تايمز: خطة ترامب للترحيل الجماعي ستغير أميركا جذريا
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
وعد المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب تجمعا جماهيريا في أورورا بولاية كولورادو، بأنه سينقذ مدينتهم و"كل مدينة غزاها واحتلها" المهاجرون غير النظاميين.
وقال ترامب -حسب تقرير لصحيفة تايمز البريطانية بقلم بيفان هيرلي- إنه سيستدعي سلطات الطوارئ في زمن الحرب، وينشط الاحتياطيين العسكريين ويعتمد على دعم حكام جمهوريين من ذوي التفكير المماثل لتنفيذ أكبر عملية ترحيل جماعي للمهاجرين غير المسجلين في تاريخ الولايات المتحدة.
وأوضح الرئيس الأميركي السابق أن فرق عمل فدرالية ستُنشأ لاستهداف السكان المهاجرين في مدن مثل أورورا، وستُمنح الشرطة المحلية حصانة شاملة من الملاحقة القضائية، مشيرا إلى أن خطته أو "عملية أورورا" ستشمل الإبعاد القسري لما بين 15 و20 مليون شخص.
ويأتي ذلك بعد أيام من خطاب آخر، اتهم فيه ترامب المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس بمحاولة "إغراق الغرب الأوسط بأكمله بآلاف المهاجرين من أخطر البلدان على وجه الأرض، وترك المجتمعات المحلية في حالة من الألم واليأس"، وقد شجبت المرشحة خطاب خصمها بشأن الهجرة ووصفته بأنه عنصري وغير إنساني.
تحذيرات الخبراء
ومع ذلك رفضت هاريس -حسب الصحيفة- إدانة خطط ترامب للترحيل الجماعي، ولعل حملتها تدرك أن غالبية الأميركيين يتفقون على ضرورة عمليات الطرد الجماعي، وأن نسبة القائلين بذلك في ازدياد، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة "سكريب إبسوس" في سبتمبر/أيلول أن 54% من الناخبين يؤيدون الترحيل الجماعي، مقارنة بـ 51% في استطلاع مماثل في أبريل/نيسان، و68% بين الناخبين الجمهوريين.
ورغم كل ذلك، حذر خبراء الهجرة من العواقب الاقتصادية والإنسانية البائسة إذا نفذ ترامب في فترة ولايته الثانية عمليات ترحيل جماعي على النطاق الذي وعد به، ورأى تقرير صادر عن مجلس الهجرة الأميركي، وهو مركز أبحاث غير حزبي، أن تكلفة توسيع البنية التحتية للحكومة الفدرالية لإجلاء ملايين المهاجرين غير النظاميين المقيمين في الولايات المتحدة ستبلغ 315 مليار دولار.
ويزعم التقرير أن نقص القوى العاملة الناتج عن ذلك في صناعات البناء والزراعة والضيافة والتدبير المنزلي من شأنه أن يؤدي إلى انكماش الاقتصاد الأميركي بنسبة 4.2%، وهو ما يعادل الركود الكبير في عام 2008 تقريبا.
وقال المدير التنفيذي للمجلس جيريمي روبينز في بيان "لا توجد طريقة للانخراط في الترحيل الجماعي دون تغيير جذري للحكومة الفدرالية والاقتصاد الوطني وفي نهاية المطاف لأميركا نفسها"، وأضاف أن اقتراح ترامب من المرجح أن يفصل ملايين العائلات ويؤدي إلى عيش المهاجرين النظاميين "في ظل قمع مسلح".
ويقول خبراء إنفاذ الهجرة إن العقبات القانونية والاقتصادية والسياسية من شأنها أن تجعل الترحيل الجماعي على النطاق الذي وعد ترامب بتنفيذه مستحيلا تقريبا، وقال جون ساندويغ، القائم بأعمال مدير إنفاذ الهجرة والجمارك السابق "إذا كان أنصار ترامب يعتقدون أنه سيأتي فجأة ويرحل مليون شخص سنويا بطريقة سحرية، فهو يكذب عليهم".
خطاب مظلم
وكان ترامب قد وصل إلى السلطة عام 2016 على وعد بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، وبناء جدار على طول الحدود الجنوبية مع المكسيك للحد من العبور غير القانوني، ولكن الفجوة بين طموحاته المناهضة للهجرة وقدرته على تنفيذ عمليات الترحيل الجماعي أصبحت واضحة في ذلك الوقت.
وقد وسع ترامب سلطات وكالة الهجرة والجمارك لاحتجاز المهاجرين غير النظاميين، وارتفعت الاعتقالات بنسبة 30% عام 2017، وتم فصل أكثر من 5 آلاف طفل عن ذويهم، ومع ذلك لم تتجاوز عمليات الترحيل 350 ألفا خلال فترة ولاية ترامب الأولى، وهو أقل بكثير من 432 ألفا تم ترحيلهم في عهد إدارة باراك أوباما عام 2013.
وقال ترامب إنه سيستدعي قانون الأعداء الأجانب، وهو قانون يعود إلى القرن الـ18، وبموجبه يمكن للرئيس ترحيل أي شخص من بلد تخوض الولايات المتحدة حربا معه، وقال ستيفن ميلر، المستشار المؤثر في إدارة ترامب الأولى، إن الخطة ستشمل بناء "مناطق تجمع واسعة النطاق قرب الحدود، على الأرجح في تكساس".
