عصب الشارع
صفاء الفحل
إن أسوأ ما تمضي إليه هذه الحرب هو الاتجاه المتسارع الذي يمارسه طرفي النزاع لتحويلها إلى حرب إقليمية تكون أرضنا (الهاملة) مسرحها ودماء الشعب السوداني الذي لا حول ولا قوة له وقودها، بصناعة محاور مساندة لكل طرف، لتحقيق انتصارات على الطرف الآخر وحتى ولو كان الثمن المزيد من تدمير البنى التحتية التي تكاد تكون قد انتهت تماماً وتنفيذ سياسة (الأرض المحروقة) حتى لو احترق معها نصف الشعب الذي لا وجيع له بالضرب العشوائي (أرضاً وجواً) الذي يمارسه المساهمون في تلك المحاور على اعتبار إن إعادة إعمار تلك الأرض لا يقع على عاتقهم مستقبلاً، وهذه الدماء ليس دماء أهلهم أو شعوبهم، بل دماء هذا الشعب المستباح من قادتة، والإعمار سيقع على عاتق هذا الشعب الطيب مستقبلاً.
وفي ظل التقدم التكنلوجي والعالم الذي صار ك(قرية) صغيرة أصبح النفي والإثبات لا قيمة له، فالحقيقة أصبحت متاحة وإن حاول البعض إخفاء عين الشمس بالغربال، ومشاركة الطيران المصري والسلاح الإيراني في الحرب السودانية الدائرة لم يكن يحتاج لإثبات من (حميدتي) أو غيره، ولا يمكن لمصر أن تدفن رأسها في الرمال وجسدها كله بالخارج كالنعامة، والمجتمع الدولي يعلم وحتى القوى المدنية (تقدم) التي تحاول أن تحتفظ بشعرة معاوية مع القيادة المصرية تعلم، وفي ذات الوقت لا يمكن إنكار دعم دولة الإمارات للدعم السريع رغم أن هناك فرق بين المشاركة (الفعلية) المباشرة بالطائرات وقيادتها في العمليات القتالية، وبين الدعم اللوجستي والإمداد بالسلاح والمعدات وإن كان كلاهما مرفوض ويساهم في عملية إستمرار الحرب، وبالتالي معاناة هذا الشعب المسكين.
وفي ذات الوقت يحاول كل طرف من طرفي الحرب الإيحاء للبسطاء والمغيبين عن الحقيقية (المستقبلية) المرة بأن انتصاره في هذه الحرب العبثية والتي تزداد اتساعاً كل يوم، هو نهاية هذا الكابوس المريع الذي يعيشه وعودة الديمقراطية والرفاهية والأمان للوطن تحت راية شعاراته الجميلة التي يرفعها متجاهلاً تماماً إن إعادة إعمار ما تسبب فيه من موت ودمار من أجل أطماعه بالجلوس على قمة السلطة سيدفع البسطاء ثمنه غالياً (مستقبلاً) والبناء أصعب ألف مرة من التدمير.
هذه الحرب ستنتهي يوماً حتماً، فلا توجد حرب إستمرت إلى ما لا نهاية، والتاريخ وحده والمواقف الشجاعة والوطنية الحقيقية، هي وحدها التي تبقى وسيعود هذا الشعب الصابر إلى صحوته ويخرج من خلف الركام ويرتقي ويعيد بناء الوطن على راية الحرية والسلام والعدالة، التي لن تسقط أبدا، ولكنه أبداً لن يغفر لكل من أشعل هذه الحرب أو ساهم في تدمير أرضه..
وسيدفع كلا الطرفين ثمن هذا الدمار غالياً باذن الله.
تحية من العصب
التحية والتقدير لأبطال صقور الجديان (منتخب الصمود) الذين يزرعون الفرحة في قلوبنا وسط هذه المعاناة التي نعيشها ونلفت نظر (الكوز) والمدرب الفاشل هيثم مصطفى بعدم إقحام السياسة في الرياضة حتى لا يقتل فرح الناس بالانتصارات بتعليقاته السخيفة.
وراية الثورة ما زالت خفاقة..
والمحاسبة والقصاص قادم..
والرحمة والخلود للشهداء..
