شيرين عبادي لـالحرة: إرادة المجتمع الإيراني أقوى من قمع النظام
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
كشفت المعارضة الإيرانية المخضرمة شيرين عبادي، لقناة "الحرة"، تفاصيل الواقع السيء في سجون إيران وغياب الحريات والرفاهية عن أبناء شعبها، معتبرة أن "إرادة المجتمع الإيراني أقوى من قمع النظام".
وأكدت عبادي أنها بالرغم من كل ما تعرضت له من صعوبات وتقييد لعملها وحريتها حتى نفيها، "ليست نادمة" على مسيرتها النضالية، مستشهدة بتجربة نرجس محمدي (معتقلة وحاصلة على جائزة نوبل للسلام 2023)، وموصية الشباب الذين يعيشون تحت وطأة أي نظام استبدادي، بأن يواجهوه بالوحدة وتقوية دعائم المجتمع المدني.
وكانت عبّادي أول امرأة تشغل منصب قاضية في تاريخ بلادها، وأول إيرانية تحصل على جائزة نوبل للسلام عام 2003. ولها العديد من المنشورات القانونية والحقوقية، كما تولت عشرات القضايا الحقوقية والجنائية والوطنية في فترة حياتها داخل إيران، متحديّة كل سبل النظام لمنعها من مزاولة المهنة وتقييد حريتها.
في سيرتها المختصرة التي زوّدت بها لجنة جائزة نوبل عام 2003، قالت عبادي إنها وُلدت في همدان شمال غربي إيران عام 1947، وانتقلت مع عائلتها إلى طهران وعمرها عام واحد، لتعيش فيها طيلة حياتها قبل الرحيل، فدرست في مدارسها وجامعاتها، وحصلت على درجة الدكتوراة من جامعة طهران مع مرتبة الشرف عام 1971.
كانت عبادي في أوائل الثلاثينيات حين اندلعت الثورة الإسلامية في إيران، وأدركت "كذب" آية الله الخميني الذي قدم لبلادها وعوداً "برّاقة بالحرية والمساواة، وأن النساء سيحظين بحقوق أفضل من زمن الشاه"، كما تقول لـ"الحرة".
لكن حين تم سن قوانين ضد النساء بشكل متتالٍ، عرفت عبادي أن "كل ما قاله الخميني كذب".
"يحيا الخميني".. القرار الخطأكانت عبّادي من مؤيدي الثورة الإسلامية، لكنها تقرّ بأن ذلك كان خطأ. وتقول: "حوّلت مساري وموقفي من ثورة عام 1979، كرست جهدي لأعوض خطئي الذي اقترفته مع الملايين من الناس في دعم الخميني".
كان "ترديدنا أنا وأبناء جيلي لشهار يحيا الخميني خطأ. وما يحصل اليوم هو نتاج لذلك الخطأ" تضيف عبادي، مؤكدة: "علينا أن نتمتع بالشجاعة اليوم ونعترف بخطئنا بصوت عالٍ وأن نسعى لتحسين الظروف" التي فرضها الخميني وبعده المرشد علي خامنئي، على الشعب الإيراني.
وتتذكر الفترة اللاحقة لثورة 1979، بالإشارة إلى القوانين الجديدة التي حملت معها تمييزاً ضد المرأة وتعارضاً للثقافة الإيرانية، منها على سبيل المثال عقوبات كالجلد وقطع اليد والرجم.
"لم تكن هذه العقوبات في تشريعاتنا، ولا تشبه ثقافة شعبنا" بالعنف الذي تحمله، تتابع عبادي، مشيرة إلى تدهور حقوق الإنسان بشكل يومي منذ ذلك الحين.
ووصفت التغييرات التي طالت الدستور الإيراني بعد ثورة 1979 بـ"الاستبداد الديني". لذلك، كرّست المحامية والقاضية الإيرانية السابقة، عملها للدفاع عن حقوق الإنسان وتحسين وضعها في إيران.
وتقارن عبادي وضع الحريات بين الأمس واليوم، قائلة: "كانت عوامل رفاهية الشعب والحريات الشخصية في إيران أفضل بكثير، لكن لم تكن هناك حريات سياسية. أما اليوم فليس هناك حرية ساسية وحريات شخصية ولا توجد رفاهية"، مبدية شعورها بالأسف حيال ذلك.
