حرصت الشريعة الإسلامية على إقامة العلاقات الطيبة بين الناس في جميع المعاملات، ومفهوم خلق السماحة يرجع إلى التيسير والاعتدال؛ فهي تحوي بداخلها أخلاقًا كثيرة، من الجود واللين، وطيب التعامل، وحسن العشرة، وبذل الحقوق، وترك المشاحة، وانشراح الصدر، وبشاشة الوجه، وصدق التعامل، ورحمة بجميع خلق اللَّه تعالى، ولقد عرف الجرجاني السماحة في كتاب التعريفات بأنها «بذل ما لا يجب تفضلًا»، وعندما يتأمل الإنسان حق التأمل سيرى السماحة واليسر جليين في الأوامر والنواهي التي جاء بها الإسلام قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُم اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُم العُسرَ} [البقرة: 185].

التسامح قيمة عظيمة، وأحد المبادئ الإنسانية، وتتجلى عظمة الإسلام في إرساء دعائم المواطنة، وغرس قيم التسامح الديني والتعايش السلمي المشترك بين الأديان منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، فوضع الحقوق والواجبات التي تحقق المساواة دون أي تمييز، ودعا إلى مجادلتهم بالحسنى، وأقر بحق الاختلاف، وحرية التعبد والاعتقاد وممارسة الشعائر والطقوس الدينية، قال تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة: 256]، ولقد دعا النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بالرحمة لمن تحلى بخلق السماحة؛ فعن جابرٍ بن عبدالله رضي الله عنهما، أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «رحم اللَّهُ عبدًا سمحًا إذا باع سمحًا إذا اشترى سمحًا إذا اقتضى» وفي رواية «وإذا قضى» [رواه البخاري]، وفي هذا الحديث يدعو النبي بالرحمة لهؤلاء المتسامحين، مما يؤذن برضا اللَّه عنهم ووصول جزيل الأجر والثواب إليهم بسبب التسهيل والتنازل والتغاضي وعدم الشدة والتصلب في الأمور، وبخاصة في أربع حالاتٍ هي: البيع والشراء والاقتضاء والقضاء.

إنَّ السماحة لا تعنى الضعف والهوان، فالإسلام يأبى الضيم ويرفض لأتباعه الذل والهوان؛ بل السماحة تعنى العزة والكرامة، وهي من مكفرات الذنوب؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسرًا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه  لعل الله أن يتجاوز عنا ، فتجاوز اللَّه عنه» [رواه البخاري]، وعن خلق السماحة بين البائع والمشتري قصة من صاحب جرة الذهب؛ فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «اشترى رجلٌ من رجلٍ عقارًا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرةً فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني إنما اشتريت منك الأرض ولم ابتع منك الذهب، وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجلٍ، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولدٌ؟ قال أحدهما: لي غلامٌ، وقال الآخر: لي جارِيةٌ، قال: أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا» [البخاري ومسلم].

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ه علیه وسل

إقرأ أيضاً:

أذكار وأدعية مستحبّة بعد الصلاة.. احرص عليها فضلها عظيم

تُعدّ الأذكار والأدعية بعد الصلاة من السنن المهجورة التي يغفل عنها كثير من الناس، رغم ما فيها من فضلٍ عظيم وأجرٍ جزيل، فهي باب من أبواب الذكر الذي يحبه الله، ومجالٌ رحب للتقرب إليه سبحانه وتعالى. 

وثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تحث على المداومة على هذه الأذكار بعد الفراغ من الصلوات المفروضة.

أذكار مستحبة بعد التسليم من الصلاة 

فمن الأذكار المشروعة والمستحبّة بعد التسليم، أن يقول المسلم: "أستغفر الله" ثلاث مرات، ثم يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، وهو ما رواه ثوبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

ثم يُستحب أن يُكمل الذكر بقراءة آية الكرسي، فقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آية الكرسي دُبر كل صلاةٍ مكتوبةٍ، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت".

هل يقبل الدعاء بدون رفع اليدين؟.. الإفتاء تجيبدعاء فك الكرب والهم والحزن.. حصن نفسك بهذه الكلمات

ومن الأذكار العظيمة أيضًا:

"سبحان الله" 33 مرة"الحمد لله" 33 مرة"الله أكبر" 33 مرة
ويُتمّ المئة بقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، وهذا من أحبّ الأذكار إلى الله كما ورد في الحديث الصحيح.

كما يُستحب أن يدعو المسلم بما شاء من الأدعية، سواء كانت من السنة أو من دعائه الخاص، على أن يكون الدعاء بخشوع وحضور قلب.

 ومن الأدعية المأثورة بعد الصلاة
"اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"،
"اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين"،
"اللهم ثبت قلبي على دينك".

فضل الأذكار بعد الصلاة واستجابة الدعاء 

وللأذكار بعد الصلاة أثرٌ عظيم في صفاء القلب، وطمأنينة النفس، وربط العبد بربّه. فهي تجدد الإيمان، وتزيد في الحسنات، وتمحو الخطايا، وتُدخل صاحبها في زمرة الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، الذين أعدّ الله لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا.

وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على هذه الأذكار، ويعلّمونها لأبنائهم، وكانوا يرونها من علامات التقوى، ودليلاً على تعظيم شعائر الله.

 فليحرص المسلم على هذه السنن، ولا يغفل عنها، فهي من أسهل العبادات وأيسرها، لكنها من أعظمها أجرًا وثوابًا.

وقال العلماء أن المحافظة على أذكار ما بعد الصلاة تعني اتصال العبد بربه بعد كل فريضة، وتزيد من رصيد حسناته، وتحفظه من وساوس الشيطان، وتعينه على السير في طريق الطاعة بثبات ويقين.

مقالات مشابهة

  • أذكار وأدعية مستحبّة بعد الصلاة.. احرص عليها فضلها عظيم
  • كنز عظيم لمن واظب على هذه الصلاة.. حاول أن تصليها
  • هل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تكشف عن سبب المقولة الخاطئة
  • ترامب: أردوغان صديق عظيم أحبه ويحبني!
  • دعاء عند الشعور بالملل
  • علامات قبول العمل الصالح لمن صام رمضان والست من شوال.. تعرف عليها
  • عاجل| ترامب لنتنياهو: شرف عظيم لي أن أستقبلك في البيت الأبيض
  • أمين الفتوى: ثواب التبرع بالدم عظيم ويقرب المسلم من الله
  • عسير في خريطة العمارة السعودية.. تعزيز لأصالة البناء وجماليات التصميم
  • بعد عمارة.. الرباح يدشن تحركات لتعيينه على رأس مجلس الجالية