صحيفة البلاد:
2025-06-30@22:48:08 GMT

هل الحزن يؤدب صاحبه، أم يقتله؟

تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT

هل الحزن يؤدب صاحبه، أم يقتله؟

“لم أعد أمتلك دموعًا لأعيش بها أحزاني”. في نبرة يكسوها الحزن، ودموع متحجِّرة تأبي النزول،  أخبرني أحدهم بأنه علي وشك الإنهيار، توقفت أمام تلك الكلمات التي زلزلت جدران قلبي، وكأنه كان يشرح حالي، فقد مرت عليّ لحظات وددت فيها لو تقيأت قلب، وفقدت ذاكرتي، قد أكتب أنا وغيري فقط لأننا لا نستطيع الكلام، لأننا لم نجد من يفهم صمتنا، فكيف سنجد من يفهم الكلام، ذلك الصمت الذي كلفنا الكثير، وقد أخبرهم كل شيئ دون أن يشعروا، قد لا أمتلك الشجاعة الكافية التي تجعلني أظهر ضعفي، وحزني أمام الأخرين، حتّى  وإن كان قلبي يبكي دمًا، لكنني أعلم جيداً أنني لست الشخص الذي كنت عليه بالأمس، من دون أن ترفع يديك لتخبرني أنك حزين،  أو تشعر بالوحدة، أو الاكتئاب، أو الحزن، من دون أن تخجل من إخبار أي شخص بذلك، أنا أعلم جيداً ما تمرّ به، وأشعر به، فالحزن أصدق، وأعمق من السعادة، فهو عاطفة يصادفها كل شخص منا في حياته، وغالبًا ما تكون غير متوقعة، وقد تؤدبك، أو تقتلك، أعلم عنه جيدًا إنه شعور مفاجئ شامل بالثقل والشوق الذي لا يطاق يمكن له أن يصاحبنا بعد فقدان شخص عزيز، أو نهاية علاقة، أو فرصة ضائعة، أو مرض شخص قريب، أو حتى توقع لم يحدث، أو حلم لم يتحقق.

إن طبيعة الحزن تجعلنا نريد الانسحاب إلى داخلنا، والتوقف عن الركض والتأمل في تفاصيل كل ما حدث، إنه ثقل نحمله، يبطئنا، ويجعلنا نستعيد الذكريات، ونتأمل الكلمات، ونجمع أجزاء من أفكارنا، وأيام حياتنا القديمة، فالحزن غير مرئي، وصعب، وغير مريح، خاصة علي أولئك الأقوياء الذين يحاولون إخفاءه، لكنه يظل داخلهم كجانب أساسي من التجربة الإنسانية، الحزن قد يقتل ويكسر القلب، إنه مشاعر شديدة، وشخصية للغاية، تتجلَّى في شكل غصُّة في الحلق، أو عقدة في الصدر، لا تستطيع البوح بها، وكسور في الروح لا يراها أحد، خاصة وإن كنت ممّن لا يملك رفاهية الإنهيار، أو الضعف، حتي أمام نفسك في المرآة. كثير منا، واجه خسائر كبيرة، وانتكاسة جعلت الحزن يمنحه وسيلة للاعتراف بمشاعره، وضعفه، وقيمة ما فقده، وتكديس الألم، الذي في النهاية أدي به إلى الشعور بالمزيد من الألم علي المدي البعيد، بعد الرحلة الطويلة ودون سابق إنذار، ستشعر أن روحك بدأت تهدأ، بأنك غير مكترث، وكأنك تمشي في طريق مغطى بالجليد، دون أن تشعر بالبرد. في تلك اللحظة تحديدًا، سيمر شريط حياتك أمام عينك، ويعجّ ذهنك بالأفكار، لتدرك في هذا اليوم، أيّتها كانت اللحظة الأكثر حزنًا في حياتك، قد تبكي حينها كما الأطفال، لكن تأكد بعدها، أنك ستواجه إتجاهين لا ثالث لهما: إمّا موتك داخل حزنك، أو إستعادة قوتك، لكن ببطء شديد، فالحزن له جانب اجتماعي عميق، فهو عاطفة تدعو إلى التعاطف، والتواصل، لكنه يصبح معقّداً حينما لا تجد من لا يفهمك، قد تجد من يقدم لك الدعم بشكل غريزي، ويصغي إليك، لكنه ببساطة لا يفهمك، وهي لحظة أشد بؤساً من حزنك، لأنك ترغب حينها  في الهروب حتي من نفسك، ترغب فقط في الصمت حتي مع نفسك، صمت تام بلا فكرة أو شعور، قد تتجاوزه مع مرور الوقت، لكن يبقي داخلك سؤال: أيّ جزء من أحزانك كان حقيقيًا؟  تتساءل أيّ حزن كان أقوي، وترك تلك العلامة بداخلك؟ حزنك سيجعلك تتعمّق في عوالم عميقة من المعاناة والعذاب والألم العقلي الشديد ورحلة فكر لا ينتهي، فتشريح جوهر الألم، يعني الإبحار في المشهد المعقّد لحزنك وتجربتك، حيث ترسم ظلال الألم واليأس صورة مؤثرة لنقاط ضعفك أمامك، إنه ألم طبيعي وردّ فعل غريزي للمعاناة العاطفية الشديدة التي تمرّ بها، والتي تتجلّى داخلك غالبًا في شكل ألم عميق ومؤلم يمكن أن يكون نفسي أو جسدي. لقد مارس القلق طقوسه علينا جميعاً، لكن على عكس لحظات القلق العابرة، فإن الألم هو الرفيق الدائم الذي لازمنا كظل في أعماق وعينا، وقد نشأ من عدد لا يحصى من المواقف سواء كانت خسائر عميقة، أو حب بلا مقابل، أو حب من طرف واحد، أو أحلام محطّمة. يتطلب فهم الألم، الاعتراف بمحفِّزاته المتنوعة، وتقدير الطرق الفريدة التي يتجلّى بها في كل فرد، إنه الغصة في الحلق التي تتحدّى التعبير، والقلب الثقيل الذي ينبض على إيقاع الحزن، لطالما سعى الفنانون والشعراء والموسيقيون إلى التقاط جوهر الألم، في محاولة منهم لترجمة ما لا يمكن وصفه، لكن لم يتمكن أحد من شرحه كصاحبه. مشهد الألم ليس بانوراما أحادية اللون، بل هو مشهد متعدد الألوان من المشاعر التي تتغير وتتطور مع مدّ وجزر الحياة، وهو يشمل طيفًا يتراوح من الألم الحاد الحارق الناجم عن مأساة مفاجئة،  إلى الألم الباهت المستمر الناجم عن الضيق العاطفي المزمن، وفهم الفروق الدقيقة داخل هذا الطيف، أمر بالغ الأهمية للتنقل عبر التضاريس المعقّدة للمشاعر الإنسانية، الألم يتميز بحدّته، وطبيعته الشاملة للمعاناة التي يستلزمها، قد يعتبر البعض الحزن سحابة عابرة، لكن الألم الناتج عنه سيظل باقياً كعاصفة لاهوادة فيها، إن الحزن ليس مجرد عقبة يجب التغلب عليها، أو شعور غير سار يجب كبتّه، بل إنه جزء طبيعي، وضروري من كيان الإنسان، فهو يعلِّمنا أن نعتز بالأوقات السعيدة، ونتأمل الدروس المستفادة من الأوقات الصعبة، علي الرغم أنه شعور مرهق، لكنه يوفِّر لنا رؤى قيّمة، تسمح لنا بإعادة البناء بحكمة ومرونة، واحتضان الحزن كجزء طبيعي، حتّى وإن كان شعوراً غير مريح من الحياة.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: دون أن

