لجريدة عمان:
2025-04-26@08:14:09 GMT

المرأة بصفتها ساردة للقصص الشعبية والتاريخية

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

المرأة بصفتها ساردة للقصص الشعبية والتاريخية

كانت المرأة ولا تزال حارسة للتراث والثقافة، سواء من خلال تعليم أطفالها اللغة الأم أو من خلال الحفاظ على العادات والتقاليد داخل المنزل والمجتمع، وفي عالم متعدد الثقافات وقفت المرأة رابطًا بين الماضي والحاضر من خلال أدوارها المتعددة كأم ومعلمة، وأسهمت بذلك في نقل التراث الثقافي والتاريخ للأجيال الجديدة، وعند الحديث عن المرأة بصفتها كاتبة وساردة وحاملة للكثير من القصص الشعبية والتاريخية لترويها وتكتبها، بقيت الهوية الثقافية حيّة في أذهان الأطفال والشباب؛ فكتابة القصص ليست مجرد نقل للمعلومات، بل هي نقل للهوية بكامل تفاصيلها، والكاتبة وحدها هي التي تعرف كيف تفعل ذلك.

أكملت الكاتبة الدكتورة وفاء الشامسية الجزء الثاني من كتاب «شخصيات تاريخية» -الذي أعدته دائرة المواطنة- بعد أن أنهت الكاتبة أزهار أحمد الجزء الأول منه، في صفحات حكت عن النوخذة ماجد المشهور وثريا البوسعيدية، وقصص تناولت سيرة طبيب وحنان ومارد المصباح، والبيت الأثري، وعامر في مرباط.

وفي حوار مع الشامسية بمناسبة يوم المرأة العُمانية، سألناها عن كيفية تمكّن المرأة العُمانية من حراسة التراث الثقافي من خلال الكتابة، وعن التحديات التي تواجهها في كتابة التراث وحفظ الهوية الثقافية.

ما التحدي الأكبر الذي واجهك خلال البحث والكتابة عن هذه الشخصيات؟

دائمًا ما تكون الكتابة عن الشخصيات التاريخية، وعن التاريخ بشكل عام، عملًا شاقًا ومجهدًا؛ فالكاتب لا يكتفي بالبحث عن المعلومات الصحيحة والدقيقة، بل يولي عناية خاصة بالمعالجة الدرامية التي من خلالها يصنع الأحداث ليعيد إحياء ذلك التاريخ، ويستحضر الشخصية التاريخية في قالب أدبي مقبول، بعيدًا عن المبالغة أو التزييف.

وعندما يتعلق الأمر بتقديم القصة أو الشخصية التاريخية للطفل، يصبح الجهد مضاعفًا؛ إذ يتطلب إصدار العمل الأدبي عناية خاصة وقدرًا كبيرًا من التبسيط والتسهيل دون الإخلال بالمحتوى، مع مراعاة توافقه مع معطيات الطفل المخاطَب وقدراته، كما يجب أن تُقدّم المعلومات في قالب جميل وطريف بعيدًا عن المباشرة والأساليب التقليدية.

وإضافة إلى ما أشرتُ إليه، هناك صعوبة أخرى تمثلت في قلة المعلومات الواردة عن الشخصيات النسائية في التاريخ العُماني، إذ لا يمكننا تجاهل أن المرأة في التاريخ كان يُشار إليها باعتبارها ابنة أو زوجة أو أمًا لإحدى الشخصيات التاريخية العُمانية، وبالتالي لا نجد معلومات خاصة عنها، ويبقى ما يرد من قصص على لسان المؤرخين والمدونين لتلك الحقبة قليلًا جدًا، بالكاد يكفي للاشتغال عليه في كتابة قصة ذات عمق وبُعد تربوي ومعرفي يُشبع فضول الطفل القارئ.

****************************************************************************************************************

كيف يمكن أن تسهم هذه الشخصيات في ترسيخ الهوية العُمانية وأن تكون هذه القصص أداة قوية لنقل القيم والتقاليد اليوم؟

إن تعريف الطفل بتاريخه جزء من تأصيل هويته العُمانية، وحمايته من أية أفكار هدّامة أو هشّة مستقبلًا، وتقدم الشخصيات التاريخية نماذج يُحتذى بها، كونها تعكس الكثير من القيم التي قامت عليها الحضارة العُمانية، مثل الشجاعة، والعدالة، والتضحية، والفكر السليم، والحكمة، وهذه القيم تساعد الطفل القارئ على فهم ما يعنيه أن يكون جزءًا من هذا المجتمع، كما أن تعريف الطفل بالشخصيات التاريخية العُمانية يساعده على معرفة الأحداث المهمة، وبالتالي يُطوّر لديه مفهوم البطولة، متجاوزًا بذلك ما يراه أو يشاهده من بطولات مزيفة تُقدم له عبر شاشات التلفاز أو اليوتيوب أو غيرها من برامج الأطفال.

