كثيرا ما نسمع عن التعبيرات الدارجة في التكتلات العسكرية والعلاقات الدولية عن منظور نظرية الردع والتي تظهر المعني المرتبط بالتهديدات التي تظهر اختلاف امتلاك عنصر القوة بأنواعها ودرجاتها، ومن هنا كانت نظرية القوات المسلحة المصرية منذ ان إنشات حتى وقتنا الحالي انها مؤسسة القوة للشعب المصري ضد أي قوة تستهدف امن وسلامه افراد المواطنين وملكية الأرض.

 ولم يكن ما حدث من مخطط في الأيام الست من يونيو 1967 الا استخدام العدو الإسرائيلي لتكتل خفي من قوات جوية أمريكية وانجليزية وفرنسية استهدفت الشعب والأرض فليس من المعقول ان جاليات يهودية لجنسيات متعددة يمكن ان تكون جيش يصنع نصر تجيشي كما كانت وقتها الجيوش العربية لمصر والعراق وسورية , ولذا امدت القوي الغربية التي كانت منتشرة في الشرق الأوسط من قواعدها او حاملات طائراتها لجيش العدو احتلال سيناء بغطاء مكشوف تحلق فيه طائرات من مختلف الأنواع وتتفق في نجمة داود و تقتل الجنود المصريين دون هوادة او رحمة بعد ان صدر قرار الانسحاب من سيناء دون ترتيب او تخطيط يحميهم , وهكذا فعلو بجنودنا الذين قتلتهم الطائرات التي ملئت السماء كما يفعلون الان في غزة وجنوب لبنان مع الافراد العزل المدنيين.

ومنذ ان احتلت إسرائيل سيناء في 67 ذهبت أمريكا لتطبيقات حديثة لبناء نظرية ردع تقليدية وكذلك غير تقليدية , حيث نظرية الردع التقليدية التي تشمل أدوات السلاح لتكوين جيش من افراد ومعدات وأدوات عسكرية بينما نظرية الردع الغير تقليدية فقد ذهبت الي تكنولوجيات لم تطبق ولم تنفذ الا تحت رعاية الخبراء الأمريكيين والبريطانيين في سيناء المحتلة وصنعوا لها أسلحة ردع ليست تقليدية حيث تم بناء ساتر ترابي بارتفاع 20 متر ومنحدر الجانبين بزاوية 45 درجة  والصعوبة في هذا الخط المصنوعة من رمال وسط سيناء ذات الذرات الغليظة في الأسفل والمتناقصة في احجامها كلما ارتفع الستر الي الرمال الناعمة الخفيفة في الأعلى والتي تم وضعها بكيفية هندسية ترمي الي تداخل الذرات وسقيها بمحلول ماء البنتونيت الذي يضمن الحفاظ علي الارتفاع الطولي والعرضي للساتر الذي سمي بخط بارليف, وتم تصميم عدد من الدشم الحصينة التي تراقب وتمنع مرور العبور للضفة الشرقية للقناة وصممت أيضا خط من الغاز الناباليم ذو فتحات اما الساتر الترابي يترقب لأي حركة في سطح المياه في القناة من الأعمال الفدائية او العبور حيث تخرج النيران لتحرق أي جسم علي سطح المياه بطول القناة.

 ودعمت أمريكا البرنامج النووي الإسرائيلي من حيث التمويل ومراقبة التنفيذ الذي تولته فرنسا حيث قامت بأنشاء مفاعل ديمونة في صحراء وادي النقب، وما ان تم بناء المفاعل استهدف الموساد وبمعاونة أجهزة استخبارات غربية توصيل المخاوف الي الشعب المصري عن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي وتصنيع الرؤوس النووية بل وتصنيع القنبلة النووية.

وبتحليل كل نظريات واليات الردع التي صممتها أمريكا والغرب للعدو الإسرائيلي فأنها تدل على نية وتصميم أمريكا والغرب باحتلال ارض سيناء الي الابد وان من يفكر باسترداد تلك الأرض فأنه ذاهب الي الانتحار. 

