سودانايل:
2025-03-20@10:16:16 GMT

الحرب في السودان والشرعية المفقودة

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

أدرك الغرب خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، حقيقة أن شرعية أي نظام سياسي legitimacy تستمد من قبول أغلبية الشعب له، وهذا ما ساهم في صعود حزب العمال في بريطانيا إلي الحكم بعد انتهاء الحرب، رغم أن ذلك كان قد جاء خصما علي حساب رئيس الوزراء ونستون شرشل وشعبيته الكاسحة بإعتباره أشهر ابطال الحرب آنذاك ، وكذلك فعل الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت حينما طبق ما عرف "بالصفقة الجديده" وفي الحالتين مكن برنامج حزب العمال في بريطانيا والديمقراطيين في الولايات المتحدة شرائح واسعة من الشعب في أن يعيشوا هم وأبنائهم حياة أفضل.



ربما كان أهم ما جاء في آخر ظهور لقائد الدعم السريع هو إتهامه لمصر بمساعدة الجيش في قصف مواقع قوات الدعم السريع في جبل موية.
والحقيقة أن تدخل مصر في الحرب السودانية شئ مزعج اذا صحت إتهامات حميدتي وننتظر منه تقديم ادلة كي تدعم هذا الإتهام.
ليس معني ذلك انني أستبعد تدخل مصر ولكني استغرب له ، واخشى أن تكون الحكومة المصرية قد لعبت دور التمثيل الدبلوماسى والسياسي للأخوان المسلمين جناح المؤتمر الوطني في السودان، والذي يعيش عزله دولية، وهو شئ للاسف شبيه بالدور التركي في تمثيل حركة الإخوان المسلمين المصرية، مستفيدة من وضعها السياسي ومن عضويتها في حلف الناتو. والتمثيل السياسي والدبلوماسي يعني التفاوض مع المجتمع الدولي لفك الحصار عنهم وهي ، أي تركيا ، تلعب دورا أهم من الدور الذي ظلت تلعبه دولة قطر رغم ان الأخيرة تقوم باعباء الدعم المادي والإعلامي للاسلام السياسي بالمنطقه.
أنا هنا لا أتناول مسألة الدعم المصري للجيش السوداني المختطف من قبل جماعة الاخوان المسلمين والتي تسيطر على قراراته بشكل كامل، لا اتناوله من باب الكراهية لمصر لأنني أري في ذلك " شعوبية " بغيضة "popularism يعاني منها عدد كبير من الافراد سواء كانوا مصريين أو سودانيين ولأسباب مختلفة وتصورات تقوم علي المعرفة البدهية او الحدس الذي يتغذي علي الشائعات بدلا عن معرفة الحقائق والوعي بالتحديات الحضارية التي تواجه البلدين، ولذلك فهي تعتبر تصورات خاطئة تماما .
فاللغة والجغرافيا والثقافة عموما جعلت تأثير مصر علي السودان كبيرا جدا ، منه الصالح ومنه الطالح مافي ذلك شك، ولكن في تعاملنا مع تلك العلاقة ذات التعقيدات الكثيرة بين البلدين، علينا الانطلاق من أهم المنصات والتحديات التي تواجه الشعبين وهما التهديد الحضاري الذي تمثله جماعات الإسلام السياسي من جهة وقضايا أخري ذات أبعاد ثقافية وتربوية في المجتمعات المصرية والسودانية ترتبط باضرار إرتفاع عدد المواليد بشكل كبير واثره السلبي علي التنمية وضغطه علي الموارد المحدودة.
يبدو أن الحكومة المصرية الحالية في معركتها الحضارية مع جماعات الإخوان المسلمين والسلفيين قد اتجهت إلي بناء المؤسسات والي التعمير في البني التحتية لمصر وهو إتجاه سليم رغم أثاره الجانبية السالبة سواء اكان في الفكرة أو في التنفيذ، والتي ظهرت في ديون مصر وتخفيض عملتها الوطنية والتضخم الذي يعاني منه الشعب المصري خاصة الشرائح الفقيرة والتي مازالت تمثل الأغلبية. لكن الاتجاه إلي بناء المؤسسات يساعد علي ضخ التفكير العقلاني في عروق المجتمع علي حساب الإنشغال بالقضايا الوجودية الكبري وهو شئ،إيجابي بطبيعة الحال بإعتبار انها قضايا تخص الافراد في نهاية الأمر.

