لجريدة عمان:
2024-11-15@15:02:44 GMT

فلسطين.. تاريخ من المقاومة والثورات

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

تلقيت من صديق عزيز من الحفَّارين في تاريخ الثقافة نسخة إلكترونية من كتاب نادر بدون تاريخ ولا مؤلِّف ولا جهة للنشر، وإن كان من الأرجح أنه صدر في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي (وهو ما يمكن أن نستنتجه من إشارة محرر الكتاب إلى حدث وقع في سنة 1938، بقوله: «في يومنا هذا». والواقع أن هذا ليس بكتاب مؤلَّف، وإنما هو سجل مصوّر مصحوب بمقدمة قصيرة للصور والتعليق الشارح لمضمونها ومناسبتها ومكانها.

عنوان هذا السجل هو: «فلسطين الشهيدة: 1921-1938»، ويحدد السجل موضوعه على الغلاف على النحو التالي: «النسف، الحرق، التخريب، النهب، تدمير المدن والقرى، التشويه، التعذيب، قتل النساء والأطفال، إهانة كتاب الله، تخريب المساجد...». في مقدمة هذا الكتاب يؤكد محرره على أن تاريخ فلسطين في العشرين سنة الأخيرة (يقصد فيما بين سنتي 1920و1940) هو تاريخ حافل بالثورات التي لم تهدأ ضد ظلم الاحتلال الإنجليزي للشعب الفلسطيني، وهو يشير إلى الثورة الأولى في سنة 1920، ولكنه يعتذر عن ذكرها؛ لأنه لم يحصل على شيء من صورها، وتلك خصيصة الأمانة العلمية في التوثيق التي أصبحت نادرة في ثقافتنا. ولذلك فقد بدأ هذا الكتاب أو السجل المصوَّر بتسجيل ثورات شعب فلسطين منذ سنة 1921، حيث بدأت الثورة الثانية في مدينة حيفا وقُراها المجاورة حتى وصلت إلى قضاء منطقة بني صعب (أو: طول كرم)، وهي ثورة كانت موجهة أساسًا ضد اليهود، ويرصد السجل كثرة من الصور التي تسجل وحشية اليهود في قتل النساء والأطفال، والتنكيل بالمقاومين بحرقهم وتشويه وجوههم بماء الفضة، ثم ينتقل السجل إلى وقائع الثورة الثالثة التي تسمى «ثورة البراق» في سنة 1929، حيث يرصد صور القتل الوحشي والتدمير والتخريب لبيوت الفلسطينيين؛ إلى أن ينتقل الكتاب أو السجل إلى الثورة الكبرى التي قامت في 19 (أبريل) سنة 1936 وامتدت حتى سنة 1938، حيث يسجل الكتاب عددًا هائلًا من الصور التي تسجل عمليات النسف بالديناميت (بمعونة الإنجليز) للبيوت والمساجد، حتى إن يافا قد نُسفت مرتين خلال عام 1936. بل إن هذه الفترة تسجل بالصور التطرف في التنكيل بالفلسطينيين وإعدام كل من يحمل منهم سلاحًا حتى إن كان مجرد مسدس، وحتى إن كان شيخًا كبيرًا قد بلغ من العمر أرذله.

هذا مضمون الكتاب أو السجل المصور، ونحن نجد تكرارًا لمضمون الصور التي يُرَاد بها التأكيد على أن الكيان الصهيوني منذ البدايات الأولى لنشأته قد ارتكب مع الإنجليز ممارسات وحشية ضد شعب فلسطين. الآن يمارس هذا الاحتلال نفس الممارسات بعد أن توحش؛ ولهذا فإنها يمارسها بشكل أكبر من حيث الكم، أعني من خلال وسائل تدميرية أوسع مدى وقدرة وامتدادًا. ولكن من حيث الكيف، أعني: من حيث المضمون، فإن الممارسات تظل واحدة في جوهرها: كيان احتلالي يسعى إلى إحلال نفسه محل شعب آخر بالقتل والتدمير أو الإبادة، في مقابل الكيان أو الشعب الأصلي المقيم على الأرض، والوجود الحقيقي- كما تعلمنا من هيدجر- هو «الإقامة على الأرض»، فذلك هو الوجود الذي يصنع تاريخًا.

ما أشبه الليلة بالبارحة؟! هذا ما أود قوله مما تقدم. ذلك أن المقاومة التي تجري في فلسطين الآن من خلال فصائلها، وفي لبنان (أو حزب الله) أو اليمن (الحوثيين)- هي روح المقاومة نفسها التي طالما كانت تجري ضد المحتل للأرض. ولكننا في زماننا هذا أصبحنا نجد فريقًا من الإعلاميين والمشتغلين بشؤون الثقافة يروجون القول بعدم جدوى المقاومة، خاصةً المقاومة بالسلاح! والحجة الأساسية التي يستند إليها هؤلاء هو التساؤل الاستنكاري: وماذا جنى المقاومون سوى الخراب والدمار؟!