 هنا لم يكن خيار استرجاع الأرض والكرامة في حرب 6 أكتوبر غير اننا كمصريين سنحارب كل تلك النظريات لقوة الردع المتعددة التقليدية والغير تقليدية والردع النووي الإسرائيلي، ويصدقني القول الكثير من القادة العظام في أكتوبر أكدوا ان رجال الجيش المصري لم يجدوا أي مهارة في جيش الاحتلال بل وجدوا هروب كامل من كل المواقع ولم تحميهم غير الدشم التي اختبؤا فيها او المدرعات التي ظنوا انها حصون منيعة ولم يجدوا ازيز الطائرات التي كانت توفرها أمريكا والغرب من خلال المناورات التي كانت تتدرب عليها إسرائيل مع الجيش الأمريكي البريطاني من 68 حتي مارس 73 .

ولم يكن لصناع القرار وقتها وبعد تصدير كل تلك النظريات المختلفة للردع سوي ان يستسلم الي القوي التي قهرت المصريين او التفكير بنظريات الردع الأكثر اختلاف عما وجد علية جيش الاحتلال الإسرائيلي في سيناء، وهنا سعي صانع قرار الحرب الي المنظور الابتكاري للقوات المسلحة المصرية كي يرفع من النمط التقليدي للردع باستيراد و تنوع سلاح للأفراد والمعدات وكذلك سلاح الجوم من الاتحاد السوفيتي المنافس للغرب، وخططت ايضا الي ما يفوق الردع غير التقليدي بوضع الحلول لكل النقاط القهرية لفتحات الناباليم واستخدم فتحات المياه العملاقة في جسم الساتر وتفجير الدشم علي طول ضفة القناة . ويظهر هنا الردع الاستراتيجي الذي برعت فيه الاستخبارات العامة والحربية المصرية بتصدير اعلي درجات التنويه والخداع والمباغتة والتصوير الخاطئ والصورة المطلقة التي تعطى العدو الثقة في ان المصريين ليس لديهم غير القبول بالأمر الواقع.

 وأيضا تأهبت القيادة المصرية الي ما هو ابعد من ذلك وهو محاكاة استخدام العدو الإسرائيلي لقوة الردع النووي كخيار الياس للرد على الهجوم، وسعي نظام المحاكاة في حرب أكتوبر الي ما هو لدي إسرائيل من رؤوس نووية وأماكن تخزينها وكيفية تحريكها والسلاح الذي يحملها وهل هو صاروخ او طائرة مقاتلة او طائرة نقل حربية، ومن ثم أي مكان سيحدث فيه الاختراق من الجسم النووي والي أي مدي ستصل داخل العمق المصري.

 ولم يخف علي احد ان هناك احد اهم المكالمات التي لجات اليها جولد مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية بعد ان فجاها المصريين بالعبور والدخول الي العمق وخاصة ان القوات المصرية أصبحت علي بعد بضع عشرات الكيلومترات من تل ابيب , وهنا استشارت مائير أمريكا في ارسال احد طائرات أف-16 بتحميل راس نووي داخل العمق المصري ولكن اخبرها الجانب الأمريكي بقدرات منصات الدفاع الجوي المصري وكذلك نظام الميج 29 المتتبع لسرعات الفانتوم و أف -16.

وردت أمريكا بانها لديها حل اخر لوقف تحركات الجيش المصري في سيناء وأنها سوف تذهب الي ارسال اسطولها من الجسر الجوي من طائرات اف 15 و35 وإنزال جوي للمدرعات والدبابات خلف أماكن تأخر القوات المصرية وخلف الخطوط مما سيساعد في دخول استنزاف واختراق الجيش في الثغرة وتطويل للحرب لحين التفاوض مع الجانب المصري بوقف إطلاق النار. ولم يكن هناك تصور اخر لدي القيادة المصرية بقيادة الزعيم أنور السادات غير أن أمريكا الان تحارب الجيش المصري ولذا كان قبول وقف القتال.

