صدى البلد:
2024-10-16@10:29:14 GMT

هل يجوز صلاة التوبة بعد العشاء؟.. حكمها وموعدها

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

صلاة التوبة واحدة من الصلوات التي تؤدى للبحث عن مكفر للذنوب؛ وفي السطور التالية نوضح هل يجوز صلاة التوبة بعد العشاء، ومتى تصلى؟

صفة صلاة التوبة

جاء عن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا مِنْ رَجُلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يُصَلِّي ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ لَهُ»، ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135] أخرجه الترمذي في "سننه".

ودل الحديث على مشروعية صلاة التوبة، وهي مستحبة باتفاق المذاهب الأربعة، فيستحب للمسلم إن وقع في المعصية أن يتوضأ ويحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين يجتهد فيهما بأن يستحضر قلبه ويخشع لله تعالى، ثم يستغفر الله، فيغفر الله تعالى له تكرمًا، وعليه كذلك أن يحقق شروط التوبة بأن يندم على المعصية ويعزم على عدم العودة إليها، وإن كانت تتعلق بحق آدمي رده إليه.

صلاة التوبة كم ركعة

وصلاة التوبة ركعتان؛ يجب فيهما من الأركان والشروط ما يجب في صلاة النافلة؛ لأنّها من النوافل. وتُصلى صلاة التوبة بشكل منفرد؛ أيّ لا يُشرع فيها الجماعة.

كما يُستحب للتائب بعد الانتهاء من الصلاة الإكثار من الاستغفار، وذكر الله -تعالى-؛ بدلالة قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ...)؛ وإن تعددت الأقوال في معنى الذكر الوارد بالآية الكريمة؛ فهو يحتمل ذكر الوعيد وعقابه، والذكر الذي باللسان، والصلاة.

ويُستحب للتائب التصدّق وبذل المال؛ فذلك أرجى لقبول التوبة وغفران الذنب؛ بدلالة قوله -تعالى-: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ...)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن حَلَفَ فقالَ في حَلِفِهِ: واللَّاتِ والعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ومَن قالَ لِصاحِبِهِ: تَعالَ أُقامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ).

كيفية التوبة من الزنا للمتزوجة والعزباء.. ردد هذا الدعاء يمحو الذنوب حتى لو مثل الجبال النشرة الدينية.. كيفية التوبة من سرقة الكهرباء ودعاء مستجاب لتوسعة الرزق ماذا يقرأ في صلاة التوبة

ذكر بعض أهل العلم أنّه يُستحب قراءة سورتي الإخلاص والكافرون في صلاة التوبة، وقيل يُشرع قراءة قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)؛ وقوله -تعالى-: (ومَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً).

ولقد علّق بعض المتأخرين من أهل العلم أنّ الصحيح عدم تخصيص هذه الصلاة بآيات معينة، أو سور محددة؛ لأنّ ذلك لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيجوز للتائب قراءة ما شاء من القرآن الكريم، وما تيّسر له، وما كان أرجى لخشوعه وندمه وتوبته.

أفضل وقت للتوبة

ذكر مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، قول ابن رجب الحنبلي، أن أفضل وقت للتوبة؛ أن يبادر الإنسان بالتوبة في صحته قبل نزول المرض به؛ حتى يتمكن حينئذ من العمل الصالح.

دعاء صلاة التوبة

1- قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-: «اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْك

2- « اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة، ويورث الندامة ويحبس الرزق ويرد الدعاء، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت منه ثم عدت إليه، وأستغفرك من النعم التي أنعمت بها علي فاستعنت بها على معاصيك، وأستغفرك من الذنوب التي لايطلع عليها.. أحد سواك ولا ينجيني منها أحد غيرك، ولا يسعها إلا حلمك وكرمك ولا ينجيني منها إلا عفوك».

3- « اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما أستطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي وأبوئ بذنبي فأغفر لي فأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه توبة عبد ظالم لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا».

4- « ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا أصرًا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، وأعف عنا وأغفر لنا وأرحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين».

5- « اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يمحق الحسنات ويضاعف السيئات ويحل النقمات ويغضبك، يارب الأرض والسموات، اللهم أغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب أذنبته وتعمدته أو جهلته، وأستغفرك من كل الذنوب التي لا يعلمها غيرك، ولا يسعها إلا حلمك».

6- « اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبي، ورحمتك أرجي عندي من عملي، سبحانك لا إله غيرك، أغفر لي ذنبي وأصلح لي عملي إنك تغفر الذنوب لمن تشاء، وأنت الغفور الرحيم يا غفار أغفر لي يا تواب تب علي يا رحمن أرحمني يا عفو أعفو عني يا رؤف أرأف بي».

7- « ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا أفرغ علينا صبرًا وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين».

8- « ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة أنك أنت الوهاب، ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه أن الله لا يخلف الميعاد، رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي، وأن أعمل صالحًا ترضاه، وأصلح لي في ذريتي أني تبت إليك وإنى من المسلمين».

9-« رب أنزلني منازل النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا. رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق، وأجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأجعلنا من الراشدين، و أجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين».

10- « ربنا أصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرًا ومقامًا، ربنا أصرف عنا السوء والفحشاء وأجعلنا من عبادك المخلصين، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فأعف عنا. اللهم عافنا وأعف عنا في الدنيا والآخرة».

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صلاة التوبة شروط التوبة دعاء صلاة التوبة اللهم إنی أستغفرک صلاة التوبة الله علیه ا ف ع ل وا

إقرأ أيضاً:

هل يجوز البيع الإلكتروني أثناء خطبة الجمعة؟.. اعرف آراء الفقهاء

يتساءل البعض عن حكم البيع الإلكتروني في الطريق إلى الجمعة، ونوضح ذلك وفق ما ذكرته دار الإفتاء المصرية بشأن المراد بالبيع الإلكتروني وحكمه أثناء الأذان والخطبة.

حكم البيع الإلكتروني في الطريق إلى الجمعة

وقالت الإفتاء إن البيع الإلكتروني هو مبادلة مال معلوم بسلعٍ أو بمنافعَ معلومة ومشروعة باستخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة، وهو وسيلة مستحدثة من وسائل البيع والشراء تُيسر على الناس معاملاتهم وتُوفر عليهم الكثير من الجهد والوقت.

وقد أباح الشرع الشريف البيع والشراء في سائر الأوقات مستثنيًا من ذلك وقت اجتماع المسلمين لـصلاة الجمعة، تعظيمًا لقدرها وحثًّا على المبادرة والسعي إليها؛ لكونها من الصلوات التي إن لم يدركها المسلم في وقتها فاته الأجر العظيم، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9]، ولأجل ذلك حرم الشرع الشريف كل ما من شأنه أن يشغل المكلف بها عن السعي إليها والقيام بها، وخص البيع بالذكر لكونه أكثر ما ينشغل به الإنسان، إذ به قوام حياته ومعاشه.

قال العلامة السمعاني في "قواطع الأدلة" (2/ 129، ط. دار الكتب العلمية): [وكان معنى نهيه تعالى عن البيع أنه ‌شاغل ‌عن ‌الجمعة فصار عقود المناكح والإيجارات وسائر المعاملات والصنائع نهيًا عنها قياسًا على البيع؛ لأنه شاغله عن حضور الجمعة] اهـ.

وقد تواردت نصوص الفقهاء على أن النهي عن البيع ليس لذاته، وإنما لأمر خارج عنه، وهو إما غلبة الانشغال به عن الصلاة، وإما لكونه سببًا في ترك السعي إليها؛ إذ السعي لصلاة الجمعة لا ينفك الأمر بها عن الأمر به ولا طلبها عن طلبه؛ لأنه لا يتوصل إليها إلا به، وما لا يتحقق الواجب إلا به فهو واجب.

آراء الفقهاء في البيع الإلكتروني أثناء خطبة الجمعة

قد اختلف الفقهاء فيما إذا أمكن الإنسان التعامل بالبيع والشراء حال سعيه لصلاة الجمعة، كأن يبيع ويشتري وهو في الطريق إليها، مما قد لا يخل بمقصود السعي، وهو المتحقق في مسألتنا من البيع الإلكتروني، والذي يكون غالبًا عن طريق الأجهزة الإلكترونية المحمولة بحيث يتمكن الإنسان من إتمام عملية البيع أو الشراء وهو في طريقه إلى الصلاة.

فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن المقصود بالنهي عن البيع وقت الجمعة، هو البيع الذي يؤدي إلى ترك السعي إليها، فإذا باع وهو في الطريق ساعيًا إليها، وبحيث لا يؤثر بيعه وشراؤه على إدراكها في وقتها، فلا يحرم عليه ذلك.

