أشار تقرير لمجلة "فورين أفيرز" إلى أن التوترات الإقليمية تعزز دوافع إيران لتطوير أسلحة نووية، مما يجعل هذه المرحلة نقطة تحول في برنامجها النووي؛ حيث تمتلك القدرة على تصنيع هذه الأسلحة، وقد تسرع جهودها في هذا الاتجاه نظرًا لشعورها المتزايد بخطر المواجهة مع "إسرائيل".

وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الغرب يعتقد منذ فترة طويلة أن إيران تفضل البقاء على عتبة إنتاج الأسلحة النووية؛ حيث تمتلك القدرة على تصنيع هذه الأسلحة لكنها لا تفعل ذلك، إذ يتيح لها هذا الوضع الحصول على قوة ردع نووي دون تبعات سلبية.



وانطلاقًا من هذا الاعتقاد، يركز المحللون في الغرب على توقع الرد الإيراني في أي صراع محتمل مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، ضمن دائرة استخدام الأسلحة التقليدية مثل الصواريخ الباليستية.

خيار السلاح النووي
لكن يجب على الغرب -وفقا للمجلة-، أن لا يستهين بإمكانية حصول إيران على ترسانة نووية، حيث أن الوضع الحالي في المنطقة ومخاوفها من حرب شاملة تواجه فيها دولا نووية، قد يزيد من حوافزها لإكمال تصنيع أسلحتها النووية.

في شباط/ فبراير الماضي، أشار المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إلى زيادة الحديث عن الأسلحة النووية بين القادة الإيرانيين، حيث أخبره مسؤول رفيع في طهران أن النظام لديه "كل ما يحتاجه" لتصنيع سلاح نووي.


كما أفاد مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية في تموز/ يوليو بزيادة ملحوظة في التصريحات الإيرانية حول الأسلحة النووية، مشيرًا إلى أن إيران قامت بأنشطة تعزز قدرتها على إنتاج سلاح نووي إذا اختارت ذلك. وفي آب/ أغسطس، أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقها من أنها لم تعد قادرة على تقديم "ضمانات موثوق بها" عن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني.

وأكدت المجلة أن القادة الإيرانيين لا يزالون حذرين من الدخول في صراع مدمر مع "إسرائيل" أو الولايات المتحدة، لكن مع فشل الأسلحة التقليدية في ردع "إسرائيل" عن مهاجمة وكلائها أو تنفيذ اغتيالات داخل إيران، يصبح التعجيل بتطوير الأسلحة النووية أكثر جاذبية.

ويبدو بالفعل أن النظام في طهران وصل إلى قناعة أن امتلاك أسلحة نووية ضروري لبقائه، لأسباب خارجية وداخلية على حد سواء. فالقادة الإيرانيون يواجهون تهديدات من الخارج، ومن الداخل أيضا في ظل تصاعد الاستياء الشعبي خلال السنوات الماضية، وفقا للمجلة.

لكن هناك فرصة سانحة للنظام حاليا لكسب تأييد الشعب الإيراني، فمع تفاقم الوضع في الشرق الأوسط، بدأ الرأي العام الإيراني يدعم تطوير الأسلحة النووية بعد عقود من المعارضة.

وبحسب تقديرات الجيش الأمريكي، تعني كل هذه العوامل أن إيران قد تعبر العتبة النووية من خلال تجميع الرؤوس الحربية في غضون ستة إلى 12 شهرًا.

رد فعل على التوتر في المنطقة
ذكرت المجلة أن تاريخ البرنامج النووي الإيراني يعود إلى نصف قرن مضى، منذ عهد الشاه محمد رضا بهلوي، لكن إيران ترددت لعقود في تصنيع الأسلحة النووية واكتفت ببرنامج نووي سلمي، وقد لعب هذا التوجه دورًا إيجابيًا في دعم الموقف الإيراني على الساحة العالمية.

ونجحت إيران في حشد عدد من الدول لدعم مساعيها في الانخراط في المجتمع الدولي، فعلى مدار السنة والنصف الماضية، تم قبول طهران في منظمة شنغهاي للتعاون وتحالف بريكس، وأبرمت اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وترأست الاجتماع السنوي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

لكن الحسابات الاستراتيجية الإيرانية بدأت تتغير بسرعة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر. فقد تعرضت الجماعات المسلحة التابعة لإيران في فلسطين والعراق ولبنان وسوريا واليمن، لقصف متواصل من "إسرائيل" وحلفائها.

وإذا استمرت "إسرائيل" في توسيع هجومها على مناطق سيطرة حزب الله في لبنان، فإن طهران قد تفقد شبكات حيوية من الطرق والسكك الحديدية والمطارات والأنفاق والمخابئ التي تسيطر عليها هذه المنظمات الموالية لإيران، وفقا للمجلة.

وترى المجلة أن ذلك قد يثير ذلك مخاوف كبار القادة الإيرانيين من إمكانية استهدافهم مستقبلا، تماما مثلما تم استهداف هنية ونصر الله رغم وجودهما في مواقع آمنة.

