تركيا.. مطالبة شعبية بتغليظ العقوبات وسرعة تنفيذها
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
نشرت شركة "آسال" التركية للدراسات والاستشارات نتائج استطلاع للرأي أجرته نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي في 26 محافظة تركية، وتشير النتائج إلى أن 56.8 في المائة من الأتراك يرون أن المشكلة الأهم في البلاد هي الأزمة الاقتصادية، فيما يرى 8.2 في المائة منهم أن مشكلة "عدم وجود العدالة" هي المشكلة الأهم.
وتؤكد هذه النتائج أن الأزمة الاقتصادية هي ما زالت "أم المشاكل" في تركيا، على الرغم من تراجع ملموس لنسبة التضخم، وأن المواطنين لم يشعروا حتى الآن في حياتهم اليومية بالتحسن الذي تشير إليه الأرقام الرسمية المعلنة.
حلول "عدم وجود العدالة" في المرتبة الثانية في قائمة أهم مشاكل البلاد بعيون المواطنين، يدق ناقوس الخطر، ويقول إن ثقة المواطنين بالأجهزة القضائية بدأت تهتز. ومن المعلوم أن الثقة بالقضاء إذا اهتزت لا يشعر المواطنون بالأمن والأمان في البلاد، ويبحثون عن طرق بديلة لحماية الحقوق وتحقيق العدالة، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى الفوضى والفلتان الأمني، لا سمح الله.
شعور نسبة كبيرة من الأتراك بعدم وجود العدالة في البلاد ليس وليد اليوم ولا يأتي من فراغ، بل هناك حديث يدور في مواقع التواصل الاجتماعي ومجالس المواطنين منذ زمن حول ذات الموضوع. ويرى كثير من الأتراك أن العقوبات القانونية غير كافية وغير رادعة كما أن تنفيذها يتأخر للغاية
شعور نسبة كبيرة من الأتراك بعدم وجود العدالة في البلاد ليس وليد اليوم ولا يأتي من فراغ، بل هناك حديث يدور في مواقع التواصل الاجتماعي ومجالس المواطنين منذ زمن حول ذات الموضوع. ويرى كثير من الأتراك أن العقوبات القانونية غير كافية وغير رادعة كما أن تنفيذها يتأخر للغاية، الأمر الذي يمنح المجرمين فرصة لمزيد من الإجرام.
الجرائم الأخيرة التي هزت المجتمع التركي عززت شعور المواطنين بعدم وجود العدالة في البلاد، وأن رجال الأمن يلقون القبض على المجرمين إلا أن القضاء يطلق سراحهم أو يحكم عليهم بعقوبات خفيفة، ليبقوا في السجن لمدة عدة أشهر ثم يعودوا إلى الشوارع. ومن المؤكد أن عدم معاقبة المجرمين بما يستحقونه يشجعهم على ارتكاب مزيد من الجرائم، كما يجعلهم أكثر جرأة في التصدي لقوات الأمن.
وفي أحد أمثلة تلك الجرائم، ذهب رجال الشرطة قبل أيام إلى بيت في مدينة قونيا، بناء على بلاغ يفيد بأن هناك رجلا فقد أعصابه وأنه يعاني من مشاكل نفسية، ولما وصلوا إلى العنوان المذكور في البلاغ هاجمهم الرجل بسكين كبير، وطعن أحد رجال الشرطة في ظهره عدة مرات، ولم يتمكن رجال الشرطة من القبض عليه إلا بعد إطلاق النار عليه وإصابته.
الرجل الذي تم اعتقاله أصيب بإصابة خفيفة، إلا أن إصابة الشرطي الذي طعنه كانت بليغة. وذكرت وسائل الإعلام أن ذاك الرجل لديه 33 ملفا جنائيا، وأنه سبق أن اعتقل وسجن بتهمة السرقة والسطو والاغتصاب وحمل الأسلحة النارية والبيضاء، بالإضافة إلى تعاطي المخدرات. وبالتالي، طرح هذا السؤال نفسه: "كيف لمثل هذا الرجل أن يتجول بيننا بكل حرية رغم سجله الحافل بشتى أنواع الجرائم؟".
