لجريدة عمان:
2024-10-16@16:28:55 GMT

المرأة بصفتها ساردة للقصص الشعبية والتاريخية

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

المرأة بصفتها ساردة للقصص الشعبية والتاريخية

كانت المرأة ولا تزال حارسة للتراث والثقافة، سواء من خلال تعليم أطفالها اللغة الأم أو من خلال الحفاظ على العادات والتقاليد داخل المنزل والمجتمع، وفي عالم متعدد الثقافات وقفت المرأة رابطًا بين الماضي والحاضر من خلال أدوارها المتعددة كأم ومعلمة، وأسهمت بذلك في نقل التراث الثقافي والتاريخ للأجيال الجديدة، وعند الحديث عن المرأة بصفتها كاتبة وساردة وحاملة للكثير من القصص الشعبية والتاريخية لترويها وتكتبها، بقيت الهوية الثقافية حيّة في أذهان الأطفال والشباب؛ فكتابة القصص ليست مجرد نقل للمعلومات، بل هي نقل للهوية بكامل تفاصيلها، والكاتبة وحدها هي التي تعرف كيف تفعل ذلك.

أكملت الكاتبة الدكتورة وفاء الشامسية الجزء الثاني من كتاب «شخصيات تاريخية» -الذي أعدته دائرة المواطنة- بعد أن أنهت الكاتبة أزهار أحمد الجزء الأول منه، في صفحات حكت عن النوخذة ماجد المشهور وثريا البوسعيدية، وقصص تناولت سيرة طبيب وحنان ومارد المصباح، والبيت الأثري، وعامر في مرباط.

وفي حوار مع الشامسية بمناسبة يوم المرأة العُمانية، سألناها عن كيفية تمكّن المرأة العُمانية من حراسة التراث الثقافي من خلال الكتابة، وعن التحديات التي تواجهها في كتابة التراث وحفظ الهوية الثقافية.

ما التحدي الأكبر الذي واجهك خلال البحث والكتابة عن هذه الشخصيات؟

دائمًا ما تكون الكتابة عن الشخصيات التاريخية، وعن التاريخ بشكل عام، عملًا شاقًا ومجهدًا؛ فالكاتب لا يكتفي بالبحث عن المعلومات الصحيحة والدقيقة، بل يولي عناية خاصة بالمعالجة الدرامية التي من خلالها يصنع الأحداث ليعيد إحياء ذلك التاريخ، ويستحضر الشخصية التاريخية في قالب أدبي مقبول، بعيدًا عن المبالغة أو التزييف.

وعندما يتعلق الأمر بتقديم القصة أو الشخصية التاريخية للطفل، يصبح الجهد مضاعفًا؛ إذ يتطلب إصدار العمل الأدبي عناية خاصة وقدرًا كبيرًا من التبسيط والتسهيل دون الإخلال بالمحتوى، مع مراعاة توافقه مع معطيات الطفل المخاطَب وقدراته، كما يجب أن تُقدّم المعلومات في قالب جميل وطريف بعيدًا عن المباشرة والأساليب التقليدية.

وإضافة إلى ما أشرتُ إليه، هناك صعوبة أخرى تمثلت في قلة المعلومات الواردة عن الشخصيات النسائية في التاريخ العُماني، إذ لا يمكننا تجاهل أن المرأة في التاريخ كان يُشار إليها باعتبارها ابنة أو زوجة أو أمًا لإحدى الشخصيات التاريخية العُمانية، وبالتالي لا نجد معلومات خاصة عنها، ويبقى ما يرد من قصص على لسان المؤرخين والمدونين لتلك الحقبة قليلًا جدًا، بالكاد يكفي للاشتغال عليه في كتابة قصة ذات عمق وبُعد تربوي ومعرفي يُشبع فضول الطفل القارئ.

