النهضة المتجددة.. خمس سنوات من العمل الوطني
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
تقترب النهضة المتجددة، التي يقودها بحكمة واقتدار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ من السنوات الخمس الأولى، وهي فترة زمنية قصيرة يصعب تقييمها كمرحلة في تاريخ الدول والشعوب. منذ الحادي عشر من يناير 2020 وتسلم جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم في بلادنا سلطنة عمان، والجهود المضنية تُبذل للسباق مع الزمن للخروج من عنق الزجاجة، كما يُقال، على صعيد الوضع الاقتصادي الصعب.
خطة التوازن المالي، التي تقترب من إكمال عامها الرابع والأخير، نجحت في التخلص من نسبة مهمة من الدين العام للدولة، كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي، وسجلت الميزانية العامة فائضًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، كما ارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية، وهذا شيء إيجابي ندعو له دوما، وهو ضرورة عدم الاعتماد على مصدر وحيد كالنفط والغاز.
إن السنوات الخمس في عمر نهضة سلطنة عمان المتجددة لم تكن سهلة على الإطلاق، في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية وزيادة نسبة الدين العام الذي يلتهم جزءًا مهمًا من الدخل الوطني. ومن هنا، فإن كل التقارير الدولية تشيد بما تحقق من إصلاحات حيوية على صعيد خفض الإنفاق، والترشيد، وهيكلة الجهاز الإداري للدولة. إن هيكلة الجهاز الإداري للدولة تُعد من أهم الخطوات نحو إيجاد مناخ عمل أفضل، وتقليص الوحدات الحكومية في ظل التقنية وفي ظل ضرورة سرعة الإنتاج.
لقد شكّل العمل الوطني ضرورة استراتيجية للخروج من الأزمة الاقتصادية، وهي مسألة ليست سهلة. وهناك دول عديدة تعاني من مشكلات الدين، ومن التضخم، ومن قضايا اجتماعية كبيرة. وعلى ضوء ذلك، لا يمكن القول بأن كل المشكلات قد تم تجاوزها بشكل كامل، ولكن يمكن القول إن المواجهة الحقيقية والحاسمة لإيجاد حلول حقيقية قد نجحت، وهذا أمر مهم في إطار رؤية سلطنة عمان 2040، التي تركز على إيجاد نقلة هامة لسلطنة عمان وشعبها في كل المؤشرات التي تشكل محاور الرؤية.
ومع اقتراب يوم الحادي عشر من يناير 2025، واكتمال السنوات الخمس الأولى من عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ، فإن الإنسان بما تحقق من إنجازات نوعية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، ولعل من الإنجازات التنموية التي يُشار لها في هذه السطور هو قانون الحماية الاجتماعية، الذي شمل عددًا كبيرًا من العمانيين من خلال تحسين أوضاعهم المعيشية. وهناك آمال كبيرة في اكتمال منظومة الحماية الاجتماعية لتشمل منافع الباحثين عن عمل وربات المنازل، خاصة مع التحسن الجيد للمالية العامة للدولة وتحسن التصنيف الدولي لسلطنة عمان.
إن تقرير المجتمع، الذي صدر مؤخرًا عن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة وهو التقرير الرابع، يعطي مؤشرًا كبيرًا على المحاسبة ومحاربة الفساد، وإيجاد مناخ تنافسي عادل. ويعطي رسالة للداخل والخارج بأن حكومة جلالته ـ حفظه الله ـ عازمة على التطوير والتنمية المستدامة وتحقيق أهداف رؤية سلطنة عمان 2040. وكان لهذا التقرير صدى اجتماعي مهم، وأعطى صورة إيجابية على الصعيد الخارجي، خاصة حول مسألة مناخ الاستثمار والمسارات الإيجابية التي تقوم من خلالها سلطنة عمان بتطبيق سلطنة القانون والحوكمة ومحاربة الفساد، وهي آليات مهمة تركز عليها نهضة سلطنة عمان المتجددة منذ أربع سنوات.
