الشعب السوداني هو من دفع ثمن السلاح الذي يتقاتلون به!
وهو من دفع ثمن المنشآت المدنية والعسكرية التي تحطمت اثناء الحرب!
وهو من يدفع مقدما وهو جائع تكلفة الطلعات الجوية المصرية التي تقتل المواطنين السودانيين الابرياء وتدمر منشآت مدنية وعسكرية!
وهو من سيسدد الديون التي يشترون بها السلاح الان لاستمرار الحرب!
وهو من سيدفع فواتير علاج الجرحى من مدنيين وعسكريين!
وسيخسر من ثروته القومية وسيادته الكثير الذي باعه العسكر من وراء ظهره للاجانب مقابل السند في حرب صراعهم على السلطة!
ثرواتنا في باطن الارض وظاهرها يتم التنازل عنها لسنوات قادمة لتغذية آلة الحرب التي تقتلنا!
ستتوقف الحرب عاجلا بضغوط دولية ، او اجلا عندما يتعب المتقاتلون ويعجزون عن مواصلة القتال!
وعندما تتوقف يجب ان لا نسمح لاي مجرم ان يطالبنا بتتويجه بطلا لانه حقق السلام او لانه انتصر على الطرف الاخر!
السلام كان بين ايدينا !! وكان بالامكان الحفاظ عليه وتعزيزه وسد ثغرات الحروب في كل الاقاليم لتنعم بالسلام المستدام، ثم التوجه الى بناء البلاد وتعميرها وانتشالها من التخلف المزمن ، ولكن عصابة من المجرمين والخونة لوطنهم وشعبهم الغارقين في الانانية المتسفلة والشراهة لاغتصاب السلطة ونهب الموارد اشعلوا هذه الحرب اللعينة ! فخسرنا عشرات الالاف من القتلى والجرحى وخسرنا عشرات او مئات المليارات من الدولارات والحبل على الجرار! تدمرت مدننا وتلوث الماء والهواء وتنتظرنا الالغام والشظايا وملايين الاطفال الاميين الذين حرموا من دخول المدرسة ! كما تنتظرنا الديون والخيبات وانقاض المباني المنهارة! وربما ينقسم الوطن نفسه الى دولتين او اكثر يكون القاسم المشترك بينها البؤس والشقاء!
العصابة العسكرية الاجرامية بعد ان تسببت في كل هذه الخيبات تطمع في ان نزفها بالتهليل والتكبير الى السلطة لترقص فرحانة على كل هذه الاشلاء والانقاض!
المكسب الوحيد الذي يجب ان يحرص الشعب السوداني عليه هو استخلاص الوعي السياسي الصحيح من هذه التجربة القاسية لتفادي حروب مماثلة في المستقبل!
ولكن ابواق الضلال والتضليل الكيزانية تبذل قصاراها لتجريد الشعب حتى من هذا المكسب!
يطالبون المنكوبين بالحرب ان يخرجوا منها وهم يسبحون بحمد العسكر والكيزان ومليشياتهم!
يسبحون بحمد المجرمين الذين دمروا البلاد لمجرد صراع سلطة تافه!
يطالبونهم بمكافأة المجرمين وتتويجهم ابطالا !
يطالبونهم بالنزول الى حلقات “الزار السياسي” المسماة احتفالات بانتصار القوات المسلحة!!
هذا الزار يحتاجه مجرمو الحرب لطرد اي احساس بالذنب او الخطأ ولا يحتاجه المواطن المنكوب!
