدان مع فتح منبر تفاوضي في مدينة جدة السعودية برعاية حصرية أمريكية سعودية تمت فيه مساومات مريرة وجارحة لكبرياء الشعب والجيش السوداني لكنها فشلت بتمسك الجيش بالجذرة التي قدمت في اتفاق القضايا الإنسانية يوم 11-13 مايو 2023 وكان الهدف من الجذرة إعطاء قيادة الدولة السودانية غطاء يبرر الاستسلام للمشروع الامريكي وتمرير سيطرة التمرد المسلح كأمر واقع علي الدولة والمواطنين لكن ألطاف الله بالسودان وإرادته والتصرف الحكيم لقيادة الجيش افشل الخطة المرحلية التي كانت ستليها المساومة بتسليم السلطة بالكامل للتمرد وظهيره السياسي لتمرير كامل المشروع الغربي في السودان.
ثم كانت المرحلة الثالثة وهي اشاعة حالة الحرب بتعزيز الانتهاكات ضد المدنيين وتوسيع رقعة الحرب في عموم السودان وافقار الدولة والشعب بالتوازي مع استمرار عرض الاستسلام المتدرج عبر منبر جدة نفسه بالدعوة لفتح حوار سياسي تشارك فيهو قوي الحرية والتغيير باسمها الجديد (تقدم) ، وعبر منبر الايقاد و مفاوضات المنامة السرية وكل ما رشح من هذه المنابر يؤشر لحجم الضغط الشامل علي الحكومة والجيش السوداني للقبول بحلول المساومه المرة والخطيرة في ٱن واحد .
لقد كانت ذروة هذه المرحلة الضغوط العلنية المستفزة لإحضار الجيش لطاولة اجتماعات جنيف في يوم عيد الجيش 14 اغسطس الماضي وراهنت الإدارة الأمريكية علي التهديد والوعيد الاعلامي وعلي تصعيد العمليات في الميدان واقتلاع مدينة الفاشر لفرض التقسيم علي الدولة إن هي استعصت .
لقد عودتنا الولايات المتحدة الأمريكية ومنظومة الدول الغربية طوال العقود التي تلت انهيار الثنائية القطبية علي التمسك النهائي باهدافهم من التدخل الخارجي في شؤون الدول وهزيمة التماسك والممانعة باساليب متعددة تؤدي لنفس الغرض .
لقد عاند السودان اهداف مشروع الحرب الحالية في عدة محطات لافته أولاها صمود القوات المسلحة في معركة دفاعية أسطورية واستعادة الأجهزة النظامية في الشرطة وجهاز المخابرات العافية بالتدريج للتماسك خلف الجيش في قتاله الشرس وغير المسبوق داخل العاصمة بالخرطوم وفي مؤسسات الدولة والمجتمع عموما ، وثانيها الاصطفاف الشعبي مع الجيش والاندفاع العفوي للقتال معه داخل وحداته الحيوية كأبرز مكسب استراتيجي وعملياتي في كل حكاية الحرب في السودان ، وثالثهم الانحياز الوطني لحركات إتفاق جوبا وتمنعهم علي اغراءات الامريكان ووكيلهم الإقليمي الامارات العربيه في الإنضمام لركب المليشيا المتمردة والذي جاء متدرجا بإلتحاق قوات مالك عقار ومصطفي طنبور بالجيش اولا ثم قوات مناوي وجريل لاحقا.
لقد حطم العناد السوداني تجاه المشروع الامريكي أي أمل للإنحناء خاصة عندما رفض الحضور لاجتماعات جنيف السويسرية فأرسي بذلك اساسا لتغير الخطة الأمريكية واعتماد الخطة (ب).
