حكم الصور المرسومة على الملابس وغيرها.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الصور المرسومة على الملابس والمنازل وغيرهما، وهل تدخل في الصور التي ورد النهي عنها في الشرع الشريف؟
خطورتها هتبان بعد الفسخ .. تعرف على حكم التقاط الصور الفردية بين المخطوبين المولد النبوي.. الإفتاء: دورنا بيان حكم الاحتفال.. أما الطريقة بهذه الصوروقالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا حرج في مثل هذه الصور والرسومات ما دامت الصور لا تشتمل على ما لا يجوز عرضه أو رسمه؛ كعُرْيٍ، أو فعل غير لائق، أو تحريض على مخالفة أوامر الشرع، أو الخروج عن طاعة أولي الأمر (القانون أو الحاكم أو الدولة)، فإن اشتملت على ذلك حَرُمَتْ هذه الصور لا لمجرد كونها صورة، ولكن لأمر خارج عن حقيقتها؛ وهو ما تضمنه موضوعها من المحظورات.
وتابعت دار الإفتاء: وممَّا يُؤيد إباحة الصورة المرسومة على الأسطح الملساء وما شابهها ما ورد عن أَبي طَلْحَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ»، قَالَ بُسْرٌ: فَمَرِضَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ، فَعُدْنَاهُ، فَإِذَا نَحْنُ فِي بَيْتِهِ بِسِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللهِ الخَوْلَانِيِّ: أَلَمْ يُحَدِّثْنَا فِي التَّصَاوِيرِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ قَالَ: "إِلَّا رَقْمٌ فِي ثَوْبٍ"، أَلَا سَمِعْتَهُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: بَلَى، قَدْ ذَكَرَهُ. متفق عليه.
وبهذا استدل بعض العلماء على أن الصورة على الثوب أو ما شابهه من الأسطح الملساء ليست هي المرادة، وحملوا النهي على الصورة المجسدة.
ونقل ذلك الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد" (1/ 301، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [واختلف الناس في الصور المكروهة؛ فقال قوم: إنما كره من ذلك ما له ظل، وما لا ظل له فليس به بأس، وقال آخرون: ما قطع رأسه فليس بصورة] اهـ.
وفي نصوص كثير من الفقهاء التصريح بأن المراد في تحريم الصور أو التصاوير إنما هي التماثيل المجسدة.
قال الإمام ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (9/ 366، ط. دار الغرب الإسلامي-بيروت): [وإنما استُخِفَّت الرُّقُوم في الثياب من أجل أنها ليست بتماثيلَ مجسَّدة لها ظلٌّ قائم تشبه الحيوان في أنها مجسَّدة على هيئتها، وإنما هي رسوم لا أجسادَ لها، ولا تحيا في العادة ما كان على هيأتها، فالمحظور ما كان على هيئة ما يحيا ويكون له روح بدليل قوله في الحديث: «إِنَّ أصْحَابَ هذِهِ الصُّورِ يُعذّبُون، ويُقال لهم يَومَ القيَامَةِ: أَحيُوا مَا خَلَقْتُمْ»] اهـ.
ومن العلل التي ذكرها الفقهاء لتحريم التصوير: قصد مضاهاة صنع الله تعالى، والخوف من أن يؤول أمر الصور المجسَّدة لتعظيمها وعبادتها من دون الله، كما حدث ذلك في الأمم السابقة.
وذهب بعض العلماء إلى أن النهي ورد أولًا في كل الصور، ثم بعد أن تقرَّر هذا النهي في أذهان من ألفوا عبادة الأصنام، نُسخ هذا الحكم العام واستَثنَى الشرع منه ما تمسُّ إليه حاجة الناس، كالثياب التي بها صور مرقومة؛ فأباح ذلك للأمن من افتتان الجاهل بالصور وتعظيمها وعبادتها، ويلحق بما ذكره كل استخدام احتاجه الناس للصور المسطحة أو المرسومة ما دام لا يُتصوَّر كونها ذريعة لعبادة الصور، ولهذا أباح جمهور العلماء ما يُصنع من التماثيل للعب البنات (عرائس الأطفال).