إقرأ أيضاً:

ناقد رياضي عن اعتزال شيكابالا: الحزن مسيطر علينا

عبر الناقد الرياضي، عمرو الدردريري عن حزنه لتدوال عدة أخبار تفيد اعتزال محمود عبدالرازق شيكابالا، لاعب الفريق الأول بنادي الزمالك.

وكتب الدرديري عبر حسابه الشخصي بموقع فيسبوك: “رغم إن الحزن مسيطر علينا بسبب اعتزال شيكابالا، لكن الفرحة أكبر لأنه اعتزل وهو في قمة مجده، ختم مشواره بأعظم نهاية، جاب الكأس برجله ورفع راسنا كلنا”.

اعتزال شيكابالا

لينفي من جهة أخرى، مصدر مطلع داخل نادي الزمالك ما تردد خلال الساعات الماضية بشأن وجود انقسام داخل مجلس إدارة النادي حول مستقبل قائد الفريق الأول لكرة القدم، محمود عبد الرازق "شيكابالا"، مع اقتراب انطلاق الموسم الجديد.

وأكد المصدر، في تصريحات خاصة، أنه لا يوجد أي اتجاه داخل مجلس إدارة النادي، برئاسة الكابتن حسين لبيب، لدفع شيكابالا نحو الاعتزال، مشددًا على أن القرار النهائي يعود إلى اللاعب نفسه، دون تدخل من الإدارة.

وأوضح أن المدير الرياضي بالنادي، جون إدوارد، يقود حاليًا خطة لإعادة هيكلة الفريق، تهدف إلى تخفيض معدل أعمار اللاعبين وفتح المجال أمام العناصر الشابة، في إطار رؤية فنية مستقبلية.

وفي الوقت نفسه، شددت لجنة التخطيط بالنادي، والتي تضم حازم إمام، وأحمد حسام "ميدو"، وعمرو الجنايني، على رفضها لفكرة إجبار شيكابالا على الاعتزال، مؤكدة أن القرار يجب أن يكون فنيًا بالكامل ويصدر عن الجهاز الفني فقط، دون أي حسابات إدارية.

ويُعد شيكابالا أحد أبرز رموز نادي الزمالك، ويحظى بدعم كبير من جماهير القلعة البيضاء، نظرًا لما يمثله من قيمة فنية وتاريخية داخل النادي.

طباعة شارك عمرو الدردريري محمود عبدالرازق شيكابالا شيكابالا الزمالك فيسبوك حسين لبيب

مقالات مشابهة

  • رحل الوالدان وبقي الألم .. خمسة أطفال من غزة يتجرعون مرارة اليتم
  • البحر صورة أخرى للمسافة
  • كلب جمارك في واشنطن يكشف المحشي المصري ويورط صاحبه
  • د. نزار قبيلات يكتب: اللّسان والأخلاق
  • و أمرت النيابة العامة بحبس مالك السيارة المتسببة في حادث الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية لتمكينه المتهم من قيادتها رغم علمه بعدم حيازته رخصة تجيز له قيادة تلك المركبة. جاء ذلك في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في الحادث المروري المروع الذي وقع
  • "زهرات".. الحزن
  • ناقد رياضي عن اعتزال شيكابالا: الحزن مسيطر علينا
  • وداع مهيب لفؤاد الحميري في إسطنبول.. الأديب والشاعر الذي جمع بين الكلمة والموقف
  • انتصار السيسي: قلوبنا يعتصرها الألم على بناتي ضحايا حادث المنوفية الأليم
  • بعد التحذير من الكتافست.. مسكنات الألم تحت المجهر: أضرار صادمة للإفراط في تناولها