والكاتب حينما يقدم الشخصية، فإنه يقدمها في قالب قصصي يقوم على الأحداث التي تشوبها الصراعات، وتستند إلى الأفكار والمشاعر، وبالتالي تظهر في سلوكيات الشخصيات الواردة في القصص، ومعالجة هذه الأحداث تتطلب إظهار ما تفكر فيه الشخصية، وما تشعر به، وبالتالي بيان ردّة الفعل مع إظهار المبررات والأسباب وربطها بالنتائج، وهذه العملية برمتها تضع الطفل القارئ أمام نماذج قيمية تسهم في تعزيز منظومته الأخلاقية والفكرية والمعرفية.

****************************************************************************************************************

كيف يمكن للمرأة العُمانية أن تكون حارسة للتراث الثقافي من خلال الكتابة؟

جميل هذا المصطلح، «حارسة للتراث الثقافي»، وهذا يجعلني أستحضر ما قام به الكتّاب والأدباء والفنانون على مرّ التاريخ، فلولاهم لضاعت حكايات وقصص وتاريخ ممتد في القدم، ومن وجهة نظري الشخصية، أعتقد أن المرأة عندما تمارس الكتابة، فهي تؤدي طقسًا من التفرّد الذي يستكتب روحها الحاضرة في تلك اللحظة، ملتقطة بذلك مشهدًا مليئًا بالحركة والمشاعر والأفكار، لتجعله شاهدًا في زمن قادمٍ على أنها كانت هناك.

هذا الدور الذي نمارسه بحُبٍّ ما هو إلا تدوينٌ لحاضرٍ سيكون ملكًا للأجيال القادمة، وكما يُشار دائمًا بأن الكلمة إذا خرجت من الكاتب للجمهور أصبحت ملكهم، فإنّ الكاتبة العُمانية تعي جيدًا هذا الأمر، لذلك أصبحت لا تكتب لمجرد ترف الكتابة، وإنما تكتب لترصد هذا التراث المادي بكل تداعياته الاجتماعية والنفسية والأدبية، إنها قلم قوي حاضر بكل تجلياته في مختلف الميادين، وقد تجاوزت دائرة الذاتية لتؤكد تعاطيها العميق مع جميع القضايا والأفكار من حولها.

****************************************************************************************************************

برأيك، ما التحديات التي تواجه المرأة العُمانية في كتابة التراث وحفظ الهوية الثقافية؟

لم تعد هناك تحديات حقيقية تواجه المرأة بعدما كفلت لها سلطنة عُمان حقوقًا لا حصر لها، وجعلتها النهضة الحديثة جنبًا إلى جنب مع شقيقها الرجل، كما أن تخصيص الـ17 من أكتوبر هو شاهد على تميزها وتفوقها واستحقاقها للتكريم.

لكن يمكنني القول إن المرأة قد تفرض على نفسها قيودًا اجتماعية أو فكرية تمنعها من إبداء رأيها، خصوصًا مع محدودية الموارد والدعم المؤسسي، بالإضافة إلى القيود التي تُفرض على توجهات النشر، كما أن التغيرات الثقافية السريعة في المجتمع تؤدي بدورها إلى فقدان بعض جوانب الهوية الثقافية نتيجة هذا التسارع والتواتر الذي نحاول أن نلحق بركابه.

****************************************************************************************************************

هل تؤمنين بوجود فجوة بين الجيل الجديد والقديم فيما يتعلق بالتراث والتاريخ؟ وكيف نجعل الكتابة سدًا للفجوة؟

الفجوات موجودة حتى بين أبناء الجيل الواحد، فنحن نتعامل مع بشر، ولكل إنسان خصائصه وطبائعه التي قد تتفق أو تختلف مع الآخر، وبما أن النفس البشرية لا يمكن تأطيرها بإطار معين أو تسييرها وفق منهج علمي مقنن؛ فإن الاختلافات تحدث، والفجوات تتسرّب بين الأجيال.