والمثال على غياب كل ذلك يبدو جلياً في السجون الإيرانية، كما تقول عبادي مستطردة: "على الرغم من الاحتجاجات الشعبية التي قُتل فيها الكثير من شبابنا، نرى اليوم أن السجون ممتلئة برجال ونساء يطالبون بالديمقراطية، ولم يتحسن وضع حقوق الإنسان في إيران. لأن نظام الحكم ليس مستعداً لأن يسمع صوت الشعب بتاتاً".
في رحلتها النضالية، اعتقلت عبادي في سجن "إيفين" سيء السّمعة، الذي يُزجّ إليه كل المعارضين السياسيين للنظام، وتعتبره منظمات حقوقية "مراكز تعذيب".
لكن رغم كل ظروفه السيئة، تقول عبادي إنه يوفر "المياه الصالحة للشرب للمساجين"، وصار أفضل "نسبياً" من سجون أخرى، موضحة: "بالقرب من طهران في بلدة ورامين، يوجد سجن اسمه قرتشك، لا تتوفر فيه مياه صالحة للشرب وعلى السجين أن يشتري من ماله الخاص المياه ليشرب. كما أن الطعام في السجون (عموماً) سيئ للغاية ويزداد سوءاً يوماً بعد آخر".
وتكمل: "نسبة النظافة والعناية الصحية في السجون تساوي الصفر تقريباً. وهناك تقارير تتحدث عن انتشار بق الفراش في السجون، وكانت النتيجة معاقبة السجناء الذين نشروا هذه التقارير، دون أن يتم تحسين الأوضاع أبداً، وعلى العكس يتم تقليل الحصة الغذائية للسجناء يومياً بحجة عجز ميزانية الحكومة".
قطعت عبادي رحلة كبيرة في المحاماة وتولت الدفاع والمرافعة عن قضايا حقوقية شائكة، وحول ما يعنيه أن تكون امرأة ومحامية في مواجهة نظام قمعي، تجيب على هذا السؤال بالتأكيد أولاً على أن "واجب المحامي المساعدة على تحقيق العدالة".
ومن واقع تجربتها تشرح: "عندما يمارس نظام حكم أعمالا تنتهك من خلالها حقوق الشعب بهذا الشكل الفاضح والممنهج، يجب مواجهتها. على سبيل المثال، ما تقوم به الشرطة في قمع الشعب يخالف تشريعات النظام الإيراني أيضاً. نحن نرفض هذه التشريعات لأن فيها نقص كبير، لكن المؤلم أن هذه التشريعات الناقصة أيضا لم تطبق عندما يحلو لهم".
"ومثلاً عندما يرتكب شخص مخالفة، فمن المفترض أن تقوم الشرطة بإيقافه من خلال مناداته، وإن لم يتوقف، يمكن للشرطة إطلاق النار في الهواء، وإن لم يتوقف تطلق النار على رجله، لكننا نرى أن الفقر الاقتصادي والبطالة، أجبر أشخاصاً على حمل بضائع كالثلاجة والتلفاز على ظهورهم وتهريبها من كردستان العراق إلى إيران، كي يتحصلّوا على رزق بسيط جدا، والشرطة تقوم بإطلاق النار على رؤوسهم أو صدورهم عند مواجهتهم، في حين أن هذا يخالف تشريعات هم سنّوها أساساً"، كما تبيّن عبادي.
هكذا تواجه "حكومة غاضبة"تنظر عبادي إلى بلادها بعين حزينة لكن متفائلة أيضاً، ذلك أن كل أشكال القمع التي مورست على الشعب الإيراني خلال 45 عاماً من حُكم الولي الفقيه، لم تجرّ الأجيال الشابة للاستسلام، بل على العكس، يبزغ صوت الثورة والمعارضة بين حين وآخر، ويحدث الكثير من الجلبة.
تقول عبادي في مقابلتها مع قناة "الحرة"، إن صدى الأشخاص وهم فرادى "لا يصل" أما حين يتحدّون، يصبح الصوت عالياً ومثيراً للانتباه.
لهذا، فإنها توصي الأشخاص الذين يعيشون في بلدان كإيران "تحكمها أنظمة استبدادية"، بأن "يتعاونوا في أمور يتفقون عليها، ويعملوا على دعم وتنظيم المجتمع المدني".
