الجذور الايدلوجية والعسكرية للصراع..اي السكينين ارحم بنا..؟
أ.د #حسين_محادين*
(1)
علينا التنبه اقليميا ودوليا ومن منظورات علم اجتماع السياسية، ان جوهر المرحلة الراهنة الدامية، بظاهرها العسكري المتنامي وباطنها ذا الصراع الايدلوجي ،انما هو صراع واضح بين كل من” الفكريّن التوسعين المزعومين؛:-
ا- الصهيوني العالمي انطلاقا من فلسطين وبغلاف ديني هو التوراة وارض الميعاد وبقوة السلاح الذي نعيش سطوته على يومياتنا والمرشح للاستمرار حتى الانتهاء من اعادة تضبيط الشرق الاوسط الجديد كما يرى ويعلن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي نتنياهو وحكومة اليمين التوسعي التي يقودها.


ب- التطبيقات العسكرية لايدلوجية ولاية الفقيه الرامية بدورها الى تصدير الثورة ولكن بغلاف اسلامي شيعي اممي، انطلاقا من قُم في طهران وامتداداها في الاقليم عبر ميليشاتها الموالية فكريا والممولة ماليا وتكنولوجيا منها وبصورة مترابطة الاهداف والممارسات رغم تعدد مسمياتها وهي نجحت نسبيا في تذويب واقع ومفهوم الدول المركزية في كل من ؛ حزب الله -لبنان ،السلطة الفلسطينية /غزة حماس، اليمن- جماعة الحوثي ،سوريا، الجماعات ا”الاسلامية المسلحة الموالية لطهران، وفي العراق الحشد الشعبي وغيره في الاقليم “.
وكلا المتصارعين”ايران والصهيونية المحتلة لفلسطين”انما ترميان الى تذويب سيادة الدول العربية الاقليمية”المتفرجة” لصالح اي منهما بعد انتهاء هذه الحرب الثنائية الدموية المدعومة من الغرب بقيادة اميركا وبصمت دام من قِبل منظمات الشرعية الدولية التي تم عولمتها لصالح سيادة الغرب الذي اصبح يقود الكون “الارض والفضاء” كقطب قائد لهما منذ تسعينيات القرن الماضي مثل مجلس الامن،الامم المتحدة..الخ. كي تبقى هذه الحرب الاقليمية مفتوحة على كل الاحتمالات..؟.
(2)
ان هذا الصراع الدائر على مسرح العقل العربي والمنطقة العربية انما يرمي ايضا الى اصابتنا كمواطنيين بالغموض المعرفي لجوهره ومآلاته بدليل اننا منقسمون رغم دموية الصراع وبشاعة القتل والتهجير والخسائر في بلداننا بين ايدلوجيتين وطرفين”ايران،اسرائيل بألاذرع المسلحة لكل منهما” وكل منها يستهدف حضاريا دولنا ومجتمعاتنا وامننا وفقا لاهدافه الايدلوجية الصراعية، في الوقت الذي اكتفينا نحن كدول عربية موقف الضحية في هذا الصراع الغامض واقعا ونهايات لدى الكثيرين منا امام تساؤل ساذج هو. يا ترى سكينة اي من المتصارعين ستكون ارق على رقابانا وثرواتنا…يا للوجع …فأين انتم ايها المتفكرون.؟.
حمى الله اردننا الحبيب واهلنا الطيبون فيه.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

كيف زيِّفت أوروبا ذاتها الحضارية؟!

