تقييم أداء القنوات الإخبارية في تغطية الصراع والحرب السودانية
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
زهير عثمان
منذ اندلاع الصراع والحرب في السودان، لعبت القنوات الإخبارية دورًا بارزًا في نقل الأحداث والتطورات السياسية والعسكرية إلى الجماهير السودانية والعربية والدولية. ومع ذلك، يختلف تقييم أدائها من ناحية فنية وإعلامية بشكل كبير بناءً على قدرتها على تحقيق التوازن بين تقديم المعلومات الدقيقة والالتزام بقيم الحياد والشفافية.
التقييم الفني والإعلامي
التغطية السريعة والشاملة تتميز بعض القنوات الإخبارية بقدرتها على الوصول إلى مواقع الأحداث وتقديم تقارير مباشرة في وقت قصير، مما يعكس تطورًا في بنيتها التحتية الإعلامية. القنوات التي تعتمد على فرق إخبارية محلية أو مراسلين في السودان كانت الأقدر على تقديم تغطية مستمرة وموثوقة للأحداث.
الجودة التقنية تختلف جودة التغطية التقنية للقنوات الإخبارية، حيث برعت بعض القنوات في تقديم تقارير إخبارية مدعومة بالخرائط التفاعلية والرسوم البيانية التي تساعد المشاهدين على فهم تعقيدات الصراع السوداني. إلا أن بعض القنوات الأخرى كانت تعاني من مشاكل في جودة الصورة والصوت، ما قلل من فاعلية الرسالة الإعلامية.
استخدام مصادر المعلومات: تعتمد بعض القنوات على تقارير من جهات محلية ودولية ومنظمات حقوق الإنسان، فيما تفضل أخرى الاعتماد على تصريحات المسؤولين الرسميين فقط. القنوات التي استطاعت المزج بين هذه المصادر المتعددة أثبتت قدرتها على تقديم صورة أكثر شمولية وموضوعية حول الصراع.
الحياد والموضوعية في سياق الصراعات المسلحة مثل الحرب السودانية، يُعتبر الحياد أحد أبرز القيم الإعلامية التي يجب الحفاظ عليها. مع ذلك، واجهت بعض القنوات انتقادات بسبب تحيزها الواضح لأحد أطراف النزاع، سواء كان ذلك من خلال نوعية الضيوف الذين يتم استضافتهم، أو أسلوب الطرح في البرامج الحوارية. تميزت بعض القنوات بالتزامها بالحياد، فيما قامت أخرى بالترويج لخطابات متحيزة.
التزام القنوات بقيم الحياد والشفافية
قيم الحياد الحياد يتطلب من القنوات الإخبارية نقل الأحداث دون انحياز لأي طرف، وفتح المجال لمختلف الآراء ووجهات النظر. التحدي الذي واجهته معظم القنوات هو كيفية نقل الحرب السودانية بشكل موضوعي مع تقديم صورة واضحة عن المعاناة الإنسانية دون أن تظهر كأنها تدعم طرفًا دون الآخر. في هذا السياق، كانت بعض القنوات تسعى لتحقيق التوازن بين استضافة ممثلين عن الفصائل المتنازعة والساسة السودانيين بمختلف توجهاتهم.
الشفافية والمصداقية الشفافية تتطلب تقديم المعلومات بطريقة موضوعية وغير مضللة. بعض القنوات العربية كانت قادرة على تحقيق هذه القيم من خلال تقديم تحقيقات موثقة ومستندة إلى أدلة، بينما واجهت أخرى اتهامات بنشر معلومات غير دقيقة أو التضليل عن طريق العناوين الجذابة والمبالغ فيها. عدم التحقق الدقيق من المصادر أو الاعتماد على تقارير غير موثوقة أدى إلى فقدان ثقة المشاهدين في بعض الأحيان.