وهذه برأي عبادي "أفضل طريقة سلمية لمواجهة حكومة غاصبة"، أي "العمل على تأسيس مجتمع مدني قوي".
وتضيف: "نرى ونعلم كيف أن الأنظمة الديكتاتورية - كالنظام الإيراني – يقمعون المجتمعات المدنية، لكن إرادة الشعب الإيراني أقوى من قمع النظام. فالمجتمع المدني في إيران ولحسن الحظ يتمتع بالديناميكية والحيوية".
وتطبيقاً لذلك على ما يبدو، فقد كرست عبادي جهودها وأموالها دائماً في تدعيم الهويّة السلمية للمعارضة، إما عبر تأسيسها مركز المدافع عن حقوق الإنسان في إيران، أو لاحقاً بدعم وتأسيس جمعيات ومؤسسات حقوقية أخرى حتى وهي بعيدة عن بلادها.
وتقول: "منذ حصولي على جائزة نوبل للسلام عام 2003، بجانب تأسیس عدد من المنظمات غير الحكومية وكتابة عدد من الكتب والمقالات، زادت أيضا مسؤولياتي، ومنها السفر إلى بلدان العالم وإيصال صوت الشعب الإيراني الذي لم يُسمع بسبب الرقابة".
"أنا أسافر كل عام حوالي 10 مرات كي أعبّر عن إرادة الشعب الإيراني وكفاحه ضد النظام" تؤكد عبادي.
وتلخّص المعارضة الشهيرة لنظام الملالي، رحلتها المستمرة في الكفاح، بإصرار على المضي قدماً، وتقول: "عندما يختار الأشخاص مواجهة نظام ديكتاتوري، يجب أن يعلموا أنهم سيتعرضون لمخاطر جمّة. أنا تعرضت للاعتقال وتمت مصادرة جميع أموالي وحتى المكتب الذي اشتريته بالمبلغ الذي حصلت عليه من جائزة نوبل للسلام تمت مصادرته".
وتستطرد: "كذلك اعتُقل زوجي وشقيقتي لفترة كي يُرغموني (النظام) على الصمت لكنهم لم يفلحوا، وتم الإفراج عنهم بعد عدة أشهر".
"لكنني لستُ نادمة؛ لأنني أعتبر أن واجب كل إنسان أن يكافح من أجل تحسين الوضع في بلد يحكمه نظام استبدادي، لذا علينا أن نكون جاهزين لظروف كهذه"، كما تؤكد عبادي.
وتتابع: "الصعوبات التي واجهناها أنا وأبناء جيلي وزملائي لم تمنع الشباب من سلك الطريق ذاته. على سبيل المثال نرجس محمدي زميلتي ونائبتي في مركز المدافع عن حقوق الإنسان، فأنا أرى شخصا أصغر مني بأكثر من 20 عاما، التحق بالمنظمة وظل يكافح حتى يومنا هذا".
لهذا، تستشرف عبادي الأمل بعبارة أن "قمع نشطاء مثلي، نحن الجيل الأول لمعارضي النظام الإيراني، لم يتسبب بيأس الشباب أو خوفهم بتاتا. هم جيل أكثر شجاعة منّا ويكافحون أفضل منّا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: جائزة نوبل للسلام الشعب الإیرانی حقوق الإنسان فی السجون فی إیران
إقرأ أيضاً:
تحديات عاجلة تواجه سوريا الجديدة
كان متوقعا وطبيعيا أن تواجه الدولة السورية الجديدة اعتداءات مسلحة داخلية وتحركات عدائية أخرى خارجية ترمي إلى إسقاطها، من خلال زرع الفتن وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية؛ لإدخال البلاد نحو الفوضى وبالتالي تهديد السلم الأهلي، ولكن من غير الطبيعي وغير المتوقع أن تكون هذه الاعتداءات وهذه التحركات بهذا التناغم وبهذه السرعة والقوة والاتساع والدعم العلني الإقليمي لهذه التحركات.
لقد راعهم انتصار ثورة شعبية على أعتى الأنظمة الغاشمة الديكتاتورية المتأصلة منذ عقود، وراعهم خسارة نفوذهم واستباحتهم للأرض السورية ومقدراتها، فعملوا على إجهاضها بشتى الوسائل ومن مختلف الأطراف، بيد أن هؤلاء افتقدوا الرؤية الصحيحة لواقع الأمر في سوريا، ولم يدركوا معنى التضحيات التي بذلها الشعب السوري ثمنا لحريته وكرامته، وماهية احتضانه لهذه الثورة، ودفاعه المستميت عنها.
