جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-03@18:55:06 GMT

أغسطس العظيم

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

أغسطس العظيم

 

ماجد المرهون

majidalmrhoon@gmail.com

 

 

تتألف السنة قبل الميلادية في التقويم الروماني القديم من عشرة شهور وكان شهر أغسطس آنذاك يُسمى سكستيليس تعبيرًا عن ترتيبه كشهر سادس ضمن الشهور العشرة، وقد تغير إلى الشهر الثامن مع تعديل العام إلى 12 شهرًا في التقويم الجريجوري الميلادي وسُمي الشهر الثامن نسبة للإمبراطور الروماني أوغسطس قيصر وعمومًا كان للحضارة اليونانية سبقٌ كبير في علوم الفلك إبان حكم الرومان، ويُعتبر هذا الإمبراطور العظيم ـ والعظمة المطلقة لله ـ رجلًا مخضرمًا لمرحلة ما قبل الميلاد حيث عاصر 14 عامًا بعد ميلاد المسيح، وقد شهدت فترة حكمة تقدمًا علميًا وتطورًا حضاريًا مشهودين وسلامًا امتد لفترة طويلة مع الأخذ بالاعتبار بعض الجدليات المُعارضة لذلك.

وبما أن أوغسطس قيصر شخصية مثيرة للجدل، فإنَّ شهر أغسطس كذلك لم يحد كثيرًا عن هذه النزعة المُثيرة من خلال الوقائع الاستثنائية والغريبة التي تتولد في هذا الشهر عبر التاريخ الإنساني وأهمها انتصار المسلمين على الروم في معركة اليرموك عام 636م بقيادة خالد بن الوليد والذي يقول عنه القائد العسكري الألماني هندنبرج: "العبقري خالد هو أستاذ الصرعة في الحروب"، واكتشاف الأمريكتين في رحلة كريستوفر كولومبس عام 1492 وحدث ولا حرج لما حدث بعد ذلك من غزوٍ أوروبي للأرض الجديدة وما أعقبه من ويلات على السكان الأصليين في أمريكا الشمالية وماتلاه من مجازر واستعباد وتجارة رقيقٍ وعنصرية، ثم اكتشاف عنصر الأوكسجين والجدل بين نسبةِ ذلك الاكتشاف إلى السويدي كارل ولهلم شيل والإنجليزي جوزيف بريستلي عام 1774، ولا ننسى حدثين مهمين في هذا الشهر وهما تولي هتلر للسُلطة عام 1934 والحرب العالمية الثانية التي خلفت دمارًا وخرابًا لم يشهد لهما التاريخ مثال وعدد قتلى يصل إلى 60 مليون إنسان بين مدني وعسكري، ليختمها الأمريكان في شهر أغسطس أيضًا بإلقاء القنبلة النووية الأولى على اليابان ولايزال جدل التسلح النووي مستمرًا إلى أغسطسنا هذا وسيبقى مابقي مخابيل الساسة متحكمين بقرار السياسة والعلم، وغيرها الكثير من الأحداث التاريخية والمفصلية التي نُقشت في صخرة الذاكرة الإنسانية.

 

يُعد شهر أغسطس من الشهور المميزة فلكيًا على مستوى منطقتنا العربية وخصوصًا من ناحية الطقس؛ إذ تبدأ درجات الحرارة بالتعادل النسبي والانخفاض التدريجي، وهو شهر برزخي يعادل بين الحرارة والبرودة، ومخضرم مابين توديع لهيب الصيف ومرحبٍ ببشارات الخريف اللطيف، ولكن ربما الأمر ليس كذلك في محافظة ظفار بل هو أقرب إلى الاختلاف شبه الجذري عما هو متعارف عليه في المنطقة العربية عمومًا والخليجية خصوصًا من حيث الشكل والمضمون.

