الخبير العسكري نضال أبو زيد يكشف لـ"الوفد" عن سيناريوهات الصراع المحتملة
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
يشهد لبنان تصعيداً خطيراً في ظل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، في هذا الحوار يتحدث الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، لـ"الوفد" عن تقييمه للوضع الحالي، وآثار الضربات الإسرائيلية، ورد فعل المقاومة، واحتمالات التصعيد، ودور القوى الإقليمية والدولية، ومستقبل العلاقات اللبنانية الإسرائيلية.
وإلى نص الحوار- كيف تقيم الوضع الحالي في لبنان خاصة مع التصعيد الإسرائيلي الأخير؟
الوضع في لبنان شديد الخطورة، الضربات الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية وبعض مناطق بيروت، تهدف إلى تحقيق عنصر الصدمة والترويع لأنصار حزب الله، وحشد الرأي العام ضد الحزب، كما أنها ذهبت بعيدًا باتجاه العاصمة بيروت في محاولة لخلق حالة من تأليب التيارات السياسية المختلفة على حزب الله.
اثرت هذه الضربات على البنية التنظيمية لحزب الله من خلال تهشيم الهيكل التنظيمي للحزب ولكن في مثل هذه النوع من التنظيمات فان الهياكل التنظيمية تكون افقية وليست عمودية وبالتالي هذ النوع من الهياكل التنظيمي يعطي مرونة في إعادة ترميم نفسه واستعادة التوازن وسلسلة القرار، وما يؤكد ذلك الخطوات العسكرية التي يقوم بها حزب الله من اطلاق الصواريخ واستهداف عمق الاراضي المحتلة بالإضافة الى اتباع تكتيك أن القيادة مركزية والتنفيذ لامركزي مما اعطي الحزب مرونة في استعادة التوازن.
لا شك أن الضربات الإسرائيلية ألحقت أضراراً بالبنية التحتية، وأنها تسببت بمعاناة كبيرة للمدنيين.
- كيف تقيم رد فعل المقاومة اللبنانية على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة؟
رد فعل المقاومة كان متوقعاً، وقد أظهرت قدرتها في إطلاق الصواريخ واستهداف مواقع إسرائيلية مما يؤكد على قدرة المقاومة على الرد وعلى استمرارها في مواجهة الاحتلال.
- هل تعتقد أن هناك احتمالية لتصعيد أكبر في الصراع بين إسرائيل وحزب الله؟
احتمالية التصعيد قائمة ، نجاح حزب الله في استهداف قاعدة غولاني مساء الاحد يُظهر حساسية إسرائيل لخسائرها البشرية. أي عملية برية إسرائيلية واسعة النطاق في جنوب لبنان قد تؤدي إلى تصعيد كبير ومزيدا من الخسائر ، لكن يبدو أن إسرائيل أدركت فشلها الاستخباراتي في تقييم قدرات حزب الله البرية، رغم أنه ينجح في الجو الا أنه يفشل في البر وفي العرف العسكري الجو لا يمسك أرض ولا يحسم معركة لتبقى المعادلة التي تحسم شكل الصراع هي العملية البرية، مما قد يدفعها نحو مسار دبلوماسي.
- كيف تؤثر التطورات في غزة على الوضع في لبنان؟
التطورات في غزة بلا شك تؤثر على الأوضاع في لبنان. فالثقل العسكري للاحتلال الإسرائيلي توجه نحو الشمال "غزة"، والجهد الجوي اعتبر الشمال أولوية، وفي ظل نجاح المقاومة في غزة في إشغال قوات الفرقة المدرعة 162 الإسرائيلية، فإن ذلك يضع الاحتلال في حالة قتال على أكثر من جبهة، وهذا يتعارض مع عقيدته القتالية التقليدية.
- ما هو الدور الذي تلعبه القوى الإقليمية والدولية في هذا الصراع؟
البيئة الدولية والإقليمية لا تدعم خيار توسيع دائرة الصراع. فواشنطن منشغلة بالانتخابات الرئاسية، وأوروبا لا تريد تحمل أعباء سياسية وعسكرية جديدة خاصة بعد الحرب الروسية في أوكرانيا.