لم يكن انتصار أكتوبر ونظريات الردع الابتكاري المصري والتي فاقت التصور والتكنولوجيا الامريكية التي دعمت إسرائيل وارثت فيها صفه الجيش الذي لا يقهر ظنا منها ان تستطيع ان تحتل ما تشأ في الشرق الأوسط , ولولا ان المؤسسة العسكرية المصرية التي بنيت علي حماية الأرض ويقين الكرامة لما كان التصميم علي استعادة الأرض والكرامة وذللت لأبنائها من القوات المسلحة من السلاح والتدريب والابتكار ما تستطيع به القضاء علي منظور الصناعة الامريكية في جيش لا يقهر ولا ردع ينافس ولكن نحن نثبت للعالم كل يوم من عصور التاريخ الي الحاضر اننا نردع دائما كل الغزاة ولو بعد حين .... والي تكملة قادمة. 
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: نظریة الردع لم یکن

إقرأ أيضاً:

محافظ جنوب سيناء يشارك في الاحتفال بالذكرى 51 لنصر أكتوبر بالطور

شارك الدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، في احتفالية الذكرى 51 لنصر أكتوبر المجيد، بحضور قائد الجيش الثالث الميداني، وقيادات الجيش الثالث، والمجاهدين وأسرهم، ومشايخ وعواقل المحافظة، واعضاء مجلس النواب والشيوخ، وممثلي كافة طوائف المجتمع السيناوي.


وفي مستهل كلمته هنأ المحافظ الجميع بالذكرى ال51 لنصر أكتوبر المجيد ونقل تحيات القيادة السياسية لمواطني جنوب سيناء، وعدد انتصارات الجيش المصري منذ فجر التاريخ وحتى عهد الرئيس عبد الفتاح االسيسي، القائد الاعلي للقوات المسلحة، مؤكدًا على الدور العظيم لقواتنا المسلحة في انتصارات حرب أكتوبر والتي بدأت عبر رحلة امتدت لست سنوات منذ عام 1967م وحتى حققت النصر عام 1973م لتشمل الآلاف من الإجراءات والأعمال وكلها كانت غاية في الأهمية سواء كان ذلك من خلال مرحلة الصمود بعد معركة 1967م ثم مرحلة حرب الاستنزاف ثم إعادة بناء وتجهيز وتدريب وتسليح الجيش المصري طبقا لإمكانات الدولة كلها وفى ظل أوضاع وتوازنات القوى الإقليمية والدولية، ثم خطة الخداع الاستراتيجى استعدادا لحرب أكتوبر المظفرة.

وأكد على دور الشعب المصري العظيم وتحمله الكثير من أجل تخصيص كل موارده وموارد الدولة للمجهود الحربى لصالح مصر لمعركة النصر فى حرب أكتوبر 1973م فصمد الشعب وانتصر الجيش، وعاشت مصر وارتفعت رايادتها واعلامها، وإستردت الأمة العربية كلها كرامتها وكبريائها
 

