عبد المنعم فؤاد: بناء الإنسان عقديا يؤدي إلى أمان واستقرار المجتمع نفسيا واجتماعيا
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
عقد ملتقى "الأزهر للقضايا المعاصرة" بالجامع الأزهر الشريف، اللقاء الأسبوعي تحت عنوان: " البناء العقَدي للإنسان وأثره في الاستقرار المجتمعي"، وحاضر في ملتقى هذا الأسبوع، الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، والمشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، ود. عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، ود.
أوضح د. عبد المنعم فؤاد، أن قضية العقيدة من القضايا المهمة في حياة الإنسان، وأن العقيدة إذا ما صحت صح كل شيء، فإذا ما ترسخت عند الإنسان العقيدة الصحيحة وعرف ربه وآمن به، سيكون آمنا في نفسه ومستقرًا في مجتمعه ووطنه، وبدأت اللبنة الأولى في بناء الإنسان عقَديًا على يد رسول الله ﷺ، يدعو قومه إلى التوحيد والإيمان بالله وإلى العقيدة الصحيحة لمدة ثلاث عشرة سنة قائلًا"قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، وأخذ يربي أصحابه عليها، فترسخت العقيدة الصحيحة في قلوبهم، فكانوا لا يخشون أحدًا إلا الله، فنرى بلالًا رضي الله عنه ثابتًا على إيمانه بالله رغم تعرضه لأشد العذاب، وأم عمارة وغيرها كثير من الصحابة الذين وقفوا كالجبال ضد من يجادلون في الله بغير حق.
وأضاف أستاذ العقيدة والفلسفة: إن بناء الإنسان عقَديًا يؤدي إلى أمان واستقرار المجتمع نفسيًا فتقل نسبة الانتحار، لأن المؤمن بقضاء الله وقدره لا يمكن أن ييأس من الحياة، ويقل الهَم حين يرضى المؤمن بما قدره الله تعالى، كما أن بناء الإنسان عقَديًا يقوي من وحدة المجتمعات، كما قال النبي ﷺ" المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا".
من جهته ذكر د. حبيب الله حسن، أن الإيمان أصل لكل خير وسعادة، ومبعث الطمأنينة والأمن والسلم والسلام للمؤمن أولًا ومن حوله المجتمع الذي يعيش فيه، فالمؤمن الذي آمن بربه ينعم بالأمن النفسي، وقال أحد أساتذة الطب النفسي" إن المسلم ليس بحاجة لمصحة نفسية لأن عنده مصحتان نفسيتان؛ المسجد والمصحف"، فهما دواء لكل مرض نفسي، دخل رسول الله ﷺ ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"، فبالإيمان بالله يستطيع الإنسان مواجهة أعتى التحديات، وبالإيمان يستطيع أن يبنى وطنه، لأن الإيمان يشع نورًا على الفرد والمجتمع بأكمله، لأن أخلاقه إسلامية المصدر، إنسانية المقصد.
من جانبه بين د. عبد الفتاح العواري، أن الإيمان أمر ينعقد بالقلب وهذا الانعقاد يمثل اعتقادًا جازمًا مطابقًا للواقع لا يمكن أن يتفكك، ومن هنا صح إطلاق مصطلح العقيدة على الإيمان والتوحيد وأصول الدين، فالإيمان يمثل شجرة أصلها راسخ وفروعها عالية تلقي بظلالها على المؤمن الذي يؤمن بالله ويطمئن قلبه به، قال تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، فحقيقة الإيمان تسمو بأخلاق الإنسان ليترفع بها عن سفاسف الأمور، فإذا رسخ الإيمان بالقلب أصبح عبدًا لله، وازدادت خشية الله في قلبه، قال تعالى{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}، وبالإيمان يواجه عدوه بصدره ولا يوله الأدبار، لأنه يؤمن بأن الفرار يوم الزحف من الكبائر، قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامع الازهر الازهر الشريف الدكتور عبد المنعم فؤاد العقيدة والفلسفة بناء الإنسان رسول الله
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر يوضح الدلالات اللغوية والشرعية لاسم الله «المقيت»
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال حديثه اليوم، الأحد، بالحلقة التاسعة من برنامج «الإمام الطيب»، أن اسم "المقيت" هو أحد أسماء الله الحسنى الثابتة بالقرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة، مشددًا على أهمية فهم الدلالات اللغوية العميقة لهذا الاسم لتعميق الإيمان وإدراك عظمة الخالق.
وبيّن شيخ الأزهر، أن اسم الله "المقيت"، ورد في القرآن الكريم في سورة النساء: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مَقِيتًا﴾، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي يعدد أسماء الله الحسنى، موضحا أن أصل المقيت مشتق من "القوت" الذي يُقيم حياة الإنسان، موضحًا أن الفعل "قاتَ يَقُوت" يرتبط بتوفير الطعام والشراب كضرورة لبقاء الأحياء، وهو ما ينطبق على الله تعالى كمُمدِّد الأرزاق لكل المخلوقات، مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾.
كما تطرق فضيلته إلى الخلاف اللغوي حول معنى "المقيت"، حيث ذهب بعض العلماء إلى أن الاسم يحمل معنى "الشاهد" أو "القادر"، مستندين إلى تفسير ابن عباس رضي الله عنهما الذي فسَّر "مقيتًا" بـ"قادرًا"، وإلى استشهادات من الشعر الجاهلي الذي استخدم اللفظ بمعنى القدرة على الفعل، مثل قول الشاعر: «كُنتُ عَلَى مَسَاءَتِهِ مَقِيتًا» (أي قادرًا على رد الإساءة).
وأشار فضيلته إلى أن اللغة العربية تُعد أداةً أساسية لفهم القرآن الكريم، لافتًا إلى أن بعض اشتقاقات الأسماء – مثل "المقيت" – قد تخرج عن القياس النحوي المألوف، لكنها تثبت بالسماع (كاستخدامها في القرآن والشعر العربي)، حيث أعطانا معنى شاهد بحروف مختلفة عن المصدر، مؤكدًا أن «السماع حجة لا تُعلَّل، بينما القياس يُعلَّل».
وختم الإمام الأكبر حديثه بالتأكيد على أن تعلم اللغة العربية عبادة، لأنها تُعين على فهم كتاب الله تعالى، الذي نزل بلسان عربي مبين، مشيرًا إلى أن إعجاز القرآن لا ينفد، وأن من إعجاز القرآن أنك تجد المفسر مثلا حجة في البلاغة، أو فقيه يملأ تفسيره من هذا الفقه، كما أن كل عصر يكتشف فيه جوانب جديدة من حكمته.