أما إقليميًا، الإقليم غير مهيأ لتحمل صراع جديد يضاف إلى حالة التوتر الأمني في أغلب دول الإقليم. إيران، اللاعب الرئيسي في معادلة الصراع الإقليمي، أرسلت إشارات دبلوماسية بأنها لا تريد الدخول في عمليات عسكرية شاملة حتى من خلال وكلائها في المنطقة. يبقى الوحيد الذي يريد جر المنطقة إلى صراع واسع هو حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، أملًا في تصدير الأزمة الداخلية والخروج من مستنقع غزة. لأن إسرائيل تدرك أنه في حال الدخول في صراع واسع ستجر واشنطن معها في هذا الصراع. وتعتبر حسابات الربح والخسارة في هذا النوع من الصراع لصالح إسرائيل التي تتورط الآن في غزة ولبنان في معارك هجومية غير ناجحة، مما يعني أن المعادلة التي تفرض نفسها في ظل كل الكتلة النارية الضخمة التي يستخدمها الاحتلال هي أن إسرائيل تنجح تكتيكيًا لكنها تخسر استراتيجيًا."
- ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة اللبنانية لتهدئة الوضع ؟
الحكومة اللبنانية، بقيادة رئيس الوزراء ميقاتي، تسعى إلى الذهاب إلى مسار دبلوماسي ضمن المادة 1701 التي تقضي بانسحاب عناصر حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني. وهذا قد يكون خطوة لإحداث تهدئة في الوضع، إلا أن حزب الله نفسه يرفض الخروج من الوضع القائم بمعادلة صفرية على الاقل امام التيارات السياسية اللبنانية، مما يشكل تحديًا أمام الجهود الحكومية.
- كيف ترى مستقبل العلاقات بين لبنان وإسرائيل في ظل هذه التطورات؟
العلاقات بين لبنان وإسرائيل معقدة وتنقسم إلى قسمين: العلاقات الرسمية التي يقودها رئيس الوزراء اللبناني ميقاتي والتي تسعى إلى مسار دبلوماسي، وعلاقات غير رسمية تتجسد في حزب الله الذي يرفض الخروج من الوضع القائم. وفي ظل هذه التطورات، يبدو أن إسرائيل تدرك أنها في حال الدخول في صراع واسع ستجر واشنطن معها، وهذا لا يصب في مصلحتها.
- هل يمكن أن ينجح المجتمع الدولي فيما فشل فيه في غزة وأن ينجح في الضغط على إسرائيل لوقف الحرب في لبنان؟
هذا يعتمد على مدى جدية المجتمع الدولي في الضغط على إسرائيل، والذي يتطلب ضغطاً دولياً حقيقياً وفاعلاً
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لبنان الضربات الإسرائيلية التصعيد الإسرائيلي أن إسرائیل فی لبنان حزب الله فی غزة فی هذا
إقرأ أيضاً:
إسرائيل بَقِيَت في 5 نقاط.. كيف سيكون ردّ حزب الله؟
بعد انتهاء مهلة 18 شباط المُحدّدة لانسحاب قوّات العدوّ الإسرائيليّ من الأراضي الجنوبيّة، قرّرت إسرائيل البقاء في خمس نقاط استراتيجيّة في جنوب لبنان، بحجة تأمين سلامة أراضيها عبر مُراقبة كلّ حركة في البلدات اللبنانيّة لمنع "حزب الله" من شنّ هجمات جديدة على مستوطناتها.وكما هو واضحٌ، فإنّ الحكومة الإسرائيليّة تكون قد خرقت إتّفاق وقف إطلاق النار بإبقاء جنودها في تلال الحمامص والعزية وجبل بلاط والعويضة واللبونة، من دون أنّ تدفع اللجنة المكلفة مُراقبة إتّفاق وقف إطلاق النار تل أبيب إلى الإنسحاب الكامل من داخل الأراضي اللبنانيّة.
أمّا عن موقف "حزب الله"، فقد انكشف بعد اتّفاق وقف إطلاق النار، بحيث أسند إلى الحكومة اللبنانيّة ورئيس الجمهوريّة التعامل مع موضوعيّ إنسحاب العدوّ الإسرائيليّ وإعادة الإعمار، مُحمّلاً مسؤوليّة بقاء القوّات الإسرائيليّة إلى الدولة، التي شدّدت من خلال بيانها الوزاريّ الذي أتى ليُترجم خطاب قسم الرئيس جوزاف عون، على تحرير الأراضي الجنوبيّة وتطبيق القرار 1701.
