أحمد نجم يكتب: الغيرة مرض اجتماعي ونفسي
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
لكل متميز و متفوق عيون ترقبه تتسم بالغيرة مما وصل عليه. وقد يعتبر هذا الشعور طبيعيا في بعض الأحيان في العمل من أجل التنافس المشروع لكن ، أن يتحول هذا الشعور إلى غيرة مزمنة وضيق بما وصل إليه الآخر نتيجه اجتهاده في خطواته ،بينما تنعكس صورة الغيرة على صاحبها و تؤثر سلبا على صحته النفسية وأدائه في العمل ليصاب بمرض الغيرة المدمرة للذات.
دائما الشخص الذي يغار يتسم بضعف الشخصية وعدم الثقة في نفسه و يسيطر عليه إحساس بأن الأخر أفضل منه و أن لديه إمكانيات تفوقه ويظل يملأ قلبه بالأحقاد وعقله بالأفكار السلبيه ،تكون سببا لإصابته باكتئاب وانعدام الثقة في قدراته وأحيانا يفكر في الخلاص من نفسه بالانتحار أو إيذاء الأخر لإعتقاده بأنه مهما اجتهد لن يصل لما وصل عليه الأخر .و أنه أضعف من أن يتحمل الابتلاء .
و كثيرا من وقعت حوادث قتل ايذاء كان شيطان الغيرة هو المسيطر .
أحيانا ترتبط الغيرة بمشاعر الغل والحقد والكره من نجاح شخص ولا يتمنى له الخير بل يقلل من اجتهاده ويرجع نجاحات الآخر للحظ والظروف و قد يحقد شخص علي مستوى حياة مرفهة يعيشها الأخر ،و يتحول ألي كراهيه له.أو لأن من حوله يحبونه ويحترمونه و يتمنَّى زوال النعمة علي من يغار منه . حينها يفقد الشخص الذي تملأ قلبه الغيرة و الحقد كل مشاعر الرحمه داخله والحنان من قلبه كما يقول ابن القيم .
ولا تربط الغيرة بمستوي إجتماعي معين.فهي أفه في كل طبقات المجتمع ووظائفه .ذات يوم جمعني عشاء مع أحد الوزراء السابقين للتربية و التعليم و كنت ضمن فريق مستشاري مكتبه الإعلامي و افضي لي بأن من أسباب خروجه من الوزارة غيرة أحد نوابه الذي استولى علي ملف أعده الوزير لتطوير العملية التعليمية وقدمه سرا لرئيس مجلس الوزراء حينها علي أنه من بنات أفكاره بخلاف الإساءة لبعض قراراته الوزارية وتفسيرها بنظريته عكس الهدف المأمول منها بغرض الإساءة له .
واتذكر واقعة مشابهه حدثت بين وزيرا للري و أحد المرشحين لتولي نفس الوزارة ، حينما أعد الوزير ملف به إساءة للمرشح الوزاري وقدمه للمهندس ابراهيم محلب الذي كان يقوم بتشكيل وزارة جديدة بينما قام المرشح للمقعد الوزاري بنفس الشئ ضد الوزير . وهو ضرب من تحت الحزام .
يمكننا أن نعرف الغيرة بأنها الشعور الذي يسيطر علي الإنسان ضعيف الشخصية تسبب له استياء تجاه الآخرين وتسيطر عليه الوساوس القهرية والأوهام والهواجس ،تجعله يقوم بسلوكيات غير مقبولة ومتطرفة تجاه الأخر . ويعيش حالة الحزن، والغضب وجنون العظمة و أحيانا يتسم بالعنف تجاه الأخر للتقليل من شأنه في كل لقاء .
الغيرة عاطفة إنسانية طبيعية لو صارت بصاحبها نحو هدف نبيل ربما تكون حافزا للتقدم من خلال مفهوم المنافسة لتحسين بعض الأوضاع، لكنها قد تتحول إلى رغبة في التملك و الأنانية حتى تصل أحيانا إلي مرض أو اضطراب نفسي . يعرف باسم "متلازمة عطيل" أو الغيرة الوهمية المرضية
وهناك الغيرة الأسرية بين الأبناء أو الزوجين وهو ما سوف نتحدث عنه في مقالنا القادم .
وتبدو الغيرة المرضية بأشكال مختلفة فالشخص الغيور يتسم بالعديد من الممارسات والتصرفات التي تكشف غيرته، مثل النقد الدائم والتشويه و التقليل من نجاح الأخر و إلقاء اللوم
و الشك في الأخر دون مبرر و أحيانا يسعي
للإساءة اللفظية أو الجسدية للآخر و البحث
عن أخطائه .و الميل للعدوانية تجاه الشخص الذي يغار منه لكونه الناجح أو المتميز عنه أو لأنه اجتهد في الوقت الذي ظل هو يلوم الظروف فجلس في مكانه ولم يتقدم .كارها لاعنا كل شئ حوله .
