ما مستقبل صناعة زيت الزيتون في معاقلها التقليدية؟
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
في أعماق تلال جنوب إسبانيا، التي تُعد المهد التاريخي لإنتاج زيت الزيتون عالميا، تتصاعد معركة تجارية حول مستقبل هذه الصناعة التي تُقدر قيمتها بنحو 14 مليار يورو (15.2 مليار دولار). هنا، في منطقة أندلسيا، تُغطي أشجار الزيتون السهول والتلال، لتشكل رمزا للزراعة التقليدية التي عرفت بها هذه المنطقة منذ قرون.
لكن في ظل التغيرات المناخية، والتحديات الاقتصادية المتزايدة، تقول صحيفة فايننشال تايمز إن المزارعين التقليديين يواجهون منافسة شديدة من موجة جديدة من المزارع الضخمة المكثفة، التي تعتمد على التكنولوجيا الزراعية والري المكثف لزيادة الإنتاج وخفض التكاليف.
تحديات مناخيةوتذكر الصحيفة أنه في قرية مونتيفريو الصغيرة، يسير المزارع مانويل أداموز كامينو على أرضه القاحلة، متفقدا أشجار الزيتون التي تكتسي ثمارها بالتجاعيد، وهو يشير إلى إحدى الثمار التي تبلغ نحو 15 ملم فقط في الطول.
يقول أداموز لفايننشال تايمز: "إذا لم تمطر قريبا، فلن نحصل على محصول جيد. أشجار الزيتون تعاني من الجفاف وتعيد توزيع المياه بين جذورها للحفاظ على بقائها، ولكنها بذلك تُضحي بثمارها".
هذا الوضع يعكس تحديا كبيرا -وفق الصحيفة- يواجهه المزارعون في جنوب أوروبا، حيث أصبحت موجات الجفاف المتكررة بفعل التغير المناخي تُهدد هذه الصناعة التي تعتمد على توافر المياه بشكل كبير.
والعام الماضي، ضربت موجة جفاف قاسية المنطقة، مما أدى إلى تلف المحاصيل وانخفاض كبير في إنتاج زيت الزيتون. ويعترف أداموز بأن الجفاف المتكرر أصبح التحدي الأكبر أمام مزارعي الزيتون التقليديين، حيث يواجهون نقصا حادا في المياه وموارد الري، مما يجعل من الصعب عليهم التنافس مع المزارع الضخمة التي تستفيد من مصادر المياه القريبة، مثل الأنهار والسدود، وفق قول الصحيفة.
مزارع "السوبر"وعلى الجانب الآخر من هذه المعادلة، تشهد إسبانيا ازدهارا كبيرا في إنشاء مزارع الزيتون المكثفة أو ما تُعرف بمزارع "السوبر".
وتعتمد هذه المزارع -وفق فايننشال تايمز- على زراعة صفوف من أشجار الزيتون في خطوط منتظمة على أراض مسطحة بالقرب من مصادر المياه، مما يمكّنها من الري المنتظم واستخدام آلات حديثة للحصاد. وبفضل هذه الأساليب المكثفة، تتمكن هذه المزارع من زيادة إنتاجها بتكلفة أقل مقارنة بالمزارع التقليدية.
وتُظهر الأرقام أن مزارع "السوبر" الضخمة نمت بشكل هائل خلال العقدين الماضيين، إذ انتقلت من العدم لتحتل الآن نحو 7% من إجمالي الأراضي المزروعة بالزيتون في إسبانيا، وتساهم بنحو 11% من إجمالي الإنتاج.
وأصبح لهذه المزارع ميزة تنافسية خلال فترات الجفاف، حيث تتمكن من الحفاظ على إنتاجها بفضل نظم الري الحديثة، بينما يعاني المزارعون التقليديون من انخفاض حاد في الإنتاج.
وفقا لتصريحات إغناسيو سيلفا، رئيس شركة "ديوليو"، أكبر شركة لتجارة زيت الزيتون في العالم، فإن "المنطق الاقتصادي وراء زراعة الزيتون في المناطق الجبلية التقليدية يتراجع، خاصة بسبب مشكلة نقص المياه".
