الزراعة المنزلية.. ثقافة مجتمعية تحقق الاستدامة
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
تولي دولة الإمارات أهمية كبيرة لتحفيز أفراد المجتمع على المشاركة في تطوير المنظومة الزراعية عبر تشجيعهم على استغلال المساحات الفارغة في المنازل والأسطح لزيادة الرقعة الخضراء بهدف تعزيز الأمن الغذائي واستدامة البيئة وغرس ثقافة الزراعة وإنتاج الغذاء والمساهمة في تنشئة جيل يستطيع الحفاظ على التنمية الزراعية المستدامة بالدولة والمساهمة في سد جزء من احتياجات الأسر اليومية من المنتجات الزراعية ونشر وتعزيز مفهوم المدن المستدامة.
وتبذل الإمارات جهوداً حثيثة للمحافظة على المكتسبات التي حققتها طوال العقود الماضية في مجال التنمية الزراعية، حيث تمكنت رغم كل الظروف الطبيعية والمناخية غير المواتية، من تحقيق نهضة زراعية أسهمت في زيادة مساحة الرقعة الخضراء بصورة واضحة وأسهمت في تحسين نوعية الهواء والتخفيف من تأثير انبعاثات تغير المناخ وتعزيز الأمن الغذائي في الدولة.
وتدعم ممارسات الزراعة المنزلية مستهدفات البرنامج الوطني «ازرع الإمارات»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث يضم البرنامج مبادرات عدة تدعم توجهات دولة الإمارات للتنمية الزراعية وتعزيز معدلات الأمن الغذائي الوطني المستدام.
قوانين داعمة
عززت الإمارات الاهتمام بالتنمية الزراعية عبر قوانين، كما حرصت على تدشين جهات حكومية تعنى بتطوير قطاع الزراعة، ودعمت هذه الجهود بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051، كما شكلت مجلس الإمارات للأمن الغذائي، لضمان تحقيق التعاون بين جميع الجهات المجتمعية والحكومية وبما يسهم في سرعة الوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وتقليص الفجوة الغذائية والحفاظ على التربة وتحقيق الاستخدام الأمثل للمياه وخاصة الجوفية منها.
كما رسخت دولة الإمارات ثقافة الزراعة المنزلية بقرار مجلس الوزراء رقم 31 لسنة 2018 في شأن الزراعة المجتمعية، والذي نص على أن تتولى وزارة التغيير المناخي والبيئة تطبيق أحكام القرار والذي يتضمن 14 مادة تختص باستغلال المساحات السكنية وأسطح المباني والمؤسسات التعليمية لتطوير وتوسيع النشاط الزراعي وتوسيعه والاستفادة من آثار ذلك لخدمة المجتمع وتثقيفه ونشر وتعزيز مفهوم المدن المستدامة والمحافظة على البيئة وزيادة الرقعة الخضراء.
وتعمل الوزارة وفق هذا القرار على غرس ثقافة الزراعة المجتمعية وإنتاج الغذاء لدى أفراد المجتمع للمساهمة في سد احتياجاتهم اليومية من الغذاء، من خلال وضع الإرشادات وإعداد البرامج واتخاذ ما يلزم من إجراءات أو قرارات لتمكين أفراد المجتمع من استغلال مساحات معينة في المنزل لزراعة النباتات.
فوائد اقتصادية
تحمل الزراعة المنزلية العديد من الفوائد الاقتصادية، من خلال مساهمتها في تعزيز الأمن الغذائي، وتقليل الإنفاق، وخلق فرص عمل جديدة، الأمر الذي مكنها من أن تلعب دوراً مهماً في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة في الإمارات.
كما تسهم في تعزيز الاقتصاد الأخضر عبر مساهمتها في تقليل البصمة الكربونية المرتبطة بنقل الأغذية عبر مسافات طويلة، واستخدام الأساليب الزراعية المستدامة التي تقلل من التأثير البيئي السلبي، كما يؤدي الاهتمام المتزايد بالزراعة المنزلية إلى نمو الصناعات المحلية المرتبطة بها، مثل تصنيع الأسمدة العضوية، والأدوات والمعدات الزراعية، وأنظمة الري الحديثة، وهو ما يسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي وزيادة الإنتاجية.