كانت العلوم الفلكية عند العلماء المُسلمين قديمًا تُسمى بعلم الهيئة وقد وضعوا جداول حسابية تعنى بشروق وغروب الشمس والقمر والكواكب السيارة وأطوار القمر ومنازله وتشكيلات النجوم كما تظهر صورتها في القبة السماوية وتغيرها بحسب حركة الأرض ودورانها حول الشمس وقد سميت تلك الجداول بالأزياج ومفردها زيج؛ ولايزال شهر أغسطس بمشيئة الله يلعب دوره الفعال في المنظومة الفلكية لأشهر العام ولكن الحسابات الفلكية في محافظة ظفار لا تعتمد على التقويم الجريجوري الميلادي ولا تهتم أصلًا بشهر أغسطس ولا شأن لها بالقيصر ولا بتسميته، وإنما تعنى بما يعرف بالنجوم وهو حسابٌ يُقسَّم فيه النجم إلى 13 يومًا تُرصد من خلالها مواسم الصيد والزراعة والحصاد والخريف والأمطار وغيرها الكثير من الأقاويل ومما وثق من خلال التجارب المعتمدة على تلك التقسيمات كما وضعت الأمثلة الشعبية التي تصف النجم وتأثيره على أحوال الناس والمكان، وبما أن لكل نجمٍ اسمه الخاص وتيمناته وتوقعاته فإننا وفي تاريخ كتابة هذا المقال الآن في نجم "بلَع" بتشديد الباء وفتح اللام، ويتلوه نجم "الذابح" إلى اليوم قبل الأخير من شهر أغسطس وهما نجمان معروفان ومشهود لهما بكثافة الغيوم واستمرارية الأمطار.

يختال بهاء أغسطس قيصر شهور العام بمحافظة ظفار في فصل الخريف الممتد لثلاثة أشهر والواقع بين 8 نجوم بالحساب المحلي منذ الشول في شهر يونيو إلى المناصف في شهر سبتمبر، فهو من الشهور المميزة جدًا من حيث هطول الأمطار واحتجاب الشمس التي تناضل للظهور من وراء الغيوم الكثيفة ولكنها لا تتمكن إلا قليلًا على شكل أعمدة نور متباعدة أو إشراقات لحظية، والخصب الذي يبسط رداءه الأخضر بكل درجاته على مد النظر فوق أرضٍ كريمة تجود مع أنفاسها الزكية سريعًا بكنوزها المكنونة على المخلوقات ليزخر العطاء مع أول القطر ويزداد مع زخات المطر وتنساب الجداول وتفيض العيون من بين الصخور وتجري الينابيع لتسقي الأعشاب الصغيرة فتزهر وتروي الأشجار الكبيرة فتثمر فتغدو مرتعًا باهيًا تسمو معه الأرواح وزاهيًا تستكين به النفوس وغذاءً طبيعيًا للإنسان والحيوان.

إنَّ موسم الخريف وموسم الصرب (الربيع) الذي يعقبه، يستحوذان معًا على نصف العام الميلادي، وهما هبة من الله إلى هذه الأرض الطيب إنسانها وترابها ومائها وهوائها، وكما تستحق هذه البقعة الخضراء في محيطها الصحراوي الكبير شكر الله وحمده، فإنها تستحق إعادة النظر إليها أكثر مما هو عليه الآن؛ سواءً في مشاريع البنية الأساسية أو مشاريع صناعة السياحة المستدامة وليس الموسمية فقط؛ نعم إن "إرضاء كل النَّاس غاية لا تُدرك"- كما يقال- إلا أننا لا نشعر بالراحة والرضا التام عندما يشتكي زائرٍ أو يتذمر من نقصٍ ما، وهو شعور دفين قد لا يُصرِّح به الكثير، كما نشعر بالاعتزاز والفخر عند الانطباعات الحسنة، مع أن جهود الجهات الحكومية المختصة تتكاتف لتشكل منظومة تعاون مشترك في سيطرةٍ وإتقانٍ منقطعي النظير وسرعة تفاعل وروعة أداء لا يخفيان على أحد ولن تفي حقهم كلمات الثناء وأعلم أنهم لايسعون لها بقدر ما يُحركهم واجبهم في السعي لاستتباب الطمأنينة والأمان والراحة والاستمتاع للجميع.