****************************************************************************************************************

كيف يمكن أن تسهم هذه الشخصيات في ترسيخ الهوية العُمانية وأن تكون هذه القصص أداة قوية لنقل القيم والتقاليد اليوم؟

إن تعريف الطفل بتاريخه جزء من تأصيل هويته العُمانية، وحمايته من أية أفكار هدّامة أو هشّة مستقبلًا، وتقدم الشخصيات التاريخية نماذج يُحتذى بها، كونها تعكس الكثير من القيم التي قامت عليها الحضارة العُمانية، مثل الشجاعة، والعدالة، والتضحية، والفكر السليم، والحكمة، وهذه القيم تساعد الطفل القارئ على فهم ما يعنيه أن يكون جزءًا من هذا المجتمع، كما أن تعريف الطفل بالشخصيات التاريخية العُمانية يساعده على معرفة الأحداث المهمة، وبالتالي يُطوّر لديه مفهوم البطولة، متجاوزًا بذلك ما يراه أو يشاهده من بطولات مزيفة تُقدم له عبر شاشات التلفاز أو اليوتيوب أو غيرها من برامج الأطفال.

والكاتب حينما يقدم الشخصية، فإنه يقدمها في قالب قصصي يقوم على الأحداث التي تشوبها الصراعات، وتستند إلى الأفكار والمشاعر، وبالتالي تظهر في سلوكيات الشخصيات الواردة في القصص، ومعالجة هذه الأحداث تتطلب إظهار ما تفكر فيه الشخصية، وما تشعر به، وبالتالي بيان ردّة الفعل مع إظهار المبررات والأسباب وربطها بالنتائج، وهذه العملية برمتها تضع الطفل القارئ أمام نماذج قيمية تسهم في تعزيز منظومته الأخلاقية والفكرية والمعرفية.

****************************************************************************************************************

كيف يمكن للمرأة العُمانية أن تكون حارسة للتراث الثقافي من خلال الكتابة؟

جميل هذا المصطلح، «حارسة للتراث الثقافي»، وهذا يجعلني أستحضر ما قام به الكتّاب والأدباء والفنانون على مرّ التاريخ، فلولاهم لضاعت حكايات وقصص وتاريخ ممتد في القدم، ومن وجهة نظري الشخصية، أعتقد أن المرأة عندما تمارس الكتابة، فهي تؤدي طقسًا من التفرّد الذي يستكتب روحها الحاضرة في تلك اللحظة، ملتقطة بذلك مشهدًا مليئًا بالحركة والمشاعر والأفكار، لتجعله شاهدًا في زمن قادمٍ على أنها كانت هناك.

هذا الدور الذي نمارسه بحُبٍّ ما هو إلا تدوينٌ لحاضرٍ سيكون ملكًا للأجيال القادمة، وكما يُشار دائمًا بأن الكلمة إذا خرجت من الكاتب للجمهور أصبحت ملكهم، فإنّ الكاتبة العُمانية تعي جيدًا هذا الأمر، لذلك أصبحت لا تكتب لمجرد ترف الكتابة، وإنما تكتب لترصد هذا التراث المادي بكل تداعياته الاجتماعية والنفسية والأدبية، إنها قلم قوي حاضر بكل تجلياته في مختلف الميادين، وقد تجاوزت دائرة الذاتية لتؤكد تعاطيها العميق مع جميع القضايا والأفكار من حولها.

****************************************************************************************************************

برأيك، ما التحديات التي تواجه المرأة العُمانية في كتابة التراث وحفظ الهوية الثقافية؟

لم تعد هناك تحديات حقيقية تواجه المرأة بعدما كفلت لها سلطنة عُمان حقوقًا لا حصر لها، وجعلتها النهضة الحديثة جنبًا إلى جنب مع شقيقها الرجل، كما أن تخصيص الـ17 من أكتوبر هو شاهد على تميزها وتفوقها واستحقاقها للتكريم.