ربما يكون من المدهش أن نتحدث عن جدوى المقاومة؛ فالمقاومة بحكم ماهيتها هي عمل بديهي ضد أي اعتداء من كيان أو دولة على أية دولة أو كيان آخر. ومع ذلك، فإننا نجد في عالمنا العربي أصواتًا تنكر هذه الحقيقة، وترى أن المقاومة لا حاجة لها إذا كان سيترتب عليها خسائر كبيرة كان يمكن تجنبها. هذا هو الحال بالضبط حينما نطبقه على المواقف المتباينة من حال الصراع العربي مع الكيان الصهيوني في الوقت الراهن، وهو الصراع القائم الذي تجدد منذ سنة ولا يزال قائمًا ومخلفًا لكثير من الضحايا من المدنيين من نساء الفلسطينيين وأطفالهم وغيرهم في مشاهد مروعة يندى لها جبين الإنسانية، إن كان لا يزال لها جبين. فلقد بدأنا في الآونة الأخيرة نسمع كتَّابًا وإعلاميين ينتقدون ويدينون هذه المقاومة في فلسطين ولبنان، ومن ورائها إيران، ويرون أنها السبب فيما لحق بالدول التي تنتمي إليها هذه المقاومة من دمار إلى حد الإبادة!

يزعم الرافضون للمقاومة أنه من دون هذه المقاومة كان يمكن تجنب الكثير من الدمار والويلات التي لحقت بأهل شعوبهم، وهم يستشهدون على ذلك بما جرى في غزة بوجه خاص التي أصبحت خرائب لا تصلح للسكن، والتي فقد كل واحد منها العزيز من أهله، بل فقد بعضهم كل أهلهم! نعم الفاجعة كبيرة، والمآسي المصورة لا تحتملها نفس بشرية سوية، ولكن هل يبرر كل هذا رفض فكرة المقاومة في حد ذاتها؟! المقاومة في حقيقتها هي رفض لكل اعتداء على الحق، ومن دونها تفقد الإنسانية كرامتها واعتبارها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إن کان

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم العالي: السجل الإجتماعي معيار استفادة الطلبة من المنح

زنقة 20 ا الرباط

أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، أن “عدد المنح الموجه للطلبة يحدد سنويا بمقتضى قرار مشترك لوزارة الإقتصاد والمالية ووزارة التعليم العالي”.

وشدد ميداوي في جلسة الأسئلة الشفوية اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، أن ذلك “يأتي في إطار الملائمة مع القانون رقم 72/18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفبدين من برنامج الدعم الإجتماعي، حيث تمت مراجعة المرسوم”.

وكشف وزير التعليم العالي، أنه “اليوم يتم الإعتماد السجل الإجتماعي الموحد كمعيار لتحديد المستفيدين”، مشيرا إلى أنه “تمت الإستجابة لمجموعة كبيرة من طلبات المنح المودعة في الآجال القانونية، حيث انتقلنا من السنة الفارطة 82 في المائة من الطلبات إلى 86 في المائة خلال السنة الحالية”.

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن “الوزارة ستعمل على تنويع مصادر المنح من خلال تعبئة مساهمة كل المتدخلين والشركاء وعبر الشراكات الدولية ومجالس الجهات، بالإضافة إلى إحداث منح خاصة للحركة الوطنية داخل المملكة”.

مقالات مشابهة

  • نظام النقاط المرورية الأردني..تعرف على النقاط والجزاءات
  • السجل العقاري يختتم مشاركته في معرض سيتي سكيب العالمي
  • فلسطين.. المقاومة تطلق النار باتجاه حاجز الطيبة العسكري الإسرائيلي غرب مدينة طولكرم
  • 198 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني للآثار
  • للمرة الأولى في تاريخ الاحتلال.. مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في مرمى نيران المقاومة
  • للمرة الأولى في تاريخ الاحتلال.. مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية مُستهدف بمسيّرات المقاومة
  • تسجيل 198 موقعًا جديدًا في السجل الوطني للآثار
  • "التراث" تُعلن تسجيل 198 موقع أثري جديد في السجل الوطني للآثار بالمملكة
  • هيئة التراث تُعلن تسجيل 198 موقعًا جديدًا في السجل الوطني للآثار
  • وزير التعليم العالي: السجل الإجتماعي معيار استفادة الطلبة من المنح