د. شيماء الشريف تكتب: دُرّة الزمان
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
كانت مكتبة الإسكندرية القديمة مؤسسة علمية فذة ومتكاملة، بلا مثيل فى العالم القديم، أسّسها البطالمة عام 288ق.م، وعاشت زهاء سبعمائة عام، إلى أن أفل نجمها عام 391م.
تأسست بناءً على اقتراح عرضه ديمتريوس الفاليرى على الملك بطليموس الأول سوتير (ومعناه المنقذ)، واستكمله ابنه الملك بطليموس الثانى فيلادلفوس (ومعناه المحب لأخته)، فوضع لها الأنظمة الإدارية والمالية.
ووضع إقليدس السكندرى قواعد علم الهندسة. ووضع هيبارخوس النيقى أسس علم حساب المثلثات. وأثبت إيراتوسثينيس القورينى كروية الأرض، وأسس علم الجغرافيا (جيوجرافيكوس). وأكد هيروفيلوس الخلقيدونى أن جسم الإنسان يديره المخ وليس القلب، وأسس علم التشريح. وأسس إيراسستراتوس القوصى علم وظائف الأعضاء.
وقسَّم مانيتون السمنودى تاريخ مصر القديمة إلى أسرات فى كتابه الشهير، كما تمّت الترجمة السبعينية للتوراة من العبرية إلى اليونانية كأول ترجمة من نوعها فى التاريخ. وأسّس أرشميدس علم الميكانيكا والاستاتيكا واخترع الطنبور. واخترع هيرون السكندرى الآلات الهيدروليكية. واخترع كتيسيبيوس ساعة الماء. وأصدر كلاوديوس بطليموس كتابه المرجعى فى الفلك «المِجَسْطىّ».
وبعد مئات الأعوام من الازدهار والإنتاج العلمى، بدأ الأفول تدريجيّاً: ففى عام 48ق.م امتدت نيران القيصر التى أشعل بها الأسطول البطلمى لتلتهم المكتبة الكبرى، لكن ظل الموسيون، مقر العلماء، بخير.
وفى عام 215م اجتاح الإمبراطور كاراكلا مدينة الإسكندرية لوأد تمرد حدث فيها؛ فاجتاح الموسيون، وألغى امتيازات علمائه وطرد الأجانب منهم. وفى عام 262م أطلق الإمبراطور جاليان حملة قمعية ضد حاكم مصر الذى أراد الاستقلال بها عن الحكم الرومانى. وفى عام 272م اجتاحت قوات الملكة زنوبيا؛ ملكة تدمر، مدينة الإسكندرية، ودارت الحروب بين قواتها والقوات الرومانية بقيادة الإمبراطور أورليان فى الحى الملكى؛ مقر الموسيون، فتم تدميره تماماً وفرار البقية الباقية من علمائه.
وفى عام 298م قامت ثورة مجدّداً ضد الحكم الرومانى، أعقبها تزايد المذابح ضد الأقباط بقيادة الإمبراطور دقلديانوس، فأصبح كل الحى الملكى أطلالاً. وأخيراً فى عام 391م أصدر الإمبراطور ثيودوسيوس مرسوماً بتدمير المعابد الوثنية فى جميع أرجاء الإمبراطورية، متضمّناً السيرابيون الذى كان يحوى المكتبة الابنة (الصغرى) التى كان لها دور كبير فى العصر الرومانى. وهكذا، عندما بدأ القرن الخامس الميلادى، لم يكن هناك أى أثر فى مدينة الإسكندرية لمكتبتها العامرة.
ولم يكن أحد يعلم أنه بعد نحو 1600 عام، سيأتى من يدعو إلى إعادة إحيائها، ويعمل على ذلك بكل جد وإخلاص حتى يحقّق الحُلم.
تم الافتتاح الرسمى لمكتبة الإسكندرية يوم 16 أكتوبر 2002، بحضور السيد رئيس الجمهورية، والسيدة قرينته، ونخبة من الملوك والرؤساء والشخصيات العامة والمرموقة فى مصر والعالم.
وتقع مكتبة الإسكندرية الجديدة تحت ثلاث سُلطات: مجلس الرعاة ومجلس الأمناء، كل منهما، برئاسة السيد رئيس الجمهورية أو من يختاره، ومدير المكتبة، الذى له كل المسئوليات التنفيذية فى تصريف شئونها الإدارية والمالية.
يعمل بالمكتبة ما يزيد على ألفى موظف، فى المقر الرئيسى فى الإسكندرية، حيث المبنى الرئيسى على هيئة قرص الشمس المشرق، والقبة السماوية، ومركز المؤتمرات، وفى مقر الشلالات، وكذلك فى المقار التابعة لها فى كل من: محافظة الجيزة، فى القرية الذكية؛ حيث مركز توثيق التراث الحضارى والطبيعى، وفى محافظة القاهرة، حيث بيت السنارى فى حى السيدة زينب، وقصر الأميرة خديجة فى حلوان.
