لم تبدُ الأمة العربية والمسلمة عاجزة كما هي اليوم، وهي تشاهد وترقب مشاهد الحرق والإبادة والتهجير والتغريبات الفلسطينية التي تتكرر بشكل يومي وربما لحظي، بل ونشاهد ونتابع كل أصناف القهر والغضب في غزة، العدوان الذي دخل عامه الثاني دون أفق حل، بعد أن استمسك العدو الصهيوني المجرم بكافة أشكال تكتيكات القهر والإبادة وما تفتقت عنه آليات الإجرام لديه أو لدى غيره من أمثاله المجرمين، ونحن نراه يستنسخ ويسرق براءة اختراع البراميل المتفجرة، فيُلقيها على رؤوس الساكنين في غزة ومخيماتها، لتقتل الأبرياء من المدنيين أطفالاً ونساءً و كباراً.
لكن غزة لا بواكي لها
يقف المسؤولون في العالم العربي والإسلامي عاجزين أو متواطئين، لا يُحركون ساكناً، بل لو وقعت مثل هذه المجازر في بلدان لا تمت للعروبة والإسلام بشيء، لهُرع بعضهم باسم الانسانية والبشرية للمساعدة والنصرة، ولكن غزة لا بواكي لها، والخشية كل الخشية اليوم مع استمرار هذه المجازر الحية، أنها تنتظر تفريغ كتلتها السكانية الضخمة من أجل حماية الصهاينة، تماما كما نجحوا في تفريغ الكتل السكانية الضخمة من أكناف بيت المقدس من الشام والعراق، بعد أن تم تهجير ملايين المسلمين الذين تحدثت كل ذكريات ومذكرات قادة الصهاينة التاريخيين عن مخاطر الكتل السكانية المحيطة بدولتهم، فحلموا بالتخلص من فائض الكتل السكانية المهددة لكيانهم.
الحقيقة الصارخة اليوم بوجهنا جميعاً أن لا بديل عن ممارسة الضغوط الشعبية على الحكومات والمجتمع الدولي، إن كان في الشوارع أو في وسائل الإعلام بمختلف منصاتها من أجل دفع العالم لوقف هذه المذبحة المتواصلة، مستهدفة البشر والحجر.
وينبغي التعويل فقط عل جهودنا، وعدم تعليق أوهام زيد أو عمرو، فقد ثبت أن كل جهة مساندة أو داعمة بالقول أو بغيره، إنما تريد النجاة بجلدها، في ظل هيجان الثور الصهيوني والذي لن يقف عند حد ولن يرعوي من شيء، ولذا لا بد من حشد الجهود وتعبئة الطاقات من أجل الضغط ثم الضغط على المجتمع الدولي لوقف هذه المذبحة المستمرة على مدار الساعة.
ليس هناك عاجز شرعاً ولا عقلاً، وإن بدا الأمر ظاهرياً كذلك، فالنبي عليه الصلاة والسلام لطالما تعوذ بالله من العجز والكسل، ولذلك على الأمة وعلمائها استنهاض الشعوب وتحذيرها من العجز والكسل، كما ينبغي على النخب بكافة شرائحهم وطبقاتهم أن يلتفتوا إلى حقيقة مهمة وهي أن المعركة الحقيقية اليوم في غزة وعلى غزة وأهلها.
وبالتالي الانشغال بمعارك دنكشوتية تبعدنا عن الهدف الغزي أولاً، ثم تفرق الصف الواحد تجاه غزة، ليس من الحكمة في شيء، وليس من فهم المناط المتعلق بغزة وأهلها ومجاهديها وأطفالها ونسائها.
ليس أمام أحرار الأمة من غانة إلى فرغانة سوى الضغط على الحكومات وعلى المجتمع الدولي، من أجل وقف هذه المذبحة ولا يخال أي واحد فينا أنه عاجز، فالعجز قرين الكفر والعياذ بالله، وكل واحد فينا قادر على أن يحدث فرقاً لصالح الأمة، ولصالح قضيتها غزة، فمن رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.