الموضوعية في الطرح تعد الموضوعية من أبرز القيم الإعلامية التي تساعد الجمهور على تكوين رؤية متكاملة حول الصراع. تميزت بعض القنوات بتقديم خلفيات تاريخية وتحليلات عميقة للأحداث، ما ساعد في فهم أبعاد الصراع. في المقابل، ركزت قنوات أخرى على جوانب الإثارة فقط، مما قلل من قيمة الطرح الموضوعي.
دور الوسائط الإعلامية في مقابلات الساسة السودانيين وأثرها على الصراع
وعند الانتقال إلى كيفية تعامل الوسائط الإخبارية مع مقابلات الساسة السودانيين، نجد أن بعض القنوات تتبنى نهجًا يميل إلى تأجيج الخلافات. عبر طرح أسئلة حادة أو التركيز على النقاط الخلافية، تهدف هذه الوسائط إلى الحصول على تصريحات مثيرة من السياسيين، مما يؤدي إلى زيادة حدة التوتر السياسي داخل السودان.
استغلال الخلافات تستغل بعض القنوات الخلافات بين الساسة السودانيين لجذب أكبر عدد من المشاهدين. يتم ذلك عبر استدراج الضيوف لتبادل الاتهامات أو الكشف عن مواقف متناقضة، مما يغذي الانقسام السياسي في السودان ويزيد من تعقيد الصراع. هذه المقابلات تساهم في تصعيد الأزمة بدلاً من دفع نحو الحوار والتفاهم.
التأثير على المشهد السياسي وعبر استضافة شخصيات سياسية مؤثرة وتحفيزها على اتخاذ مواقف حادة، تساهم القنوات في تشكيل الرأي العام والتأثير على الجمهور\
ومع تكرار هذه الأساليب، تزداد مخاطر تغذية الانقسامات السياسية وزعزعة استقرار البلاد.
خطورة هذا النهج الإعلامي
تصعيد الصراع السعي وراء نسب المشاهدة العالية من خلال تأجيج الصراعات بين الساسة يعزز من حالة الاستقطاب السياسي. وسائل الإعلام التي تشجع على هذا النهج تسهم في تعميق الخلافات بين الأطراف المتنازعة، ما يضعف فرص الوصول إلى حلول سلمية.
فقدان الثقة والمصداقية وسائل الإعلام التي تستمر في اتباع نهج الإثارة على حساب الموضوعية تفقد ثقة الجمهور. عندما يدرك المشاهدون أن الهدف الأساسي للقناة هو تحقيق نسب مشاهدة عالية، وليس تقديم تغطية إخبارية نزيهة، ينخفض مستوى ثقتهم في المعلومات المقدمة.
والإضرار بجهود السلام تتطلب جهود المصالحة الوطنية والإصلاح السياسي تغطية إعلامية تدعم الحوار والتفاهم بين الأطراف المتنازعة. عندما تتبنى الوسائط الإعلامية نهجًا مستفزًا، فإنها تعيق هذه الجهود وتسهم في استمرار الصراع.
وفي ظل تعقيدات الحرب السودانية، يحتاج المشهد الإعلامي إلى التركيز على دور بناء في نقل الحقيقة وتحقيق السلام. التزام القنوات الإخبارية بقيم الحياد والشفافية هو الضمان الأساسي لاستمرار مصداقيتها، ودورها يجب أن يتمحور حول تقديم تغطية موضوعية وعادلة تساعد على فهم الصراع وتوجيهه نحو الحلول السلمية.
إن قضية الحرب والصراع الحالي في السودان ليست مجرد نزاع سياسي بين أطراف متنازعة، بل هي قضية الأمة السودانية بأكملها. مصير البلاد ومستقبل شعبها يتوقف على مدى قدرتهم على تجاوز هذه المحنة وتحقيق السلام. ومع خروج السودان من هذه الأزمة، سيأتي وقت للحساب والتقييم، حيث سيتعين على الإعلاميين السودانيين والوسائط الإعلامية، سواء المحلية أو العربية، أن ينظروا في دورهم خلال هذه الفترة الحرجة.