ومن خلال إسناد مهمّة العمل الديبلوماسيّ لحكومة نواف سلام وللرئيس عون، يتريث "حزب الله" في اتّخاذ أيّ قرار يُؤدّي إلى توتير الأوضاع الأمنيّة من جديد في جنوب لبنان. فـ"الحزب" يُريد تمرير يوم 23 شباط بسلام، للإشارة إلى إسرائيل وللدول الغربيّة أنّ جمهور "المُقاومة" لا يزال كبيراً، وهو يُؤمن بقضيّة إخراج العدوّ وبحرب الإسناد التي شنّها في 8 تشرين الأوّل 2023، وحتّى لو كلفته كثيراً وخصوصاً بعد استشهاد السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.
كذلك، فإنّ "حزب الله" سيُعطي الحكومة الوقت للتعامل مع مُشكلة إحتلال التلال الخمس في الجنوب، وإذا ما كانت قادرة على التفاوض على استرجاعها مع النقاط السابقة التي كان لبنان يُطالب بها آموس هوكشتاين، لترسيم الحدود البريّة تماماً كما حدث في موضوع الحدود البحريّة.
ويبدو بحسب المعطيات الميدانيّة، أنّ "الحزب" غير قادر حاليّاً على شنّ حربٍ جديدة، وهو مُلزمٌ باحترام ما سيقوم به لبنان الرسميّ لعدّة أسباب. فأوّلاً، لا يستطيع "حزب الله" إسترجاع النقاط الخمس بالقوّة العسكريّة، لأنّ السكان عادوا إلى بلداتهم الجنوبيّة ومنازلهم مُدمّرة، وبدأ بصرف التعويضات لهم وينتظر وصول المُساعدات من الخارج لإطلاق عجلة الإعمار، ولا يستطيع المُخاطرة بتهجير الأهالي من جديد، وزيادة نسبة الدمار جراء أيّ عملٍ عسكريّ.
ثانيّاً، يجد "حزب الله" نفسه مُحاصراً، ففي الداخل نجحت المُعارضة وحكومة نواف سلام ورئيس الجمهوريّة في إعطاء الشرعيّة للجيش للإنتشار في الجنوب وحماية الحدود والسيطرة على أيّ مستودع أسلحة أو نفق يجده، أيّ أنّ هناك صعوبة لدى "الحزب" في إعادة الإنتشار في جنوب الليطاني، لعدم المُخاطرة باستئناف العدوّ الإسرائيليّ الحرب على لبنان، في حين لا يقدر هذه المرّة على عدم إحترام بنود القرار 1701، مع مُطالبة أغلبيّة الكتل النيابيّة والأحزاب بتطبيقه حرفيّاً، وتعزيز الجيش لتأمين وحماية الحدود الجنوبيّة.
أما ثالثاً، فيجد "الحزب" نفسه مُحاصراً عبر تعليق الرحلات الجويّة من إيران وإليها، ما يُوقف تدفق الأموال الإيرانيّة إليه، بعدما سيطرت "هيئة تحرير الشام" على سوريا وأسقطت نظام بشار الأسد، وأحكمت سيطرتها على الحدود مع لبنان، واستولت على مخازن ومستودعات الأسلحة التي كانت لـ"حزب الله" في المدن السوريّة، إضافة إلى قطعها طريق إمداد "المُقاومة" بالسلاح والعتاد العسكريّ والمحروقات والمال والمواد الغذائيّة، الآتية من طهران إلى المرافئ في سوريا.
وأمام ما تقدّم، يجد "حزب الله" نفسه في وضعٍ صعبٍ لا يسمح له بالتصرّف عسكريّاً لاسترجاع التلال الخمس اللبنانيّة، ولا يسعه سوى الصبر وإعطاء الحكومة الوقت للتصرّف مع العدوّ الإسرائيليّ ديبلوماسيّاً، ودفعه إلى الإنسحاب الكامل من جنوب لبنان. أمّا إذا فشلت الديبلوماسيّة في تحقيق الهدف المنشود، فسيستغلّ "الحزب" هذا العامل سياسيّاً للترويج إلى أهميّة "المُقاومة" في حماية السيادة، كما يحصل حاليّاً عبر تحرّكات طريق المطار "الرافضة للإملاءات الخارجيّة" على حدّ قول حارة حريك.
المصدر: خاص لبنان24