ويقول الإمام العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (22/ 74، ط. دار إحياء التراث العربي-بيروت): [وَإِنَّمَا نهى الشَّارِع أَولًا عَن الصُّور كلّهَا وَإِن كَانَت رقمًا؛ لأَنهم كَانُوا حَدِيثي عهد بِعبَادة الصُّور، فَنهى عَن ذَلِك جملَةً، ثمَّ لما تقرر نَهْيه عَن ذَلِك أَبَاحَ مَا كَانَ رقمًا فِي ثوب للضَّرُورَة إِلَى إِيجَاد الثِّيَاب، فأباح مَا يُمتَهَن؛ لِأَنَّهُ يُؤمَنُ على الْجَاهِل تَعْظِيمُ مَا يُمْتَهَن] اهـ
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الشرع الشريف المحظورات دار الإفتاء على ال
إقرأ أيضاً:
حكم من صلى على الجنازة وهو جنب .. اعرف آراء الفقهاء
ما حكم من صلى على الجنازة وهو جنب؟ إن الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر شرط من شروط صحة الصلاة فإن كان «بغير قصد» أي غير علم بهذا الحكم أو ناسياً لا إثم عليه في صلاته على الجنازة وهو متلبس بالحدث الأكبر، وأما إن كان عالماً بالحكم ذاكراً أنه على جنابة فقد ارتكب محظوراً بهذا العمل، وعليه التوبة إلى الله عز وجل وصلاته باطلة على كل حال.
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، إنه إذا قُدِّمَ الإمام للصلاة على الجنازة حال كونه ناسيًا لجنابته، فصلى بالناس، ولم يتذكر الجنابة إلا بعد الفراغ من الصلاة والعودة من الدفن؛ فقد بطلت صلاتُه وَحْدَهُ، أما صلاة المأمومين خلفه؛ فصحيحةٌ شرعًا، ولا إعادة عليهم؛ سواءٌ كان الإمام عالمًا بجنابته، أو ناسيًا لها، ولا حرج عليهم -وهذا مذهب جمهور الفقهاء-.
واستدل بما ورد "أَنَّ أمير المؤمنين عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَأَعَادَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، ولكونه الأقرب لروح الشريعة، وما يتوافق مع مقاصدها العامة، والتي منها قوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 164].
اشتراط الطهارة لصحة صلاة الجنازة
من المقرر شرعًا أن الطهارة من الحدثين -الأكبر والأصغر- شرطٌ لصحة صلاة الجنازة؛ لعموم الأحاديث الواردة في ذلك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» أخرجه الشيخان.
وعن أبي الْمَلِيحِ عامر بن أسامة الْهُذَلِيِّ، عن أبيه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن الكبرى".
قال شمس الدين السفيري في "شرحه على صحيح البخاري" (2/ 263، ط. دار الكتب العلمية): [فائدة: في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» دليلٌ على بطلان الصلاة مع الحدث، وفيه دليل على أنه يحرم على المحدث حدثًا أصغر الصلاة، ولو كانت نفلًا، أًو صلاة جنازة] اهـ.
حكم من فاتته بعض التكبيرات مع الإمام في صلاة الجنازةوهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، واتفقت عليه نصوصهم:قال العلامة الحدَّادِي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 107، ط. المطبعة الخيرية): [ومن شرط صحة صلاة الجنازة: الطهارة، والستر، واستقبال القبلة، والقيام] اهـ.
وقال الإمام ابن رشد الحفيد المالكي في "بداية المجتهد" (1/ 257، ط. دار الحديث) عند ذكر شروط الصلاة على الجنازة: [واتفق الأكثر على أنَّ من شرطها الطهارة، كما اتفق جميعهم على أنَّ مِن شرطها القبلة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 222، ط. دار الفكر): [اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يشترط لصحة صلاة الجنازة طهارة الحدث، وطهارة النجس في البدن، والثوب، والمكان] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 363، ط. دار الكتب العلمية) عند الكلام على شروط صلاة الجنازة: [ومن شرطها: الطهارة والاستقبال والنية؛ لأنها من الصلوات فأشبهت سائرهن] اهـ.
وقال أبو السعادات البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 134، ط. دار الكتب العلمية): [فصل: (ومَن أحدث حدثًا أكبر أو أصغر حرم عليه الصلاة)؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ طُهُورٍ» رواه مسلم. وهو يَعُمُّ الفرض، والنفل، والسجود المجرد كسجود التلاوة، والقيام المجرد كصلاة الجنازة] اهـ.
