عربي21:
2024-10-15@18:24:13 GMT

باب الأمل والمستحيل العربي

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

الموقف الأمريكي الرسمي من العدوان المستمر على غزة والشعب الفلسطيني، ومن جرائم الإبادة الصهيونية، محسوم تاريخيا إلى جانب إسرائيل بموقف تقليدي لمعظم رؤساء أمريكا منذ نكبة فلسطين، ولم تعد حاجة، أو مبرر، لانتظار سياسة أمريكية جديدة قبل انتخابات رئاسية أو بعدها، للرهان على تغيير ما متعلق بقضايا عربية ومنها قضية فلسطين.

وهو موقف خبرته شعوب العالم العربي ويعرفه معظم القادة العرب؛ أن حامي المصالح الأمريكية والاستعمارية في المنطقة هو إسرائيل.

ولا داعي للشرح عن فحوى الخطوة الأمريكية بإرسال حاملات طائرات للمنطقة وأرتال من شحنات الصواريخ والذخائر والدفاع الجوي، والاستنفار الأمريكي الدبلوماسي بكل المحافل، لتثبيت رسالة قاعدتها أن حماية المنطقة لا تتم إلا عبر إسرائيل. والحماية هنا لديها تفسير أمريكي إسرائيلي بتفهم عربي، وهو "الخطر الإيراني"، وإن وقعت المواجهة المباشرة بين إسرائيل وايران فإن من سيتصدى لها هي القواعد الأمريكية بجيوشها وأساطيلها.

ولأن لا صوت عربيا يعلو اليوم على الصوت الأمريكي الإسرائيلي، وعلى جرائم الإبادة الجماعية في غزة، فإن جولة العدوان المستمرة فرض عليها كاتم صهيوني للصوت بتحويل الأنظار عن جريمة الإبادة في غزة إلى جريمة مماثلة في لبنان، والدفع مجددا بتصوير الأمر بأن مشكلة المنطقة هي باتساع دائرة مواجهة الاحتلال وغطرسته وربط ذلك بسلوك طهران، لا بسلوك الاحتلال ووجوده واستمرار جرائمه في فلسطين، والأهم إسقاط هذا الاحتلال لكل مشاريع "السلام" والأوهام المرتبطة به. الاستسلام العربي الآن لجرائم الإبادة في غزة، والصمت عن العدوان المتسع على لبنان ومواجهته بنفس مواقف التحذير والتنديد والخشية من التصعيد، واتساع رقعة الحرب التي كانت سائدة طيلة عام الإبادة الفلسطينية، هي نفسها التي سمحت أيضا بأن تكون غزة نموجا للأثر العربي المدمر لها وللشعب الفلسطيني وقضيتهوقد عكست تصريحات حكومة نتنياهو وأقطابها الفاشية من بن غفير إلى سموتريتش؛ بشكل جلي وواضح خطط التطهير العرقي في غزة وفصل شمال القطاع تمهيدا لضمه والاستيطان فيه، وبإعادة بث الأحلام القديمة الجديدة لإسرائيل الكبرى.

في فلسطين هناك محتل وشعب يرزح تحت وطأته، وهناك جرائم كبرى ومجرم، وعلى أطراف هذه الجريمة عالم عربي، تنهار فيه جبال من كرامة وعزة وأمن وسياسة وسيادة عربية، ففي كل صباح ومساء في غزة وفي بقية مدن فلسطين المحتلة مجزرة ترتكبها قوات الاحتلال، وجريمة إبادة جماعية تستهدف القضاء على شعب فلسطين وإلحاق الهزيمة به.

أرقام الضحايا في مذبحة جباليا الأخيرة أقسى من أي كلمة، والمواقف العربية التي تخلو من ضمير أخلاقي وإنساني ووطني، لم تنفع معها كل جرعات الحس الوطني والديني والإنساني التي حاولت صرخات الضحايا أن تنهض بها همما عربية وإسلامية؛ بوجه عالم منكفئ على مشهد الفرجة المذل لشلال الدم الفلسطيني والعربي، وحتى انتظار يقظة عربية جديدة تقذف بهذه الأمة من عمق المهانة والبؤس والعجز الذي تغرق به أنظمة عربية.

