مجلة إسرائيلية: أول حرب فصل عنصري تخوضها إسرائيل
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
قال موقع مجلة 972 إن إسرائيل ظلت تقاتل العام الماضي من دون إستراتيجية سياسية، لتعزيز المشروع العنصري الذي بنته على مدار عقود من الزمن بين النهر والبحر، مشيرا إلى أن كارثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول -التي زعم كثيرون أنها أكبر مذبحة للمدنيين الإسرائيليين في تاريخ البلاد- كانت علامة على انهيار الوضع الراهن للاحتلال الدائم.
وأوضح الموقع -في مقال بقلم الأستاذ والباحث أورين يفتاخيل- أن إسرائيل، تحت قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كانت تتقدم بسياسة "إدارة الصراع" على الأمد الطويل لتعزيز احتلالها واستيطانها للأراضي الفلسطينية مع احتواء المقاومة الفلسطينية المجزأة، بما في ذلك تمويل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "المرتدعة".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايم: هذا ما كشفه سجل هاريس الصحي فماذا عن ترامب؟list 2 of 2إيكونوميست: جواسيس بوتين يخططون لفوضى عالميةend of listصحيح أن بعض جوانب هذه الإستراتيجية -كما يرى هذا الباحث والناشط في مجال حقوق الإنسان- انهارت في أعقاب السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وخاصة الوهم بأن المشروع الوطني الفلسطيني يمكن سحقه، وأن حماس وحزب الله يمكن إبقاؤهما تحت السيطرة في غياب أي اتفاقيات سياسية، كما حطم أيضا الأسطورة الصهيونية القديمة القائلة إن الاستيطان اليهودي قد يضمن الأمن على طول حدود إسرائيل.
تعزيز المشروع العنصري
ويزعم بعض الخبراء أن حرب إسرائيل في غزة وفي لبنان الآن لا تقوم على إستراتيجية سياسية "لليوم التالي"، بل على إبقاء نتنياهو السياسي، مع أن الرأي السائد هو أن إسرائيل تواصل الترويج لهدف إستراتيجي لا لبس فيه، وهو الحفاظ على نظام التفوق اليهودي على الفلسطينيين وتعميقه بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، وبهذا المعنى ربما تفهم 12 شهرا من القتال الماضية على أنها "أول حرب فصل عنصري" تخوضها إسرائيل.
وخلافا لحروبها السابقة، فإن حرب إسرائيل الحالية -كما يرى الباحث- تسعى إلى تعزيز المشروع السياسي العنصري الذي بنته في جميع أنحاء الأرض، والذي تحداه هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول بشكل أساسي، وهي تعني أيضا رفض إسرائيل الثابت لاستكشاف أي مسار للمصالحة أو حتى وقف إطلاق النار مع الفلسطينيين.
وأوضح أورين يفتاخيل أن النظام العنصري الإسرائيلي، الذي كان يُطلق عليه ذات يوم "الزاحف" ومؤخرا "الفصل العنصري المتعمق"، له جذور تاريخية طويلة، وقد أخفي في العقود الأخيرة من خلال ما يسمى بعملية السلام، ووعود "الاحتلال المؤقت"، والادعاءات بأن إسرائيل "ليس لديها شريك" للتفاوض، ولكن حقيقة مشروع الفصل العنصري أصبحت واضحة بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، وخاصة تحت قيادة نتنياهو.
خلافا لحروبها السابقة، فإن حرب إسرائيل الحالية تسعى إلى تعزيز المشروع السياسي العنصري الذي بنته في جميع أنحاء الأرض، والذي تحداه هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول بشكل أساسي، وهي تعني أيضا رفض إسرائيل الثابت لاستكشاف أي مسار للمصالحة أو حتى وقف إطلاق النار مع الفلسطينيين.
أما اليوم فلم تعد إسرائيل تبذل أي جهد لإخفاء أهدافها العنصرية، فقد أعلن قانون الدولة القومية اليهودية عام 2018، وهو ينص على أن "الحق في ممارسة تقرير المصير الوطني في دولة إسرائيل فريد من نوعه لدى الشعب اليهودي"، وأن "الدولة تنظر إلى تطوير المستوطنات اليهودية كقيمة وطنية".
وفي خطوة أبعد من ذلك، أعلن بيان الحكومة الإسرائيلية الحالية المعروف باسم "المبادئ التوجيهية" بفخر في عام 2022 أن "الشعب اليهودي يتمتع بحق حصري وغير قابل للتصرف في جميع مناطق أرض إسرائيل"، وهي تشمل في المعجم العبري غزة والضفة الغربية، ووعد "بتعزيز المستوطنات وتطويرها في جميع أنحاء أرض إسرائيل".