وباستخدام خطاب مظلم بشكل متزايد -حسب الصحيفة- وصف ترامب موجات طالبي اللجوء الوافدين عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس جو بايدن بأنها هجوم وجودي على هوية الأمة، وقال "إنهم يسممون دماء بلادنا"، ووصف أورورا دون تردد يوم الجمعة بأنها مدينة محاصرة من قبل "أكثر الناس عنفا على وجه الأرض".
وقال ترامب "علينا أن نعيش مع هذه الحيوانات، لكننا لن نعيش معهم لفترة طويلة"، ولقي تعهده بإعدام أي مهاجر يقتل مواطنا أميركيا أعلى الهتافات، وقالت راكيل لين أريلانو، مديرة الاتصالات في تحالف حقوق المهاجرين في كولورادو، إن الخطاب التحريضي أدى إلى زيادة مناخ المضايقة والخوف على المهاجرين الذين يعيشون في أورورا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات غیر النظامیین
إقرأ أيضاً:
فايننشال تايمز: هكذا تستطيع أوكرانيا أن تفكك التحالف الغربي
قالت صحيفة فايننشال تايمز إن للولايات المتحدة وأوروبا وجهات نظر مختلفة جوهريا من التهديد الروسي وحماية الديمقراطية، وبالتالي إذا حاولت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الآن إجبار أوكرانيا على القبول بهزيمة جزئية، فستنظر أوروبا إلى ذلك على أنه مكافأة منها للعدوان الروسي.
وأوضحت الصحيفة -في مقال للصحفي غدعون راشمان- أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) قام عام 1949 بين الولايات المتحدة وكندا وبعض الحلفاء الأوروبيين بسبب الخوف من موسكو، وأن هذا الخوف نفسه الآن يهدد بتفكيك هذا الحلف.
ومع أن التحالف الأطلسي صمد في وجه العديد من الخلافات العميقة على مر الزمن، من أزمة السويس عام 1956 إلى حربي فيتنام والعراق، بفضل بقاء الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين على الجانب نفسه، حسب الكاتب، فإن تحالفهم معرض الآن للخطر ما لم يستطيعوا الاتفاق على التهديد الذي يواجهونه، وكيفية التعامل معه.
وبالفعل أقيمت الشراكة الأميركية الأوروبية على أساس المصالح والقيم المشتركة، وكان الاهتمام طوال الحرب الباردة هو احتواء التهديد القادم من الاتحاد السوفياتي، والقيمة المشتركة هي الدفاع عن الديمقراطية، وحتى بعد انتهاء الحرب الباردة، كانت الحرب على الإرهاب وحماية الديمقراطيات الأوروبية الجديدة هدفا مشتركا، لكن هذا الفهم المشترك يتداعى الآن -حسب الكاتب- وأي نهاية كارثية للحرب في أوكرانيا سوف تنهيه تماما.
إعلانوها هي الولايات المتحدة وأوروبا تقدمان خطط سلام مختلفة لأوكرانيا لأن مفهوم الأمن الدولي ومصدر التهديد القادم لم يعد متفقا عليهما، إذ يعتقد الأوروبيون أن مكافأة العدوان الروسي في أوكرانيا ستزيد من احتمال مهاجمة بوتين بقية أوروبا، في حين ترى إدارة ترامب أن الولايات المتحدة يجب ألا تنجر في النهاية إلى حرب مباشرة مع روسيا.
معركة وجودوالحقيقة -حسب راشمان- هي أن الخلاف في الرؤى الأمنية يتجاوز الآن كيفية إنهاء حرب أوكرانيا، لأن حلفاء أميركا يواجهون تهديدا مباشرا من ترامب بضم أراضي عضوين في الناتو، وذلك بتحويل كندا إلى الولاية الـ51 من بلده، واحتلال غرينلاند التي هي جزء يتمتع بحكم ذاتي من الدانمارك.
وإذا جمعنا هذه الغرائز الاستبدادية لدى ترامب -كما يقول الكاتب- وتهديداته لحلفاء الناتو، وتعاطفه الواضح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فلن يكون هناك مجال للقول إن الناتو ما زال تحالفا قائما على قيم مشتركة لأن صراع القيم أصبح الآن جليا.
ومع أن الولايات المتحدة والأوروبيين يدعون أنهم يدافعون عن الديمقراطية، فإن كل طرف يعتقد أن الديمقراطية مهددة على الجانب الآخر، وقد اتهم جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي، في خطاب شهير ألقاه في مؤتمر ميونخ للأمن، الأوروبيين بقمع حرية التعبير والخوف من شعوبهم، وهو ما قابلته أوروبا بغضب شديد، مع استحضار جهود ترامب لإلغاء الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020 وهجماته على القضاء ووسائل الإعلام والجامعات.
وتبشر إدارة ترامب وأووربا الآن برؤيتين متضاربتين للقيم الغربية، رؤية ترامبية قومية عرقية، محافظة ثقافيا وغير ليبرالية، مقابل رؤية أوروبية أممية تستند إلى القانون والمؤسسات الليبرالية، وكلا الجانبين يعتقد أن هذه معركة وجودية من أجل البقاء السياسي.
وتريد إدارة ترامب العمل مع الشعبويين القوميين في أوروبا من أمثال فيكتور أوربان في المجر وروبرت فيتسو في سلوفاكيا ونايجل فاراج في بريطانيا، كما تعقد أوروبا من جهتها الأمل على الحزب الديمقراطي في واشنطن، وهي الآن تحسب الأيام بفارغ الصبر في انتظار انتخابات التجديد النصفي الأميركية.
إعلان