هناك جرائم يحكم فيها القضاء على الجاني بالسجن لعدة أشهر، ولكن تنفيذ العقوبة يتم تأجيله في المرة الأولى لأنها تعد من الجرائم الصغيرة، وأخرى تستمر فيها المحاكمة لأشهر بل وحتى سنوات أو يعترض المتهم على قرار القاضي في محكمة التمييز، الأمر الذي يؤخر صدور القرار النهائي، فيبقى المجرم حرا طليقا لمدة طويلة. ويطالب المواطنون الآن بسد تلك الثغرات القانونية التي تمنح المجرمين فرصة الإفلات من العقاب، وتجعل الشوارع مليئة بأصحاب السوابق الإجرامية المستعدين لارتكاب جرائم أخرى في أي لحظة.
يطالب المواطنون الآن بسد تلك الثغرات القانونية التي تمنح المجرمين فرصة الإفلات من العقاب، وتجعل الشوارع مليئة بأصحاب السوابق الإجرامية المستعدين لارتكاب جرائم أخرى في أي لحظة
رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، في كلمته الأخيرة أمام نواب حزب العدالة والتنمية، لفت النظر إلى ارتفاع نسبة جرائم العنف والقتل في الأيام الأخيرة، ووعد باتخاذ كافة التدابير ليشعر المواطنون بالأمن والأمان، كسجن المتهمين أصحاب السوابق الجنائية أثناء محاكمتهم. كما ذكر وزير العدل التركي يلماز طونتش، أن نظام التنفيذ القضائي سيتم تعديله ليتم سجن المحكوم عليهم بعقوبة السجن لمدة أقل من السنتين، ولن يتم تأجيل تنفيذ العقوبة، كما لن يتم تخفيف العقوبات في بعض الجرائم نظرا لحسن سلوك المتهم في جلسات المحكمة أو خلال تنفيذ حكمه.
الشارع التركي يدعو إلى منح رجال الشرطة صلاحية استخدام السلاح بشكل فعَّال في ملاحقة المجرمين والدفاع عن أنفسهم، على غرار رجال الشرطة الأمريكية، كما يطالب بإعادة عقوبة الإعدام، على الأقل لبعض الجرائم، مثل القتل، والاغتصاب، واستهداف رجال الشرطة والجنود، علما بأن عقوبة الإعدام لم تنفذ في تركيا منذ عام 1984، وأنها ألغيت تماما عام 2004 في إطار جهود الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وكان أردوغان صرح أكثر من مرة أنه مستعد للمصادقة على إعادة عقوبة الإعدام في حال صدر تعديل من البرلمان، إلا أنه من غير المتوقع في الظروف الراهنة مثل هذه الخطوة رغم مطالبة الأغلبية الساحقة بها.
x.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العدالة تركيا الجرائم القضاء تركيا جرائم القضاء العدالة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وجود العدالة رجال الشرطة من الأتراک فی البلاد
إقرأ أيضاً:
هل تعود رؤوس الأموال المهاجرة قريبا إلى سوريا؟.. هذا ما يؤخرها
مرت أكثر من ثلاثة أشهر على سقوط النظام السوري السابق، ولم تسجل البلاد عودة لأصحاب رؤوس الأموال والصناعيين بعد، وخاصة من دول الجوار السوري (تركيا، الأردن، مصر)، الأمر الذي يطرح باب التساؤلات واسعاً عن الحسابات التي تعرقل ذلك.
ويرى محللون اقتصاديون وخبراء تحدثوا لـ"عربي21"، أن سوريا بقيادتها لم تلتقط أنفاسها بعد لتتحول إلى بلد جاذب للاستثمار، وأرجعوا ذلك إلى جملة من الأسباب، أهمها استمرار العقوبات الغربية على البلاد، إلى جانب عدم استقرار سعر العملة المحلية، وصولاً إلى فقدان حوامل الطاقة، وانقطاع التيار الكهربائي.