••هل تنهض المجتمعات لخصائص ثقافية متأصلة فيها أم يعود الأمر لسبب آخر؟ إن هذا السؤال يحتل موقعاً مركزياً في البحوث الاجتماعية المعاصرة، ويراد به فحص الجدل الدائر حول أسباب النهضة والتقدم الاجتماعي، ولعل طرحه يعود لفترة أقدم حين اطمئن علماء الأنثروبولوجيا إلى فرضية علاقة القيم الثقافية بقضية النهضة في الحياة الاجتماعية من مناحيها كافة، فالبعض منهم وضع شرطاً أساسياً لتركيز عمليات النهضة، وهو تحصيل التعليم وبناء المؤسسات، ولكن أكبر انعطافة هددت وثوقيات الاجتماعيين حول دور القيم الثقافية واعتبارها المرتكز الأساس في نهضة الشعوب، كانت على يد جاك غودي (توفي 2015م) الأنثربولوجي الإنجليزي والمحاضر الأشهر في جامعة كمبريدج، وغودي ومنذ الستينيات حين أصدر كتابه «محو الأمية في المجتمعات التقليدية «1968م» استطاع هدم الأساس الذي تقوم عليه المركزية الأوروبية ابتداءً من عصر النهضة وحتى الآن، وهي فرضة تشدد على أن ثمة خصائص «أوروبية بالطبع» موروثة من الحضارات اليونانية واللاتينية ثم من الأديان يهودية ومسيحية كلها هي التي مكَّنت لهذا الغرب من إنجاز عمليات النهضة، وما أعاق هذه العمليات في المجتمعات الأخرى هو فقدانها هذه الخبرة الثقافية المستندة إلى العقلانية والتي تنتشي فيها روحانية الشرق، وبذا فإن العالم الغربي تقدم لأنه صنع تاريخاً علمياً تسنده قيم ثقافية مكتسبة من سياق معرفي خاص، هو سياق الذات الغربية من اليونان وحتى عصر التنوير لينتج نهضةً ثقافية شاملة، أما غودي فإنه يقف على النقيض من ذلك تماماً، ويرى أن هذه السردية معرضة دائماً إلى التزوير وطغيان الأنا أكثر منها حقيقة اجتماعية، ليقول في تحليله أن تقدم جزء من العالم في الوقت الذي يتزامن معه ركود في أجزاء أخرى لا يعود إلى الخصائص الثقافية المتأصلة في طرف وغائبة في آخر، بل إن مسألة التقدم خاضعة وباستمرار لديناميكيات يمكنها أن تتوفر وفق عمليات مستمرة من التحديث الذاتي.

•وغودي نشر في العام 2007م كتابه «سرقة التاريخ» وهو بيان متماسك عن الكيفية التي استطاعت بها أوروبا أن تنسب لنفسها تراثاً علمياً لا يخصها بالدرجة الأولى، بل الأمر يشبه «السرقة» وأنها بموجب هذا التراث المركب بعنف التدوين بنت عليه قيماً إنسانية، قالت أنها أوروبية، أوروبية فقط، ويشير غودي إلى أن هذه المركزية أجبرت بقية العالم على ارتداء أقنعة تفكير لا تبصر معالم للتقدم إلا من وجهة نظر غربية في الأساس، واستمراراً في مشروعه صدر كتابه «الشرق في الغرب» والذي يعد نظرية في فضح الإدعاء الغربي بامتلاك العالم وصناعته بل وصياغة قيمه بشكل أحادي ومطلق، وقد صدر هذا الكتاب في نسخته العربية بترجمة محمد الخولي، والحقيقة أنه لا عذر لمن يشتغلون في المسألة الاجتماعية متخصصون ومهتمون من الإطلاع عليه ودراسته ونقده، وذلك للفائدة العظمى، ليس فقط كونه يفضح عمليات التنهيب التي مارستها أوروبا على العالم، وكيف صنعت أقانيم خالدة تحط من قدر كل ما هو غير أوروبي، بل الفائدة الأكبر تعود إلى كونه منجز محكم التأسيس قوي الحجة، ولدقة أحكامه فإنه يطرح التساؤل حول، متى أصبح الأوروبيون على وعي بتفوقهم بالنسبة إلى سائر الأمم؟» وفي إجابته عن هذا السؤال يقدم لنا مادة تحليلية عميقة وذات تكوين متسق يفسر بها بعض المقولات التي صنعت هذا التمايز، بل ويقوم بتفكيكها بشكل منهجي عظيم. ويستمر الرجل في هدم التصورات الأوروبية حول مركزية الغرب ضد الشرق، ويرى أن حضارات أوروبا وآسيا نشأتا من أصل واحد، بل ويرى في منجزات الفكر السياسي الأوروبي المرتبط بتطور ظاهرته الاجتماعية كونها استندت على ترسانة فكرية هي أسس عمليات التطور الاقتصادي، فإنه يرى من ضمن مقولاته الهادمة لخديعة الغرب بأن الديموقراطية ليست صناعة غربية، فهو يرى أنه إذا كان القرن الخامس عشر هو بدايات هيمنة أوروبا على العالم، وهي هيمنة أفصحت عن نفسها بمقولة رئيسة وهي أن الشرق المتخلف يحتاج إلى النهضة، والتي لن تتم إلا على يد الغرب، فإن وسم الشرق بالتخلف لا يعدو إلا عملية احتيال ممتازة العرض، فالصين ظلت البلد الأقوى في صناعة البارود منذ زمن بعيد، وهي الصناعة التي مكنت لأوروبا التوسع وغزو العالم، ولولا البارود الصيني لما استطاعت القيام بهذا الكم من عمليات الغزو لعدد من البلدان، وهو هنا يشتبه بقوة في رواية التقدم الغربية تلك التي صنعت لنفسها مساراً خطياً يبدأ من بترارك «فرانشيسكو، أحد أعمدة التفكير الإنساني في عصر النهضة» وحتى ديكارت صاحب نظرية الشك وقواعد المنهج، ويرى الأمر مجرد خدعة، فكونها «أوروبا» اعتمدت في نهضتها على بناء أسطوريتها القومية، هي تلك التي استعادت اليوناني وأدمجته في ذاتها الاجتماعية لتقول بثبات عمليات النسب الحضاري فيها، والرجل محق فالأمر ليس إبداعاً أوروبياً فالحقيقة أن عمليات استثمار الماضي هي دينامية مستقرة في أي بناء اجتماعي متحرك.