ترسيخ التفوق اليهوديهيمنت إسرائيل على الفلسطينيين وطردتهم واحتلت بلدهم بعنف طوال أكثر من 45 عاما، ولكن هذا القمع المتطاول يتضاءل أمام الدمار الذي لحق بغزة على مدى العام الماضي، والذي أطلق عليه العديد من الخبراء وصف الإبادة الجماعية، وهو في الحقيقة هجوم مباشر على إمكانية إنهاء الاستيطان والسيادة الفلسطينية، باعتبار أن غزة بعد 17 عاما من الحصار الخانق أصبحت في نظر الإسرائيليين رمزًا لنسخة مشوهة من السيادة الفلسطينية.
وفي السياق نفسه، تسارعت وتيرة الاستيلاء على الضفة الغربية، وأدخلت إسرائيل تدابير جديدة للضم الإداري، وتزايدت حدة عنف المستوطنين بدعم من الجيش، وأنشئت عشرات من البؤر الاستيطانية. وفي الوقت نفسه، عمّقت إسرائيل قمع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر ووضعهم كمواطنين من الدرجة الثانية، كما كثفت القيود الشديدة المفروضة على نشاطهم السياسي من خلال زيادة المراقبة والاعتقالات والفصل والإيقاف والمضايقة.
ويرى الكاتب أن الهجوم المتصاعد في لبنان -الذي بدأ باسم صدّ عدوان حزب الله على شمال إسرائيل وتحول الآن إلى هجوم هائل على كل لبنان- وتبادل الضربات مع إيران يبشران، على ما يبدو، بمرحلة إقليمية جديدة من الحرب. ومن الواضح أن هذه المرحلة مرتبطة بالأجندة الجيوسياسية للإمبراطورية الأميركية، ولكنها تعمل أيضا على صرف الانتباه عن القمع المتزايد للفلسطينيين.
وتفتح حكومة نتنياهو جبهة أخرى من حرب الفصل العنصري على الإسرائيليين اليهود الذين يكافحون من أجل السلام والديمقراطية، وتعمل على إضعاف استقلال القضاء المحدود أصلا، وعلى التمكين لمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان من خلال تعزيز السلطة التنفيذية التي تتألف حاليا من التحالف الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
انحدار نحو الاستبداد
ونحن نشهد بالفعل آثار انحدار إسرائيل إلى الحكم الاستبدادي، كما يقول الكاتب، من خلال توزيع الأسلحة على أنصار التفوق اليهودي في مستوطنات الضفة الغربية والمناطق الحدودية، وتمويل مشاريع الاستيطان. وقد نجحت الحكومة فعليا في إسكات أي انتقاد للحرب الإجرامية التي تشنها إسرائيل، بإطلاق العنان للعنف الشديد من جانب الشرطة على المتظاهرين المناهضين للحكومة والمناهضين للحرب، والتحريض على المؤسسات الأكاديمية والمثقفين والفنانين، وتضخيم الخطاب السام والمُدين ضد "الخونة" اليساريين.
غير أن البعد المثير للاشمئزاز بشكل خاص في حرب الفصل العنصري -حسب الباحث- هو تخلّي الحكومة عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، لأن الحكومة، من خلال استغلال الألم والصدمة التي تعيشها أسرهم، تضمن مواجهة حالة طوارئ مستمرة تمنع فتح تحقيق رسمي في الإهمال الذي أدى إلى مذابح السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
الفصل العنصري ليس هاوية أخلاقية وجريمة ضد الإنسانية فحسب، بل هو أيضا نظام مهزوز، يتميز بالعنف اللامتناهي، وله ضرر بعيد المدى على الاقتصاد والبيئة.
وإذا نظرنا إلى المستقبل، كما يقول الكاتب، فمن الجدير أن نتذكر أن الفصل العنصري ليس هاوية أخلاقية وجريمة ضد الإنسانية فحسب، بل هو أيضا نظام غير مستقر، يتميز بالعنف اللامتناهي، والضرر البعيد المدى الذي يلحق بالاقتصاد والبيئة. ولذلك، فرغم الدعم الكبير الذي يحظى به النظام الإسرائيلي من اليهود في الداخل والخارج، وضمان الإفلات من العقاب الذي تضمنه له الحكومات الغربية بشكل فاضح، فإنه بعيد كل البعد عن الانتصار في حرب الفصل العنصري الأولى.
وخلص الكاتب إلى أن إسرائيل خسرت المعركة الأخلاقية، بنمو القوى المعارضة لها، ليس فقط بين الفلسطينيين والدول العربية المجاورة، بل أيضا بين اليهود في الشتات والجماهير الأوسع في الشمال والجنوب العالميين. ولكن خسارة تحالفاتها الدولية وروابطها التجارية وآفاقها الاقتصادية، وروابطها الثقافية والأكاديمية، قد تجبر الحكومة على وقف حربها من أجل التفوق اليهودي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات ترجمات السابع من أکتوبر تشرین الأول تعزیز المشروع الفصل العنصری أن إسرائیل من خلال فی جمیع
إقرأ أيضاً:
مجلة أمريكية: بعد الإطاحة بالأسد.. ما هو التالي بالنسبة لإيران والحوثي باليمن؟ (ترجمة خاصة)
توقعت مجلة أمريكية أن الهدف التالي بعد نظام بشار الأسد في سوريا جماعة الحوثي في اليمن، ضمن استهداف الفصائل التابعة لإيران.