ومنذ اندلاع الثورة السورية، شهدت البلاد هجرة غير مسبوقة لأصحاب رؤوس الأموال من الصناعيين والتجار، وغالبيتهم استقروا في دول الجوار السوري.
سطوة العقوبات
الأكاديمي والباحث في الاقتصاد يحيى السيد عمر، يتحدث عن جملة من الموانع أمام عودة أصحاب رؤوس الأموال السوريين إلى البلاد، قائلاً لـ"عربي21" إن "الحديث عن استقطاب الاستثمارات لا يزال مبكراً، فحتى الآن لا تزال سوريا تحت العقوبات، والذي حصل حتى الآن هو تعليقها وليس إلغاء، العقوبات موجودة، وهي تمنع أي استثمارات حقيقية، أو على الأقل تضع عقبات أمامها".
ومن جهة أخرى، وفق الباحث، فإن سوريا في هذه اللحظة ليست جاهزة لاستقبال الاستثمارات، فالطاقة في حدودها الدنيا، ولا يمكن تأسيس أي مشروع، كما أنه لم تصدر حتى الآن قوانين جديدة لتحفيز الاستثمار.
وتابع السيد عمر بالإشارة إلى عدم استقرار قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية، معتبراً أن "من الضروري استقرار العملة قبل الحديث عن الاستثمار".
وفي السياق ذاته، كشف المستشار الاقتصادي الدولي أسامة قاضي، عن تريث الدولة السورية في موضوع استبدال العملة السورية، إلى حين معرفة القيمة الحقيقية لليرة في السوق.
وأضاف لـ"عربي21"، أن ثبات سعر الصرف العملة يعد من العوامل الجاذبة للاستثمار، وهذا ما تعمل عليه الحكومة السورية الجديدة.
ضعف القدرة الشرائية
في الاتجاه ذاته، أشار المفتش المالي منذر محمد إلى ضعف القدرة الشرائية لدى غالبية السوريين، وقال لـ"عربي21": إن "في سوريا لا زال متوسط الدخل في الحد الأدنى، وهذا ما يجعل القدرة الشرائية ضعيفة وغير مشجعة للمستثمرين".
لكن مع ذلك، لفت إلى "تعطش الأسواق" في سوريا، وقال: "باعتقادي تشكل سوريا فرصة واعدة للمستثمرين، والبلاد تحتاج إلى بعض الوقت حتى تستطيع جذب المستثمرين".
وقال محمد، إن غالبية المستثمرين السوريين يترقبون القوانين الاقتصادية الجديدة، التي ستنظم سوق الاستثمارات.
عودة قريبة
في المقابل، تحدث مصدر من دمشق عن "عودة قريبة" لأصحاب رؤوس الأموال السورية إلى البلاد، مشيراً في حديثه لـ"عربي21" إلى الاجتماعات التي أجراها الرئيس السوري منذ تسلمه السلطة مع الوفود الاقتصادية ورجال الأعمال السوريين.
على النسق ذاته، اعتبر يحيى السيد عمر أنه رغم كل العقبات والتحديات، فإن علاجها يبقى بالأمر الممكن خلال أقل من عام، وأضاف أنه "من الممكن ملاحظة تغيرات إيجابية، في حال وضع خطة واضحة لتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، وهنا يمكن الاستفادة من التجارب الدولية المماثلة، مثل تجربة ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من التجارب".
يونس الكريم وهو خبير اقتصادي، قال لـ"عربي21" إن دمشق سجلت زيارات متلاحقة للتجار ورجال الأعمال ما بعد سقوط النظام، واستدرك: "لكن للآن لم تبدأ المشاريع الاستثمارية بالعمل، وذلك بسبب العقوبات".
وأضاف: "للآن الجميع ينتظر خطوات حكومة دمشق، وخاصة في إطار إعلان تشكيل الحكومة الانتقالية الموسعة"، مؤكداً أن "جذب الاستثمارات يتطلب إشراك الجميع في حكم سوريا، وعزل أو إزاحة الأسماء الخاضعة للعقوبات، وأخيراً تفعيل القضاء".