دائما ما تكون هناك اختلافات في رؤي الغيرة المرضية عند البعض . فمنهم من يسعي دائما ليكون أفضل وأفضل ولا يلتفت لمن يغار منه وتعطيه حافزاً ودافعا لتنمية قدراته ليظل في المقدمة في كل مهام عمله ، بينما البعض تؤثر فيه تصرفات الشخص الذي يغير منه و يستسلم لاتهاماته فتحبطه، وتقلل ثقته بنفسه و تشككه في قدراته فينجرف تجاهه ويبادله العداوة
و الإساءة اللفظية
و الحسية و تبادل الاتهامات ويتحول تدريجيا إلي شخص يغير من الأخر ..
لكي يتخلص الشخص من الغيرة لابد من تدريب نفسه علي شكر وتشجيع الأخر وإبراز أجمل ما في العلاقات الإنسانية و الشعور بالقناعة و الرضا وتدريب النفس على الإمتنان على جميع نعم الله الذي أعطي لكلا منا ما يستحق . فالله عادل في توزيع النعم علينا .
أنت يجب أن لا تكره من يغار منك . حاول أن تقربه منك بحذر ، و قدر غيرته منك لانك الأفضل
و لا تَسخر منه .
يجب أن تتجنب الغيرة بأن تحتفظ لنفسك بكل ما هو جميل أمام المفتقر لذلك . لا تسمح لنفسك بذكر كل تفاصيلك للأخر ، مهما كانت العلاقة بينكم ، احتفظ ببعض نعم الله عليك ، البعض ليس لديه نوايا حسنه بل معظمهم لديه الحسد و الغيرة مما لديك . لا تسمح لأحد بأن يحيطك بفضوله لمعرفه كل شىء عنك لأن الفضول يولد من الغيرة والغيرة تولد من الحسد .
ولا يوجد تعارض بين قول الله تعالى ( وأما بنعمة ربك فحدث ) وحديث الرسول الكريم
استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود .
في التوفيق بينهما : لأن الكتمان يكون قبل حصول النعمة ، فإذا حصلت النعمة وتحققت ، وأنعم الله عليه بالحصول ما يريد ، فيجب أن يشكر الله و يتحدث بالنعمة ، و إذا خشي من العين المرضية التي تغير من نجاحاته أو الحسد فيجب أن يحتفظ لنفسه بها.
حاول أن تمنحه الثقة بنفسه وتشجعه وتخبره أن لديه إمكانيات ليكون الافضل . دعم في قدراته شيء بسيط يتفوق فيه ونمي لديه الإحساس بأن لديه إمكانيات ليست لدي الآخرين . ذكره بأن الله أعطي لكلا منا قدر معين من النعم . فان فاقد البصر متميز في شئ و يتمني أن يكون بصيرا . فكلا منا ليس لديه كل شئ ..
كلا منا يكمل الأخر ليستقيم المجتمع .هناك طلاب الفصل الواحد . منهم يتخرج استاذ الجامعة و المعلم و الطبيب و القاضي و المهندس و ايضا عامل السباكة و الميكانيكي وعامل القمامة وكلها مهن محترمة لولاها لتوقفت الحياة و ما استطاعت أي مهنة أن تعيش وحدها في المجتمع لأننا نحتاج لكل يد في الأعمال المختلفة
ذكره بأن نجاحك لم يتحقق إلا بالمرور بقسوة التجارب و أحلام الاماني . وانك حرمت نفسك من رفاهيات كثيرة لتحقيق ما وصلت إليه .
ذكره بأن القناعة والرضا بالحال أعظم سعادة يحياها الإنسان ..
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الشخص الذی
إقرأ أيضاً:
د. مزمل أبو القاسم يكتب: دموع في عيون وقحة!
• عبثاً يوالي أرباب الخيانة والعمالة والوقاحة سعيهم لوضع جيش السودان في مرتبةٍ واحدةٍ من مليشيا مجرمة أذاقت أهل السودان المُر، وأوغلت في قتلهم وسحلهم وتهجيرهم وإذلالهم وتجويعهم ونهب ممتلكاتهم وتدمير مؤسساتهم ومقدراتهم على مدى ما يقارب العامين.. وهيهات!