نحن نقف ناظرين إلى الماضي، بينما يقف الجيل الحالي متطلعًا إلى المستقبل، وما بين الماضي والمستقبل هناك حاضر لا بد أن نصنعه معًا، وهذا الأمر يحتّم علينا استنزاف كل ما لدينا من طاقات، ومن بينها طاقة الكتابة، كي يتحقق التمازج وتتقارب وجهات النظر، والإنسان بطبعه يميل إلى الحجة والبرهان والدليل، وكذلك يميل إلى القصص والحكايات المليئة بالمشاعر والأحاسيس، لذلك أصبحت الكتابة جسرًا يستلُّ من الماضي ليؤثر في الحاضر، ويسمح باتخاذ قرارات تسهم في بناء المستقبل. وفي ظل التسارع التكنولوجي الذي نعيشه، أصبح لزامًا على الكتّاب شحذ أقلامهم لإعادة كتابة التاريخ بطريقة تسهل على الأجيال فهمه، والإعادة هنا لا تعني التزوير بطبيعة الحال، بل التفسير والتحليل والمعالجة باللغة التي تضمن سدّ الفجوات الناتجة عن عدم الفهم أو القدرة على التخيل واستيعاب الدروس والعبر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشخصیات التاریخیة الهویة الثقافیة الع مانیة من خلال

إقرأ أيضاً:

الهوية العُمانية في الميادين الدبلوماسية

 

 

د. إسماعيل بن صالح الأغبري

لكل دولة من الدول هويتها الدبلوماسية التي تميزها عن غيرها، تحدد آليات علاقاتها مع دول العالم وترسم خطواتها الدبلوماسية في كيفية معالجة الحوادث المستجدة، ولسلطنة عُمان هويتها في ميادين مختلفة ومنها الميدان الدبلوماسي، فالتخفيف من الاحتقانات التي قد تقع بين الدول أو بين أطراف الدولة الواحدة معلم من معالم الهوية العُمانية، ولذا فإنَّ دبلوماسيتها ذات بصمات إيجابية في حلحلة بؤر النزاع بين هذه الأطراف كما وإن هذه الهوية تتجلى في عدم تأجيج الفتن والنزاعات وذلك عن طريق إقامة علاقات طبيعية مع الدول خالية من المناكفات، بعيدة عن المزايدات، ثم  استثمار علاقاتها الإيجابية للقيام بدور تصالحي بين الدول المتباينة في الرؤى ووجهات النظر متى ما تراضت الأطراف التحاكم إليها أو الاحتكام إلى دبلوماسيتها المشهود لها بالحكمة والحنكة.

دبلوماسية سلطنة عُمان لا تفرض نفسها على بقية الدول المتباينة ولكن إن طلب منها الفرقاء تسهيلا أو تذليلا لعقبات أو تصفية لأجواء أو استضافة لحوارات داخل الأرض العُمانية أو خارجها في حرمها الدبلوماسي فإنها تقوم بذلك خدمة للسلم الإقليمي والدولي معًا.

إيمان الدبلوماسية العُمانية بأنَّ أي اضطراب في علاقات الدول الإقليمية والعالمية سيؤثر سلباً على الاستقرار السياسي العالمي تماماً كاهتزاز طرف الحبل فإنَّ ذلك ينذر باهتزاز أول الحبل ووسطه وآخره.

الدبلوماسية العُمانية تنحاز لرجل إطفاء الحرائق المشتعلة أو الموشكة على الاشتعال، وتتجنب الاصطفاف مع أي فريق يصعد من خطاباته أو يعكر صفو الاستقرار السياسي والدبلوماسي بين الدول.

ولهذه الهوية العُمانية في الميدان الدبلوماسي نماذج كثيرة، ولا أدل على ذلك من المفاوضات الجارية حاليا بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية، فالبلدان ارتضيا مسقط عاصمة سلطنة عُمان موئلا ومكانا جامعاً لهما للقاء غير مباشر حسب المعلن عنه، ثم إن الطرفين يثقان بالدبلوماسية العُمانية لخبرتهما بها خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي الموقع بين الطرفين عام 2015م.

مكان التفاوض بين البلدين مسقط، وهي تؤمن بضرورة تذليل العقبات وبذل ما أمكن من تسهيلات لأن المنطقة منطقة الخليج، شريان الذهب الأسود إلى قارات العالم، وشرارة واحدة ولو بالخطأ تعني تطاير ألسنة اللهب إلى كافة الدول، وتأخر تصدير قطرة منه يعني مساسا بالاقتصاد العالمي، وتعطل كثير من المصانع الإقليمية والدولية.

 مسقط تدرك أن الطرفين ليسا نكرة بين دول العالم، فأمريكا تمثل القطب العالمي الأوحد حتى الساعة، ولديها من المقدرات والقدرات في مختلف المجالات ما يجعلها قادرة على إحداث ألم شديد سياسي وعسكري واقتصادي وسط هذا العالم المترامي الأطراف.