راعهم انتصار ثورة شعبية على أعتى الأنظمة الغاشمة الديكتاتورية المتأصلة منذ عقود، وراعهم خسارة نفوذهم واستباحتهم للأرض السورية ومقدراتها، فعملوا على إجهاضها بشتى الوسائل ومن مختلف الأطراف، بيد أن هؤلاء افتقدوا الرؤية الصحيحة لواقع الأمر في سوريا، ولم يدركوا معنى التضحيات التي بذلها الشعب السوري ثمنا لحريته وكرامته، وماهية احتضانه لهذه الثورة، ودفاعه المستميت عنها
وكان أبرز ما واجهته القيادة السورية الجديدة من تحديات: التوغل الإسرائيلي لمناطق وبلدات الجنوب السوري، تحت حججٍ وذرائع واهية هدفها تهديد الدولة، وفرض واقع جيوسياسي تمهيدا لفرض شروط سياسية جديدة غير تلك التي وقعها النظام السابق في اتفاقية فصل القوات عام 1974، وتجسيدا للعقيدة الصهيونية القائمة على التوسع والعدوان، ولإحراج النظام الجديد وطنيا أمام شعبه ومؤيديه؛ مما أعطى الفرصة للمناوئين، وشجع مجموعات أخرى للتحرك ضد هذه الدولة الفتية، ورفض مبدأ احتكار السلاح بيد الدولة، وخاصة ما حدث في الجنوب السوري تحديدا في الصنمين والسويداء وفي بلدة جرمانا بريف دمشق. ويأتي في هذا الإطار أيضا رفض "قوات قسد" الانضواء تحت راية النظام الجديد، ونبذ النزعة الانقسامية والانفصالية. لكن أخطر هذه التحديات كان استغلال فلول النظام المخلوع في الساحل كل ما سبق، وإعلان تحركهم بتشكيل مجلسٍ عسكري يضم رموز الإجرام في النظام البائد، أبرزهم رئيس المخابرات الجوية السابق اللواء إبراهيم حويجة، والعميد سهيل الحسن (النمر) المدعوم روسيا والعميد غياث دلّا وآخرون قاموا باستهداف المشافي والمباني الحكومية، ومهاجمة الكلية البحرية في اللاذقية، والاستيلاء على الكلية الحربية في جبلة، ونصب الكمائن في ريفي اللاذقية وطرطوس، وأسر نحو 50 من رجال الأمن العام، والسيطرة على بعض المناطق والشوارع؛ مستغلين وعورة التضاريس في المناطق الجبلية والأحراش ووجود حاضنة طائفية لهم كما يزعمون.
ولقد كان لعدم قدرة قوات وزارة الدفاع السورية والأمن العام في بسط سيطرتهم على كامل الأرض السورية نتيجة لهشاشة الوضع الأمني، وانشغال الدولة بالحصول على الشرعية الإقليمية والدولية تمهيدا لرفع العقوبات عن الشعب السوري، وانهماكها أيضا بتحقيق الاستقرار الداخلي وإنهاء الفوضى، وإنجاز التسويات لمنتسبي النظام السابق؛ دور في هذه الفجوة الأمنية الكبيرة.
إن الإرث الثقيل من الفساد والتدمير الكبير للبنى التحتية والخدمية، وضعف المعالجة الحقيقية للحاجات اليومية للمواطن السوري، والبطء في محاسبة مجرمي النظام المخلوع، وبقاء الكثير من مكونات الشعب السوري والقوى السياسية خارج إطار العملية السياسية في البلاد، وعدم إشراكها في قيادة الدولة، كل ذلك يضاف إلى الأسباب، والعوامل السابقة. وهناك ثمة عاملٌ آخر هو التربص الإقليمي لبعض الأطراف للعمل على إخفاق وإفشال هذه الثورة التي قضت على نفوذ هذه الأطراف والأحزاب المليشياوية، وعطلت مشاريعها القائمة على حساب الدم السوري، ووقف نهب مقدرات الشعب السوري.