لكن يمكنني القول إن المرأة قد تفرض على نفسها قيودًا اجتماعية أو فكرية تمنعها من إبداء رأيها، خصوصًا مع محدودية الموارد والدعم المؤسسي، بالإضافة إلى القيود التي تُفرض على توجهات النشر، كما أن التغيرات الثقافية السريعة في المجتمع تؤدي بدورها إلى فقدان بعض جوانب الهوية الثقافية نتيجة هذا التسارع والتواتر الذي نحاول أن نلحق بركابه.

****************************************************************************************************************

هل تؤمنين بوجود فجوة بين الجيل الجديد والقديم فيما يتعلق بالتراث والتاريخ؟ وكيف نجعل الكتابة سدًا للفجوة؟

الفجوات موجودة حتى بين أبناء الجيل الواحد، فنحن نتعامل مع بشر، ولكل إنسان خصائصه وطبائعه التي قد تتفق أو تختلف مع الآخر، وبما أن النفس البشرية لا يمكن تأطيرها بإطار معين أو تسييرها وفق منهج علمي مقنن؛ فإن الاختلافات تحدث، والفجوات تتسرّب بين الأجيال.

نحن نقف ناظرين إلى الماضي، بينما يقف الجيل الحالي متطلعًا إلى المستقبل، وما بين الماضي والمستقبل هناك حاضر لا بد أن نصنعه معًا، وهذا الأمر يحتّم علينا استنزاف كل ما لدينا من طاقات، ومن بينها طاقة الكتابة، كي يتحقق التمازج وتتقارب وجهات النظر، والإنسان بطبعه يميل إلى الحجة والبرهان والدليل، وكذلك يميل إلى القصص والحكايات المليئة بالمشاعر والأحاسيس، لذلك أصبحت الكتابة جسرًا يستلُّ من الماضي ليؤثر في الحاضر، ويسمح باتخاذ قرارات تسهم في بناء المستقبل. وفي ظل التسارع التكنولوجي الذي نعيشه، أصبح لزامًا على الكتّاب شحذ أقلامهم لإعادة كتابة التاريخ بطريقة تسهل على الأجيال فهمه، والإعادة هنا لا تعني التزوير بطبيعة الحال، بل التفسير والتحليل والمعالجة باللغة التي تضمن سدّ الفجوات الناتجة عن عدم الفهم أو القدرة على التخيل واستيعاب الدروس والعبر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشخصیات التاریخیة الهویة الثقافیة الع مانیة من خلال

إقرأ أيضاً:

التقاعد المبكر.. والحماية الاجتماعية للمرأة العُمانية

 

 

فايزة سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

 

 

يعكس مطلب المرأة العُمانية بمُراجعة قضية التقاعد المُبكر، قلقًا مشروعًا لدى مختلف فئات النساء في هذا الوطن العزيز، وذلك على خلفية بنود قانون الحماية الاجتماعية المُتعلقة بتقاعد المرأة، خاصة في ظل وضع اشتراطات جديدة للتقاعد المُبكر والتي قد تحد من المرونة التي كانت متاحة سابقًا.

النساء في عُمان يُعبِّرن عن الحاجة إلى مراعاة الخصوصية الاجتماعية التي تتحملها المرأة العُمانية، بما في ذلك مسؤوليات الأسرة والأمومة، والتي قد تجعل التقاعد المبكر خيارًا ضروريًا وليس رفاهية، حيث إن التعديلات الجديدة التي تتطلب سنوات خدمة مُعينة قبل الحصول على التقاعد المبكر قد لا تأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة التي تواجهها المرأة، خاصة في ظل موازنتها بين العمل والمسؤوليات الأسرية، وبالتالي، هناك دعوات مُلحة لتقديم حلول مرنة من خلال قانون الحماية الاجتماعية؛ بما في ذلك تقليل سنوات الخدمة المطلوبة أو تخفيف القيود العمرية، مع الأخذ في الاعتبار دور المرأة في المجتمع العُماني التقليدي، ومن المناسب أن تمنح المرأة التقاعد المبكر بعد 15 سنة خدمة بنسبة 50% من الراتب الشامل، بدلًا عن تمديد شروط الخدمة إلى 30 سنة عمل وفي حينها تكون المرأة وصلت إلى سن الـ60 عامًا وهذا غير مجدٍ لطبيعة المرأة ومتطلبات الأسرة، كما إنه ومن خلال التقاعد المبكر سيتيح خلق المزيد من فرص العمل للنساء من الجيل الجديد بدلًا من تكدس الباحثات عن عمل في ظل إنهاك الموظفات القديمات وعدم مقدرتهن على مواكبة متغيرات السوق ولا سيما في ظل التحول الرقمي في الأعمال ومتطلبات المرحلة الحالية.

