«قطة شرودنجر» جديد الروائية والقاصة الأردنية سامية العطعوط
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
دمشق ـ «الوطن»:
صدر حديثًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، المجموعة القصصية الثامنة للقاصة والروائية الأردنية سامية العطعوط. وفي تقديمها لمجموعتها القصصية، أهدت الكاتبة المجموعة إلى نفسها، إذ كتبتْ: بعد سبع مجموعاتٍ قصصية… إلى نفسي، أهدي هذا الكتاب المتمرِّد، الذي وُلد على يدِ القصةِ القصيرة والقصيرة جدًّا، القصَّة التي تتمرَّدُ أحيانًا على كاتبها.
لستُ أنا من دعا الفقراء إلى المدينة، أو دفع جنديًّا إسرائيليًّا للانتباه.. ولست أنا من أضاع الفئران الثلاثة، أو غمرَتْ مياهُ الأمطارِ قدمَيْها فخلعت ملابسَها لتجفَّ.
لستُ أنا… إنها القصصُ القصيرةُ المخاتلة، التي تتمرَّدُ على وعْي كاتبِها، وتأخذُهُ معها إلى أقاصٍ بعيدة، لم يحلمْ يومًا بارتيادها! إنها القصصُ وقد تلبَّستْني في الحلمِ يومًا، وأرادت التعبيرَ الفنِّي بأيِّ ثمن.. وحين أفقتُ، كنتُ بينَ الموتِ والحياة، وكانت قطَّةُ شرودنجر تنظرُ إليَّ بطرفِ خديعتها!
تضمُّ المجموعة، التي تقع في 112 صفحة من القطع المتوسط، عشرين قصَّة موزَّعة على خمسة أبواب وهي: خشبة المسرح، سارة وغراهام، نساء على الحافة (نشوة محرَّمة) في الكتابة الموازية وقصص تسللت من دفاتر عتيقة.
تنوَّعت موضوعات القصص ما بين قصص ترصد سريالية الواقع الفلسطيني الذي يعيشه الفلسطينيون في مواجهة الحواجر العسكرية، وقصصٌ تكشف تبعات الحروب والتهجير، وفي باب (نساء على الحافَّة) تناولت الكاتبة حالات الحُب والعلاقات الإنسانية والعاطفية التي يتأرجح بعضها على حافَّة المحرَّمات، كما كان للميتا سرد بشكله الأوَّلي نصيبًا في قصص المجموعة.
ومن أجواء الكتاب، نطالع على الغلاف الأخير مقطعًا من قصَّة (قطَّة شرودنجر):
(أيَّةُ حركة هنا، تعني موتك.. لذلك، تحاولُ جهدك أن تكونَ مثلهم لا مرئيًّا.. تسيرُ دون ظلالٍ أو رائحة أو حركة. تسير وكأنَّك غير موجود في هذه الحياة.. تحاولُ أن تعبرَ بأقلِّ الخسائرِ الممكنة، تتقدمُ ببطءٍ شديد، برباطةِ جأْشٍ تحاول أن تخفيَها، أن تخفيَ ملامحك وتعابير وجهك خلف قناع ٍمحايد لا مرئي. تخفي ذُلَّك، كرهك، آلامك التي تُثقلُ كاهلك كصليبٍ مسيحي معلَّق على كتفيك منذ الأزل، وتتقدَّم بتؤدة، خلفَ من ينتظرون أمامك، أمامَ مَن ينتظرون خلفك، واحدًا بلا ملامح في هذا القطيع).
