هل أنظمة الرقابة الداخلية للشركات كافية؟
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
شهدنا خلال الأسابيع الماضية عددا من الإفصاحات من شركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة مسقط تشير إلى وجود خلل في أنظمة الرقابة الداخلية في هذه الشركات أثّرت سلبا على أدائها وعلى حقوق المساهمين والمستثمرين فيها والمتعاملين معها.
الإفصاحات الصادرة عن الشركات وكذلك قيام هيئة الخدمات المالية في أغسطس الماضي بإيقاف مكتب أبو تمام «محاسبون قانونيون» عن ممارسة نشاط التدقيق الخارجي لمدة سنة كاملة، يؤكد أهمية مراجعة الشركات لأنظمتها الداخلية بحيث ترفع مستوى الرقابة على مختلف أعمالها خاصة أن الشركات المدرجة في بورصة مسقط هي شركات مساهمة عامة؛ أي أن الأموال التي تستثمر فيها الشركة هي أموال المساهمين والمستثمرين وليست أموالا خاصة حتى تتغاضى الشركات عن تطبيق معايير الحوكمة في تعاملاتها، كما أن هذه الشركات تعد شركات كبيرة نسبيا والعديد منها لديها شركات تابعة أو شقيقة أو محافظ استثمارية في بورصة مسقط وأسواق المال الإقليمية والعالمية.
ولعله من المناسب أن نشير في هذا الصدد إلى عدد من الشركات التي تمت تصفيتها خلال السنوات الماضية نتيجة للخسائر المتراكمة عليها وتآكل رؤوس أموالها، ولو أن هذه الشركات اهتمت في وقت مبكر بتعزيز أنظمة الرقابة الداخلية لديها ماليا وإداريا لما تعرضت للخسائر بالشكل الذي دفعها إلى التصفية، ومن المثير للاهتمام حقا أن بعض الشركات التي تآكلت رؤوس أموالها وتم ضخ رأسمال جديد فيها وشطب الخسائر السابقة لم تتمكن من العودة إلى الحياة الاقتصادية بل تراكمت عليها الخسائر مرة أخرى وهذا ناتج بسبب عدم تفعيلها لأنظمة الرقابة الداخلية خاصة الرقابة الإدارية وتضارب المصالح وعدم تغيير فريق الإدارة التنفيذية الذي كان سببا في وصول الشركة إلى تلك الخسائر، ولهذا فإن سُبل تصحيح مسار هذه الشركات لم تحقق أي جدوى وتبخّر رأس المال الجديد كسابقه.
اليوم عندما نستعرض قائمة شركات المساهمة العامة نجد أن هناك عددا من الشركات التي تآكلت رؤوس أموالها ولديها خسائر متراكمة غير أنها لا تزال تصرّ على السير بنفس النهج السابق وهو عدم تفعيل الرقابة الداخلية بالشكل الذي يمكّن الشركة من تصحيح وضعها ومحو الخسائر السابقة، وهو ما يثير العديد من التساؤلات عن قدرة هذه الشركات على الاستمرار لفترة أطول.
إن موضوع الرقابة الداخلية لدى شركات المساهمة العامة هو واحد من الموضوعات الحيوية التي قد تحتاج إلى مناقشات مستفيضة وحلقات عمل تدريبية تنظمها هيئة الخدمات المالية أو بورصة مسقط أو الجهات الرقابية الأخرى لتمكين المدقق الداخلي من ممارسة عمله دون أي ضغوط من داخل الشركة أو خارجها وتحميه في نفس الوقت من أي إجراء قد يتخذ ضده من أي مسؤول في الشركة، وأعتقد أن تمكين المدقق الداخلي من أداء عمله بالشكل الصحيح سوف يحمي الشركات من السقوط في الخسائر ويحفظ للمستثمرين والمساهمين أموالهم ويمكّن الشركة من الانتقال من نجاح إلى آخر. أما إهمال الرقابة الداخلية فهو الذي يقضي على الشركة ويدفعها إلى الخروج من الاقتصاد مبكرا.
محمد الشيزاوي كاتب وصحفي عُماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الرقابة الداخلیة هذه الشرکات بورصة مسقط
إقرأ أيضاً:
قراصنة العصر الحديث.. الهاكر الذى اخترق ناسا وهو بعمر 15 عامًا
في عالم تحكمه التكنولوجيا، هناك من يتخفّى في الظلام، يترصد الثغرات، ويحول الشفرة الرقمية إلى سلاح فتاك.
هؤلاء هم قراصنة العصر الحديث، الذين لا يحتاجون إلى أقنعة أو أسلحة، بل مجرد سطور برمجية قادرة على إسقاط أنظمة، وسرقة مليارات، وكشف أسرار حكومية خطيرة.