آراء الفقهاء في حكم صلاة الجنازة إذا صلى الإمام وهو على جنابة
قد اختلف الفقهاء في حكم صلاة الجنازة إذا صلى بهم الإمام ناسيًا أنه على غير طهارة؛ بأن كان محدثًا، أو على جنابة؛ هل تبطل صلاة المأمومين خلفه، أو لا؟
وسبب اختلافهم مبنيٌّ على كون صحة انعقاد صلاة المأموم؛ هل هي مرتطبةٌ بصحة صلاة الإمام، أو ليست مرتبطة؟ فمَن رآها مرتبطةً قال: صلاتهم فاسدة، ومَن لم يرها مرتبطةً قال: صلاتهم جائزة، وفرَّق بعضهم بين السهو والعمد بناءً على أصلهم في اشتراط اتحاد قصد الإمام مع المأموم؛ كما في "بداية المجتهد" للإمام ابن رشد الحفيد (1/ 166).
فذهب جمهور الفقهاء؛ من المالكية، والشافعية، والحنابلة: إلى صحة صلاة المأموم مطلقًا، ولا إعادة عليه، سواءٌ كان الإمام عالمًا بجنابته، أو ناسيًا لها؛ حيث لا تتوقف صحة انعقاد صلاة المأموم على صحة صلاة إمامه، ولأنه لا يجزئ عن المأموم فعل الإمام، فكذا لا تفسد صلاته بفساد صلاة إمامه؛ بدليل أن الإمام يُحْدِثُ في الصلاة فينصرف، ويبني المأموم ولا ينصرف، ولم تبطل صلاته ولا طهارته بانتقاض طهارة إمامه مع أنه مُتَّبِعٌ له. وقد روي ذلك عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن البصري، وسعيد بن جبير، والأوزاعي، وسليمان بن حرب، وأبو ثور.
فعن الشَّرِيدِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه: "أَنَّ أمير المؤمنين عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَأَعَادَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، والدارقطني في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف".
وعن محمد بن عمرو بن الحارث: أَنَّ أمير المؤمنين ذا النورَين عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَلَمَّا أَصْبَحَ نَظَرَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا، فَقَالَ: "كَبِرْتُ وَاللهِ؛ إِنِّي لَأَرَانِي جُنُبًا ثُمَّ لَا أَعْلَمُ!" ثُمَّ أَعَادَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا. قال عبد الرحمن بن مهدي: سألت سفيان، فقال: سَمِعْتُهُ من خالد بن سلمة، ولا أجيء به كما أريد، وقال: وهذا المجمع عليه؛ الجنب يعيد، ولا يعيدون؛ ما أعلم فيه اختلافًا. أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، والدارقطني في "السنن".
قال الإمام أبو الوليد ابن رشد الجد المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 263، ط. دار الغرب الإسلامي): [مسألة: وسئل عن إمام جنازة صلى عليها وهو جُنُبٌ لم يشعر بجنابته حتى دفنت، وكيف إن علموا قبل أن تدفن بجنابته بعد دخولها اللحد؛ أَتُرَدُّ للصلاة عليها؟ قال ابن القاسم: أرى صلاتهم جائزةً ولا تُعاد، ألَا ترى أنَّ المكتوبة لو أنَّ رجلًا صلَّى بهم جُنُبًا ناسيًا، ثم سَلَّم فَعَلِمَ: أجزأت عنهم صلاتهم؛ فكذلك الجنازة إذا صُلِّي عليها: أجزأت عنهم صلاتهم عليها] اهـ.
وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (2/ 238، ط. دار الكتب العلمية): [قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا صلى الجنب بقومٍ أعاد ولم يعيدوا، واحتج في ذلك بعمر بن الخطاب والعباس رضي الله عنهما. قال المزني: "يقول: كما لا يجزئ عني فعل إمامي فكذلك لا يفسد عليَّ فساد إمامي ولو كان معناي في إفساده، معناه: لما جاز أن يحدث فينصرف، وأبني ولا أنصرف وقد بطلت إمامته واتباعي له، ولم تبطل صلاتي ولا طهارتي بانتقاض طهره"] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 73-74، ط. مكتبة القاهرة): [مسألة: قال: (وإذا نسي فصلى بهم جنبًا، أعاد وحده)؛ وجملته: أن الإمام إذا صلى بالجماعة محدثًا أو جنبًا غير عالم بحدثه، فلم يعلم هو ولا المأمومون حتى فرغوا من الصلاة؛ فصلاتهم صحيحة، وصلاة الإمام باطلة. روي ذلك عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وسليمان بن حرب، وأبو ثور وعن عليٍّ: أنه يعيد ويعيدون، وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو حنيفة، وأصحابه؛ لأنه صلى بهم محدثًا، أشبه ما لو علم؛ ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم، روي أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح، ثم خرج إلى الجرف، فأهرق الماء، فوجد في ثوبه احتلامًا، فأعاد ولم يعيدوا، وعن محمد بن عمرو بن المصطلق الخزاعي أن عثمان صلى بالناس صلاة الفجر، فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة. فقال: كَبِرْتُ والله، كَبِرْتُ والله، فأعاد الصلاة، ولم يأمرهم أن يعيدوا] اهـ.
رأي المذهب الحنفي في حكم صلاة الجنازة إذا صلى الإمام وهو على جنابة
ذهب الحنفية: إلى أنه إذا صلى الإمام بالناس وهو على جنابةٍ، أو على غير طهارة، فقد فسدت صلاته وصلاة المأمومين خلفه، ولا فرق بين كونه عالمًا بجنابته أو ناسيًا لها، ويجب عليهم جميعًا إعادتها؛ لارتباط صلاة الإمام بصلاة المأموم صحةً وفسادًا؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي في "السنن"، وابن خزيمة في "صحيحه"، والطبراني في "الأوسط".
والمراد بالضمان: هو وجود معنى التضمن، وليس المراد حقيقة الضمان، والمعنى: أنَّ صلاة الإمام متضمنةٌ لصلاة المأموم، وليس العكس، وأقل ما يقتضيه التضمن: التساوي بين صلاتهما، وإذا كان كذلك فبطلان صلاة الإمام يقتضي بطلان صلاة المقتدي؛ حيث لا يصح أن تتضمن الصلاةُ الفاسدةُ الصلاةَ الصحيحةَ؛ إذ لا يتضمن المعدوم الموجود.
ولما روي عن سعيد بن المسيب مرسلًا: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَأَعَادَ وَأَعَادُوَا" أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنَّفه"، والدارقطني والبيهقي في "السنن".
قال علاء الدين الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 140، ط. دار الكتب العلمية): [(وأما) الاقتداء بالمحدث أو الجنب: فإن كان عالمًا بذلك لا يصح بالإجماع، وإن لم يعلم به ثم علم فكذلك عندنا.. (ولنا) ما روي أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم صَلَّى بأصحابه ثم تذكر جنابةً فأعاد وأمر أصحابه بالإعادة. وقال: «أَيُّمَا رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ جَنَابَةً؛ أَعَادَ وَأَعَادُوا»، وقد روي نحو هذا عن عمر، وعليٍّ رضي الله عنهما] اهـ.
وقال كمال الدين ابن الهمام في "فتح القدير" (1/ 374، ط. دار الفكر) في تعليل فساد صلاة المأموم بفساد صلاة الإمام: [مما يستدل به على المطلوب: ما أخرجه الإمام أحمد بسندٍ صحيحٍ عنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ»، وهو ما أشار إليه المصنف بقوله: ونحن نعتبر معنى التضمن، فإنه المراد بالضمان؛ للاتفاق على نفي إرادة حقيقة الضمان، وأقل ما يقتضيه التضمن: التساوي، فيتضمن كل فعل مما على الإمام مثله، وغايته أن يفضل كالمتنفل خلف المفترض، وإذا كان كذلك فبطلان صلاة الإمام يقتضي بطلان صلاة المقتدي؛ إذ لا يتضمن المعدوم الموجود، وهذا معنى قوله: وذلك في الجواز والفساد] اهـ.
وقال زين الدين ابن نجيم في "البحر الرائق" (2/ 193، ط. دار الكتاب الإسلامي) في الكلام على شروط صحة صلاة الجنازة: [ولو صلى الإمام بلا طهارة: أعادوا؛ لأنه لا صحة لها بدون الطهارة فإذا لم تصح صلاة الإمام لم تصح صلاة القوم] اهـ.