ولا ندري عن اية انتصارات يتحدثون؟! هل مجرد عودة المواطن الى بيته المسروق او الى انقاض بيته الذي هدمته الدانات بعد سنوات من التشرد والمذلة وبعد ان يكون فقد بعض اهله في طاحونة الحرب هو انتصار يستوجب شكر العسكر ام هزيمة مغلظة تستوجب مساءلتهم عن جريمتهم النكراء في حق شعب كانت امامه فرصة العيش بسلام فحرموه منها بسب اطماعهم في السلطة وعمالتهم لاعداء الوطن الراغبين في تقسيمه وسرقة موارده!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: وهو من
إقرأ أيضاً:
الانهيار من الداخل
بقلم عمر العمر
حين يهبط المرء إضطراراً بلا حجة مقنعة على مروحة معلّقة في الفضاء يجد المرء نفسه رهين علامات استفهام ضاغطة تدور في شأن الحاضر والمستقبل .ضغوط تعتصره حد الخيار بين البقاء والفناء. ففي أتون الحروب لا تكون الحياة دوماً مثلما هو الموت خيارا محبباً.بل ربما يكون الثاني أحايين أفضل من الأول. الحرب السودانية ميدان يضج بفائض من الأسئلة الضاغطة مقابل ضيق الخيارات. فالوجع يتعاظم تحت ضغوط أخفّها ركام الممتلكات الخاصة و العامة، وعليه ألم الفراق القسري ، الحسرة على الفقد، الإحساس بالذلة ، المهانة والهوان. لولا الصبر المتمكن من أفئدة السودانيين لربما تواترت أعداد من يفضلون الفناء على البقاء. مما يضاعف الحزن العارم لا مبالاة المتحاربين إذ يتوغلون في التقتيل والتدمير غير معنيين حتى بالتلويح لثغرة انفراج يتسلل عبرها خيط الأمل أمام المواطنين الحزانى المفجوعين بفرضية نهاية وشيكة للملهاة التراجيديا . فهي حرب مدمرة للحجر ،الشجر والبشر يغالبُ فيها الدمُ الدمع ويخالط الدخانُ الغبار و الضحكَ البكاء، فكلاهما تعبير في الدفاع عن الذات .
*****
مهما تفذلك المتفيقهون في التوصيف أو التبرير فإنها في البدء و النهاية حرب اصطراع أحمق على السلطة. حماقتها البلهاء لا تزال تقلّب تربة الحياة في البلاد وقد اقتلعت نحو اثني عشر مليون مواطن من سكنهم . خمسة وعشرون مليون يفتقدون في مدارات مبعثرة دوارة الشعور بالأمان . مليون طفل و أكثر من نصف المليون يقاسون الجوع . الحرب الظالمة حصدت خلال سنتها الأولى ما لايقل عن ستين ألف مواطن في الخرطوم وحدها. أكثر من ستة وعشرين ألفا سقطوا ضحايا أعمال العنف الوحشية.لا توجد إحصائيات أو تقديرات لمن يحصدهم الجوع والمرض في مناطق الاقتتال الأرعن. الموفد الأميركي توم بيريللو -صاحب المهمة الفاشلة- قدّر عدد ضحايا الحرب حين توقيت تقريره الأخير بمئة وخمسين ألفا.
*****
هذه حرب تعج بفائض أشكال التوحش و التفحش في بانوراما الجرائم بدءً من التقتيل ،الذبح والنحر ، التشويه الجسدي مرورا بالقتل على الهوية والقسمات، عبورا بالعنف الجنسي والاغتصاب الجماعي، هبوطا إلى ممارسة إذلال الأبرياء والمستضعفين من الرجال والقواعد من النساء و الولدان الزغب و التشفي بحقد أجلف في ممارسة التعذيب ،الإذلال و الإهانة، انحطاطا إلى الانغماس في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.في كاتلوغ جرائم الحرب الدموي فصولٌ قاتمة لدفع المواطنين إلى الموت بسلاح الجوع والحرمان وتجفيف مصادر الماء وقنوات الدواء.هذا الكاتلوغ ليس من تأليف الجنجويد وحدهم.هناك غوغاء بينهم ( كبار ) ساهموا في إعداده.من غير المستبعد عقد الطرفين صفقة يضعان بموجبها السلاح بنية استرداد الغنيمة. فكلاهما يدركان جزع الأزمة ويعرفان أن الرابح منهما منفردا سيخوض حربا حتمية مع مَن يتبقى مِن المؤمنين بوطن أجمل.
*****
هناك أكداس مكدسة من البؤساء في معسكرات ،خارج مدارات ،العصر موبوءة بكل شرور القعود والعوز .غالبية من فيها لا ينعمون بالحد الأدني من مقومات الحياة .مع غلبة الهزال والقلق عليهم تحمل هياكلهم بالكاد أرواحهم . هناك أكداس مبعثرة في المنافي ينازعهم الحنين إلى وطنهم إذ شعروا بأنهم حمولات إضافية على من لا طاقة لهم بحملها. هؤلاء اقتنعوا تحت وطأة الإحساس الأصيل بالعزة ان الهرب إلى الوطن -ولو أمسى جحيما -أفضل على الهروب منه. فعن أي كرامة يتحدث من يجأر بهذا الشعار البرّاق فيصب الزيت على نار ٍٍ وقودُها الفقراءُ .