قيل قديمًا في المثال الظفاري المُعبِّر عن شاعرية وذكريات الشباب في وصف جمال وسرعة دخول وخروج نجم "خباء" وهو النجم قبل الأخير في موسم الخريف ويختطف يومه الأول من آخر أيام شهر أغسطس العظيم: "خباء لي ينط نط الظباء ويرد العجائز صبا".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أبرز المساجد والكنائس التي دمرها الاحتلال في غزة

 

الثورة / وكالات

على مدى العصور الماضية، كان قطاع غزة بوابة آسيا ومدخل إفريقيا، ومركزا مهما للعالم ونقطة التقاء للعديد من الحضارات المختلفة ومهدا للديانات والتعايش، من معابد وكنائس ومساجد تاريخية تعكس غنى وعمق الهوية الفلسطينية، كان القطاع مركزا للحياة الدينية والثقافية وقبلة للسلام، قبل أن تحوله إسرائيل إلى مسرح للإبادة الجماعية ارتكبتها طوال أكثر من 15 شهراً.
ارتكب جيش الاحتلال أبشع أنواع القصف والتدمير في غزة، مستهدفا المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المساجد والكنائس العريقة التي كانت ولا تزال تحمل في طياتها جزءاً من ذاكرة وتاريخ الشعب الفلسطيني.
خلال فترة الإبادة التي اقترفتها تل أبيب بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر 2023م حتى 19 يناير 2025م، لم ينجُ مكان للعبادة سواء للمسلمين أو المسيحيين من هجمات جيش الاحتلال.
وكانت هذه الأماكن المقدسة هدفا مباشرا للضربات الجوية والمدفعية، ما أسفر عن دمار مروع وخسائر بشرية فادحة.
ولم تكتفِ القوات الإسرائيلية بالاعتداء على المباني الدينية، بل تجاوزت ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بحق علماء الدين وأئمة المساجد.

738 مسجدا سُويت بالأرض
متحدث وزارة الأوقاف بقطاع غزة إكرامي المدلل، قال للأناضول إن صواريخ وقنابل الاحتلال سوّت 738 مسجداً بالأرض ودمرتها تدميراً كاملاً من أصل نحو 1244 مسجدًا في قطاع غزة، بما نسبته 79%.
وأضاف: «تضرر 189 مسجدا بأضرارٍ جزئية، ووصل إجرامُ الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رؤوس المصلينَ الآمنين».
وتابع: «كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية 3 كنائسَ تدميرا كليا جميعُها موجودة في مدينة غزة».
وأشار إلى أن الاحتلال استهدف أيضاً 32 مقبرة منتشرة بقطاع غزة، من إجمالي عدد المقابر البالغة 60، حيث دمر 14 تدميراً كلياً و18 جزئياً.
وأوضح أن «استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي في سياق استهداف الرسالة الدينية، فالاحتلال يُدرك أهمية المساجد ومكانتها في حياة الفلسطينيين، وهي جزء لا يتجزأ من هوية الشعب».
كما أكد المدلل أن «استهداف الاحتلال للمساجد ودور العبادة يأتي ضمن حرب الاحتلال الدينية، وهو انتهاك صارخ وصريح لجميع المحرمات الدينية والقوانين الدولية والإنسانية».
وأضاف: «يسعى الاحتلال لمحاربة ظواهر التدين في قطاع غزة ضمن حربه الدينية الرامية لهدم المساجد والكنائس والمقابر».
ولم يكتفِ الجيش الإسرائيلي بتدمير المساجد، بل قتل 255 من العلماء والأئمة والموظفين التابعين لوزارة الأوقاف، واعتقل 26 آخرين، وفق المتحدث.

أبرز المساجد والكنائس التي طالها التدمير
المسجد العمري الكبير بمدينة غزة
يُعد من أقدم وأعرق مساجد مدينة غزة، ويقع في قلب المدينة القديمة بالقرب من السوق القديم، تبلغ مساحته 4100 متر مربع، مع فناء بمساحة 1190 مترا مربعا.
يضم 38 عمودا من الرخام الجميل والمتين، مما يضيف لجمال المسجد وتاريخه العريق، يعتبر الأكبر في قطاع غزة، وقد سُمي تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب.
وفي تاريخه الطويل، تحول الموقع من معبد فلسطيني قديم إلى كنيسة بيزنطية، ثم إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي.
وتعرض المسجد لتدمير عدة مرات عبر التاريخ نتيجة الزلازل والهجمات الصليبية، وأعيد بناؤه في العصور المختلفة، من العهد المملوكي إلى العثماني، كما تعرض لدمار مجددا في الحرب العالمية الأولى، ورُمم لاحقًا في العام 1925م.
وقال أحد رواد المسجد العمري للأناضول: «المسجد تعرض لأشرس هجمة بشرية»، وأضاف: «تدميره فاجعة لنا، هو جزء من غزة وفلسطين».