الجريدة
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه الحرب هذا الشعب
إقرأ أيضاً:
السودان: الأمل الضائع في مواجهة الأزمات المستمرة والحروب المتجددة
بقلم: د. إبراهيم عمر(صاروخ)
منذ الاستقلال، واجه السودان سلسلة من الأزمات السياسية المتلاحقة والحروب الداخلية المستمرة، مما أعاق قدراته على تحقيق الاستقرار والنمو والتنمية. شهدت الأوضاع السياسية والأمنية تقلبات كبيرة، ما بين انقلابات عسكرية وثورات شعبية وحروب أهلية وقبلية. أدت هذه الأزمات والمشكلات إلى استمرار حالة دائمة من التشظي السياسي، وتفتيت النسيج الاجتماعي، والاستقطاب الإثني والجهوي، مما حال دون تحقيق الوحدة القومية والتكامل السياسي.
رغم الجهود المضنية والمتكررة للوصول إلى تسوية سياسية سلمية، وجد السودان نفسه في دوامة جديدة من الحروب الدموية والصراعات المميتة والفوضى العارمة. وفي ظل الأحداث المأساوية والمتسارعة، تزايدت المخاوف لدى السودانيين من مستقبل قاتم وغير آمن. يتجلى ذلك بشكل خاص مع إصرار مليشيا الدعم السريع والأطراف المتحالفة معها على تشكيل حكومة موازية. في المقابل، تصر القيادة العسكرية والمجموعات المتحالفة معها على أن لا مجال لوقف الحرب أو إجراء أي حوار بشأن الأزمة الجارية إلا بتحقيق النصر على الخصم أو الاستسلام.
هذا التموضع والتمترس يشيران إلى أن هدف طرفي الحرب هو تحقيق مكاسب خاصة بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن، مما يزيد من معاناة الشعب السوداني ويهدد وحدة البلاد ومصيرها. إن الإصرار على استمرار الحرب بلا هوادة يطرح تساؤلات ملحة حول كيفية الخروج من هذه الأزمة المركبة والنفق المظلم. فمن الواضح أن استمرار هذه الحرب الكارثية سيهدد مستقبل كيان الدولة السودانية وشعبه.
تحت وطأة هذا التعنت واللامبالاة، يتعرض المواطنون يومياً لانتهاكات جسيمة في حقوقهم بالنهب والسلب، بما في ذلك القتل الممنهج والدمار الشامل. للخروج من هذه الورطة، يتطلب الوضع تفكيراً جاداً مدعوماً بإرادة وطنية حقيقية لإيجاد حلول جذرية ودائمة للأزمة القائمة. إن العمل من أجل إنهاء الحرب يحتاج إلى أكثر من مجرد اتفاقات وتحالفات مرحلية وسطحية غير المجدية؛ بل يستوجب الأمر تقديم تنازلات من أجل مصلحة البلاد وشعبها.
من حق الشعب السوداني أن يعيش حياة مطمئنة وآمنة وكريمة، خالية من العنف والتنكيل والقتل والدمار. لتحقيق هذا الهدف، يجب على جميع فئات الشعب على مختلف توجهاتهم أن تتكاتف وتضع مصلحة الوطن فوق أي مصالح شخصية، حزبية، طائفية، قبلية وجهوية. إن الوضع الراهن لا يحتمل التأخير، بل يتطلب تحركاً عاجلاً وعملاً دؤوبا وجاداً للوصول إلى سلام شامل ومستدام ينهي مسلسل الحروب ومعاناتها.
رغم الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة الماثلة أمام الجميع، يبقى الأمل قائماً في الوصول إلى السلام الشامل المستدام. ولكن هذا الأمل يتطلب دفع جهوداً مشتركة وتنازلات وحواراً مستمراً لتجاوز هذه المراحل الحرجة من تاريخ بلادنا الحبيبة. إن المستقبل الأفضل الذي يتمناه الجميع يتطلب من الجميع تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والوطنية والإنسانية والمساهمة الفعالة من أجل أن يكون السودان حراً، مستقراً، مزدهراً وموحداً أرضاً وشعباً.
ibrahimsarokh@gmail.com