يتضح يوما إثر آخر أن اختلال التوازن القائم الآن لصالح الفاشية الصهيونية في المنطقة العربية بصورة مطلقة ليس بفعل الانحياز الأمريكي المطلق لإسرائيل، وليس بفضل نفاق غربي مستمر للمستعمر، بل من النزعة العربية القائمة بالنظر للمشروع الصهيوني هل ما زال يمثل لبعض السياسات العربية مشروعا غربيا استعماريا للسيطرة على المنطقة؟

بالنظر لمواقف غربية وفي أمريكا اللاتينية من جرائم الإبادة الصهيونية في غزة وفي فلسطين، فإن إجابة قوية تنطلق من غريزة أخلاقية ومن من ثوابت لم تعد موجودة في قاموس سياسة عربية تقبل كل يوم المساس بكرامتها وسيادتها وتقزيم حضورها وفاعليتها إلى المستوى الصفري، فبات الشارع العربي يحفظ أسماء دول وحكومات وشخصيات سياسية وفنية وأكاديمية ومؤثرة غير عربية في اتخاذ موقف واضح بقطع العلاقة مع الاحتلال، والدعوة لوقف تسليحه واعتباره مجرما وخصما أمام المحاكم الدولية، بينما تتلاشى المواقف الرسمية العربية تحت وطأة اليأس والخراب والدمار والجرائم، ما يعني أن مهمة الاحتلال ومشروعه بتطبيق نمط الجريمة في غزة ولبنان ومن ثم في الضفة والقدس هو الذي سيحكم العلاقة المستقبلية بين إسرائيل وأنظمة الفرجة العربية.

فالاستسلام العربي الآن لجرائم الإبادة في غزة، والصمت عن العدوان المتسع على لبنان ومواجهته بنفس مواقف التحذير والتنديد والخشية من التصعيد، واتساع رقعة الحرب التي كانت سائدة طيلة عام الإبادة الفلسطينية، هي نفسها التي سمحت أيضا بأن تكون غزة نموجا للأثر العربي المدمر لها وللشعب الفلسطيني وقضيته.

مقاومة شعب فلسطين لإبادته ستستمر لا محالة حتى وإن بدا الأفق العربي والدولي بعيدا، ذلك أن الدماء التي تسيل كل يوم وكل ساعة على أرض فلسطين، تجعل من انتظار مستقبل الخلاص من المحتل أمرا مستحيلا بحسب سياسة الاستسلام للأمر الواقع، لكن من المؤكد أن للشعب الفلسطيني والعربي كلمة أخرى سيقولها ويكررها كما فعلها من قبل في ثوراته
لم ينفع السياسة العربية تقليدها استخدام عبارات غربية من القلق، لم يعد هناك من جريمة لم ترتكب في غزة، مذابح جماعية وجوع وحصار وتطهير عرقي وإعادة احتلال وتهجير قسري، ولم يعد هناك ما يبنى عليه لـ"اليوم التالي" في فلسطين، فجرائم الاستيطان والتهويد والقتل وخطط وسياسات اليمين الفاشي في إسرائيل بلا رتوش، وتخالف كل ما تعهد به السياسة العربية لنفسها عن السلام وغيره في المنطقة بخصوص المستقبل "السعيد" بعد القضاء على من يقاوم محتله؛ ومن يتقاسم حلم أو وهم شرق أوسط جديد يفترض بـ"الحضارة الصهيونية" أن تشع على بعض العيون وتعميها عن واقعها.

أخيرا، التدقيق في سياسة عربية وأمريكية وغربية فيما يجري على أرض فلسطين، وحتى بدون التدقيق، يكشف يقينا أن المشكلة ليست في طبيعة المواجهة الدائرة الآن بين طهران وإسرائيل، أو بين ما تروج له إسرائيل عن خوضها حربا على سبع جبهات، بل تكمن من حيث وجودها كقوة احتلال استعماري بنظام فصل عنصري.

