عربي21:
2024-12-16@04:04:13 GMT

حين تهزأ واشنطن بالجميع

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

“هل تراك تهزأ بي؟!”… هكذا قال الرئيس الأمريكي جو بايدن مستغربا وهو يرد على صحافي يسأله عما إذا كان اتصل مؤخرا بالرئيس السابق دونالد ترمب.

إذا كان بايدن رأى في مجرد سؤال كهذا، من أمريكي لرئيسه، استفزازا يلامس الاستخفاف به شخصيا فماذا الذي يمكن أن يقال وبايدن نفسه وإدارته يستخفون بالعالم كله وهو يكرر دون ملل منذ أكثر من عام أن واشنطن تعمل على وقف إطلاق النار وتحث إسرائيل على تجنب استهداف المدنيين وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة؟!!

ماذا عسى أن يقول الفلسطينيون، ومعهم أحرار العالم، وهم يرون بايدن وكامل إدارته يدمنون الكذب، منذ أكثر من عام، وهم يعلمون تماما أنه كذب صريح، ومع ذلك يحاولون استغباء الجميع وكأنهم من السذاجة بحيث يصدقون كل ما يثرثرون به، وتقريبا بنفس المفردات، دون أدنى خجل أو تحفظ.



لقد بلغ السيل الزبى ولم يعد ممكنا انتقاء الكلمات في الحديث عن الموقف الأمريكي ومعظم الموقف الأوروبي (عدا بعض الدول التي تستحق التحية وأوساط شبابية ونشطاء ما زالوا يتظاهرون إلى اليوم). هذا هو “العالم الحر والمتحضر” الذي ظل لعقود يقدم نفسه نموذجا وحيدا وأعلى لأنبل قيم الإنسانية والحرية إلى درجة تنصيب نفسه أستاذا يحاضر على بقية العالم.

لقد عرّت حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي هذا العالم كما لم يفعل أي حدث ذلك من قبل إلى درجة حرمانه حتى من مجرد ورقة توت يستر بها عورته فبدا عاريا مفضوحا بكل قبحه، الظاهر منه و”ما تخفي صدورهم أكبر”.

لم يعد هناك مجال، لا لواشنطن ولا لحلفائها وحلفاء إسرائيل في أوروبا وغيرها، لأي فذلكة في صياغة المواقف مما يجري حاليا في قطاع غزة، كما أن “قاموس البهلوانيات” في التعبير الدبلوماسي استنفد كل مفرداته القديمة والجديدة فبات عاجزا عن أن يقول أي شيء ذي معنى أو دلالة، خاصة وأن هؤلاء جميعا هم من يمدون إسرائيل بكل أنواع السلاح وكل ما تحتاجه من دعم مالي سخي.

لقد تعطلت لغة الكلام بعد كل هذه الأشهر من العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة وصولا في اليومين الماضيين إلى قصف المدنيين في مركز تموين وتوزيع مساعدات في مخيم جباليا ذهب ضحيته العشرات، وكذلك التوحش الذي فاق كل تصور حين أحرق العشرات من اللاجئين أحياء مع خيامهم في دير البلح، في محيط مستشفى شهداء الأقصى، وفي منطقة صنفها الاحتلال نفسه بأنها “منطقة آمنة”!!

لقد ارتكب الاحتلال في يوم واحد 4 مجازر أودت بحياة 62 وأصابت 220، عدا عن العشرات يوميا، مما رفع أعداد الشهداء إلى أكثر من 42 ألف منذ الثامن من أكتوبر العام الماضي.

“لقد تقطعت كل حبال الرجاء ولم يبق سوى رجاؤنا في الله”… قالها باكيا على شاشة قناة “الجزيرة” منير البرج المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، وعلى غراره يمكن أن يقال إن كل الحبال التي كانت تنتظر دورا ما، أمريكيا أو غربيا أو أمميا، لوقف حرب الإبادة هناك قد تقطعت هي الأخرى بالكامل، ولكل ذلك تداعياته الخطيرة التي لا أحد يقدرها الآن حق قدرها.
انتظروا قريبا جيلا فلسطينيا جديدا كافرا بالعدالة الدولية
انتظروا قريبا جيلا فلسطينيا جديدا كافرا بالعدالة الدولية وبكل ما يقال عن تسوية سلمية مع عدو لا حدود لوحشيته. هذا الجيل ليس مستعدا أن يضحك على ذقونه أي كان بمفردات معسولة عن “حل الدولتين” وعن ضرورة القبول بإسرائيل دولة طبيعية في المنطقة، جيل لن يقبل سوى بكنس الاحتلال عن أرضه مهما بلغت الأثمان بعد كل ما عايشه في قطاع غزة مما تجاوزت فظاعته بكثير ما رواه له الآباء والأجداد من حروب سابقة منذ النكبة عام 1948.