• أصابهم نجاح الجيش في تحرير مدني بوجعٍ شديد، فأصيبوا بالخرس، وعجزوا ابتداءً عن تهنئة أهل الجزيرة بذلك الفتح المبين، ثم هنأوا على استحياء، قبل أن يعودوا أدراجهم إلى أقبية الخيانة والعمالة والدياثة ساعين إلى إدانةٍ جديدة لجيش الوطن، ومحاولة مساواته مع المرتزقة بأي نهج!
• بدءاً نقول إن من صمتوا على المجازر الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب والمقابر الجماعية ودفن المدنيين أحياء وقتل الوالي خميس أبكر ومرافقيه والتمثيل بجثثهم في مدينة الجنينة، وصمتوا كذلك عن إدانة مجازر ود النورة والتكينة والحرقة وود عشيب وقوز الناقة وتمبول والهلالية وغيرها؛ لا يحق لهم ادعاء الإنسانية ولا التحدث عن حقوق الإنسان.
• عليهم أن يختشوا قليلاً وأن يمارسوا بعض الحياء سيما وأن ذاكرة التاريخ حفظت لنا أنهم لم يكتفوا بالصمت على المذابح المروعة التي ارتكبتها المليشيا المجرمة في ولاية الجزيرة، بل اجتهدوا في نفيها، وحاولوا تبريرها وشجعوا المليشيا المجرمة في ارتكاب المزيد من المذابح بالحديث عن وجود مستنفرين مسلحين في قُرىً تم قتل أهلها بدم بارد، وقصفها بالمدافع الثقيلة، وسحل نسائها وأطفالها وشيوخها ونهب ممتلكاتها بلا ذنب جناه أهلها المنكوبون.
• طفقوا يتحدثون وقتها عن أن الجيش هو المسئول عن مذابح المليشيا المروعة في ود النورة وغيرها لأنه سمح بتسليح المستنفرين، ناسين أن بعض أهل تلك القرى المنكوبة لم يفعلوا شيئاً سوى أنهم حاولوا الدفاع عن أنفسهم وعروضهم ومالهم وممتلكاتهم، وأن القرى التي لم تقاوم ولم تستنفر أبناءها للدفاع عنها لم تسلم من جرائم وانتهاكات ومذابح قرامطة العصر الحديث!
• على دعاة الفتنة والخونة والعملاء المجرمين الذين أصابهم تحرير جيش السودان الباسل لولاية الجزيرة في مقتل فاستنفروا كل رصيدهم الكبير من التفاهة والعمالة في محاولة زرع الفتنة.. عليهم أن يختشوا قليلاً، وأن يكفوا عن الكذب والمتاجرة بدماء الناس، وليعلموا أن انتصارات جيشنا الباسل على التمرد الغاشم لن تتوقف حتى تحرير آخر شبر من بلادنا الحبيبة، وعليهم أن يهيئوا أنفسهم لتلقي المزيد من الصدمات الموجعة.
• حرر الجيش والقوات المساندة له جبل موية الأبية والسوكي الجميلة والدندر البديعة وسنجة الوديعة وود مدني الحبيبة، وسيحرر في القريب العاجل الحصاحيصا والكاملين ورفاعة وكل مدن ولاية الجزيرة، وستنتقل بحول الله وقدرته وتوفيقه ولطفه مسيرة الانتصارات الباهرة والفتوحات الكبيرة من الجزيرة إلى المصفاة، ومنها إلى مقرن النيلين وصولاً إلى كل بقاع كردفان الغرة ودارفور الحرة قريباً بحول الله.
• لن تتوقف مسيرة الانتصارات وستتلاحق الفتوحات بحول الله وسيثبت جيشنا المقدام خطل مقولة (لا يوجد حل عسكرياً للنزاع الحالي)، لأن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة والتمرد الغاشم المجرم إلى زوال، فوفروا دموعكم الكذوبة وولولتكم المزعجة للقادم الأوفر إيلاماً لكم ولحلفائكم، والأكثر إسعاداً لأهل السودان الذين احتفلوا بانتصارات جيشهم وخرجوا في مسيرات هادرة في كل قارات الأرض وفي كل أرجاء المعمورة.
• احتفل السودانيون بانتصارات جيشهم في ود مدني الجميلة براً وبحراً وجواً، ونحروا الذبائح ووزعوا الحلوى وتبادلوا التهاني وذرفوا دموع الفرح مدراراً تركوا الحسرة والألم والوجع والخيبة والإحباط مخلوطةً بالنذالة والعمالة والدياثة للعملاء وتركوا الدموع الحارة للعيون الوقحة.. فسحقاً للعملاء وأذناب التمرد حيثما كانوا وخانوا!
د. مزمل أبو القاسم
إنضم لقناة النيلين على واتساب