مدرين المكتومية
لا أجدُ امرأة في العالم حظيت بتكريم رسمي وشعبي ومؤسسي في يومها السنوي، مثل المرأة العُمانية، وهذا ما يؤكد الدور الرائد والمحوري الذي تؤديه نساء عُمان قاطبة في نهضة المجتمع وتقدمه وازدهاره، لم لا؟ وهي الأم والأخت والابنة والزوجة، هي الوزيرة والسفيرة والمديرة وصاحبة الأعمال والطبيبة والمهندسة وغيرها الكثير من التخصصات والأدوار المجتمعية التي لا غنى عنها في أي مجتمع إنساني.
والحقيقة أن المرأة العُمانية ورغم أنها حظيت بالاحتفاء الرسمي في السنوات الأخيرة، مع تخصيص يوم السابع عشر من أكتوبر من كل عام، يومًا احتفاليًا بها وبما حققته من مُنجزات، إلّا أن المرأة في عُمان تحتل مكانة مجتمعية سامقة، منذ القدم، فهي أخت الرجل في كل ما تسلتزمه الحياة من تعاون وشراكة، سواء في تربية الأبناء، أو في الزراعة أو في الصناعات الحرفية، وفي الكثيرمن شؤون المعيشة.
وفي هذا العام تحتفل وزارة التنمية الاجتماعية بهذه المناسبة السعيدة، مع التركيز على ما حققته المرأة العُمانية من نجاحات في محور الثقافة والأدب، سواء كان ذلك الشعر أو المسرح أو الرواية أو الوثائق والمخطوطات الوطنية، وهي مجالات نوعية أبدعت فيها المرأة العُمانية وبلغت أعلى المراتب، وحازت على أرفع الجوائز الدولية والإقليمية والمحلية.
وعندما أتحدثُ عن المرأة العُمانية الأديبة؛ فهناك الكثير من رائدات العمل الأدبي في وطننا الحبيب يمكن أن نُشير إليهن بالبنان، وكُلهُن أبدعن في مناقشة أفكار وطرح رؤى ووجهات نظر تتعلق بالمشكلات الاجتماعية والإنسانية، ولا شك أن أبرز نموذج نسائي عُماني تعرض للقضايا الاجتماعية هي الأديبة والروائية جوخة الحارثية، الأمر الذي ساعدها على نيل جوائز مرموقة جدًا في الساحة الأدبية.
أما في ميدان الشعر والبلاغة، فقد أثبتت المرأة العُمانية كذلك نبوغًا لفت انتباه العالم من حولها، وحازت بفضل براعتها وتميُّز موهبتها، على أرفع الجوائز وأجل التقديرات، في الداخل والخارج، مثل الشاعرة المتميزة بدرية البدرية، التي نالت لقبًا ساميًا يتشرف به كل شاعر؛ حيث حصلت على لقب "شاعرة الرسول" في ختام الدورة الخامسة لجائزة كتارا لشاعر الرسول، بدولة قطر الشقيقة. وفي مجال الوثائق والمخطوطات الوطنية وحتى في مجال المسرح، نبغت عُمانيات رائدات أثبتن قدرتهن على القيام بأدوار مُهمة وفاعلة لخدمة الثقافة وجهود تطويرها.
ومما يُعزز في نفس كل امرأة عُمانية الشعور بالفخر والاعتزاز، أن الاحتفال بيومها السنوي يشهد اهتمامًا كبيرًا في كل مؤسسات الدولة العامة والخاصة، فنجد مختلف الجهات تنظم احتفالات خاصة بهذه المناسبة الجميلة، وهناك من المؤسسات تقيم حفلات تكريم لصاحبات البصمات المميزة في مسيرة العمل، وكل ذلك يؤكد أن المجتمع بأسره يولي المرأة العُمانية اهتمامًا كبيرًا، من منطلق الإيمان بأنها جديرة بالتكريم، لما تُقدِّمه من عطاءات وما تُسطِّره من إنجازات، يشهد لها بها القاصي والداني.
ولعل أسمى تكريم تحظى به المرأة العُمانية في كل عام، تلك الرسالة الرقيقة التي توجهها السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم- حفظها الله ورعاه- وتُعبر من خلالها بأجزل العبارات عن تهنئتها لنساء عُمان بهذه المناسبة، وهو ما يمثل إشادة كبيرة بما يتحقق على أرض الواقع من إنجاز لكل امرأة عُمانية.