ومقاومة شعب فلسطين لإبادته ستستمر لا محالة حتى وإن بدا الأفق العربي والدولي بعيدا، ذلك أن الدماء التي تسيل كل يوم وكل ساعة على أرض فلسطين، تجعل من انتظار مستقبل الخلاص من المحتل أمرا مستحيلا بحسب سياسة الاستسلام للأمر الواقع، لكن من المؤكد أن للشعب الفلسطيني والعربي كلمة أخرى سيقولها ويكررها كما فعلها من قبل في ثوراته رغم عجز رموزه الراهنة، فالمقاومة في فلسطين هي التي تفتح باب الأمل، رغم "المستحيل العربي" بالتغيير الذي يكرس نفسه مهزوما أمام المحتل وجرائمه.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطيني إسرائيل الاحتلال إسرائيل فلسطين غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جرائم الإبادة فی فلسطین فی غزة

إقرأ أيضاً:

إبداع نجوم 5 دول عربية بالليلة الثالثة بمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 تتواصل فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية في دورته الـ٣٢، الذى تنظمه دار الأوبرا المصرية  برئاسة الدكتورة لمياء زايد ويديره الدكتور خالد داغر، وخلال الليلة الثالثة التى أقيمت مساء أمس الأحد تزينت مسارح الأوبرا فى القاهرة والإسكندرية ودمنهور بسحر الموسيقى والغناء مفعمة بمزيج من روائع التراث العربي إلى جانب الأعمال المعاصرة الجادة .

فعلى المسرح الكبير حرص جمهور المهرجان على الحضور فى السادسة مساءً للاستمتاع بالأوبريت النادر "العشرة الطيبة" للموسيقار خالد الذكر سيد درويش الذى يعد عمل فنى ملحمي من تأليف محمد تيمور وأزجال بديع خيرى بقيادة المايسترو أحمد عاطف  وأقيم بالتعاون مع أكاديمية الفنون ، دراماتورج وإخراج ضياء الدين زكريا، إشراف فنى الدكتورة خيرية جميل والدكتورة هدى احمد. ويعكس الأوبريت، عبقرية سيد درويش الموسيقية وقد حاز على إعجاب الجمهور والنقاد  بحبكته الفنية المتقنة وأكتمال عناصره الفنية . 

وفي الثامنة والنصف، انتقلت الفعاليات إلى مسرح النافورة حيث أبهرت المطربة مروة ناجي الحضور الجماهيري الكبير بأدائها الرائع بمصاحبة الفرقة الموسيقية قيادة المايسترو الدكتور علاء عبد السلام حيث تغنت بباقة مختارة من أروع اغانى الموسيقى العربية، قبلها غرد  الدكتور عماد عاشور على آلة التشيللو فى أغنية حب إيه من ألحان بليغ حمدى.

 وخلال الفاصل الأول من الحفل جسد نخبة من نجوم الأوبرا  وهم سمية وجدى ، محمد الخولى ، نهى حافظ، ياسر سليمان أجمل الألحان التى صاغها المبدع الموسيقار بليغ حمدى للفنانة وردة الجزائرية وكبار المطربين والتى بدأت بميدلى ورده ثم  أغنيات هوا ياهوا، مستنياك، على رمش عيونها، جانا الهوى، اه ياسمرانى اللون، مكسوفة، متى اشوفك، الخيزرانة، ع الرملة، عدوية، طاير ياهوا . 

وشهد مسرح معهد الموسيقى العربية حفلاً مميزاً أحيته الفنانة التونسية مليحة بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو عزيز المصرى بمختارات من روائع الطرب العربى الأصيل بالإضافة للعديد من ألحانها وبعض الأغانى التراثية التونسية  وبدأ الحفل بمعزوفات موسيقية بعنوان "الحنة،النيل القديم، تمر حنة، شباب على طول " ثم شدت مليحة باغانى   لامونى اللى غارو منى،انا قلبى دليلى، مالى، كفايا نورك عليا ،يامعذبتنى بزينك،النهر الخالد، حبيبى يسعد اوقاته، ياوحشنى رد عليا ، غرامك كبير ، سهر الليالى، صوت الناى، بنت اللحظة ، ياخليلة، وأختتمت الحفل  بأغنية ياحبيبتى يا مصر .