•لقد تركز نقد غودي على «عصر النهضة» أو بالأدق على الجانب المظلم في هذه السردية، وأن الأمر ليس كما تعرضه المركزية الغربية وهي تبشر بحداثتها إبان عصر التنوير، وأنه لا صحة لهذه السردية القائلة بتواصل عمليات الانتقال الحضاري منذ اليونان وحتى إيطاليا النهضة، بل يرى أنها فترات عاشت فيها الذات الحضارية الأوروبية انقطاعاتها الكبرى، فسقوط الإمبراطورية الرومانية، وبدأ اعتناق شعوبها المسيحية، ثم ظهور عهد الإقطاع وما تلاه من تطور في الاقتصاد السياسي فإنه لا يمكن والحال كذلك أن نطمئن لوجود منظومة قيم ثقافية هي سبيل لأوروبا للحصول على التفوق الحضاري دون غيرها من الأمم..

•إن جملة المناقشات حول الغرب والشرق ظلت خامدة ودون تأثير إلى أن قام جاك غودي وبفضل قدراته استخدام مناهج التحليل التاريخية والتجريبية والمقارنة في علم الاجتماع من فتح مسارات جديدة لفهم هذه العلاقة، نعم هو يريد الذات الغربية محل للدرس، وليس الآخر، فالآخر يظل انعكاس لعمليات التحليل عنده، ولذا فإن سجالات النهضة العربية لن تفلح في بناء حقائقها دون الوقوف الجاد على جدل النهضة والتقدم في الكتابة الغربية، وغودي هو أحد أهم الأمثلة المنتجة لفهم جديد في سياق علاقات الغرب والشرق، بل إن حتى الفضاء السياسي الذي يصر على احتقاب نظرة متعالية ضد كل ما هو شرق، وبالتالي عربي هو الآخر فضاء يقوم على بنية معرفية أهم ملامحها الخديعة بوجود تفوق وامتياز غربي مطلق كونه عقلاني النزعة، ضد تخبط وتراجع مستمر لشرق عاطفي التوجه، والدعوة هنا أن نبنى فضاءً تداولياً بين المعرفي في الغرب والشرق، لا أن نكتفي بالصدى دون فهم حقيقي لجذور الوعي الغربي، حينها فقط ستكون أشغالنا مستقلة وليست مجرد ردود أفعال مكتومة.

غسان علي عثمان كاتب سوداني

مقالات مشابهة

  • مواجهة حاسمة للصراع على اللقب.. ليفربول ونيوكاسل في نهائي كأس الرابطة الإنجليزية.. الموعد والقنوات
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
  • كيف زيِّفت أوروبا ذاتها الحضارية؟!
  • واشنطن: نعمل لحل دائم للصراع في غزة
  • بيان مجموعة السبع لم يؤكد على الالتزام بحل الدولتين للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي
  • يوم سلطانة بين الجذور والتاريخ.. رحلة البحث عن الحقيقة
  • إقرار التعيينات الأمنية والعسكرية بتوافق الترويكا واتصالات لحسم منصبَيْ مدير المخابرات ورئيس المعلومات
  • دعاء لأمي المتوفية في ثاني جمعة من رمضان
  • دعاء لأبي المتوفي في ثاني جمعة من رمضان