إن محاولة هؤلاء ضرب السلم الأهلي وإثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية والعرقية يهدف إلى إفشال الدولة وإسقاط الثورة، ويهدف أيضا إلى البحث عن نفوذ جديد يعيد لهم ما خسروه، وإعادة تواجدهم في الساحة السورية لإعادة إنتاج نظامٍ جديدٍ موالٍ لهم كون هذه الفئات لا خيار لها سوى الدفاع عن وجودها وحياتها، لأن ما تواجهه إما الوقوع بقبضة العدالة أو الموت في ساحة المواجهة. من جانب آخر، إن استخدام فلول النظام السابق من أسلحة حديثة نوعية متوسطة وثقيلة لم تكن موجودة سابقا ضمن تسليح الجيش السوري إبان النظام المخلوع؛ هو إشارة أكيدة على تلقي هذه المجموعات دعما وتدريبا وتسليحا إقليميا خاصة من إيران، كما أشار إلى ذلك مسؤولو الإدارة السورية الجديدة، وكما وصفت إيران تحرك هذه الفلول تحت مسمى "قوات المقاومة الشعبية"، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية.
ما حدث من تطورات في الآونة الأخيرة، أظهر التفاف الجماهير السورية حول الدولة السورية الجديدة وحمايتها وأعطت قيادتها الشرعية الحقيقية في مواجهة كل دعوات التقسيم والانقسام والانفصال والفدرلة، وذلك من خلال التظاهرات التي اجتاحت الساحات الرئيسة للمدن السورية في دمشق وحلب وحماة وإدلب وحمص، واندفاع هذه الجماهير لمناطق الاشتباكات للمشاركة في مواجهة فلول النظام البائد
إن النجاح في مواجهة هذه التحديات يتطلب من الإدارة السورية الجديدة القيام بأمورٍ عديدة منها: تفعيل الحوار الأهلي والمجتمعي مع المكونات المختلفة للشعب السوري، ونبذ خطاب الكراهية والتحريض على الانتقام والثأر وصيانة وحدة النسيج السوري، خاصة في الساحل والجنوب السوري؛ لتفويت الفرصة على مثيري الفتن المذهبية والطائفية، والإسراع في وضع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري موضع التنفيذ، وكذلك إعادة تقييم التعامل مع "قوات قسد الديمقراطية" واتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من كونها جسرا لإمداد المجموعات الخارجة عن القانون بالعتاد والسلاح الإيراني، أيضا الإسراع في عملية محاسبة مجرمي النظام الساقط وتقديمهم إلى العدالة انتصارا للآلاف من ضحايا القتل والقمع، وإعادة النظر بطريقة المعالجة الأمنية والعسكرية المتّبعة مع تزايد خطر الكمائن من قبل المجموعات الخارجة عن القانون وتأمين المدنيين؛ وهذا بدوره يتطلب إحكام السيطرة على المناطق الجبلية والأحراش التي يتمركز فيها أزلام ورموز النظام السابق وملاحقتهم، وبسط سلطة الدولة على كافة أجزاء سوريا، وحصر استخدام وامتلاك السلاح بيد الدولة، وإخضاع كافة المجموعات المسلحة لدولة القانون لتجنب التدخلات الإقليمية وتهديد سلطة الدولة، وأخيرا، العمل على التوصّل إلى تفاهماتٍ واضحة دقيقة لإنهاء القواعد العسكرية الأجنبية خاصة الروسية منها، ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية ضد الأراضي السورية وسيادة الدولة.
إن ما حدث من تطورات في الآونة الأخيرة، أظهر التفاف الجماهير السورية حول الدولة السورية الجديدة وحمايتها وأعطت قيادتها الشرعية الحقيقية في مواجهة كل دعوات التقسيم والانقسام والانفصال والفدرلة، وذلك من خلال التظاهرات التي اجتاحت الساحات الرئيسة للمدن السورية في دمشق وحلب وحماة وإدلب وحمص، واندفاع هذه الجماهير لمناطق الاشتباكات للمشاركة في مواجهة فلول النظام البائد؛ مما شكل عنصرا قويا لتثبيت دعائم الدولة الجديدة وتجديد انتصار ثورة الحرية والكرامة السورية.
لذلك كما قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني: "إن ما جرى لا يمكن أن ينجح في دولة جيشها هو الشعب ذاته".
[email protected]