قال العلامة البابرتي في "العناية شرح الهداية" (6/ 478، ط. دار الفكر): [البيع قد يخل بواجب السعي إذا قعدا أو وقفا يتبايعان، وأما إذا تبايعا يمشيان فلا إخلال، فيصح بلا كراهة] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 161، ط. الحلبي): [السعي نفسه فرض... (قوله: وترك البيع) أراد به كل عمل ينافي السعي وخصه اتباعًا للآية؛ "نهر". (قوله: ولو مع السعي) صرح في "السراج" بعدم الكراهة إذا لم يشغله؛ "بحر"] اهـ.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في "فتح الوهاب" (1/ 92، ط. دار الفكر): [(وحرم على من تلزمه) الجمعة (اشتغال بنحو بيع) من عقود وصنائع وغيرها مما فيه تشاغل عن السعي إلى الجمعة (بعد شروع في أذان خطبة)... وحرمة ما ذكر في حق من جلس له في غير المسجد، أما إذا سمع النداء فقام قاصدًا الجمعة فباع في طريقه أو قعد في الجامع وباع: فلا يحرم] اهـ.

وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "روضة الناظر" (2/ 202، ط. مؤسسة الريان): [يعلم منه التعليل للنهي عن البيع بكونه مانعًا من السعي إلى الجمعة] اهـ.

وذهب المالكية إلى حرمة البيع في وقت الجمعة مطلقًا، وسواء في ذلك من لزمته الجمعة ومن لم تلزمه لئلا يكون ذريعة لانشغال من تلزمه عنها.

قال العلامة الدسوقي المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 386، ط. دار الفكر): [قوله: (وأما من تلزمه فيحرم عليه البيع والشراء وقتها) أي: سواء كان بسوق أو غيره، سواء وقع البيع بينه وبين من تلزمه أو من لا تلزمه] اهـ.

بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من رحاب مسجد الشهداء بالإسماعيلية صلاة الجمعة وسننها الثابتة.. 10 أمور من الهدي النبوي

وقال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل" (1/ 437، ط. دار الفكر): [وترك البيع والشراء (مطلقًا) عن التقييد بمن تلزمهم الجمعة... وأقيم من لا تلزمه لئلا يشتغل بالُ من تلزمه لاختصاصه بالربح فيضر من تلزمه، ولئلا يكون ذريعة لاشتغال من تلزمه عنها بالبيع والشراء مع من لا تلزمه] اهـ.

والحاصل ومع ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من مشروعية البيع في وقت صلاة الجمعة حال كونه لا يشغل عن السعي إليها كمن باع وهو في طريقه إلى الصلاة، إلا أنه قد توارد من النصوص الشرعية والآثار ما يتقوى به قول المالكية من النهي عن البيع ولو كان ماشيًا إليها تأدبًا مع شعيرة النداء وتقديسًا لوقت الجمعة والمبادرة لها؛ ذلك أن من خرج من بيته قاصدًا الصلاة كمن هو في صلاة حتى يصلي ويخرج عنها، فينبغي له تأدبًا أن يلتزم في طريقه إليها ما يلتزمه فيها من وقار وسكينة، وألا ينشغل عنها بغيرها من أمور الدنيا، إذ رتب الشرع الشريف على كل خطوة في الطريق إليها ثوابًا وفضلًا كبيرًا، فالأولى بمن خرج من بيته قاصدًا صلاة الجمعة بعد النداء بها أن ينشغل بالذكر والاستغفار والدعاء لتحصيل أكبر قدر من فضل وقتها مع قِصَرِه وضيقه، لا أن ينشغل بالبيع والشراء المتاحين له في سائر الأوقات والأيام، وقد تقرر أن ما ثبتت نسبته وجبت خصوصيته، وقد ثبت أن ذلك الوقت منسوب لشعيرة الجمعة في حق المخاطب بها، فينبغي أن يختص بها وبأحكامها، وذلك مقتضى ما تواردت عليه النصوص.

فعَنْ أَبِي ثُمَامَةَ قَالَ: "خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَأَنَا أُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِي، فَقَالَ لِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ: لَا تُشَبِّكْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ نُشَبِّكَ بَيْنَ أَصَابِعِنَا فِي الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَسْتُ فِي صَلَاةٍ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّأْتَ، وَخَرَجْتَ تُرِيدُ الصَّلَاةَ؟ فَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" و"السنن والآثار".