إنني في يوم المرأة العُمانية، أتوجه بحديثي لكل فتاة وامرأة، صغيرة كانت أم كبيرة، تعيش في المدينة أو القرية، عاملة كانت أم ربة منزل، أخاطبها بحديث من القلب إلى القلب، أن حافظي على مسيرة العطاء، وواصلي الجهود من أجل يتحقق لعُمان ما تستحق وتريد من خير وازدهار.. كوني الأم الرؤوم والأخت الداعمة والزوجة الصالحة، كوني المُعلمة المُربية للأجيال، كوني الطبيبة المُعالجة للأمراض، كوني المُبتكرة، كوني الفنانة، كوني المُبدعة، كوني عُمانية، لأن العُمانية تعني كل ما سبق. ولتعملي أختي الكريمة أنكِ نبع فيّاض من المشاعر الإنسانية، ونهر جارٍ من الأحاسيس الصادقة، لذا احرصي على توظيفها في كل ما يخدم تقدم المجتمع وتطوره.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مهرجان مراكش الكورالي.. أصوات تتحدى الألم وتغني للحرية في فلسطين ولبنان
وسط أجواء من التضامن الإنساني والتعبير الفني، صدحت أغنية "وردة لجريح الثورة" في أرجاء كنيسة "الشهداء القديسين" بمدينة مراكش المغربية، حيث قدمت فرقة "مايسترو للموسيقى" بقيادة الفنان خالد بدوي عرضًا مميزًا خلال الدورة الثانية من "المهرجان الدولي للغناء الكورالي".
وارتدى جميع أعضاء الفرقة الكوفية الفلسطينية كرمز للدعم والولاء للشعبين الفلسطيني واللبناني، اللذين يواجهان الاعتداءات المستمرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقدم أعضاء الفرقة، إلى جانب "وردة لجريح الثورة"، أغنية فيروز الخالدة "زهرة المدائن"، فيما أشار قائد الفرقة خالد بدوي إلى أن اختيار هذه الأغاني يعكس موقف الفرقة الفني والإنساني، حيث قال: "تضامنا مع الشعبين الفلسطيني واللبناني وهما يواجهان أبشع الجرائم من طرف جيش الاحتلال الإسرائيلي".
ولفت بدوي إلى أهمية دور الفن في مناصرة القضايا العادلة والتعبير عن المواقف الإنسانية، مؤكدا أن "الفنان الحقيقي يجب أن تكون لديه رسالة تعبّر عن وجدان الشعوب وآمالها".
وذكر بدوي أن الفرقة شاركت في حفل آخر ضمن المهرجان أقيم في المركز الثقافي "نجوم جامع الفنا"، حيث تفاعل الجمهور مع الأداء الذي تضمن أغاني تحمل رسائل قوية تلامس مشاعر التضامن والوحدة. وأكد أن اختيار الأغاني كان مدروسًا، ليعبر عن موقف تضامني صريح مع الشعوب التي تعاني من الاحتلال والظلم، مضيفًا: "الفنان الصادق يعبّر عن تضامنه مع القضايا النبيلة من خلال أعماله الفنية".
وشارك في هذه الدورة من المهرجان فرق دولية من دول مثل إسبانيا، فرنسا، البرتغال، إيطاليا، بلجيكا، ألمانيا، هولندا، سلوفينيا، وبولندا، إلى جانب المغرب. واستمرت الفعاليات من السابع إلى التاسع من نوفمبر، مقدمة عروضًا متنوعة في كنيسة الشهداء القديسين والمركز الثقافي "نجوم جامع الفنا".
ووضح بدوي أن جمعية "التراث والفلكلور" عملت على جعل المهرجان منصة هامة لالتقاء الفرق الكورالية من مختلف أنحاء العالم، مما أتاح فرصة لتبادل الخبرات وعرض الإبداعات الفنية، وأشار إلى أن المهرجان تميز بفقرة خاصة حيث أدت جميع الفرق أغاني مشتركة، تضمنت قطعًا غنائية عالمية إلى جانب مقطوعة عربية أو مغربية.
وتعد اغنيتي "وردة لجريح الثورة" لمجموعة العاشقين الفلسطينية و"زهرة المدائن" لفيروز، من أبرز الأعمال التي ارتبطت بالقضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب العربي، حيث تعتبر مجموعة العاشقين فرقة فلسطينية شهيرة أسست في السبعينيات، عرفت بأغانيها الوطنية التي تروي حكايات النضال والمعاناة، وأغنية "وردة لجريح الثورة" تحمل رسالة عن التضحيات والشهداء الذين قدموا حياتهم من أجل الحرية.
أما "زهرة المدائن"، فهي عمل كلاسيكي من تأليف الأخوين رحباني وأداء فيروز، يعبر عن الحب العميق للقدس ورفض الاعتداءات على الأماكن المقدسة فيها.
واستخدام هذه الأغاني في مناسبات مثل المهرجانات الدولية يعزز الرسائل التضامنية ويؤكد على دور الفن في إبراز القضايا العادلة والمواقف الإنسانية.