خطورة التطاول على الصحابة الكرام رضوان الله عليهم .. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
قالت دار الإفتاء إن الصحابة كلهم عدول، وقد وَرَدَ تعديلهم في عدة آيات من القرآن الكريم؛ منها قول الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143]، وقوله سبحانه: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 110]، والخطاب فيها للموجودين حينئذٍ كما في "تدريب الراوي" (2/ 674، ط.
دار الإفتاء تكشف عن صيغ الحمد الواردة في السنة النبوية حكم دخول الحمام بسلسلة عليها اسم الله.. دار الإفتاء تحسم الجدل
وأضافت الدار : قد وردت الأحاديث بالنهي عن سب الصحابة رضي الله عنهم؛ فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» أخرجه البخاري ومسلم.
وورد مِن طُرُقٍ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه الطبراني. ومعلوم أن اللعن من علامات الكبائر.
وقد روى الإمام أحمد في "مسنده"، والإمام الترمذي وقال: حسن غريب، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اللهَ اللهَ فِى أَصْحَابِي، اللهَ اللهَ فِى أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ، وَمَنْ آذَى اللهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ».
قال الإمام ابن حجر الهيتمي في "الزواجر" (2/ 3810، ط. دار الفكر): [وقد صَرَّحَ الشَّيخان وغيرُهما أَنَّ سَبَّ الصَّحابةِ كَبِيرةٌ، قال الجَلالُ البلقينيُّ: وهو داخِلٌ تحتَ مُفارَقةِ الجَماعةِ، وهو الابتِداعُ المَدلُولُ عليه بتَركِ السُّنَّةِ، فمَن سَبَّ الصَّحابةَ رضي الله عنهم أَتى كَبِيرةً بلا نِزاعٍ] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية في "الصارم المسلول" (ص: 586، ط. الحارس الوطني السعودي): [وأما مَن سَبَّهم سبًّا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك، فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام مَن لم يكفرهم من أهل العلم] اهـ.
وقد عقد العلامة الخطيب البغدادي فصلًا في كتابه "الكفاية" (ص: 46-49، ط. المكتبة العلمية)، ذكر فيه بعض النصوص الدالة على عدالة الصحابة رضي الله عنهم، ثم ختم الباب بما أخرجه بسنده عن الإمام أبي زُرعة الرازي -وهو من كبار المحدثين- قال: [إذا رأيتَ الرجلَ ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاعلم أنه زِنديق؛ وذلك أن الرسولَ صلى الله عليه وآله وسلم عندنا حق، والقرآنَ حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآنَ والسننَ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وإنما يريدون أن يجرحوا شهودَنا ليبطلوا الكتابَ والسنةَ، والجرحُ بهم أولى، وهم زنادقة] اهـ.
وأوضحت أنه ليس من التوقير الذي أُمرنا به للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نجرح أصحابه، خاصة بما لا يثبت.
قال القاضي عياض في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (2/ 52، ط. دار الفكر): [ومن توقيره وبره صلى الله عليه وآله وسلم توقير أصحابه وبرهم ومعرفة حقهم والاقتداء بهم وحسن الثناء عليهم، والاستغفار لهم والإمساك عما شجر بينهم، ومعاداة من عاداهم والإضراب عن أخبار المؤرخين وجهلة الرواة وضلال الشيعة والمبتدعين القادحة في أحد منهم، وأن يلتمس لهم فيما نُقل عنهم من مثل ذلك فيما كان بينهم من الفتن أحسن التأويلات، ويخرج لهم أصوب المخارج؛ إذ هم أهل ذلك، ولا يُذكَر أحد منهم بسوء، ولا يغمص عليه أمر، بل تُذكَر حسناتُهم وفضائلهم وحميد سيرهم، ويُسكَت عما وراء ذلك] اهـ.
وقال الإمام الغزالي في "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص: 131، ط. دار الكتب العلمية): [اعلم أن كتاب الله مشتمل على الثناء على المهاجرين والأنصار، وتواترت الأخبار بتزكية النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياهم بألفاظ مختلفة. وما من واحد إلا وورد عليه ثناء خاص في حقه يطول نقله، فينبغي أن تَستَصحِب هذا الاعتقادَ في حقهم ولا تُسيء الظن بهم كما يحكى عن أحوال تخالف مقتضى حسن الظن، فأكثر ما يُنقَل مخترَع بالتعصب في حقهم ولا أصل له، وما ثبت نقله فالتأويل مُتَطَرِّق إليه، ولم يَجُز ما لا يتسع العقلُ لتجويز الخطأِ والسهو فيه، وحَملُ أفعالهم على قصد الخير وإن لم يصيبوه] اهـ.
ويقول الإمام الغزالي أيضًا في "الإحياء" (1/ 93، ط. دار المعرفة): في الكلام على ما يجب على المسلم اعتقاده: [وأن يحسن الظن بجميع الصحابة ويثني عليهم كما أثنى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم عليهم أجمعين، فكل ذلك مما وردت به الأخبار وشهدت به الآثار، فمن اعتقد جميع ذلك موقنًا به كان من أهل الحق وعصابة السنة، وفارق رهط الضلال وحزب البدعة] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصحابة القران الكريم أ ص ح اب ی رضی الله ی الله
إقرأ أيضاً:
يريدون أن يصلي الإمام على السجادة وهو يرفض لهذا السبب.. دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم إلحاح بعض المأمومين على إمامهم الراتب بالصلاة على السجادة في الوقت الذي يخشى الإمام من الانشغال بها؟
المفروض أن الإمام هو المتبوع وليس تابعًا، فينبغي أن يراعي المصلون حالة الإمام، ولا يلجئونه لحالة قد تكون سببًا في عدم كمال الخشوع في الصلاة، ولْيُترَك وشأنُه؛ سواء صلى على سجادة أم لا، وليذكر هؤلاء المأمومون أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه قال: «وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» رواه البخاري.
وذكرت دار الإفتاء أن السجود ركنٌ من أركان الصلاة بنص الكتاب والسنة والإجماع، أمَّا الكتاب: فقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77].
وأمَّا السنة: فمنها حديث المسيء صلاته، قال فيه صلى الله عليه وآله وسلم: «ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا» أخرجه البخاري في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وأمَّا الإجماع: فقد أجمع الفقهاء على أنَّ المصلي القادر على الركوع والسجود لا يجزئه إلا ركوعٌ وسجودٌ، نقله الإمام ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 132، ط. دار الفاروق الحديثة). وحقيقة السجود: وضع بعض الوجه على الأرض مع الاستقبال.
وأوضحت أن الأكمل فيه للمصلي القادر عليه: أن يسجد على جبهته، وأنفه، وكفيه، وركبتيه، وأطراف قدميه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ- وَاليَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ» أخرجه الستة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.