كما تسهم الزراعة المنزلية في خلق فرص عمل جديدة في قطاعات متعددة مثل تصنيع وبيع المعدات الزراعية الصغيرة، وتقديم الخدمات الاستشارية والتعليمية للزراعة، وتطوير تقنيات الزراعة المنزلية الذكية، حيث تُتيح الزراعة المنزلية فرصة لرواد الأعمال لبدء مشاريعهم الخاصة.
مفهوم الاستدامة
تساعد عملية زراعة حدائق منزلية أو استغلال المساحات الفارغة في المباني وتحويلها لمزارع صغيرة تستخدم تقنيات الزراعة الذكية كالزراعة بدون تربة والزراعة العضوية والاستغلال الأمثل للمياه بإعادة استخدامها في الزراعة المجتمعية، في تعزيز مفهوم الاستدامة اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً.
وتحرص كافة الجهات المعنية بالدولة على غرس ثقافة الزراعة المنزلية بين كافة أفراد المجتمع عبر مبادرات مبتكرة تسهم في توفير بيئة سليمة وصحية تغرس القيم البيئية في نفوس الأفراد.
وتسعى المبادرات التي تطلقها الجهات الحكومية بالدولة إلى لأفراد الأسر في الأنشطة المساهمة في تعزيز الوعي البيئي وتنمية مسؤوليتهم تجاهها وتشجيعهم على المساهمة في زيادة الرئات الخضراء وتوعيتهم بأهمية الزراعة المنزلية وكيفية إنتاج محصول زراعي خالٍ من المركبات الكيماوية الصناعية كالمبيدات والأسمدة الكيماوية، إضافة للحصول على منتجات زراعية ذات قيمة غذائية عالية وتوفير منتجات تغطي احتياجات الأسرة بأقل تكلفة ممكنة.
تسهيلات ومحفزات
تقدم دولة الإمارات الكثير من التسهيلات التي تحفز المواطنين والمقيمين على الاهتمام بالزراعة المنزلية وتشجعهم على الاستفادة من كل الوسائل التقنية والمعارف والمهارات والخبرات والتجارب الناجحة التي تولي أهمية كبيرة للاعتبارات البيئية وبما يحقق مبادئ الاستدامة في كل المجالات.
ودعمت الدولة الزراعة المنزلية بمسح لممارساتها يرصد مدى انخراط سكان الدولة فيها تحقيقاً للأغراض الغذائية ولقياس مدى انتشار ممارستها والتعرف إلى التحديات وأساليب الري المتبعة ونوعية المحاصيل المزروعة وكميتها لدراستها وتحليل النتائج من خلال استخدام أساليب بحث علمية ومنهجيات معتمدة عالمياً لتوفير بيانات ذات دقة عالية تكون رافداً لعملية تعزيز ممارسات الاستدامة في الدولة.
الاكتفاء الذاتي
نالت الجهود التي تبذلها الدولة لترسيخ وغرس ثقافة الزراعة المنزلية إشادة دولية من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» والتي أكدت أن المبادرات المبتكرة والمحفزة التي تقدمها الإمارات تشجع أفراد المجتمع على المساهمة في توفير الغذاء عبر طرق مبتكرة وفي إطار الحفاظ على البيئة ووفق أسس الاستدامة.
وأطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة الدليل الإرشادي لإنشاء الحديقة المنزلية وزراعة الأسطح، والذي يتضمن أهمية الحديقة المنزلية، والتخطيط لإنشاء الحديقة المنزلية، وخطوات تصميم وإنشاء الحديقة والنقاط الواجب مراعاتها، وتحديد معالم خريطة الموقع المراد زراعته، والاحتياجات البيئية لنباتات الحديقة المنزلية.
وعززت جهات محلية ممارسات الزراعة المنزلية منها إطلاق هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية دليلاً إرشادياً للزراعة المجتمعية بالحدائق المنزلية والمؤسسات التعليمية وأسطح البنايات.
كذلك دعمت بلدية دبي، الزراعة المنزلية بإطلاق مسابقة «أفضل حديقة منزلية منتجة في إمارة دبي»، والتي تشجع على ثقافة الزراعة الإنتاجية، وتبني مفهوم الاستدامة البيئية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي للأسرة من المنتجات والمحاصيل الزراعية المُنتجة في منازلهم.
