الفن، سواء كان رسما، موسيقى، أو حرفة يدوية، هو إحدى وسائل المرأة للتعبير عن هويتها الثقافية، وتستخدمه الفنانات كطريقة للحفاظ على تقاليدهن والتعريف بثقافتهن للعالم، فتعكس المرأة من خلال الأعمال الفنية جزءا من روح مجتمعها وهويتها، وتعبّر عنها بأسلوبها الخاص لتشاركها مع الآخرين، سواء كانوا من الثقافة نفسها أو من ثقافات مختلفة.

فترسم الفُرَش والألوان واللوحات قصصا من الثقافة والتراث تعكس حياة يومية، أو عادات تقليدية، أو مناظر طبيعية محلية، أو تفاصيل مميزة، لتفتح نافذة نطل من خلالها على الماضي والحاضر معًا.

في عُمان، تستخدم الفنانات العمانيات التفاصيل الدقيقة في الأزياء التقليدية أو رموزا من التراث في أعمالهن لإبراز هوية ثقافية متأصلة. وأخذنا في السطور القادمة على سبيل المثال لا الحصر، ثلاث فنانات عمانيات تميزن بهذا الأمر في أعمالهن الفنية: سارة العولقية التي سافرت بعملها «البرقع» إلى البندقية، حاملة أربعة آلاف ملعقة معدنية، ونورة البلوشية التي اختارت الأزياء التقليدية «الطرحة/ الشال» بتفاصيلها الدقيقة، وريا المنجية التي توظف رموزا تعبّر عن العروبة والأصالة، وتستخدم الزخارف والنقوش التي تعبّر عن الإرث العماني في الأزياء والحلي والأثاث في اللوحة.ماذا قالت الفنانات الثلاث عن استلهامهن للتراث والهوية الثقافية في أعمالهن؟ وكيف عكست هذه الأعمال الهوية ككيان مرن وقابل للتطور دون أن يفقد جوهره؟ وماذا قلن عن دور رموز التراث أو التفاصيل الدقيقة في الأزياء التقليدية وغيرها في إبراز هوية ثقافية متأصلة؟

تقول الفنانة التشكيلية سارة العولقية عن استلهامها للتراث والهوية الثقافية في عملها الفني «البرقع»: «لم تكن هذه الرموز مجرد زخارف، بل كانت تحمل دلالات اجتماعية عميقة، تؤثر على الديناميكيات الاجتماعية والنفسية عبر الثقافات المختلفة. على سبيل المثال، يمكن أن تشير الحُلي التي ترتديها المرأة إلى عدد أطفالها، بينما قد يكشف لون ثوبها أو حجم البرقع الذي ترتديه ما إذا كانت عزباء، متزوجة أو حتى أرملة. كذلك، فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية، أو إتقان حرفة صنع تلك الأواني، لا تقل أهمية. هذه التفاصيل سواء في الملابس، أو الزينة، أو الأدوات اليومية هي تعبيرات قوية عن هوية ثقافية متأصلة، تحفظ القصص والتقاليد التي شكّلت المجتمعات على مر الأجيال».

وأشارت إلى أن البرقع هو رمز للقوة والشجاعة لكل امرأة، فهو بمثابة الدرع التي تحميها، تماما كما يحمي الضلع قلب الإنسان. يحمل البرقع معاني متعددة تختلف من منطقة إلى أخرى، حيث تعكس كل منطقة تفسيراتها الخاصة لهذا الرمز بمختلف أحجامها وألوانها.

وتضيف: «الإنسان ليس مجرد كيان معزول، بل هو نتاج لتفاعلاته مع الثقافات المختلفة التي يتعرّض لها على مر الزمن. كل تجربة، كل لقاء مع حضارة أو تقليد، يترك أثرا في نفسه، يُشكّل وعيه ويوسّع رؤيته للعالم. رحلة الفهم والعلم تبدأ بالتساؤل والانفتاح على الآخر، حيث يُصبح الإنسان جزءا من مسيرة التاريخ؛ يتعلم من ماضيه ليفهم حاضره، ويسهم في رسم مستقبل يحمل في طياته مزيجا غنيا من الهويات التي لا تفقد جوهرها، بل تتطور وتتعزز من خلال التواصل والحوار المستمر».

وصفت الفنانة التشكيلية ريا المنجية التراث العماني بالتراث الأصيل والفريد من حيث خصوصيته الحضارية والجمالية، وقالت: «بصفتي فنانة تشكيلية عمانية فإنه يسعدني أن أنثر جماله في لوحاتي، فعندما تمتزج أصالة وجمال عمان بالخيال والإبداع تتكون مفردات ملهمة جميلة وساحرة أترجمها في لوحاتي بكل حب وإحساس بلمساتي ومنظوري الخاص. وكل لوحة هي بمثابة درس لي في التطور والتحدي والتعلم المستمر. وكل لوحة فنية تحمل مختلف الجماليات والأحاسيس والأفكار. في النهاية هي تجمع كل التفاصيل لتبدو كلحن خيالي جميل يلامس القلب والروح».