وبالنسبة لإيران فهي أيضاً قوة لا يستهان بها عسكريا على أقل تقدير، قادرة على وضع بصماتها المؤثرة على الدول القريبة والبعيدة معاً لامتدادها الجغرافي ولها تأثيرها الثقافي على عدد من دول العالم الإسلامي أما عن قدراتها العسكرية خاصة الصاروخية فهي في تنامٍ مستمر.

أما بالنسبة للدولتين المتفاوضتين فإنَّ الولايات المتحدة الأمريكية وفي عهد الجمهوريين تحديداً لا ترغب في ميلاد قوة خارجة عن ضبط إيقاعهم، ويتصورون إمكانية وقوع ذلك من إيران إن لم يصلوا معها إلى اتفاق خاصة وأنهم يعتقدون أن إيران ذات أيدولوجية ككوريا الشمالية مع اختلاف مرجعية الأيدولوجيتين، فالمجاهرة بعداء إسرائيل وعدم الاعتراف بها دولة قائمة بناء على منطلقات شرعية مع بقاء إيران الدولة الوحيدة المتمكنة حالياً من تهديد إسرائيل عسكرياً يعزز إصرار الأمريكيين على الضغط على إيران.

الطرفان: إيران وأمريكا لا يريد أي منهما أن يظهر وكأنَّ خصمه كسر إرادته مراعاة لمنطلقات كل منهما، فالجمهوريون حصدوا الأصوات بناءً على ما رفعوه من شعارات منها: أمريكا أولا، وكذلك إعادة الهيبة لأمريكا أو لنقل ترسيخ الهيمنة الأمريكية كقوة عظمى في هذا العالم.

والإيرانيون لهم نظام حكم ذو نزعة استقلالية، يتكئون في ذلك على مواريثهم الحضارية وعلى الأيدلوجية الإسلامية الحاكمة، ومن الصعب عليهم الظهور بمظهر المغلوب على أمره أو التنازل عن مبادئ قامت عليها الجمهورية الإسلامية في إيران، وعلى ذلك فإنَّ الطرفين لا بد لكل منهما التزحزح عن بعض ما يرفعه لتحقيق اختراق لازم، يسفر عن نتائج إيجابية مرتقبة من العالم.

وختاماً فإنَّ الدبلوماسية العُمانية بساط أخضر واسع، يمكنها احتواء الأطراف المختلفة، وكذلك فإن الإرادة العُمانية الجادة في سبيل إطفاء فتيل الأزمات تعين على التقريب بين وجهات النظر.

قلما دخلت الدبلوماسية العُمانية في معترك الوساطات إلا وأسفر ذلك عن توصل الأطراف إلى حل جامع لهذه الأطراف، وإن لم تصل الأطراف إلى المرجو من التفاوض فلا أقل من تهدئة بينهما.

إذا تنفس الصبح في مسقط، وانبلج فجر المفاوضات، وأشرقت شمس التقاء الأطراف، وبزغ النجم المرتقب فإنَّ ذلك حصاد الدبلوماسية العُمانية المشهود لها، وبذلك تكون سلطنة عُمان قد أسدت خدمة جليلة للخليج من حيث استقراره وإمكانية تصدير نفطه، وتكون كذلك أسدت للعالم خدمة جليلة من حيث تجنيب العالم ويلات الصدام المسلح أو الحروب الاقتصادية. الدول تنتظر بفارغ الصبر صبح مسقط بشرط أن يتخلى كل طرف من المتفاوضين عن بعض ما يُؤمن به ليلتقيا في نقاط مشتركة، ليس أحد منهما أُريق ماء وجهه.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • المدير العام لقوى الأمن الداخلي استقبل عددًا من الشخصيات في مكتبه
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء
  • هاني رمزي: «لام شمسية» من أعظم الأعمال الدرامية التي قدمت على مدار التاريخ
  • مفوضية الانتخابات تناقش التحديات التي واجهت ترشح المرأة بانتخابات البلديات
  • وزير الخارجية يشيد بالعلاقات الوثيقة والتاريخية بين مصر وإيطاليا
  • جلالة السلطان يستعرض العلاقات الثقافية والتاريخية مع الإمارات
  • نسيمة سهيم… نموذج المرأة المناضلة التي وضعت الإنسانية فوق كل اعتبار
  • الهوية العُمانية في الميادين الدبلوماسية
  • هذه الشخصيات مرشحة لمنصب نائب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية (صور)
  • إسطنبول: المدينة التي حملت أكثر من 135 اسمًا عبر التاريخ