قال الشَّافِعِيُّ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي تَقَدَّمَ: "فَأُحِبُّ لَهُ فِي الْعَمْدِ لَهَا مِنَ الْوَقَارِ مِثْلَ مَا أُحِبُّ لَهُ فِيهَا" ذكره البيهقي في "السنن والآثار".

قال الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (2/ 453، ط. دار الكتب العلمية): [ويختار لمن توجه إلى الجمعة أن لا يشتغل بغير قصده، ولا يعبث بيده، ولا يشبك بين أصابعه؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "إذا انتظر أحدكم الصلاة فلا يشبك بين أصابعه، فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إليها"] اهـ.

وقال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (2/ 553، ط. الوفاء): [الحديث أمر بأخذ الوقار والسكينة في السير إلى الصلاة؛ لأن الماشي إليها عاملٌ بعضَ ما يتوصل إليها به، فهو في عملها وطاعتها وانتظار عملها، فهو كمن هو في صلاة، كما جاء في الحديث: «فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة»، فيجب أن يلتزم حينئذٍ ‌ما ‌يلتزمه ‌المصلي، وهذا مذهب مالك واختياره] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (4/ 544، ط. المنيرية): [ما دام يعمد إلى الصلاة، فله أجر وثواب بسبب الصلاة، فينبغي أن يتأدب بآداب المصلين، فيترك العبث والكلام الرديء في طريقه، والنظر المذموم وغير ذلك مما يتركه المصلي] اهـ.

ولا يخفى على أحد أن الاستغراق في استخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة في البيع والشراء -دون ضرورة داعية لذلك- مع ما فيها من سهولة في العرض والتواصل مع الرواج والكثرة في المنتجات- ما يسرق من وقت الإنسان ويشغله بالأمور المادية في وقت العبادة، ويؤثر سلبًا على ما ينبغي أن يستحضره من الخشوع والإنصات حال الاجتماع لصلاة الجمعة.

والمختار في الوقت المقصود بالنهي عن البيع والشراء فيه هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من وقت النداء بالأذان الثاني. ينظر: "الاختيار" للعلامة الموصلي الحنفي (1/ 85، ط. مطبعة الحلبي)، و"المدخل" لابن الحاج المالكي (2/ 237، ط. دار التراث)، و"حاشية البجيرمي على شرح المنهج" للعلامة البجيرمي الشافعي (1/ 373، ط. مطبعة الحلبي)، و"كشاف القناع" للعلامة البهوتي (3/ 181، مكتبة النصر).

وشددت بناء على ذلك وفي السؤال: فلا يجوز لمن وجب عليه حضور صلاة الجمعة أن ينشغل بالبيع الإلكتروني من وقت النداء بالأذان الثاني لصلاة الجمعة، وعليه أن يُشغل وقته بالذكر والدعاء ثم الاستماع إلى خطبتها، حتى ينال كمال الفضل والثواب، ويُستثنى من ذلك حال الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلتها، والضرورة تقدر بقدرها، فيجوز البيع حينئذ مراعاةً لحال الحاجة أو الضرورة.

مقالات مشابهة

  • كيفية التوبة من الزنا للمتزوجة والعزباء.. ردد هذا الدعاء يمحو الذنوب حتى لو مثل الجبال
  • "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".. آخر ما نشرت الطالبة دنيا محمد ضحية حادث الجلالة
  • هل صلاة العشاء قبل الفجر بدقائق حاضر أم قضاء ؟.. رأي العلماء
  • هل يجوز التصرف في المال الحرام بعد التوبة؟ سؤال يجيب عليه الفقهاء
  • تأخير صلاة العشاء حتى منتصف الليل.. بشرط واحد
  • غلبني النوم ولم أصل العشاء وتذكرتها صباحا فهل أؤديها مباشرة .. رأي العلماء
  • هل يجوز البيع الإلكتروني أثناء خطبة الجمعة؟.. اعرف آراء الفقهاء
  • هل الصدقة تطهر المال الحرام ؟.. علي جمعة يجيب
  • دعاء صلاة المغرب.. 10 كلمات تغفر ذنوبك وتفتح لك الأبواب المغلقة