تضم المكتبة أربعة متاحف، وسبعة عشر معرضاً دائماً، والقبة السماوية، والبانوراما الحضارية. ولمكتبة الإسكندرية اتفاقات وشراكات مع كبرى المؤسسات الثقافية والأكاديمية على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
تستضيف المكتبة ما يزيد على الخمسمائة حدث سنوياً. وتتنوع هذه الأحداث بين المؤتمرات العلمية والثقافية واللقاءات الفكرية والمنتديات الحوارية والحفلات الموسيقية والغنائية والمعارض الفنية وورش العمل والدورات التدريبية وغير ذلك. كما تصدر عشرات المطبوعات سنوياً، فى مختلف أفرع المعرفة. وهكذا، ومع مرور الأعوام، تُسطر مكتبة الإسكندرية حروفاً من نور العلم وبهاء المعرفة، وهى تتماهى مع الحاضر، وتستشرف وتبنى المستقبل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مكتبة الإسكندرية مجمع الخالدين مجمع اللغة العربية وفى عام فى عام
إقرأ أيضاً:
«قمة جماهيرية» بين «العنابي» و«الإمبراطور»
مراد المصري (أبوظبي)
أخبار ذات صلة شباب الأهلي وبني ياس في قمة «دوري الطائرة» بدور القاسمي تفتتح المعرض الفني «نماذج أبدية»تشهد «الجولة الثامنة» من «دوري أدنوك للمحترفين» إقامة 3 مباريات مثيرة، حيث يلتقي الوحدة والوصل، في مواجهة جماهيرية، ويتطلع شباب الأهلي إلى مواصلة حصد «العلامة الكاملة»، في مهمة محفوفة بالمخاطر أمام كلباء، فيما يلعب الشارقة مع النصر، في واحدة من المباريات التاريخية في الكرة الإماراتية.
وتتجه الأنظار إلى استاد آل نهيان في أبوظبي، لمتابعة لقاء الحسابات الخاصة بين الوحدة والوصل، اللذين طالما شكلت مبارياتهما الكثير من الندية والأهداف الغزيرة والمتعة.
وبعد أن نجح «العنابي» في حرمان الوصل من التتويج بلقب الدوري بسجل مثالي خلال الموسم الماضي، وأقصاه من نصف نهائي «كأس مصرف أبوظبي الإسلامي» في الموسم نفسه، واستهل «الإمبراطور» الموسم الحالي برد جزء من الاعتبار، والتفوق على منافسه، وإقصائه من كأس صاحب السمو رئيس الدولة.
وينشد الفريقان حصد النقاط الثلاث، ما بين سعي الوحدة للبقاء في دائرة المنافسة على اللقب، ويحتل الفريق حالياً المركز الثالث برصيد 14 نقطة، والوصل الذي لا يريد التفريط في لقبه مبكراً، بعد سلسلة من التعثرات الأخيرة التي جعلته يحتل المركز السابع وله 9 نقاط فقط.
وبالنظر إلى سجل المواجهات السابقة بين الفريقين، فإن التكافؤ يبدو متقارباً، بعدما حقق الوحدة 12 فوزاً، والوصل 10 انتصارات، والتعادل 8 مرات، خلال 30 مباراة.
ويعود فابيو ليما إلى الملعب الذي تألق فيه مع منتخبنا الوطني، وسجل «سوبر هاتريك» أمام قطر، على أمل إنهاء جفاء الأهداف في آخر 6 مباريات على التوالي في الدوري، فيما يتسلح الوحدة بمهاجمه عمر خربين هداف المسابقة إلى الآن برصيد 8 أهداف.
ويلتقي شباب الأهلي مع كلباء على استاد راشد، في لقاء يسعى فيه «الفرسان» للاحتفاظ بالسجل المثالي، بعدما انتزع الفوز في جميع الجولات الماضية، إلا أنه يدرك خطورة «النمور» الذي حصد 10 نقاط، يحتل بها المركز السادس.
ويبدو التفوق واضحاً لمصلحة شباب الأهلي الذي تذوق طعم الفوز 12 مرة، والتعادل 6 مرات، في 18 مواجهة سابقة بينهما، بينما لم يعرف كلباء طعم الفوز ضد منافسه أبداً.
ويستضيف الشارقة منافسه النصر، في لقاء يتطلع فيه «الملك» إلى مواصلة الضغط على شباب الأهلي في صراع الصدارة، ويتساوى معه برصيد 18 نقطة، إلا أنه تجرع الخسارة الوحيدة على يد «الفرسان» تحديداً، فيما يأمل «العميد» في الزحف إلى المواقع الأمامية على سلم الترتيب، بعد تعافيه مؤخراً، ورفع رصيده إلى 13 نقطة في المركز الخامس.
وبالنظر إلى المواجهات السابقة بين الفريقين، فإن النتائج متقاربة للغاية، بعدما حقق النصر 11 انتصاراً مقابل 10 انتصارات للشارقة، والتعادل 7 مرات في إجمالي 28 لقاءً.
ولم يعرف الشارقة الخسارة على أرضه في آخر 14 مباراة على التوالي في «دوري المحترفين»، ويريد مواصلة بناء الزخم على هذه النتائج الإيجابية، فيما يتطلع النصر إلى مواصلة تألق علي مبخوت أمام «الملك» تحديداً، والذي أسهم أمامه بـ12 هدفاً في آخر 13 مباراة، بتسجيل 11 هدفاً وتقديم تمريرة حاسمة واحدة.