وفي المقابل البعض يرى أن التغييرات المقترحة، تتطلب مدة خدمة وسناً معينة للتقاعد المبكر، قد تؤدي إلى تقليص خيارات النساء مقارنة بالقوانين السابقة التي كانت توفر مرونة أكبر للمرأة للتقاعد بعد عدد مُعين من سنوات الخدمة، وهذا الجدل نابع من رؤية أن النساء وفي ظل أدوارهن المتعددة في المجتمع كأمهات وربات أسر، قد يحتجن إلى خيارات أكثر مرونة للتقاعد المبكر. بينما ترى الفئات التي تدافع عن القانون الجديد أنَّ التعديلات تهدف إلى تحقيق عدالة بين الجنسين وتعزيز الاستدامة المالية للنظام التقاعدي، مع توفير حماية اجتماعية شاملة، بحيث تشمل هذه الحماية تأمينات الأمومة ومنحها هذا القانون 98 يومًا إجازة أمومة يجوز أن يكون منها (14) يومًا قبل تاريخ الوضوع، ويستحق المؤمن عليه بدل إجازة أبوة لمدة (7) أيام، بشرط أن يولد الطفل حيًا، وألا تتجاوز الإجازة اليوم 98 من عُمر الطفل، وتدخل هذه المدد ضمن مدة الخدمة الفعلية، ولا يجوز لجهة العمل إلزام المؤمن عليها بمباشرة العمل خلال فترة الإجازة، وفي حال انتقال المؤمن عليها إلى جهة عمل أخرى يستمر صرف بدل إجازة الأمومة، وفقًا للأجر الأخير قبل الانتقال، والإجازات المرضية وغيرها من الضمانات التي تساهم في دعم المرأة العاملة.

وبعض الأصوات تُطالب بمراجعة إضافية للنظام لضمان توافقه مع احتياجات النساء العاملات في مجالات مختلفة، مع التأكيد على أهمية الأخذ بعين الاعتبار الفروق في الأدوار الاجتماعية بين الرجال والنساء في سن التقاعد .

وأخيرًا.. إنَّ الحوار حول هذه القضية مُستمر، والنساء العُمانيات يأملن أن تستجيب الجهات المختصة لهذه المطالب عبر إعادة النظر في التشريعات لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، والحقيقة أننا- نساء عُمان- نأمل نحظى بإعلان هذه التعديلات في مثل هذه المُناسبات الوطنية كتكريم لجميع نساء هذا الوطن الغالي بمختلف قطاعاته.

كل عام والمرأة العُمانية في خير وسعادة وتقدم وازدهار.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • المرأة العُمانية .. وطنٌ بأكمله
  • المرأة العُمانية.. تمكين وعطاء وريادة
  • يوم المرأة العُمانية.. إشراقة في سماء الإنسانية
  • المرأة العُمانية.. رمز القوة والعطاء
  • العُمانية تفوح ألقًا
  • التقاعد المبكر.. والحماية الاجتماعية للمرأة العُمانية
  • «100 شخصية قبطية على أرض مصر».. كتاب يعرض الشخصيات المؤثرة في التاريخ المصري.. ماجد كامل: راعينا ضرورة تواجد بعض العناصر النسائية
  • تحقيق مكسب للمرأة العُمانية في كل عام
  • المرأة كساردة للقصص الشعبية والتاريخية