ويرى سيلفا أن المستقبل يكمن في هذه المزارع الضخمة، التي تحقق أرباحا أكبر بفضل تقنياتها المتقدمة وإمكانياتها على التكيف مع التغيرات المناخية.
الجودة مقابل الكميةورغم التفوق الإنتاجي لمزارع "السوبر" الضخمة، فإن المزارعين التقليديين، مثل مانويل أداموز، يصرون على أن جودة الزيت الذي ينتجونه أفضل بكثير.
ويقول أداموز للصحيفة: "لقد أصبحنا مهووسين بالكمية على حساب الجودة. نعم، المزارع الضخمة تنتج الكثير، ولكن زيت الزيتون الذي نحصل عليه من تلك المزارع ليس بجودة الزيت التقليدي".
ويرى أن الزيتون المزروع في الجبال، الذي يعاني من نقص المياه، يُنتج زيتا أغنى بمضادات الأكسدة والمركبات الصحية مثل البوليفينولات، التي تمنح زيت الزيتون طعمه المميز وفوائده الصحية الكبيرة.
وتشير دراسات -اطلعت عليها الصحيفة- إلى أن الزيتون الذي ينمو في ظروف قاسية، حيث يعاني من نقص المياه، يحتوي على تركيزات أعلى من البوليفينولات، التي تعمل كمضادات أكسدة قوية وتوفر العديد من الفوائد الصحية، مثل تقليل الالتهابات وتحسين صحة القلب، بينما تفقد المزارع الضخمة التي تعتمد على الري المنتظم كثيرا من هذه الخصائص الغذائية.
مستقبل صناعة زيت الزيتونوفي مواجهة هذه التحديات، بدأ المزارعون التقليديون في إسبانيا بتنظيم أنفسهم من خلال التعاونيات والمجالس الزراعية التي تدافع عن جودة منتجاتهم.
ويُركز هؤلاء المزارعون على التسويق لزيت الزيتون التقليدي بوصفه منتجا عالي الجودة، مُعززا بفوائده الصحية ومراعاته للبيئة.
وفقا لخوسيه خوان خيمينيز لوبيز، الذي يعمل في المجلس الزراعي لمنطقة بونينتي دي غرناطة، فإن "الطريق الوحيد نحو المستقبل هو التركيز على الجودة والتميز".
ويضيف أن زيت الزيتون التقليدي يمكنه أن يُسوَّق في الأسواق الجديدة على أساس أنه منتج لا يستهلك كميات كبيرة من المياه، ويُساهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي واستمرار الحياة في المناطق الريفية المتراجعة سكانيا.
على الرغم من كل هذه الجهود، فإن مستقبل مزارعي الزيتون التقليديين يظل مرهونا بالتغيرات المناخية المستمرة.
ويقول أداموز: "أرضي تحقق لي دخلا يكفي للعيش، ولكنني لا أستطيع تحقيق ثروة. كل شيء يعتمد على الطقس. إذا حصلنا على 18 شهرا من الطقس الجيد، يمكنني أن أضمن موسما جيدا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أشجار الزیتون زیت الزیتون هذه المزارع الزیتون فی نقص المیاه التی ت
إقرأ أيضاً:
العسل والزبدة وزيت الزيتون.. خطوات منزلية لكشف غش المنتجات الغذائية
مع تزايد الاهتمام بسلامة الغذاء وجودته، أصبحت مكافحة الغش التجاري وضمان جودة المنتجات الغذائية مسألة ضرورية، خاصة للنساء اللواتي يتحملن مسؤولية اختيار المنتجات الغذائية لعائلاتهن. في ظل انتشار المنتجات المغشوشة أو منخفضة الجودة في الأسواق، يصبح امتلاك طرق بسيطة وعملية للتحقق من سلامة الأغذية أمرًا بالغ الأهمية.