وتأتي المسابقة في إطار الالتزام بدعم الممارسات المجتمعية التي تشجع المواطنين على الإنتاج الزراعي المحلي المستدام، كعنصر أساسي في ضمان استدامة منظومة الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، واستدامة الموارد البيئية، دعماً لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، واستراتيجية الأمن الغذائي لإمارة دبي.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات الزراعة المنزلیة أفراد المجتمع دولة الإمارات ثقافة الزراعة الأمن الغذائی فی تعزیز
إقرأ أيضاً:
انطلاق فعاليات المؤتمر الدولى الثامن لشباب الباحثين فى العلوم الزراعية
شهد الدكتور أحمد عكاوى، رئيس جامعة جنوب الوادى، انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الثامن لشباب الباحثين في العلوم الزراعية فى" الزراعة المستدامة والأمن الغذائى"، الذي تنظمه كلية الزراعة بالجامعة في الفترة من 15- 16 ديسمبر 2024.
جاء ذلك بحضور الدكتور عباس منصور، رئيس الجامعة الأسبق، والدكتور محمد وائل عبد العظيم، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور عصام الدين عبد الهادى، عميد كلية الزراعة ورئيس المؤتمر، والدكتور عبد الحليم الشعينى، وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث ومقرر المؤتمر، ووكلاء الكلية ورؤساء الاقسام وأعضاء هيئة التدريس بالكلية.
رئيس جامعة جنوب الوادي يشهد حفل ختام مبادرة دعم وتمكين ذوي الهممرئيس جامعة جنوب الوادي يفتتح المعرض الفنى لطلاب كلية الطب البيطرى
وأشار الدكتور أحمد عكاوي رئيس جامعة جنوب الوادى، إلى أن هذا المؤتمر يهدف إلى إتاحة الفرصة للباحثين نحو المشاركة بالأوراق البحثية وأيضاً بيئة داعمة لشباب الباحثين نحو العمل والابتكار، في إطار الدور المجتمعى للجامعة، وتحقيقا للاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي لتحقيق رؤية مصر 2030.
ووجه عكاوى، عدة رسائل لشباب الباحثين المشاركين فى المؤتمر لبذل مزيد من الجهد في البحث عن المعلومات وأيضاً الحصول على الدورات التدريبية المختلفة وذلك لإجادة كافة الامور المتعلقة بالبحث العلمى.
وأشاد الدكتور محمد وائل عبد العظيم، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، بما تشهده جامعة جنوب الوادي من تطور في جميع القطاعات عامة وفي قطاع الدراسات العليا على وجه الخصوص والذي ما زال يقدم كل جديد وتطور ملموس، كما قامت الجامعة بتحديث لوائح النشر العلمي لتعزيز المنافسة بين شباب الباحثين وتدريب طلاب الدراسات العليا في مجال البحث العلمي من خلال من خلال إقامة مثل هذه المؤتمرات المتخصصة على مدار العام وذلك لتعزيز مهارات الباحثين في التركيز على النشر العلمي والارتقاء بالسمعة الاكاديمية للجامعة.
وأشار الدكتور عصام الدين عبد الهادى، عميد كلية الزراعة، إلى أن المؤتمر يهدف لتعزيز التعاون العلمي لتبادل الخبرات والآراء والتجارب لشباب الباحثين وتوحيد الجهود بين الجامعات ومراكز البحوث الزراعية ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق التنمية المستدامة والامن الغذائى، بالإضافة إلى توفير منصة لعرض نتائج الأبحاث وتطبيقاتها في مختلف المجالات الزراعية وتشجيع شباب الباحثين وطلاب الدراسات العليا على تقديم نتائجهم في المؤتمرات العلمية وذلك يأتي متوافقاً مع توجهات الدولة المصرية فى تحقيق اهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وأضاف الدكتور عبد الحليم الشعينى، وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، بأن المؤتمر يشارك فيه 135 باحث منهم باحثين من الصين وتركيا، كما يناقش عدة محاور ومنها علم البيئة والتلوث ووقاية النبات والنانو تكنولوجي وتطبيقاته في الزراعة وتقنيات الأحياء وعلم الأحياء الجزيئي والتكنولوجيا الحيوية والبستنة والمحاصيل الحقلية وتطبيقاتها الحديثة في التنمية المستدامة واستدامة الأمن الغذائى وتقنيات الإنتاج الحيواني والتربة والموارد المائية وموارد الطاقة المتجددة والتغيرات المناخية وأثرها على الزراعة.