وقال المحافظ، إن بدو سيناء كانوا على رأس وطليعة الشعب المصرى فى دعم جيش مصر بما قدموه من تضحيات خالدة وفداء وبسالة وشجاعة نادرة خاصة من خلال دعمهم ومساندتهم لعناصر قواتنا المسلحة وجيشنا وخاصة عناصر الإستخبارات العسكرية والاستطلاع والقوات الخاصة، وقوات الصاعقة والمظلات والتي عملت ونفذت مهام خاصة خلف خطوط العدو وفي عمق سيناء فكان أبطال مصر من مجاهدي سيناء وبدو جنوب سيناء هم من قاموا بتوفير الغطاء والتأمين لتلك العناصر سواء من تأمين معلوماتى وإداري وطبي والمعاونة فى الإخفاء والخداع فى عمق خطوط العدو داخل سيناء،.
وقال ان مصر انتقلت بعد نصر أكتوبر من معركة التحرير الى معركة التعمير وشمر المصريون عن سواعدهم وقامت الدولة المصرية بتوفير كل الإمكانات المادية والفنية والدعم من كل وزارات وأجهزة الدولة لتعمير وتنمية سيناء حتى وصلت عدة مدن من جنوب سيناء الى قمة العالمية ونذكر فقط على سبيل المثال مدينة شرم الشيخ الحبيبةـ،مدينة السلام وقبلة السياحة العالمية وأفضل مدينة عالمية للتعايش وحاضنة أفضل وأنجح المؤتمرات الدولية
. وأشار المحافظ انه انطلاقا من رؤية مصر 2030 م وإستراتيجية الدولة فلقد قمنا بصياغة الرؤية لتنمية جنوب سيناء كأساس قوى لإستراتيجية التنمية الشاملة لجنوب سيناء والتى تم تشرفى بعرضها على فخامة السيد الرئيس يوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024م وأصدر فخامة السيد الرئيس توجيهاته الفورية بشأن تلك الإستراتيجية وتنفيذها والاهتمام بالشباب ومشروعاتهم وقد تلخصت الرؤية فى (جعل جنوب سيناء نموذجا دوليا وعاصمة للتنمية المستدامة وتعزيز التصنيف الدولى لها على خريطة السياحة العالمية).
ولتحقيق هذه الرؤية فلقد تم تقسيم إستراتيجية التنمية إلى عدة محاور هامة من دراسة موقف مشروعات التطوير وتحديد الهياكل الاقتصادية للمحافظة وتحقيق التوازن التنموي بين مدن المحافظة والتركيز على محور السياحة بجميع مكوناتها وحوكمة الإدارة.
ولتنفيذ ذلك التوازن التنموي فلقد تم تقسيم المحافظة الى خمسة قطاعات تنموية تتشابه مدن كل منها من حيث الموارد وطبيعة الأنشطة والفرص الاستثمارية الممكنة والمتاحة إلخ وتلك القطاعات هى قطاع شرم الشيخ / دهب – قطاع أبوزنيمة / أبورديس– قطاع الطور / سانت كاترين – قطاع نويبع / طابا وأخيرآ قطاع رأس سدر.
ودعا المحافظ الجميع من أبناء وبدو ومواطنى جنوب سيناء والعاملين بها على تضافر جهودنا جميعا من أجل إنجاح تلك الإستراتيجية وإنجاح كل مشروعات التنمية بجنوب سيناء من أجل رفعة مصرنا الحبيبة وتأمينها والحفاظ على أمنها القومي .
وفي ختام كلمته وجه محافظ جنوب سيناء رسالة الي مواطني المحافظة خاصة الشباب جاء فيها : " لا تصدقوا غير قيادتكم الصادقة، افتحوا أعينكم جيدآ لتحافظوا على سيناء وما تم فيها من تنمية، إحذروا أن تستمعون إلى الشائعات واقتلوها ولا ترددوها، حافظوا دائما على ولائهم وحبهم وانتمائكم لمصر وجيشها.
وفي ختام اللقاء شارك محافظ جنوب سيناء في تكريم نماذج من المجاهدين وأسرهم تقديرا وعرفانا بدورهم الوطني العظيم ..

1000031225 1000031224 1000031221 1000031222 1000031223

مقالات مشابهة

  • جمال بيومي: عبد العاطي حافظ على السياسة الخارجية المصرية بامتياز
  • لماذا لن تختفي نظريات المؤامرة التي تروج لها CIA داخل أمريكا؟
  • السلطات المصرية تمنع إقامة فعاليات يمنية بعد الفوضى التي احدثتها الجالية باحتفالية سبتمبر
  • الورطة الكبرى.. كيف واجه السادات مخطط إسرائيل لانتقاص أرض سيناء بعد نصر أكتوبر؟
  • فازت بلقب الملكة.. المصرية لوجينا صلاح تعيد تعريف معايير الجمال
  • محافظ جنوب سيناء يشارك في الاحتفال بالذكرى 51 لنصر أكتوبر بالطور
  • ما هي "نظرية أكتوبر" التي تساعد على تنظيم حياتك؟
  • تهديدات ”إيرانية ” للسعودية تكشف عن مخاوف ”طهران” من الرد العسكري الإسرائيلي وافتقادها لقدرات الردع
  • أحمد ياسر يكتب: ربما ابتلعت إيران الطُعم الإسرائيلي