أين سيجد الإعلاميون وهذه الوسائط أنفسهم بعد انتهاء الصراع؟ سيتوجب عليهم مواجهة قرارات الشعب السوداني، الذي سيقيّم دورهم في تغطية الأحداث. هل ساهموا في تعزيز الحوار والبحث عن حلول سلمية؟ أم كانوا جزءًا من تأجيج الصراع وزيادة الاستقطاب؟
قرار الأمة السودانية فيهم سيكون بناءً على مدى التزامهم بالموضوعية والحياد والشفافية. ستتذكر الأمة من دعم جهودها للسلام والوحدة، ومن استغل معاناتها لتحقيق مكاسب إعلامية قصيرة المدى. في النهاية، سيكون دور الإعلام محوريًا في تحديد مسار المستقبل، وسيتعين على الصحفيين والإعلاميين أن يتحملوا مسؤولية ما قدموه خلال هذه المرحلة التاريخية.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القنوات الإخباریة الحرب السودانیة بعض القنوات فی السودان
إقرأ أيضاً:
الجندي يتابع مشروع تغطية مصرف الزهار ويؤكد: لا تهاون في معدلات الإنجاز وجودة التنفيذ
تابع اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، اليوم أعمال التنفيذ الجارية بمشروع تغطية وتطوير مصرف الزهار بمركز قطور، والذي يمتد بطول 750 مترًا وعرض 30 مترًا، كمتابعة دورية لضمان انتظام العمل وجودة الأداء.
جهود محافظ الغربيةجاء ذلك في إطار حرص الدولة على رفع كفاءة البنية التحتية وتطوير شبكات الطرق والمرافق، وتنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بضرورة حسين جودة الحياة وتوفير بيئة آمنة ومستدامة للمواطنين.
وأكد المحافظ خلال متابعته أن الأعمال تسير وفق البرنامج الزمني المخطط، حيث تم الانتهاء من تغطية مساحة كبيرة من المصرف، وجارٍ استكمال باقي الأطوال، مشددًا على أهمية الالتزام بسرعة الإنجاز دون المساس بمعايير الجودة والمواصفات الفنية المعتمدة، تنفيذًا لرؤية الدولة في تطوير البيئة العمرانية وتحسين المرافق الخدمية.
تغطية المصرف المركزيوأوضح اللواء الجندي أن المشروع لا يقتصر على تغطية المصرف فحسب، بل يشمل كذلك أعمال تكسير وإزالة طبقة الأسفلت القديمة بطول 500 متر، تمهيدًا لبدء مراحل الرصف الجديدة ضمن خطة تطوير شاملة تستهدف رفع كفاءة الطرق الداخلية بقطور، وتيسير حركة المرور، خاصة في المناطق التي تشهد كثافات سكانية مرتفعة.
وأشار محافظ الغربية إلى أن المشروع من شأنه الإسهام في تحسين المشهد الحضاري لشوارع المركز، بالإضافة إلى حماية المواطنين من المخاطر البيئية والصحية الناتجة عن المصارف المكشوفة، وذلك تنفيذًا لخطط الدولة في تغطية المجاري المائية المكشوفة وتحسين جودة الحياة بالمجتمعات المحلية.
رضا المواطن على رأس أولوياتهواختتم اللواء أشرف الجندي تصريحاته مؤكدًا أن المتابعة الميدانية مستمرة لكافة المشروعات التنموية الجارية في نطاق المحافظة، مشيرًا إلى أن محافظة الغربية تضع رضا المواطن على رأس أولوياتها، وتسير بخطى واضحة نحو إحداث نقلة نوعية في البنية الأساسية والخدمات العامة، بما يتماشى مع استراتيجية الدولة لبناء مستقبل أكثر استقرارًا وجودة.