المواقف في الخارج والداخل
تضيف المجلة أنه باستثناء "إسرائيل" ودول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة، لن تهتم دول العالم الأخرى كثيرا باحتمال تطوير إيران أسلحة نووية، حيث أن الصين وروسيا ستستفيدان من عدم اليقين الناتج عن إيران النووية، بينما سيكون من الصعب على شركاء مثل الهند الاعتراض بسبب اعتمادهم على النفط والغاز الإيرانيين.

وعلى الصعيد الداخلي، أظهر استطلاع لشركة "إيران بول" هذا الربيع أن نحو 70 بالمائة من المشاركين أكدوا ضرورة امتلاك إيران أسلحة نووية، وارتفعت نسبة التأييد من 40 بالمائة إلى 48 بالمائة بعد الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق في 1 نيسان/ أبريل.

وفي 8 تشرين الأول/ أكتوبر، نشرت صحيفة "طهران تايمز" تقريرًا عن "الدعوات المتزايدة لامتلاك الأسلحة النووية" بين الشباب الإيراني.

كما يظهر تحوّل مشابه بين رجال الدين الشيعة والمفكرين، حيث صرح النائب أحمد نادري، عالم الأعراق في جامعة طهران، في نهاية أيلول/ سبتمبر بأن "الوقت قد حان لمراجعة العقيدة النووية الإيرانية".


وتؤكد المجلة أن الغرب لا يملك القدرة على وقف مساعي إيران في حال قررت امتلاك السلاح النووي، إذ أن محاولات الولايات المتحدة لردع إيران عبر فرض العقوبات وإبرام اتفاق نووي في 2015، بالإضافة إلى اغتيال العلماء من قبل "إسرائيل"، لم تؤثر على الأنشطة النووية العسكرية. وحتى إذا نفذت "إسرائيل" تهديدها بشن "رد قوي" على الهجوم الإيراني الأخير، فمن غير المرجح أن ينهي ذلك مساعي إيران النووية، وفقا للمجلة.

وفي تموز/ يوليو الماضي، حذّر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، من أن الوقت اللازم لطهران لإنتاج المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي قد تقلص "ربما إلى أسبوع أو أسبوعين".

واختتمت المجلة تقريرها بأن على الغرب أن يغيّر فكرته القديمة بشأن البرنامج النووي الإيراني، ويدرك حقيقة أن السنة الماضية جعلت السلاح النووي أداة أكثر جاذبية للنظام الإيراني لضمان بقائه.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية إيران النووي إيران النووي الاحتلال المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأسلحة النوویة أسلحة نوویة المجلة أن

إقرأ أيضاً:

مسئولون أمريكيون: إسرائيل لن تهاجم المنشآت النووية أو النفطية في إيران

قالت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إنها تلقت تأكيدات من إسرائيل بأنها لن تهاجم المنشآت النووية أو النفطية في إيران ردا على الهجوم الصاروخي الباليستي. هذا ما قاله مسؤولان أمريكيان لوكالة أسوشيتد برس.

وأضاف المسئولان أن "الوعود ليست ثابتة، وربما تتغير الظروف". ووفقا لهم، فإن "سجل إسرائيل في الوفاء بوعودها في الماضي غير متسق، ويعكس في كثير من الأحيان السياسة المحلية التي رفعت التوقعات في واشنطن".

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون بات رايدر في بيان إن فريقًا متقدمًا من العسكريين الأمريكيين والمكونات الأولية اللازمة لتشغيل بطارية نظام الدفاع الصاروخي للارتفاعات العالية (ثاد) وصل إلى إسرائيل أمس.

وأضاف رايدر إن أفرادًا إضافيين من العسكريين الأمريكيين ومكونات بطارية ثاد ستستمر في الوصول إلى إسرائيل خلال الأيام المقبلة، بحسب ما أوردته صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

وأشار رايدر إلى أن بطارية الدفاع الجوي ستكون جاهزة للعمل بكامل طاقتها في المستقبل القريب، لكن لن تتم مناقشة جدول زمني دقيق بسبب المخاوف الأمنية.

وأكد أن نشر بطارية ثاد في إسرائيل التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن إسرائيل والدفاع عن الأمريكيين في إسرائيل من أي هجمات صاروخية باليستية من قبل إيران.

مقالات مشابهة

  • مصدر سياسي:أمريكا ترفض استهداف المفاعل النووية والمنشآت النفطية ومركز القرار في إيران من قبل إسرائيل
  • نقطة تحول.. كيف يحفز الصراع الإقليمي طهران على تطوير الأسلحة النووية؟
  • مسئولون أمريكيون: إسرائيل لن تهاجم المنشآت النووية أو النفطية في إيران
  • خبير عسكري: 10 أسباب تمنع إسرائيل من تدمير النووي الإيراني
  • فورين أفيرز: احذروا الجيل الرابع من الحرس الثوري.. أكثر تشددا تجاه إسرائيل
  • العالم يتأهب لحرب نووية| إسرائيل تندد بملف إيران النووي.. وتدمير المنشآت الإيرانية سيشعل حرب في المنطقة
  • فورين أفيرز تكشف أسباب فشل رؤساء أمريكا في تغيير السياسة الخارجية
  • زلزال أم تجربة؟ زلزال أرادان يوقظ المخاوف من برنامج إيران النووي
  • أبو الغيط: امتلاك إيران للسلاح النووي يغير الصراع في الشرق الأوسط