 واستقبل مسرح الجمهورية  فرقة عمانية قدمت تجربة فنية فريدة بعنوان ثلاثية "غزة"، تلتها الفنانة السورية لينا شاماميان  فى تجربة بإسم ترحال و التي اصطحبت الجمهور في رحلة موسيقية جمعت بين عدة لغات عربية واجنبية قدمت فى قوالب موسيقية متنوعة.

أما في أوبرا الإسكندرية، فقد استمتع الجمهور بليلة طربية أحيَتها الفنانة الأردنية نداء شرارة بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو ايهاب عبد الحميد، حيث تألقت بأدائها الساحر، سبقها فاصل غنائى لمجموعة من فنانى الأوبرا  "ندى غالب ،غاده ادم ، محمد الطوخى،  محمد متولى"  واستمتع الجمهور بأصواتهم الشجية لأغانى " القريب منك بعيد ، آخر ايام الصيفية ، اسمعونى، الف ليلة وليلة ، خايف اقول ، كل ده كان ليه ، ياواحشنى ، موعود، حسكنك يامصر ، فاتت جنبنا" كما تألق عازف القانون الدكتور ماجد سرور فى اغنيتى بأمر الحب ودارت الأيام . 

واحتضن مسرح أوبرا دمنهور أمسية سورية مميزة للفنانة وعد البحري، تضمنت أعمالاً معاصرة منها الليلة ليلة،حاول تفتكرنی، حبينا واتحبينا، الشاب الأسمر جننى ، أوقاتي بتحلو "حازت على أعجاب الجمهور، وشدى الفنان مجد القاسم بأغانى "لحظة غرام، بتسأل ليه عليا، أمرك حبيبي، ع العين موليتين ،على رمش عيونها، لعبتك، غمض عينيك،رسالة ، ياسارق، قسوة قلبك، إسمع بقى، بأمر الهوى، سيرة الحب، حیرت قلبی ورفقا سيدتى" بالإضافة لفقرات مميزة تضمنت ميدلى لـ أم كلثوم، عبد الحليم حافظ و فريد الأطرش .

كما واصل مركز تنمية المواهب تحت إشراف مديره الفنى الدكتور سامح صابر فى السابعة مساء تقديم فقراته الغنائية بالساحة الخارجية للأوبرا، وأمتد التميز  إلى المؤتمر العلمي المصاحب للمهرجان  الذي تناول في جلساته الصباحية  موضوع الأغنية العربية المعاصرة.. مصادر موسيقية متنوعة، وسط مناقشات عميقة من نخبة من الباحثين من مختلف الدول العربية. 

مقالات مشابهة

  • بمشاركة 40 دولة عربية وأوربية..وزير الرياضة يفتتح منتدى الشباب العربي الأوروبي
  • تفاعل واسع مع منشور لمذيعة في العربية لعنت فيه إسرائيل ومن والاها
  • إبداع نجوم ٥ دول عربية فى الليلة الثالثة بمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية ٣٢
  • إبداع نجوم 5 دول عربية بالليلة الثالثة بمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية
  • علاوي: المطلوب قيادة عربية سياسية شجاعة لتحقيق الامن في فلسطين ولبنان
  • صحفيو فلسطين والجزيرة في مرمى إسرائيل وفشل مشهود لروايتها
  • "المجاهدين" تدين الصمت العربي والدولي على حرب الإبادة شمالي غزة
  • الأفئدة المهاجرة التي أشعل طوفان الأقصى حنينها إلى جذورها
  • تونس والمغرب.. مظاهرات غاضبة ومنددة بالصمت العربي والدولي تجاه الإبادة الجماعية في غزة