طرق منزلية لاختبار جودة الغذاءيستعرض هذا التقرير أساليب سهلة وفعالة يمكن للنساء تطبيقها في المنزل للكشف عن جودة المواد الغذائية، مثل زيت الزيتون، والحليب، والزبدة، واللحوم، والدواجن، والعسل، إلى جانب نصائح عملية للتسوق الآمن خارج المنزل. يعتمد التقرير على اختبارات موثوقة مقدمة من هيئات عالمية معنية بسلامة الغذاء، مثل هيئة سلامة الغذاء والمعايير الهندية، ويوفر إرشادات تفصيلية حول الاختبارات المنزلية التي يمكن أن تكون خط الدفاع الأول ضد الغش التجاري، مما يمنح المستهلكين قدرة أكبر على اتخاذ قرارات شرائية سليمة.
اختبار جودة زيت الزيتونيعد زيت الزيتون من أكثر المنتجات تعرضا للغش عالميا، نظرا لقيمته التجارية المرتفعة وتعدد أنواعه، مما يجعله عرضة للتلاعب. لذا، من الضروري أن يمتلك المستهلكون طرقًا بسيطة للتحقق من نقائه قبل استخدامه. وفي ما يلي اختباران سهلان يمكن تطبيقهما في المنزل لضمان جودة زيت الزيتون:
اختبار التبريد
إعلانضع كمية صغيرة من زيت الزيتون في الثلاجة لمدة 24 ساعة، إذا تجمد الزيت أو أصبح كثيف القوام، فهذا يشير إلى نقائه، إذ يحتوي زيت الزيتون الأصلي على دهون أحادية غير مشبعة تجعله يتجمد عند درجات الحرارة المنخفضة. أما إذا بقي سائلاً تمامًا، فقد يكون مغشوشًا بزيوت أخرى ذات تركيبة مختلفة.
اختبار اللهب
ضع قطرة من الزيت على يدك ثم حاول إشعالها. الزيت النقي يشتعل بسهولة نظرًا لنقائه، بينما الزيت المغشوش قد لا يشتعل بالسهولة نفسها بسبب وجود إضافات أخرى تقلل من قابليته للاشتعال.
يمكن لهذه الاختبارات البسيطة أن تساعد المستهلكين على اتخاذ قرارات شرائية أكثر وعيًا والتأكد من جودة زيت الزيتون المستخدم في الطهي أو الاستهلاك اليومي.
اختبار الحليب المغشوشيُعد الحليب غذاء أساسيا لدى معظم الأسر، إذ يوفر تغذية ضرورية للأطفال والبالغين، كما يستخدم في تحضير عديد من الأطعمة. ومع ذلك، فهو من أكثر المنتجات عرضة للغش، مثل إضافة الماء أو النشا، مما يؤثر على جودته. لذا، يُنصح بالتحقق من مصدره لضمان سلامته.
اختبار النشا: أضف بضع قطرات من اليود إلى عينة من الحليب. إذا تحول لون الحليب إلى الأزرق، فهذا يدل على وجود النشا. اختبار الطفو: ضع قطرة من الحليب على سطح مائل. الحليب النقي يتحرك ببطء، بينما الحليب المغشوش بالماء يتحرك بسرعة أكبر. الزبدةيفضل كثيرون استخدام الزبدة الطبيعية بدلا من الدهون النباتية المهدرجة، نظرًا لطعمها الغني وفوائدها الصحية. ومع ذلك، قد تحتوي بعض أنواع الزبدة المغشوشة على دهون نباتية رخيصة بدلًا من الدهون الحيوانية الطبيعية، مما يقلل من قيمتها الغذائية، بل قد يجعلها ضارة بالصحة بسبب الإضافات الكيميائية التي تُستخدم لمحاكاة قوام ورائحة الزبدة الطبيعية. لذا، من الضروري التأكد من جودتها قبل استخدامها لضمان الحصول على فوائدها الصحية وتجنب أي مخاطر.
تُعد اللحوم من أكثر الأطعمة حساسية، إذ تعتمد سلامتها وجودتها على طرق التخزين ودرجات الحرارة المناسبة. وفي حال عدم التعامل معها بشكل صحيح، يمكن أن تصبح بيئة مثالية لنمو البكتيريا، مما يعرضها لخطر الفساد. لذا، من المهم التأكد من طزاجتها قبل الشراء أو الاستخدام.