من المعروف أن عدد كبير من السودانيين كانوا قد إستبشروا خيرا بخبر بانتصارات الجيش التي جاءت من إعلام فلول النظام السابق من جماعات الإسلام السياسي، فخرج الناس في فرح وابتهاج لانتصارات الجيش " المزعومه " تلك، وخبر تحرير مدينة بحري ومصفاة البترول في الجيلي. وليس لدي شك في أن تلك البهجه وذلك التاييد للجيش هو تأييد مشروط بوقف الحرب ورجوع الناس إلي منازلهم واوضاعهم السابقة، بعد أن مزقت الحرب احلامهم ونسيجهم الاجتماعي وافقدتهم الأعزاء من الاهل والأصدقاء.
اذن فإن تأييدهم للجيش قد جاء بناءا علي معلومات مضللة يقوم ببثها أنصار النظام السابق واعلامهم المدعوم بغرض إضعاف معسكر السلام المطالب بوقف الحرب فورا عن طريق التفاوض.
ويبدو أن الجماهير السودانية مازالت في اغلبها ترفض الرجوع إلي العيش تحت حكم النظام السابق لكن اعلام الإخوان المسلمين مازال يستجدى مسألة "إظهار قبول الشعب لهم" ولو عن طريق الكذب والتدليس واستخدام مؤسسة الجيش التي يسيطرون علي قراراتها.
واخشي أن تكون الحكومة المصرية قد ساعدتهم علي تسويق ذلك للمجتمع الدولي خاصة وأن الجميع يعلم دور كتائب الإخوان المسلمين الواضح في هذه الحرب. إن محاولات إقناع المجتمع الدولي والاقليمي بأن غالبية شعب السودان يؤيد جيشه في حربه ضد قوات الدعم السريع خطأ فادح في هذا الظرف العصيب ، ويعد بمثابة تسويق لسلعة فاسدة لأن الشعب في حقيقة الأمر يتوق إلى وقف الحرب وعودة الحياة في السودان الي طبيعتها.

من الضروري في الوقت الراهن إقناع الإدارة المصرية بالتخلي عن دعمها السياسي والدبلوماسي والعسكري إن وجد، للجيش السوداني وقياداته التي تسببت في اندلاع الحرب والإصرار علي استطالة امدها بمواقفها الرافضة للتفاوض حتي تضع الحرب أوزارها.
نتمنى أن تهتم حكومة مصر بالمنصات ذات الطابع الاستراتيجي المذكورة بعاليه وأن تنطلق منها ، حتي تدرك قبل فوات الاوان ان منح انصار النظام السابق في السودان شرعيةزائفة خطأ في حق الحاضر وفي حق المستقبل والأجيال القادمة.

طلعت محمد الطيب

talaat1706@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإخوان المسلمین النظام السابق فی السودان

إقرأ أيضاً:

المؤتمر: كلمة الرئيس السيسي بحفل إفطار القوات المسلحة تعكس عمق الوعي السياسي

أشاد اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، أستاذ العلوم السياسية بالكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال حفل الإفطار السنوي الذي أقامته القوات المسلحة بحضور نخبة من كبار رجال الدولة، وقادة القوات المسلحة والشرطة المدنية، وكبار المسؤولين، وطلبة الأكاديمية العسكرية المصرية مشيرا إلى أن هذه الكلمة جاءت لتعكس عمق وعي القيادة السياسية وإدراكها لأهمية تماسك الشعب المصري وقوة مؤسسات الدولة في مواجهة التحديات الراهنة، سواء على الصعيدين الداخلي أو الإقليمي.