في هذه السلسلة، نكشف أخطر عمليات الاختراق الحقيقية، كيف نفّذها القراصنة؟ وما العواقب التي غيرت مسار شركات وحكومات؟ ستكتشف أن الأمن الرقمي ليس محكمًا كما تظن، وأن الخطر قد يكون أقرب مما تتخيل… مجرد نقرة واحدة تفصل بينك وبينه!
الحلقة الثانية -طفل عبقري أم مجرم إلكتروني؟ في عام 1999، جلس جوناثان جيمس، وهو مراهق يبلغ من العمر 15 عامًا فقط، أمام جهاز الكمبيوتر في غرفته الصغيرة بولاية فلوريدا.
لم يكن أحد يعلم أن هذا الطفل، الذي بالكاد أنهى دراسته الإعدادية، سيصبح خلال أشهر قليلة أول قاصر في تاريخ الولايات المتحدة يُدان بجرائم إلكترونية فدرالية.
كل ما احتاجه كان كمبيوتر بسيط، اتصال إنترنت، وكود برمجي قام بكتابته بنفسه.
لكن هدفه لم يكن مجرد اختراق أي موقع عادي بل كان يخطط لاختراق وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" ووزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"!
لم يكن جيمس مجرمًا بالمعنى التقليدي، بل كان مهووسًا باكتشاف الثغرات الأمنية.
كان يقضي ساعات طويلة في تحليل أنظمة الحماية، يبحث عن الأخطاء، ويجرب طرقًا لاختراقها.
وفي إحدى الليالي، توصل إلى طريقة للتسلل إلى شبكة وكالة ناسا السرية، باستخدام حصان طروادة (Trojan Horse)، تمكن من زرع برمجية خبيثة داخل أحد خوادم الوكالة، مما منحه وصولًا غير مصرح به إلى ملفات فائقة السرية. خلال أسابيع، أصبح بإمكانه رؤية كل ما يحدث داخل أنظمة ناسا، بل واستطاع سرقة شفرة برمجية سرية بقيمة 1.7 مليون دولار، كانت تُستخدم في تشغيل محطة الفضاء الدولية!
في البداية، لم تلاحظ ناسا أي شيء غير طبيعي، لكن بعد عدة أسابيع، بدأت بعض الأنظمة في التعطل بشكل غير مبرر.
وعندما تحقق خبراء الأمن السيبراني، كانت المفاجأة الصادمة:
-كان هناك اختراق عميق لأنظمة الوكالة، لكن المهاجم لم يترك وراءه أي أثر تقريبًا!
-تم اختراق 13 جهاز كمبيوتر في مركز ناسا، وتم تنزيل أكثر من 3,300 ملف حساس.
-تم سرقة شيفرة تشغيل محطة الفضاء الدولية، مما أثار مخاوف من إمكانية تعطيلها عن بُعد.
بسبب خطورة الهجوم، اضطرت ناسا إلى إغلاق أنظمتها بالكامل لمدة 21 يومًا لإعادة تأمين الشبكة، وبلغت الخسائر الناجمة عن هذا الإغلاق 41,000 دولار.
عندما علمت السلطات الأمريكية بأن هناك من تمكن من التسلل إلى أهم أنظمة الفضاء الأمريكية، تم استدعاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، الذي بدأ عملية تعقب رقمية لمعرفة هوية المهاجم.
في النهاية، بعد أشهر من التحقيقات، تمكن الخبراء من تتبع الاتصال الرقمي إلى منزل صغير في فلوريدا.
وعندما داهم رجال FBI المكان، لم يجدوا أمامهم سوى فتى مراهق يجلس أمام جهاز الكمبيوتر في غرفته!
تم القبض على جوناثان جيمس، الذي اعترف فورًا بأنه كان وراء الاختراق.
نظرًا لصغر سنه، لم يُحكم عليه بالسجن، لكنه وُضع تحت الإقامة الجبرية وتم منعه من استخدام الإنترنت تمامًا.
لكن القصة لم تنتهِ هنا بعد سنوات، وفي عام 2007، وقع اختراق إلكتروني استهدف عددًا من الشركات الكبرى، بما في ذلك "T.J. Maxx"، حيث سُرقت بيانات 45 مليون بطاقة ائتمانية. اشتبهت السلطات بأن جيمس ربما كان على صلة بهذه الجريمة، رغم عدم وجود أدلة قاطعة.
وفي عام 2008، وُجد جوناثان جيمس ميتًا داخل منزله، بعد أن أطلق النار على نفسه ترك وراءه رسالة قال فيها:
"لا علاقة لي بهذه الجرائم، لكنني أعلم أن النظام لن يكون عادلًا معي. لذا، أختار أن أنهي حياتي بنفسي."
مشاركة