تعتمد الخطة الأمريكية (ب) علي المحافظة علي الهدف الأساسي المتمثل في منع انتصار الجيش السوداني في حربه الا علي قاعدة الاستجابة للمساومة الأمريكية والتي من أدواتها المحافظة علي القوى الخشنة للمشروع وهي حركات التمرد المسلح علي الدولة السودانية ولذلك حتي بعد نجاح التغير في ابريل 2019 واستلام السلطة التنفيذية بواسطة عملائها برئاسة عبدالله حمدوك ظلت تحتفظ بحركتي عبدالواحد نور في دارفور وعبدالعزيز الحلو في جنوب كردفان خارج منبر التفاوض وعملية سلام جوبا ، و بنفس القدر من المتابعة ظلت منذ اندلاع الحرب تراقب المسار وتحاصر إمداد الجيش في البحر الاحمر بواسطه دول عربية غارقة في وحل المؤامرة وبرغم كل ذلك كانت العودة القاسية المريرة للجيش السوداني لمرحلة التوازن في الميدان العملياتي وظهر للولايات المتحدة اول مخاوفها عندما فرضت المقاومة الشعبية المسلحة نفسها كخيار ضروري لحسم الحرب والكل راقب التحركات الإقليمية والدولية المدفوعة لمنع انخراط ونجاح المقاومة الشعبية وكانت لهذه التحركات للأسف نجاحا نسبيا مقدرا افشل وحييد هذا الخيار ولازال ويمكن ملاحظة ذلك في تقديم تجهيز وتجنيد قوات جديدة لصالح حركات اتفاق جوبا بدلا من التسليح المباشر للمواطنين في الولايات المهددة بحسب المرحلة الثانية من الحرب والتي أشرنا إليها في سطور هذا المقال فكانت النتيجة فقدان ولاية الجزيزة وسنار ومساحات كبيرة من ولاية النيل الابيض وجزء من النيل الازرق بجانب فقدان السيطرة علي فضاءات دارفور وكردفان الكبري خارج المدن الرئيسية المعروفة والتعرض لاسوء نتائج الحرب وهي إذلال الشعب السوداني في مدنه وقراه ونجوعه بالقتل والاغتصاب ونهب املاكه وتخريب كل مؤسساته.
تظل الولايات المتحدة متمسكة بخطتها في منع الانتصار والاحتفاظ بالتمرد وقد لاحت لنا الان تصرفاتها الجديدة بعد فشل جنيف والاصطدام بعناد الشعب السوداني الرافض لاي تسوية تعيد إنتاج المليشيا في مؤسسات الامن القومي أو حتي علي مسرح الحياة السياسية من جديد وكان للرفض الشعبي وتمسك القوات المقاتلة في الميدان بخيار الشعب أثره الايجابي حتي في الضغط علي قيادة الدولة والجيش فتراجعت عن توسيع منبر جدة وانسحبت من منبر ومنظمة الايقاد بالتجميد للعضوية ونكصت عن اتفاق المنامة السري الكارثي واستقوت بالرأي العام في ممانعة الحضور لجنيف وفضحت بعد طول سكات الممول الإقليمي وقدمت الشكوى لمجلس الأمن الدولي ضد الامارات العربيه ولولا الضغوط الشعبية والميدانية لما كان لهذا لصمود أن يؤدي للنتيجة التي يسعى الامريكان حاليا في الالتفاف عليها .
تبدت اولى محاولات الإلتفاف الأمريكي في إجتماع الفريق الأمريكي بقيادة مدير المخابرات المركزية الأمريكية وليم بيريز ومبعوثهم للسودان توم بيريلو مع السيد رئيس مجلس السيادة علي هامش الاجتماعات الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك وتهدف الخطة المرحلية للامريكان في منع التقدم الملحوظ في إعادة و تحسين العلاقات السودانية الروسية والإيرانية علي حد سواء ومنع الاستحضار الايجابي للصين من جديد للساحة السودانية بعد سنوات من التخريب الممنهج للعلاقات الاستراتيجية السودانية والتي كانت أولي محطاتها الخطأ الكارثي للرئيس السابق عمر البشير في الاصطفاف خلف المملكة العربية السعودية في اليمن وقطع العلاقات مع إيران وفي عدم التجديد للشراكة الصينية في مشاريع النفط السوداني مضافا إليه كوارث الفترة الانتقالية المعلومة للجميع.
