الدعم الأمريكي لإسرائيل من يوقفه؟
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
في عام 1974 وفي أعقاب حرب أكتوبر قدمت السينما المصرية واحدا من أبرز الأفلام في تاريخها وهو فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي» المأخوذ من رواية بنفس الاسم للأديب والصحفي الشهير إحسان عبدالقدوس، وشارك معه في كتابة السيناريو والحوار اثنان من أكبر كتاب السينما هما رمسيس نجيب ورأفت الميهي، ولعب دور البطولة فيه نجوم الشاشة في تلك الفترة مثل محمود ياسين وحسين فهمي ونجوى إبراهيم وسعيد صالح ويوسف شعبان وعبدالمنعم إبراهيم وصلاح السعدني وآخرين، وأخرجه حسام الدين مصطفى.
الدعم الأمريكي لدولة الاحتلال هو ما مكّنها من ارتكاب تلك الجرائم وهو ما يدفعها إلي تحدي العالم كله والاستمرار في القيام بدور «بلطجي» المنطقة الذي يريد إخضاع الجميع له بالقوة الغاشمة. وإذا كان هذا الدعم يعود إلى نشأة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين الذي قدّرته بعض المصادر بأكثر من مائتي مليار دولار منذ الحرب العالمية الثانية لتصبح أكثر دولة في العالم تتلقى مساعدات أمريكية، فإن الدعم المباشر وغير المباشر والمبالغ فيه أثناء الحرب الحالية على غزة هو ما يثير الدهشة خاصة أنه فاق كل التوقعات.
على مدار العام الماضي، ومنذ بدأت إسرائيل في الرد على «طوفان الأقصى» في الثامن من أكتوبر 2023 قدّمت الولايات المتحدة لإسرائيل مساعدات أمنية وأسلحة بمليارات الدولارات ولم تكتفِ بذلك، بل قامت بنشر الجيش الأمريكي لدعم الجيش الصهيوني وتعزيز قدراته على ارتكاب المذابح بحق المدنيين بشكل مباشر، وزادت بشكل كبير من حجم المساعدات العسكرية التي ترسلها إلى إسرائيل، ووافقت على المزيد من مبيعات الأسلحة والمعدات لها، وكثّفت عملياتها العسكرية في الشرق الأوسط، ونشرت حاملة الطائرات الأكثر تقدمًا لدى البحرية «يو إس إس جيرالد فورد» في شرق البحر المتوسط.
وفي أبريل الماضي شاركت الولايات المتحدة ودول غربية وعربية في عملية للدفاع عن إسرائيل بعد أن أطلقت إيران عليها أكثر من مائة صاروخ باليستي، بالإضافة إلى حوالي 30 صاروخ كروز وأكثر من 150 طائرة بدون طيار محملة بالمتفجرات، وعندما هاجمت إيران إسرائيل مرة أخرى هذا الشهر، أطلق الجيش الأمريكي صواريخ اعتراضية على الصواريخ الباليستية.
في تقديري أنه لا أحد يستطيع وقف المساعدات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية والمخابراتية التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل للحفاظ على تفوقها النوعي على كل محيطها العربي والشرق أوسطي وحمايتها من الإدانات الدولية. تريد أمريكا أن تصل الرسالة واضحة إلى العالم وهي أنها لن تتخلى عن إسرائيل حتى وإن عارضها العالم كله، وذلك لسبب رئيس وهو أنها -أي إسرائيل- تمثل مندوب الولايات المتحدة في المنطقة ويدها التي تبطش بها، ولذلك لو أخلت أمريكا الطريق بين إسرائيل وبين قوى المقاومة العربية، ولا أقول بينها وبين الجيوش العربية، فلن تستمر إسرائيل طويلا وقد تختفي من الوجود.
الأمر المؤكد أنه لا خلاص من هذه العلاقة الآثمة بين أمريكا بمختلف إداراتها وبين إسرائيل، إلا بموقف عربي موحد يربط العلاقة والمصالح المشتركة مع الولايات المتحدة بموقفها من إسرائيل، ولكن من يستطيع أن يتخذ هذا الموقف والأمين العام لجامعة الدول العربية نفسه، بعد أن سكت طوال عام الحرب، يلقي باللوم على قوى المقاومة في غزة ولبنان. نعم، نظريا تستطيع الدول العربية، وأعني هنا الأنظمة العربية وليس الشعوب، إذا أرادت أن تجبر الولايات المتحدة على مراجعة دعمها غير المحدود للكيان الصهيوني، وذلك باستخدام ما يتوفر لها من ضغوط تتمثل في إمكانية استخدام سلاح النفط، كما حدث في 1973 وإلغاء اتفاقيات التطبيع مع العدو الإسرائيلي أو بالأقل تحجيم التعاون المشترك معه، والتهديد بمراجعة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة.