مسجد السيد هاشم
يقع في حي الدرج شرق مدينة غزة، ويُعتقد باحتضانه قبر جد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، والذي ارتبط اسمه بالمدينة «غزة هاشم».
تعرض المسجد لأضرار كبيرة جراء قصف شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية في 7 ديسمبر 2023م.

مسجد كاتب ولاية
يشترك بجدار واحد مع كنيسة برفيريوس، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بغزة، وتٌقدر مساحته بنحو 377 مترا مربعا.
ويرجع تاريخ بناء المسجد إلى حكم الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين الدولة المملوكية في ولايته الثالثة بين عامي1341 و1309 ميلادية.
وتعرض المسجد لقصف مدفعي إسرائيلي في 17 أكتوبر 2023م؛ ما أسفر عن تعرضه لأضرار جسيمة.

المسجد العمري (جباليا)
يعد مسجد جباليا أحد أقدم المعالم التاريخية في البلدة يُطلق عليه سكان المنطقة «الجامع الكبير» ويتميز بطرازه المعماري المملوكي.
تعرض المسجد للتدمير عدة مرات، آخرها في حربَي 2008 و2014م، ورغم ذلك بقي رمزا مهما للمنطقة.

الكنائس المدمرة:
كنيسة القديس برفيريوس
أقدم كنيسة في غزة وثالث أقدم كنيسة في العالم، حيث يعود تاريخ تأسيسها للقرن الخامس الميلادي، وهي تقع في حي الزيتون، وسميت نسبة إلى القديس برفيريوس حيث تحتضن قبره.
تعرضت للاستهداف المباشر لأكثر من مرة؛ الأول كان في 10 أكتوبر 2023م ما تسبب بدمار كبير، والثاني في 19 من ذات الشهر ما تسبب بانهيار مبنى وكلاء الكنيسة بالكامل، وأدى لوقوع عدد من القتلى والجرحى من النازحين الذين تواجدوا بداخلها.

كنيسة العائلة المقدسة
تعد كنيسة العائلة المقدسة الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في مدينة غزة، وكانت مأوى للمسيحيين والمسلمين خلال فترة الإبادة، وتعرضت للقصف الإسرائيلي مما أسفر عن أضرار جسيمة.

كنيسة المعمداني
تتبع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، حيث تم تأسيسها عام 1882م ميلادية على يد البعثة التبشيرية التي كانت تابعة لإنجلترا.
ارتبط اسمها خلال الحرب بمجزرة مروعة، حيث تعرضت ساحة المستشفى المعمداني، وهي جزء من مباني الكنيسة، لقصف إسرائيلي في 17 أكتوبر 2023م أسفر عن مقتل نحو 500 فلسطيني من المرضى والنازحين الذين كانوا متواجدين في المستشفى.

مقالات مشابهة

  • حجاج عبد العظيم يشوق الجمهور لشخصيته في مسلسل "فهد البطل".. رمضان 2025
  • حجاج عبد العظيم يروج لشخصيته في مسلسل فهد البطل: رمضان يجمعنا
  • حجاج عبد العظيم يتألق في بوستر شخصيته من “فهد البطل”
  • مسلسلات رمضان 2025.. watch it تشارك بوستر حجاج عبد العظيم في «فهد البطل»
  • مواعيد تسليم وحدات مشروع «فالي تاورز» في حدائق أكتوبر.. بدء اليوم
  • مفوضية الانتخابات:الأحزاب التي لها فصائل جهادية لها الحق المشاركة في الانتخابات
  • الصين والمكسيك وكندا تندد بالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب
  • تعرف على حجم المساعدات التي وصلت لغزة بعد وقف إطلاق النار
  • تنسيقية شباب الأحزاب: الشعب المصري العظيم سطر ملحمة وطنية كبيرة اليوم أمام معبر رفح
  • أبرز المساجد والكنائس التي دمرها الاحتلال في غزة