انتظروا قريبا جيلا عربيا جديدا لن يكون مقتنعا بشيء اسمه “مجتمع دولي” كان يفترض أن يكون عموده المركزي قانونا دوليا وضع بعد الحرب العالمية الثانية ليفصل في كل النزاعات عبر مؤسسات أقيمت لهذا الغرض من الأمم المتحدة إلى “محكمة العدل الدولية” إلى “المحكمة الجنائية الدولية” ليتضح أن كل ذلك إنما وضع فقط للرجل الأبيض العنصري، المسيحي واليهودي، وليس لغيره مما ينظر إليه على أنهم أقل قيمة منه بكثير. هذا كله سيغذي بدوره أجواء كراهية، بل حرب حضارات ضارية حذر من ويلاتها بعض المفكرين والعقلاء في الغرب نفسه.

انتظروا خريطة أخرى في المنطقة في أمد ليس بالبعيد جدا، ولكن ليس تلك التي يمني بها نتنياهو نفسه، ومعه واشنطن. سنرى أنظمة عربية تسقط وأخرى تقوم لأن حالة الوهن والمذلة التي أظهرتها معظم الدول العربية تجاه ما حدث لغزة، وما خلفته لدى شعوبها من قهر وإحباط لا يمكن إلا أن تولد تغييرات عميقة لا يعرف مداها حاليا وخاصة في الدول المحيطة بفلسطين.

لن تعود المنطقة أبدا إلى سكونها العادي وكأن شيئا لم يكن فالطوفان كان شديدا ومدمرا ولنتذكر ما حدث بعد نكبة 1948 في المنطقة من تحولات كبرى. هذه المرة ستكون التحولات أعمق وأشد بكثير، عندها فقط سنعرف حقيقة من استخف بمن.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينيون الاحتلال فلسطين الولايات المتحدة غزة الاحتلال المجتمع الدولي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

شولتس يدلي بتصريحات بشأن الأزمة الأوكرانية

دعا المستشار الألماني أولاف شولتس، اليوم السبت، إلى التوصل لحل سلمي ينهي الأزمة الحالية في أوكرانيا.
وخلال مشاركته في اجتماع ممثلي حزبه الاشتراكي الديمقراطي في ولاية براندنبورج، قال شولتس إن "أوكرانيا ليست دولة تابعة تفتقر إلى القدرة على الدفاع عن نفسها، بل هي بلد اختار التوجه نحو أوروبا، وبلد يتمتع بديمقراطية قوية وجيش قوي جدا مجهز بأسلحة غربية".
ورأى المرشح الاشتراكي لمنصب المستشار الألماني أنه حان الوقت لإيجاد حل للأزمة التي بدأـ في فبراير 2022.
وأردف: "أوكرانيا ستبقى وستعيش وستكون قوية، ويجب أن يكون هناك سلام ينهي القتل".
في الوقت نفسه، أكد شولتس مجددا رفضه تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى، وقال: "سيكون من الخطأ القول إننا نريد أن يتم خوض الحرب الآن بطريقة تجعل الأسلحة التي قدمناها تتوغل إلى عمق المناطق الخلفية (في الأراضي الروسية)"، مضيفا "لذلك، أقول هنا على نحو واضح إنني لن أفعل ذلك".
واستطرد "علينا الآن أن نعمل على الحفاظ على سيادة أوكرانيا وأن يتوقف القتل في مرحلة ما".
ورأى شولتس أن مسألة تمويل المساعدات المستقبلية لأوكرانيا وفي الوقت نفسه تمويل الاستثمارات الاجتماعية تعد حاسمة بالنسبة للانتخابات البرلمانية. وقال "علينا أن نقرر أخيرا ما إذا كان دعم أوكرانيا، وما نقوم به لتعزيز أمن بلدنا، يعني أننا لا نملك ما يكفي من المال للطرق، والسكك الحديدية، والإسكان، والمعاشات التقاعدية، والرعاية الصحية"، وتابع "لا يجب أن يكون الأمر اختيارا بين هذا وذاك وفقا لصيغة إما..أو. بل علينا أن ننجز الأمرين معا. ستدور الانتخابات المقبلة حول هذا الأمر بالتحديد".
ويعتزم شولتس طرح مسألة الثقة في حكومته على البرلمان بعد غد الاثنين. وتهدف هذه الخطوة إلى إجراء انتخابات مبكرة في 23 فبراير المقبل في حال خسارة الثقة.

أخبار ذات صلة الرئيس الألماني يواصل جولته الأفريقية الأردن: على السوريين وضع مصلحة بلدهم في مقدمة أولوياتهم المصدر: د ب أ

مقالات مشابهة

  • انتحار رجل وإنقاذ آخر في بغداد
  • متحدث الدفاع المدني في غزة: المجازرُ التي ارتكبها الكيانُ الصهيونيُّ في غزةَ لم يحدُثْ مثلُها في القرن الـ 21
  • حكم تصدق الزوجة من مال زوجها.. دار الإفتاء تحسم الجدل
  • بلينكن: واشنطن كانت على اتصال مباشر مع المجموعة التي أطاحت بالأسد
  • شولتس يدلي بتصريحات بشأن الأزمة الأوكرانية
  • هل للطغاة تنظيم يجمعهم ؟!
  • مواطن حاول إحراق نفسه
  • استاذ علوم سياسية: نتنياهو استغل دعم واشنطن السياسي لبقائه في السلطة
  • مقتل انتحاري داخل مطعم بالعراق قبل تفجير نفسه
  • مقتل انتحاري قبل تفجير نفسه داخل مطعم عراقي