إن التحسن في حالة الإمداد العملياتي للجيش مرتبط بلا شك بالدعم الروسي الإيراني والوقفه من أصدقاء الامس الجزائر قطر تركيا ولولاهم لتأزم وضع الوحدات المقاتلة في الميدان ولإنكشف غطاء القوات الجوية الذي يمثل عصب العمليات وعمودها الفقري بلا ريب ودون انقاص من المجاهدات الأسطورية لكل القوات علي الأرض.
يهدف الامريكان لتحقيق أهدافهم بمنع الانتصار عبر تخريب العلاقات المتنامية مع الأحلاف الشرقية الدولية ولذلك لا نستبعد إفتراضا أن عرضا ملغوما ومغروضا قد قدم للسيد رئيس مجلس السيادة القائد العام في نيويورك قائم علي التسليم باختيارهم انتصار الجيش السوداني علي المليشيا المتمردة والمساعدة في هزيمتها في الميدان وحصارها خارجيا بالتجريم العلني مقابل تعويق وتأخير صفقات التحالف الاستراتيجي الروسي والتوسع في التعاون الإيراني والصيني ، لكن السؤال الجوهري اللازم هنا هو ،،، هل يمكن أن يتضمن العرض الامريكي إنهاء وجود المليشيا بالكلية ام ضمان الانتصار عليها لعقد مفاوضات جديدة بشروط محسنة للجيش وهنا مكمن خطر الإنسياق خلف العروض الأمريكية التي عودتنا بخبرتها الكبيرة في الوصول لنفس الأهداف بأساليب مختلفة .
لقد أيقنت الولايات المتحدة صعوبة عقد تسوية بين الجيش والمليشيا المتمردة الا علي أساس انتصار الجيش ولذلك غيرت وجهتها لصياغة هذا الانتصار في حدود تمنع سحق وانهاء المليشيا التي تمثل أهم أدوات فعلها في صياغة مستقبل السودان.
اذا ما هي الخيارات الأمريكية تجاه هذا الوضع المعقد في السودان ؟؟
الإجابة بلا ريب ستكون
(تحويل إتفاق جدة للقضايا الإنسانية لحصان طروادة جديد ).
مع تحسن وضع الجيش في الميدان ووضوح رؤية القيادة السودانية في الذهاب للحسم العسكري ونجاح العمليات في ضرب قيادات التمرد المؤثرة واستمرار تدفق الإمداد للجيش فإن إنهاء التمرد يصبح مسألة وقت وإذا ما تم ذلك في ولاية الخرطوم فقط فإن النهايات تصبح أكثر رسوخا وهو ما تحضر الولايات المتحدة الأمريكية لقطع الطريق عليه بالضغط علي لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان للتوصية بنشر قوات حماية المدنيين وتعميم منع ارسال السلاح لكل السودان بدلا عن دارفور فقط وبتعميم ولاية مدعي المحكمة الجنائية الدولية علي حالة حرب الخامس عشر من ابريل وكل ذلك يصنف كوسيلة ضغط وسقف اعلي ستستثمره في ترتيبات العودة لمنبر جدة .
مع العملية الهجومية الواسعة للجيش السوداني ونجاحه في زعزعة يقين المليشيا وقيادتها في تحقيق أي انتصار ستعود الولايات المتحدة لمنبر جدة التي طالما اشترطت الحكومة السودانية لعودتها لاي تفاوض تنفيذ اتفاق القضايا الإنسانية الذي تم صياغته حينما لم يمضي علي بداية القتال شهر واحد وحينها كانت المليشيا في وضع متقدم علي الجيش وتحتل كل مراكز الدولة في العاصمة الخرطوم فقط وكان البند بخروجها من بيوت المواطنين وكل مرافق الدولة المدنية شرطا سيقابله بطبيعة الحال تجميع قواته في معسكرات داخل الخرطوم ومدن السودان المختلفة انتظارا لمفاوضات المرحلة الثانية الخاصة بالسلام ترتيبات السلطة وبرامجها السياسية والمعلوم أن عمليات التجميع في مثل هذه الحالات تتم بواسطة قوات رقابة دولية تشكل ضامن وحماية لقوات التمرد من هجمات الجيش الجوية والمدفعية وبالمشاة فهل من المقبول أن تمتع المليشيا بهذه الحالة الحمائية مع وقف إطلاق النار الأن ؟؟؟
وهل من المعقول والمقبول وبعد توحشها المستغرق في دماء السودانيين وأعراضهم وارتكابها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب موثقة دوليا ومحليا أن تكون مؤهلة للجلوس في مفاوضات ترتيبات السلطة ومسارها السياسي الانتقالي مستقبلا ؟؟؟.