*****
حين يستعرض المرء أهوال هذه الحرب تبدو أمامه حجم المأساة على كاهل كافة طبقات المجتمع .الفاجعة تتعاظم حينما يدرك المراقب إصرار أطراف الحرب على التوغل في الاقتتال دونما إبداء حد أدنى من الاهتمام بمعاناة الشعب على هذا النحو الكارثي. بالطبع ليس للعائلات النازحة قسرا من بيوتها والأجيال المعطّلة أحلامها من الصبر ما يعينهم على الانتظار حتى يبلغ طرف نصرا حاسما بمواصلة القتال حتى الرجل الأخير في صفوفه أو على الطرف الآخر كما يزعم الحمقى من الخائضين في الحرب. فالكلام عن انتصارٍ وشيك وهمٌ يروّجه اصحاب الاستثمارات في الحرب. فالجانبان يمارسان تكتيك الكر والفر هربا من المواجهة في معركة كسر عظم نهائية.هذا تكتيك تمليه قدرات الجانبين المتوازية عند خط الضعف المشترك.
*****
هي حربٌ المنحازُ فيها لغير حتمية خاتمة عاجلة هو الخاسر.فالجيش والجنجويد توأمان من انتاج الإنقاذ .كلاهما توغلا في دماء الشعب. الجيش أخفق في الانحياز إلى الشعب عند أكثر من منعطف حرج. ذلك إخفاق فاضح في أداء مهامه الوطنية. فحتى في فرضية تحميل الجنجويد وزر أشعال الحرب يتحمل الجيش مسؤولية الاخفاق في حماية الدولة قبل االحرب وإبانها .أبعد من ذلك فشله الماحق في حماية العائلات وما ملكت. إن يكن انحياز موخاطن إلى الجنجويد جريمة لهي أقل من جريمة الجنرالات إذ تبلغ درجة جريمتهم الخيانة. فالتعاطف مع الميليشيا -خطأ أم صواب -نابعٌ من موقف اخلاقي فردي بينما اخفاق الجيش إنتاج مؤسسة ذات قيادة جماعية مطالبة دستوريا بحماية الشعب والحفاظ على الدولة.فمطالبة الشعب بالإنحياز إلى الجيش يأتي منطقيا مقابل وفاء قادة الجيش بواجباتهم تجاه الشعب والدولة.
*****
تحميل قوىً خارجية مسؤوليةَ إضرام نار الحرب محاولةٌ بائسة لتبرير الفشل الداخلي . فعلى قدر تأمين الجبهة الداخلية بسياج الوحدة تنأى التدخلات الخارجية عن الوطن و تنحسر أطماع الآخرين عن موارده. تلك حكمة الرحل جون غرنغ المتمثلة في احكام شد الناموسية على السرير بغية تفادي لسعات البعوض . ؟التطورات السورية تكشف بوضوح ذهاب التدخلات الخارجية السافرة في الشأن السوري حد دعم الميليشيا مقابل قهر الجيش . إن يكن ذلك خرقا لمواثيق دولية فهو إثمٌ حرّض عليه نظام الأسد بما ارتكب من خطايا وفساد وجرائم ،بما في ذلك تخليق جيش عقيدته الجوهرية تأمين النظام ليس حماية الدولة ؛ الشعب والوطن. فتساقُط المدن السورية لم يحدث تحت ضغط الفصائل المسلحة بقدر ما ساهم فيه إنهيار من الداخل . هذا ( الانتصار ) وفق الرؤى العميقة لم يكن حدثا سوريا صرفا. هناك أيادٍ خارحية لم تكتف فقط بالتدخل ،بل صنعت من زعيم الميليشيا المطلوب على قوائم الإرهاب بطلا ثوريا وطنيا.هذه جيوسياسية المرحلة الدولية الراهنة.و ما يتأبط ترامب أشد شرا.
aloomar@gmail.com