تحدثت الفنانة التشكيلية نورة البلوشية عن استلهامها للتراث قائلة: «في عملي الفني، أستمد الإلهام من التراث العماني العريق الذي يحمل في طياته قصصًا وتفاصيل تعبّر عن هويتنا الثقافية. أحببت أن أستكشف العناصر الجمالية في الأزياء التقليدية العمانية، وأحاول إبراز التفاصيل الدقيقة مثل النقوش والزخارف التي تعكس أصالة الشعب العماني وتاريخه العريق. يُعد الفن بالنسبة لي وسيلة لإحياء هذه الموروثات وتقديمها بصورة حديثة تحافظ على أصالتها».

وأضافت: «أرى أن الهوية الثقافية ليست ثابتة بل هي كيان حي يتأثر بالزمان والمكان. في هذا العمل، حاولت أن أدمج العناصر التقليدية مع لمسات فنية حديثة، مما يعكس كيف يمكن للهوية أن تتطور وتتكيف مع العصر الحديث دون أن تفقد جوهرها. التركيز على القماش والأزياء التقليدية بأسلوب معاصر يعزز فكرة أن التراث يمكن أن يكون جزءًا من الحاضر والمستقبل، وليس فقط الماضي».

وتابعت: «الرموز والتفاصيل في الأزياء التقليدية العمانية لها أهمية كبيرة في إبراز الهوية الثقافية. فالزخارف، والنقوش، والألوان كلها تحكي قصصًا عن القبائل والمناطق المختلفة في عمان. كل قطعة حلي وكل تفصيلة في الملابس تحمل دلالة معينة، ومن خلال التركيز عليها في أعمالي، أستطيع تسليط الضوء على غنى وتنوع التراث العماني. هذه التفاصيل تُعد الجسر الذي يربط الأجيال بالهوية الأصيلة ويجعلها تستمر عبر الزمن».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إمام وخطيب: فارق كبير بين الكتاتيب التقليدية والجديدة

خصص الإعلامي شريف عامر، فقرة من برنامج يحدث في مصر، المُذاع على قناة "mbc مصر"، للحديث عن مبادرة وزارة الأوقاف بعودة الكتاتيب.

وزير الثقافة يكشف أسباب قلة طباعة الكتبأحمد موسى يدعو الرئيس السيسي لافتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب

وقال الدكتور إبراهيم على شبل إمام وخطيب بالأوقاف: هناك فارق كبير بين الكتاتيب التقليدية والكتاتيب التي أعلنت عنها وزارة الأوقاف في شكلها الجديد.

وأضاف الدكتور إبراهيم على شبل: الكتاب قديما كان يتم الجلوس فيه عدد ساعات كثيرة، وكان لا يكون بالضرورة ملحق بمسجد فقد يكون فناء بجوار منزل، وكان لها فائدة كبيرة في تصحيح التخاطب.

وفي ذات السياق، قال الدكتور أسامة رسلان، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، إن الكتاتيب بشكلها الجديد ستكون بيئة كشفية للخطابة والشعر وغيرها من المواهب.

وأضاف الدكتور أسامة رسلان، خلال حواره مع برنامج يحدث في مصر، على قناة mbc مصر،: أي كتاتيب ستنضم إلى المبادرة يجب أن تحصل على ترخيص رسمي من وزارة الأوقاف.

وتابع: نشاط الكتاتيب موجود بالفعل ولكن أعداده تراجعت نسبيًا، مشيرا: الوزارة بها معهد متخصص لإعداد المحفظين يضم 69 فرعًا على مستوى الجمهورية.


واسترسل: هناك اشتراطات على مستوى (التهوية والإضاءة والفرش والمساحة) أثناء اختيار مكان إقامة الكتاب، مضيفا: نحتاج لجهد جميع الوزارات والمجتمع المدني في مبادرة إحياء الكتاتيب وأهم شيء هو التشبيك المؤسسي.
 

مقالات مشابهة

  • مي عمر تدق باب الموضة العالمية بخطى عارضات الأزياء (صور)
  • إمام وخطيب: فارق كبير بين الكتاتيب التقليدية والجديدة
  • الهيئة الملكية للعلا وأكاديمية دونهوانغ الصينية تعقدان شراكة للحفاظ على التراث
  • وزير التراث العماني: مصر تمتلك تجربة ملهمة بالقطاع السياحي
  • وزير التراث العماني: مصر تمتلك تجربة ملهمة.. والمتحف الكبير إضافة قوية للسياحة العربية
  • الأمان النفسي.. تواصل فعاليات القافلة الثقافية للمرأة بالإسكندرية
  • وزارة الثقافة تطلق مشروعًا لترميم 6,000 مخطوط أثري
  • موانع تحرم من الميراث .. تعرف عليها
  • هل اللقاحات وسيلة للنصب؟.. ساويرس يروي تجربته خلال كورونا
  • باولو سكاروني رئيس نادي ميلان الإيطالي يتجول بساحة جامع الفنا