إن المرحلة القادمة سوف تشهد المزيد من التطوير وإطلاق المشاريع التنموية، خاصة على صعيد المحافظات، التي أصبحت مدعومة ماليًا، وعلى كل المحافظين أن يبذلوا جهودًا أكبر لنقل مستوى محافظات سلطنة عمان إلى المستوى الذي يتطلع إليه جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ خلال خطاباته الثلاثة، وهو ضرورة الإنجاز الوطني والابتعاد عن البيروقراطية، وضرورة تقييم الأداء. خاصة وأن بلادنا، سلطنة عمان، لديها من المقومات الاقتصادية والموقع الاستراتيجي المثالي على البحار المفتوحة ما يجعلها مركزًا لوجستيًا بحريًا، وأيضًا في مجال النقل الجوي، وأيضًا ضرورة أن تكون الموانئ العمانية أكثر جذبًا، خاصة وأن الميزان التجاري حقق نتائج إيجابية، وهذا شيء يعطي مؤشرًا على أن سلطنة عمان تمضي بشكل أكبر نحو إيجاد تنوع اقتصادي لا يجعلها عرضة لأي صدمات نفطية، وهذا شيء مهم في إطار الاستراتيجية الوطنية التي ينبغي أن تحقق اقتصادًا متنوعًا ديناميكيًا، وأيضًا تحقيق استراتيجية الأمن الغذائي، وهي من القضايا الوطنية المهمة.
على الصعيد الاجتماعي، فإن منظومة الحماية الاجتماعية، وهي في مرحلتها الأولى، حققت نتائج إيجابية على صعيد المنافع المختلفة. وفي تصوري، فإن إضافة منفعة الباحثين عن عمل هي من الضرورات الوطنية، باعتبار أن ملف الباحثين عن عمل أصبح هو الملف الوطني الأول، وهناك جهود تُبذل لتوفير فرص العمل، ولعل تطوير القطاع الصناعي والسياحي واللوجستي والسمكي والزراعي سوف يخلق عشرات الآلاف من فرص العمل في المرحلة القادمة، علاوة على تواصل مسألة إحلال الشباب العماني في الشركات الحكومية والخاصة، وهو ما وجه به جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ. ومن خلال تقرير المجتمع الصادر من جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، ومن خلال التنوع الاقتصادي والانتاجية وتنشيط كل القطاعات، فإن المشهد الوطني على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي سيحقق المزيد من النجاح والإبداع والازدهار، والإنجازات سوف تتوالى خلال المرحلة القادمة في ظل الاستقرار السياسي الذي تتمتع به بلادنا سلطنة عمان على مدى 55 عامًا.
على صعيد السياسة الخارجية، فإن الثوابت راسخة كما تحدث عنها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في أول خطاب له يوم الحادي عشر من يناير 2020 في مجلس عمان، في ذلك اليوم التاريخي المشهود، الذي دشنت من خلاله نهضة سلطنة عمان المتجددة، التي تأتي في إطار المسار التاريخي لسلطنة عمان. وعلى ضوء ذلك، تبذل الدبلوماسية العمانية جهودًا كبيرة على كل الصعد العربية والإقليمية والدولية لخفض التصعيد وإنهاء الصراعات والحروب التي تدمر الشعوب والأوطان. ويبقى موقف بلادنا سلطنة عمان مشرفًا تجاه القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي تقود المقاومة الفلسطينية نضالًا مقدرًا للحصول على حقوقها المشروعة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من يونيو 1967. كما أن المقاومة اللبنانية تناضل ضد الاحتلال الصهيوني الذي قام بارتكاب جرائم يندى لها جبين الإنسانية، وتدعو سلطنة عمان دوما إلى إحقاق الحق والعدل والإنصاف لحل القضية الفلسطينية وكل قضايا الشعوب التي ترزح تحت الاستعمار، وهو الاحتلال الإسرائيلي الذي يُعد آخر احتلال في التاريخ الحديث.
كانت خمس سنوات حاسمة قادها بحكمة وصبر ومثابرة جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لانتشال البلاد من حال صعب إلى مناخ إيجابي انعكس على الوضع المالي للدولة، وانعكس على عدد كبير من أبناء عمان. ويظل الحادي عشر من يناير 2020 يومًا فارقًا في تاريخ سلطنة عمان ومسيرتها ونهضتها المتجددة. حفظ الله جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، وإلى مزيد من النجاح والازدهار لسلطنة عمان وشعبها الكريم في ظل قيادته الحكيمة.
• عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: لسلطنة عمان على الصعید سلطنة عمان على صعید من خلال جهود ا
إقرأ أيضاً:
عُمان وأنجولا تؤكدان إقامة تعاون لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية
مسقط- العُمانية
أكّدت سلطنة عُمان وجمهورية أنجولا على إقامة تعاون يعزز الشراكة في القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وخاصةً في مجالات التعدين والطاقة النظيفة والتكنولوجيا والسياحة والزراعة والأمن الغذائي والنقل واللوجستيات والموانئ.
جاء ذلك في البيان المشترك بين سلطنة عُمان وجمهورية أنجولا الصادر بمناسبة الزيارة الرسميّة التي قام بها فخامة الرئيس جواو لورينسو رئيس جمهورية أنجولا، لسلطنة عُمان. وفيما يأتي نصّ البيان: "بدعوة كريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السّلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه -؛ قام فخامة الرئيس جواو لورينسو رئيس جمهورية أنجولا بزيارة رسميّة إلى سلطنة عُمان خلال الفترة 19- 21 ديسمبر 2024. وعقد جلالة السّلطان المعظم جلسة مباحثات مع فخامة الرئيس الأنجولي، تمّ خلالها استعراض العلاقات الثنائية وبحث سبل تطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الصديقين. وأعرب القائدان عن اهتمامهما بإقامة تعاون يعزز من الشراكة في القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وخاصةً في مجالات التعدين والطاقة النظيفة والتكنولوجيا والسياحة والزراعة والأمن الغذائي والنقل واللوجستيات والموانئ.
واتفق الطرفان على بدء مفاوضات للتوصل إلى اتفاقية تعاون تغطي الشؤون الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والثقافية، إلى جانب إبرام مذكرات تفاهم واتفاقيات تشمل الإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي الجوازات الرسمية، والمشاورات السياسية، وكذلك في مجال الزراعة.
كما تبادل حضرة صاحب الجلالة السّلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- وفخامة الرئيس الأنجولي وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مؤكديْن احترامهما للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وأهمية التعاون في إطار المنظمات الدولية لتحقيق السلام والأمن، مشددين على ضرورة تكثيف الجهود لمعالجة القضايا المتعلقة بتغيّر المناخ.
وعقدت الوفود المرافقة اجتماعات لبحث سبل تطوير التبادل التجاري وتبادل زيارات الوفود التجارية والاستثمارية وتشجيع إقامة مشروعات مشتركة.
وأشاد حضرة صاحب الجلالة السّلطان المعظم- أعزّه الله- بجهود فخامة الرئيس جواو لورينسو في إحلال سلام دائم في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، متمنيًا لفخامته التوفيق لرئاسة الاتحاد الأفريقي في فبراير 2025. ومن جانبه أثنى فخامة الرئيس على السياسة الخارجية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السّلطان المعظم المرتكزة على مبادئ الحوار وتشجيع السلام والوئام للجميع. وأعرب فخامة رئيس جمهورية أنجولا عن شكره وامتنانه لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الذي حظي به هو والوفد المرافق له خلال زيارته سلطنة عُمان".
وقد اختتم فخامة جواو مانويل لورينسو رئيس جمهورية أنجولا وحرمه زيارتهما الرسميّة لسلطنة عُمان التي استغرقت 3 أيام. وغادر فخامته البلاد صباح أمس، وكان في وداعه بالمطار السّلطانيِّ الخاصّ معالي السّيد خالد بن هلال البوسعيدي وزير ديوان البلاط السّلطاني، كما كان في التوديع كلٌّ من معالي عبد السّلام بن محمد المرشدي رئيسِ جهاز الاستثمار العُماني، ومعالي الدّكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرةِ التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ومعالي الدّكتور سعيد بن محمد الصقري وزيرِ الاقتصاد (رئيسِ بعثة الشرف) وسعادةِ السّفيرِ الدّكتور فري دي ريكو مانويل سفيرِ جمهورية أنجولا المعتمد (غير المقيم) لدى سلطنةِ عُمان.