وقالت مجلة "The Maritime Executive" في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن فشل وكلاء إيران في محور المقاومة في بلاد الشام، في غزة ولبنان وسوريا، له بالطبع تداعيات محلية. ولكنه له أيضاً آثار هائلة على طول عمر الحكم الديني في إيران.
وأكد أن إيران تترنح على شفا ثورة بطيئة ولكن سلمية. وهذه وجهة نظر أقلية، ولكنها مع ذلك وجهة نظر مشتركة بين أولئك الذين لديهم اتصالات نشطة داخل إيران، وليس بين المجتمع الأكاديمي أو التحليلي الذي ينظر إلى الوضع من بعيد.
وحسب التحليل فقد تم تدمير مصداقية الحكم الديني في إيران إلى حد كبير، مع تفكيك عملاء الحرس الثوري الإيراني في غزة ولبنان وسوريا، ومع اعتبار النظام في إيران غير قادر على حماية القادة الرئيسيين والبنية الأساسية من الهجوم الإسرائيلي.
وفق التحليل فإن "من بين جميع البلدان داخل محور المقاومة الذي تضاءل كثيرًا، لم تعاني اليمن حتى الآن من التراجع. واصل الحوثيون هجماتهم على الشحن، وقطعوا حركة المرور عبر البحر الأحمر، مع انخفاض صادرات النفط العابرة بنسبة 50٪ هذا العام. لقد واصل الحوثيون ضرب أهداف في إسرائيل بالصواريخ والطائرات بدون طيار.
وقالت المجلة الأمريكية "لم تنجح الهجمات المضادة التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على البنية التحتية للصواريخ والطائرات بدون طيار في اليمن في كبح جماح الحوثيين. ولا يمكن لإسرائيل ــ والآن دول الخليج التي تعاني من ارتفاع الأسعار بسبب الحاجة إلى الشحن حول رأس الرجاء الصالح، فضلاً عن مصر التي تعاني من خسارة عائدات قناة السويس ــ أن تتسامح مع مثل هذا الوضع إلى أجل غير مسمى.
تضيف "إن لم يدرك الحوثيون الخطر الداهم الذي يعيشون فيه ويتراجعوا، فقد تتحقق عاقبتان. فقد تتوسع الهجمات الجوية على اليمن وتكثف؛ ويشعر قادة الحوثيين بالفعل بالقلق من استهدافهم بشكل فردي". أو قد تستأنف الفصائل داخل اليمن، مثل قوات المقاومة الوطنية المدعومة من الإمارات العربية المتحدة بقيادة طارق صالح، الحرب الأهلية، كما هي حريصة على القيام بذلك - حيث أصبح الحوثيون الآن أقل ثقة في الدعم الذي سيتمتعون به من إيران".
وذكرت أن ما سيحدث في اليمن في عام 2025 غير مؤكد - ولكن من الواضح أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر لمدة عام آخر. إما أن يتم تقسيم اليمن بين الفصائل الحالية، كل منها مدفوعًا براعيها الأجنبي، أو سيحدد اليمنيون مستقبلهم السياسي من خلال حل خلافاتهم فيما بينهم - الحل المفضل لدى عُمان".
وأشارت إلى أن هناك مصدر قلق كبير آخر يخيم على المنطقة بأكملها. هناك دعم شعبي ساحق لحماس، التي ينظر إليها المواطنون في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي والأردن على أنها "المقاومة" وتجسيد للقضية الفلسطينية. ولقلق البعض، ولكن ربما ليس بدرجة كافية بالنسبة لجميع حكام الخليج، فإن التعاطف مع حماس يجلب معه أساساً إيديولوجياً للإسلاموية، وتطبيعاً لنوع من الإسلام المعادي للاستقرار وطول عمر معظم حكام الخليج".
وأوضحت أن "هذا الانقسام بين الشارع العربي وحكام الخليج مخفي في معظمه، لأنه لا يمكن أن يكون إلا تحت ضوابط الدولة الفعالة والاستبدادية. لكن الخلاف حقيقي، وواضح وجهاً لوجه أو حيث لا يمكن كبح جماح وسائل التواصل الاجتماعي، وهو يهدد بربيع عربي ثانٍ - ليس الأسبوع المقبل، ولكن في وقت قريب إذا سادت الظروف الحالية".