إن يد الأنظمة العربية تبدو مغلولة تماما في هذا الملف، وأعني به ملف العلاقات مع الولايات المتحدة ومع إسرائيل، وأنها لا تستطيع أن تقدم في مقابل الدعم الأمريكي السافر لإسرائيل رصاصة واحدة للمقاومة، وأن الجيوش العربية الكبيرة لا تستطيع أن تطلق صاروخا واحدا باتجاه إسرائيل، وتتحاشى تماما إغضابها ولو بالتصريحات والإدانات، ويأمل بعضها في أن ينجز جيش الاحتلال مهمته في تصفية وقتل أكبر عدد من الشعب الفلسطيني ومن المقاومين، وإنهاء كل صور المقاومة سواء داخل الأراضي المحتلة أو خارجها.
لقد كانت الرسالة التي سعى صناع فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي» إلى إيصالها للناس هو أن الهزيمة دائما ما تكون قرينة الفساد والجهل والديكتاتورية، وأن مفتاح الانتصار هو العزيمة والتخلص من الفسدة في جميع المجالات، والاستماع إلى أصوات الشعوب العربية التي تطالب بتدخل عربي واضح ومحدد ينهي الحرب على غزة ولبنان وعواصم المقاومة الأخرى، ويلزم العدو بالكف عن المذابح التي يرتكبها تحت أسماع وأنظار العالم كله. ولن يتحقق ذلك سوى بالضغط على «الصديق» الأمريكي لوقف أو بالأقل ترشيد دعمه للاحتلال الصهيوني، وتقديم الدعم المادي والمعنى للمقاومة، حتى لا يقول أحد منا بعد ذلك «أكلت يوم أكل الثور الأبيض».
أ.د. حسني محمد نصر أكاديمي فـي قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الدعم الأمریکی
إقرأ أيضاً:
داعم قوي لأمن إسرائيل.. من هو ماركو روبيو وزير الخارجية الأمريكي الجديد؟
قرر مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع الموافقة على تعيين ماركو روبيو وزيرا للخارجية الأمريكية بعد قرار الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب اختياره وزيرا للخارجية في حكومته، ليصبح بذلك أول عضو رسمي في حكومة ترامب.
ويعد روبيو، السيناتور الجمهوري من فلوريدا، من بين أقل مرشحي ترامب إثارة للجدل، وكان التصويت لصالحه حاسما بنسبة 99 مقابل لا شيء.
من هو ماركو روبيوماركو أنطونيو روبيو هو سياسي ونائب ومحامٍ أمريكي ولد في يوم 28 مايو 1971 في مدينة ميامي في ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة، هو عضو في مجلس النواب الأمريكي من الحزب الجمهوري منذ سنة 2011 ومرشح للرئاسة الأمريكية في الإنتخابات الأمريكية 2016.
وكان السيناتور ماركو روبيو رحب باختيار ترامب له ليكون وزيرا لخارجيته، واصفا هذا الاختيار بأنه "مسئولية هائلة"، وقال إنه "يتشرف بالثقة التي وضعها الرئيس ترامب بي"، وفقًا لتدوينة نشرها على صفحته بمنصة "إكس".
وقال روبيو: "تحت قيادة الرئيس ترامب، سنحقق السلام من خلال القوة ونضع دائمًا مصالح الأمريكيين وأمريكا فوق كل شيء آخر".
صقر تقليدي في السياسة الخارجيةويوصف روبيو، العضو في مجلس الشيوخ منذ عام 2011، بأنه "صقر تقليدي في السياسة الخارجية"، حسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إذ "بنى هويته السياسية حول دعم إطاحة الحكومات المتشددة، من أميركا اللاتينية إلى الشرق الأوسط إلى آسيا".
روبيو هو ابن مهاجرين كوبيين قدما إلى الولايات المتحدة في عام 1956، واستعدادًا لولايته كرئيس لمجلس النواب في الهيئة التشريعية لفلوريدا، كتب كتابًا بعنوان "100 فكرة مبتكرة لمستقبل فلوريدا"، وقام بتدريس دروس العلوم السياسية في جامعة فلوريدا الدولية، وفاز بإعادة انتخابه لعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي لولاية ثالثة في العام 2022.
ويعتبر روبيو من معارضي سياسة الرئيس باراك أوباما وهو من أبرز معارضي الاتفاقية النووية مع إيران وحريص على أمن إسرائيل كما أنه معارض لإرجاع علاقات الولايات المتحدة مع بلده الأم كوبا.
حليف قوي لإسرائيلوعلى صعيد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فإن وزير الخارجية الأمريكي الجديد من الداعمين لسياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأعرب روبيو مرارا وتكرارا عن دعمه لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولعمله العسكري ضد حماس في غزة وحزب الله في لبنان، واتهم إدارة الرئيس جو بايدن بـ"عدم بذل ما يكفي لدعم حليفها".
كما أدان قرارات بعض الحلفاء الغربيين بتعليق أو تقييد صادرات الأسلحة إلى إسرائيل بسبب الانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني الدولي، باعتبارها "تقوض قدرتها على الدفاع عن نفسها".