ما يجب التنبيه له أن اتفاق جدة للقضايا الإنسانية كان ضرورة مرحلية لحماية الشعب السوداني ومؤسسات الدولة السودانية من التدمير وتجنيب البلاد منزلقات الحرب واثارها البعيدة والتي تعدتها المليشيا ومن خلفها أصحاب المشروع الخارجي عندما تكفلو بقتل عشرات الآلاف بدأ من الجنية ومرورا بكل ولايات السودان وإجبار الملايين للنزوح واللجوء وإهانة كرامة الشعب بجرائم الاغتصاب والسبي واسترقاق النساء والاطفال داخل وخارج السودان مع تدمير شامل وكامل لكل مرافق البلد الرسمية والأهلية وتعطيلها ونهب البنية الاقتصادية وافقار الشعب والدولة معا وعليه فقد سقطت كل المسببات المرحلية لاتفاق جدة ونهضت في مقابل ذلك موجبات جديدة أولها ضرورة حل وتسريح المليشيا كليا بتنفيذ قرار القائد العام للجيش بلا أي شكل من أشكال التسوية المخلة وثانيهم ملاحقة قادتها والدول التي زادت أوار الحرب لإجبارها علي تعويض ضرر السودان ومواطنيه وإلزامهم بإعادة بناء ما دمرته الحرب وثالثهم تحرير القرار الوطني بصياغة مستقبل السودان وتركه للسودانيين ممن لم يتورطو في مخطط ابتلاع الدولة وتمزيقها بأي وسيلة كان تورطهم فيها.
إسهابنا في شرح الحالة لبيان أن تنفيذ اتفاق جدة سيكون حصان طروادة الأمريكي للحفاظ علي المليشيا التي سينهيها انتصار الجيش ونجاحه في استعادة مركز الدولة بولاية الخرطوم لأن ما سيتبقى من عمليات سيكون استكمال التطهير من سرطان استشرى في السودان واهلك النسل والحرث فالحذر اليوم من شىراك العودة لجدة أوجب من التحذيرات السابقة بعدم تجاوز الاتفاق حين كانت الضغوط تتكاثر علي قيادة الجيش.
صياغة النهايات مسؤولية القيادة :-
إن المحافظة علي النجاح العسكري واستدامتة يتطلب طرحا عاجلا لرؤية الدولة لمطلوبات المرحلة القادمة من الحرب علي اساس أن اي تحرك تفاوضي مع المليشيا سيكون علي مبادئ لا حياد عنها أهمها:-
١. أن أي منبر تفاوضي سيكون أساسه الجلوس لبحث حل وتسريح المليشيا بشكل نهائي وشامل دون أي تعويض سياسي في مقابل ذلك .
٢. أن مستقبل السودان وترتيبات الفترة الانتقالية تخص السودانيين وحدهم وهم من سيقرر ذلك في منبر جامع داخل السودان وليس خارجه
٣. أن تبرز الدولة اجراءاتها وترتيباتها الأمنية والعسكرية للمرحلة المقبلة علي اساس دمج قوات الحركات التي قاتلت معها في مؤسسات القوات النظامية بمدي زمني محدد ومتفق عليه مع الحركات المسلحة (تنفيذ بند الترتيبات الأمنية في اتفاق جوبا للسلام مع التعديلات التي تراعي حالة السودان نتيجة حرب الخامس عشر من ابريل 2023) و علي ان تترافق مع هذه الترتيبات إجراءات حماية السلام الاجتماعي في السودان عموما وفي دارفور علي وجه الخصوص منعا للآثار السالبة لتمرد قوات الدعم السريع ومواقف بعض القيادات القبلية في النسيج الاجتماعي وذلك بالاستثمار في الحراك الاجتماعي الايجابي لتنسيقيات القبائل التي بدأت في التشكل بالعاصمة المؤقتة بورسودان.