دور الشعب المصري وتماسكه

وأشار الدكتور فرحات إلى أن إشادة الرئيس السيسي بدور الشعب المصري وتماسكه، والثناء على دور القوات المسلحة والشرطة المدنية، يعكسان تقدير الدولة للدور الوطني الذي تقوم به هذه المؤسسات في حماية الأمن القومي المصري والحفاظ على الاستقرار الداخلي مشيرا إلى أن هذه المؤسسات تمثل الركيزة الأساسية للدولة المصرية، حيث تحملت على مدار العقود الماضية أعباء جسيمة خلال فترات عصيبة، وكانت دائما في مقدمة الصفوف للدفاع عن الشعب المصري والحفاظ على مكتسبات الدولة الوطنية.

الرئيس السيسي يشارك في حفل الإفطار السنوي للقوات المسلحة.. تعليق أحمد موسى | بث مباشرأحمد موسى: الرئيس السيسي بعث رسائل طمأنة للشعب حول الأوضاع الاقتصادية

وأكد نائب رئيس حزب المؤتمر أن اللقاء الذي جمع الرئيس السيسي بهذه الكوكبة من القيادات يعكس حالة التلاحم الوطني بين مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع، ويبرز الدور المحوري لهذه المؤسسات في حماية الأمن والاستقرار، والعمل من أجل تحقيق التنمية الشاملة مشيرا إلى أن هذا التلاحم يشكل جدارا منيعا أمام أي محاولات لزعزعة الاستقرار أو التشكيك في قدرة الدولة على مواجهة التحديات.

التلاحم الوطني هو جدار منيع أمام محاولات زعزعة استقرار الدولة

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن الرسائل التي وجهها الرئيس خلال كلمته تعزز مفهوم الوعي المجتمعي وتعميق الانتماء الوطني، لافتا إلى أن مصر استطاعت بفضل هذا التماسك تجاوز العديد من الأزمات الداخلية والإقليمية، وأنها قدمت نموذجا يحتذى به في الصمود والثبات وأكدت التجربة المصرية خلال العقد الماضي أهمية الثقة المتبادلة بين الشعب وقيادته ومؤسساته، وهو ما عزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات والتعامل بحكمة وحزم مع الأزمات.

كما شدد الدكتور رضا فرحات على أهمية الدعم الشعبي لمؤسسات الدولة، مؤكدا أن هذا الدعم يمثل الضمانة الأساسية للحفاظ على استقرار مصر وأمنها، ويعزز مناعة الدولة ضد محاولات التشكيك والتشويه الإعلامي لافتا إلى أن محاولات استهداف مؤسسات الدولة عبر نشر الشائعات أو التحريض الإعلامي المغرض لن تحقق أهدافها طالما أن هناك وعيا شعبيا، وإيمانا حقيقيا بدور الدولة ومؤسساتها.

وأكد أستاذ العلوم السياسية على أهمية استمرار التلاحم الوطني بين مختلف مكونات المجتمع المصري، والحفاظ على مكتسبات الدولة الوطنية، ودعم الجهود الرامية إلى تعزيز الاستقرار والتنمية مؤكدا أن مصر تمضي بخطى ثابتة في مسيرة التنمية، وهو ما يتطلب من الجميع اليقظة والوعي لمواجهة محاولات التشكيك المستمرة و الإنجازات المتحققة على أرض الواقع هي أكبر دليل على نجاح الدولة في التصدي للمؤامرات الخبيثة

مقالات مشابهة

  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (17 – 20)
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية «16 – 20»
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (16 – 20)
  • مجلس حكماء المسلمين يدين بشدة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة
  • رتيبة النتشة: إسرائيل لا تحترم مشاعر المسلمين في الحرب على قطاع غزة| فيديو
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (15 – 20)
  • خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
  • المجلس السياسي يؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يترك وحيدا
  • المؤتمر: كلمة الرئيس السيسي بحفل إفطار القوات المسلحة تعكس عمق الوعي السياسي
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (14 – 20)