اختبار اللون والرائحة: اللحوم الطازجة تتميز بلون وردي أو أحمر فاتح مع رائحة طبيعية. إذا كان لونها داكنًا أو مائلًا للبني مع رائحة نفاذة أو كريهة، فقد تكون غير صالحة للاستهلاك. اختبار الضغط: اضغط برفق على قطعة اللحم بإصبعك، إذا عاد اللحم إلى شكله الأصلي بسرعة، فهذا يعني أنه طازج. أما إذا ظل الضغط مرئيًا ولم يعد اللحم لشكله الطبيعي، فقد يكون غير طازج أو بدأ في الفساد. العسليمكن أن يكون العسل بديلا رائعا للسكر المكرر الذي لا يعدو كونه مصدرا للسعرات الحرارية وغير صحي بالقدر الكافي. إذا كنت ترغب في الاستمتاع بفوائد استخدام العسل، فتجب مراعاة نقائه قبل الشراء حيث يعد العسل من أكثر المنتجات التي يتم غشها بإضافة السكر أو الماء، للتأكد من جودته إليك بعض الاختبارات:
لا يقتصر الأمر على إجراء اختبارات للمواد الغذائية فحسب، بل يجب أيضًا الاهتمام باتباع إرشادات محددة عند التسوق لشراء المنتجات الغذائية لضمان سلامتها وجودتها. فيما يلي بعض التوصيات الأساسية:
اختيار مصادر موثوقة: قم بشراء المنتجات الغذائية من متاجر معروفة وذات سمعة جيدة. تقلل المتاجر الموثوقة من خطر التلوث والأمراض المنقولة بالغذاء، لأنها تلتزم بأنظمة سلامة الغذاء بشكل أكبر. فإن الشراء من مصادر موثوقة يقلل من مخاطر التلوث والأمراض المنقولة بالغذاء.
إعلانالتحقق من تواريخ الصلاحية: دائمًا ما يجب فحص تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية على العبوات. تناول الطعام بعد انتهاء صلاحيته قد يشكل مخاطر صحية.
التأكد من ظروف التخزين: تأكد من تخزين المنتجات، خاصة القابلة للتلف، مثل اللحوم ومنتجات الألبان، في درجات حرارة مناسبة. التخزين غير السليم يمكن أن يؤدي إلى نمو البكتيريا وتلف المنتجات؛ الحفاظ على سلسلة التبريد أمر بالغ الأهمية لمنع الأمراض المنقولة بالغذاء.
فحص العبوات: تحقق من وجود أي تلف أو تسريب في العبوة. العبوات التالفة يمكن أن تعرض الغذاء للملوثات. تجنب شراء المنتجات ذات العبوات التالفة لتقليل المخاطر الصحية.
استخدام شرائط اختبار سلامة الغذاء: لسلامة إضافية، يمكن استخدام شرائط اختبار سلامة الغذاء المتوفرة في الأسواق. يمكن لهذه الشرائط الكشف السريع عن الملوثات مثل البكتيريا الضارة أو المواد الكيميائية. تعمل هذه الشرائط عن طريق تغيير لونها أو شكلها عند التفاعل مع الملوثات، مما يوفر طريقة سريعة وسهلة للكشف عن الأطعمة غير الآمنة. تعد هذه الشرائط فعالة للاختبار الفوري ويمكن أن تكون أداة قيمة للمستهلكين.
مع انتشار الغش التجاري وتلوث الغذاء، أصبح من الضروري لكل امرأة امتلاك مهارة التحقق من جودة المنتجات الغذائية في المنزل. من خلال استخدام الاختبارات البسيطة المذكورة سابقًا، إلى جانب اختيار مصادر موثوقة للتسوق، والتأكد من حالة المنتجات، وظروف تخزينها، وصلاحيتها، يمكن تجنب المخاطر الصحية وتوفير المال. باتباع هذه الإرشادات، تصبح المرأة خط الدفاع الأول في حماية صحة وأسرة أفرادها وضمان سلامة غذائهم.