٤. التزام قيادة القوات المسلحة برعاية الفترة الانتقالية بتكوين حكومة كفاءات وطنية مستقلة ومنزوعة البرامج الايدلوجية واعطائها كامل الصلاحيات لتسير دولاب العمل التنفيذي دون تدخل من الجيش لحين رعاية القوات المسلحة لمنبر السودانيين الجامع الكبير والذي سيقرر في مستقبل الدولة وكيفية تداول السلطة وإصلاح مؤسسات الدولة دون تدخلات خارجية.
خاتمة القول إن الداعي لكتابة ما كتبنا التحذير من الشراك الأمريكية والإقليمية الملغومة التي يبدو من استقراء قرائن الأحوال أنها بدأت في الغرف المظلمة بنيويورك وتتبدى في تقديم الاغراءات بالإذن و تسهيل الاصطفاف المصري السياسي لإعادة السودان للاتحاد الافريقي وفي رسائل الايقاد المنظمة الغارقة في الرشى السياسية لدعوة السودان للعودة عبر وزير خارجية جيبوتي وفي العقوبات المعلنه علي القوني حمدان والتي نتوقع تطورها لتصنيف المليشيا إرهابية إن لزم الأمر وحتي في خلق الدعاية الإعلامية السوداء عبر المليشيا التي إدعت زوراً أن انتصار الجيش السوداني إنما هو بفضل الجيش المصري .
العرض الافتراضي لوليم بيريز مدير CIA وفريقه الاستخباري سيكون محدودا بحدود تأكدهم من تراجعنا عن استحقاقات التفاهم الروسي الأخيرة وإثقال الخطى باتجاه الصين وإيران وبعد تأكدهم من ذلك سيترك السودان ليغرق في جحيم تكتيكاته القصيرة النفس .
الوعي معركتنا الحقيقية .
حفظ الله السودان شعبه وجيشه ومؤسساته وكتب الذل لكن عاداه.
عامر حسن
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدولة السودانیة الولایات المتحدة الخطة الأمریکیة الجیش السودانی مؤسسات الدولة انتصار الجیش فی السودان فی المیدان منبر جدة
إقرأ أيضاً:
كم من الأرواح البريئة كان يمكن إنقاذها لو وافق الجيش على حضور مباحثات جنيف؟
أحمد الملك
معلوم أن الجيش واقع تحت اسر الحركة الإسلامية، يقوده رجل يحترف المراوغة، حين قفز الى المنصب في غفلة زمان، ذهب الى مصر وأدى التحية العسكرية أمام رئيسها، لم يكن تصرفه نابعا فقط من فرحه بوصوله للمنصب الذي حلم به والده، لكنه كان يعي تماما أنه يفتقد لأية شرعية وأنه يجب عليه وهو سيواجه حتما الثورة التي ركب على ظهرها، يجب عليه البحث عن ما يدعم شرعيته من خارج الحدود، فذهب والتقي نتنياهو، أملا في رضاء أمريكا، فالتنظيم الذي يدعمه لم يشأ تكرار تجربة عداء أمريكا له، أمريكا التي سعى التنظيم لاسترضائها طوال ثلاثة عقود دون جدوى رغم انبطاحهم وتسليمهم كل ملفات الحركات الإسلامية التي ربطتهم بها أواصر علاقات قوية في بادئ عهدهم.