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
تحاول فرض “الموازية” بقوة السلاح.. الدعم السريع تواصل قصف المدنيين في الفاشر
البلاد – الخرطوم
وسط انهيارات متتالية لقوات الدعم السريع في ولاية الخرطوم، تسعى الميليشيا بشكل محموم لتحقيق انتصار عسكري في مدينة الفاشر، تُقيم به واقعاً سياسياً جديداً يُحيي مشروع “الحكومة الموازية” الذي أعلنت عنه خارج البلاد دون اعتراف دولي يُذكر. هذا التصعيد ترافق مع تقرير أمريكي حذّر من اتساع رقعة الحرب وعدم وجود مؤشرات على وقف قريب لإطلاق النار، فيما تكشف الوقائع عن استخدام الدعم السريع سياسة الأرض المحروقة، من القصف المدفعي المكثف الذي قتل عشرات المدنيين في الفاشر، إلى فرض الحصار على السكان في منطقة الصالحة جنوب أم درمان، في مشهد يعكس انفلاتًا ميدانيًا كاملًا وافتقارًا لأي ضوابط قانونية أو أخلاقية في سلوك الميليشيا التي تُراهن على معادلة العنف لفرض واقع سياسي مرفوض.
فقد أعلنت الفرقة السادسة مشاة بمدينة الفاشر استشهاد 47 مدنيًا وإصابة العشرات، نتيجة قصف مدفعي مكثف نفذته ميليشيا الدعم السريع على أحياء المدينة. البيان أوضح أن نحو 250 قذيفة من عيار 120 ملم أُطلقت على المدنيين، ما أوقع مجزرة مروعة، بينهم 10 نساء، منهن 4 احترقن داخل منازلهن، وأخريات قُتلن أثناء التنقل. ويأتي هذا التصعيد ردًا على الهزائم المتلاحقة التي تكبدتها الميليشيا خلال الأسبوعين الماضيين، ما جعلها تتبنى سياسة انتقامية مفتوحة ضد السكان.
في المقابل، نفذ الجيش السوداني ضربة نوعية شمال الفاشر، دمّر خلالها منصة مدافع تابعة للميليشيا، تضم مدفعين من عيار 120 ملم وآخرين من عيار 82 ملم، كانت تستهدف الأحياء السكنية. وأسفرت الضربة عن مقتل جميع أفراد الطاقم وعدد من المرافقين.
هذا التصعيد ليس معزولًا، إذ تواصل قوات الدعم السريع منذ أيام قصفها المدفعي العشوائي على مدينة الفاشر، ما أوقع عشرات القتلى والجرحى، كما أعلنت الأمم المتحدة في وقت سابق مقتل نحو 400 شخص في مخيم زمزم للنازحين، شمال دارفور، بعد هجوم شنته الميليشيا عليه وسيطرتها على المخيم.
وفي مدينة الصالحة جنوب أم درمان، تفرض ميليشيا الدعم السريع حصارًا خانقًا على السكان، مانعة إياهم من التوجه إلى الأسواق أو شراء الغذاء والدواء. وأكدت لجان أحياء الصالحة أن القوات، التي يقودها الجنرال “قجة” وتضم مرتزقة من دولة مجاورة، ترتكب جرائم اختطاف وقتل، وتطلق النار على المدنيين لأتفه الأسباب.
وفي تحليل حديث لمشروع بيانات النزاعات المسلحة (ACLED)، حذر الخبراء من أن لا مؤشرات لوقف قريب للحرب في السودان، مع تصاعد الانقسامات المسلحة داخليًا، وتزايد التعقيدات الجيوسياسية. وخلص التحليل إلى أن الدعم السريع، بعد تراجعها الكبير في الخرطوم، تحاول كسب المعركة في دارفور، ولا سيما في الفاشر، كمحاولة لإحياء مشروعها السياسي المتمثل في فرض حكومة موازية على الأرض.
غير أن اعتماد الميليشيا على تحالفات قبلية هشة وارتكابها لانتهاكات مروعة أضعف قدرتها على الحفاظ على أي نفوذ مستدام، بينما يواصل الجيش السوداني تعزيز مواقعه وتوسيع سيطرته الميدانية.
وفي ظل معطيات كهذه، يبدو أن الدعم السريع تمضي نحو نهايات دامية، مدفوعة بهاجس إثبات وجود سياسي بأي ثمن. لكن التضحية بالمدنيين لن تصنع شرعية، والميدان لا يعترف إلا بالقوة النظامية، والدولة الواحدة، والجيش الواحد.