مرة أخرى ما يجري في غزة تتفطر له الأكباد، ونخشى أن يعمنا الله بعذابه وعقوبته نتيجة تقاعسنا أو خذلاننا لا سمح الله، فنكون ممن خذلوها، وقد حذر نبينا عليه الصلاة والسلام من خذلان الشام تحديداً، بعد أن حذر من عواقب خذلان المسلم أينما حل وأقام، فالله.. الله في غزة.. والله... الله في فلسطين وأهلها.
الشرق القطرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة العدوان غزة الاحتلال العدوان الموقف العربي مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل فی غزة
إقرأ أيضاً:
خطابُ القائدِ وجدانٌ ثائرٌ، ورسالةٌ للعالمين
في هذا اليوم، لم يكن خطابُ السيدِ القائدِ -حفظه الله- مجردَ كلماتٍ مُلقاةٍ، بل كان زلزالًا أيقظ القلوبَ، ونارًا أضرمتْ في الوجدانِ. لم يكن مجرد خطابٍ سياسيٍّ، بل كان مزيجًا فريدًا من القرآنِ، والعالميةِ، والوجدانيةِ الصادقة، يلامس المشاعرَ، ويهزُّ الروحَ، ويُعيدُ ترتيبَ الأولويات.
خطابٌ لم يترك قلبًا إلا وأثّر فيه، ومن لم يشعر بصدقِ كلماته، فليعلمْ أن في قلبه غشاوة، وأن روحه قد تاهت عن طريق الحق، لقد كانت كلماتُ القائدِ تخرجُ من قلبٍ ملؤهُ الحُرقَةُ والألم، وكأنّه يقتبس من قولِ الإمام علي (عليه السلام): «لقد ملأتم قلبي قيحًا»، ليصفَ حال الأمةِ، وما وصلت إليه من ضعفٍ وهوانٍ وتخاذل.
في هذا الخطابِ، لم يكن القائدُ مُتحدثًا فحسب، بل كان مُترجمًا لأوجاعِ أمةٍ، ومُعبّرًا عن آمالِها وتطلعاتها، لقد تحدث بحرقةٍ لم نشهدها في خطاباته السابقة، وكأنّه يُجسدُ في شخصه معاناةَ كلّ مظلومٍ ومقهورٍ، كان يصرخُ في وجهِ الظلمِ، ويُعلنُ التحديَّ في وجهِ المستكبرينَ، ويُوقظُ فينا روحَ العزةِ والكرامة.
ومن جانبٍ آخر، كانَ خطابُ القائدِ تهديدًا صريحًا وقويًا لليهودِ المحتلين، لِيؤكدَ للعالمِ أجمع أن هذه الأمة لن تستكينَ أبدًا للظلمِ والعدوان، لم يكن تهديدًا عابرًا، بل كان وعدًا قاطعًا بالدفاعِ عن الحق والأرض والكرامة.
لقد جذبَني بشكلٍ خاص حديثهُ عن جبهةِ اليمن، عندما قالَ: «العالمُ كلهُ في كفةٍ واليمنُ في كفة»، كلماتٌ تَحملُ في طياتِها معاني كثيرةً، تُجسدُ صمودَ اليمنِ وثباتهُ في وجهِ أعتى قوى الاستكبارِ والعدوان، لقد أظهرَ القائدُ بِهذا القولِ إيمانَهُ العَميقَ بِقُدرةِ هذا الشعبِ على تَغييرِ موازين القوى في المنطقة.
فيا لهُ من خطابٍ مُزلزلٍ، هزّ المشاعر، وأنارَ الدروب، هنيئاً لنا بك سيدي، يا قائدًا مُلهمًا، ويا ضميرًا يُنادي بِالحقِ، ويا صوتًا يصدحُ بِالعزةِ والكرامة، إنّ هذا الخطاب يُشعلُ فينا نار الأمل، ويُعزّز إيماننا بِقُدرةِ الأمةِ على تحقيق النصر.