ولاحقا حين يئسوا من استمالة قلب الامريكان أعلن رئيس نظامهم انّ الأمريكان خدعونا، ففصلنا الجنوب ولم نحصل منهم على شيء ولم يلتزموا حتى بوعدهم في رفع العقوبات! إن لم تكن تلك الخيانة فكيف تكون؟ ورغم ذلك يوزعون اتهامات الخيانة على كل المدنيين المحسوبين على الثورة ويعلنون في الوقت نفسه استعدادهم للصلح مع المليشيا التي صنعوها لإرهاب شعبنا، وصنعوا منها عدوا في حربهم على شعبنا وثورته.
كم من الأرواح كان يمكن انقاذها لو تنازل الرجل وأعلن لتنظيمه (مخالف يا شيخنا) وأرسل وفدا الى جنيف! يحترف الرجل اهدار كل الفرص التي تنفتح له لدخول التاريخ، يركلها بقدمه ويثابر على رفض كل اتجاه لحقن دماء الابرياء، والغريب انه رغم الخراب ورغم هروبه من عاصمته الى البحر، لكنه لا يزال يعيش وهم تحقُق حلم والده، يترك مواطنيه غرقى في السيول ويطير لحضور احتفالات تنصيب الرؤساء، يترك المواطنين موتى ومرضى تحصدهم الانتهاكات والدانات وقنابل الطائرات والكوليرا، ويطير لحضور قمة المناخ! وكل ذلك لإثبات شرعية مستحيلة سقطت يوم بدأ تآمره على الثورة من لحظة وصوله للمنصب، بدعمه لكل جهود دولة الكيزان العميقة لإفشال جهود الحكومة الانتقالية، مرورا بإغلاقه للميناء (في واقعة لم يشهد لها التاريخ مثلا) تمهيدا لانقلابه مع شريكه قائد الدعم السريع وشركائه في الحركة اسلامية.
الحرب التي يدفع اثمان تكلفتها الباهظة مواطن برئ، هي حرب الحركة الإسلامية للعودة الى السلطة. حزب حكم ثلاثة عقود ارتكب فيها من الجرائم ما يندي له جبين البشرية، قتل الناس وعذبهم في بيوت اشباحه، شن الحرب في الجنوب ودفع أهلنا هناك دفعا لخيار الانفصال، حرم المواطن من حقوقه في دعم الدولة للصحة والتعليم في بلد غالب اهله من الفقراء ووجه الدعم لجيوب منسوبيه ولمجهوده في إشاعة الحروب والفتن، أيقظ نعرات القبيلة، رغم علمه ان اللعب بنار العصبيات لن يقود الا الى تفتيت الوطن! (من قال ان بقاء ووحدة الوطن تقع ضمن اهتمامات التنظيم الاسلاموي) نهب المال العام وباع كل مؤسسات الدولة الى منسوبيه، حتى الهواء قاموا ببيعه، حين أقدموا على بيع خط هيثرو الذي كانت تمتلكه الدولة، ودمروا معه الناقل الوطني، وباعوا ممتلكات وطننا في لندن وغيرها ووضعوا الأموال في جيوبهم، مؤسسات الدولة التي ضحى شعبنا لإنشائها وتأهيل العاملين فيها، باعوها الى أنفسهم بتراب المال وحولوها الى شركات محسوبة على منسوبي الحزب اللصوصي. وحين جاءت لجنة التفكيك بعد الثورة لتكشف الغطاء عن جرائم نهب ونصب واحتيال لم يشهد لها التاريخ مثيلا، اوعزوا الى لجنتهم الأمنية للقيام بالانقلاب!
ما لم تتكاتف الجهود لوقف الحرب ومحاسبة من سعى لشنها، ومن ارتكب الجرائم ضد المدنيين اثناء هذه الحرب، وإعادة هيكلة الجيش وحل جميع المليشيات والقوات الموازية، ووقف نزيف تماسك نسيج هذه البلاد المجتمعي. فإن مصير هذه البلاد سيكون الفوضى الشاملة وتنفرط وحدتها وتصبح نهبا لكل طامع في مواردها وثرواتها.
#لا_للحرب
ortoot@gmail.com