بمشاركة سلطنة عمان..القمة الخليجية الأوروبية تبحث سبل بناء علاقات استراتيجية جديدة
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
العُمانية: تشارك سلطنة عُمان غدا الأربعاء في أعمال القمّة المشتركة الأولى بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي التي ستُعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل.
ويترأس وفد سلطنة عُمان في أعمال القمّة نيابةً عن حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظهُ اللهُ ورعاهُ - صاحبُ السُّمو السّيد أسعد بن طارق آل سعيد نائبُ رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدّولي والممثلُ الخاصّ لجلالةِ السُّلطان.
وسوف تبحث القمّة سبل تعزيز التعاون أمام التحديات العالميّة الرئيسة المشتركة والتعاون الاقتصادي، بما في ذلك التجارة والاستثمار والطاقة والاستدامة والمناخ وتعزيز الروابط بين الشعوب، بالإضافة إلى تسهيل التأشيرات، والتحدّيات الجيوسياسيّة المتعدّدة، خاصة تلك المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا.
ويكتسب هذا الحدث أهمية كبرى باعتباره أول قمة بين المنظّمتين يحضرها رؤساء دول وحكومات من الجانبين؛ ما يجعلها تمثل قمة المستوى الاستراتيجي للتعاون بين الطرفين.
ويأتي عقد القمة في وقت يعيش فيه العالم على صفيح ساخن مع استمرار الحرب التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وتوسع دائرتها لتشمل لبنان بالإضافة إلى مُضي أكثر من عامين ونصف على الحرب الروسية الأوكرانية.
كل هذه الأحداث تجعل من العمل الخليجي الأوروبي المشترك ذا أهمية قصوى لتعزيز الدبلوماسية والاستقرار والتفاوض على حلول للأزمات الحالية في المنطقة.
وقال معالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إن القمة الخليجية الأوروبية تأتي تتويجًا لعلاقة استراتيجيّة وتاريخيّة وشراكة بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن هناك أرضية مشتركة تجمع الجانبين حيال العديد من القضايا والموضوعات الإقليمية والعالمية.
ووضح معاليه لوكالة الأنباء العُمانية أن هناك مسارين لهذه القمة، يركز المسار الأول على العلاقات الثنائية الخليجية الأوروبية وتشمل عدة أوجه مثل مجالات التجارة والاستثمار والتعاون الأكاديمي وتفعيل التعاون في قطاعي الصحة والطاقة المتجددة وسبل تحرير تأشيرة الشنجن عن المواطن الخليجي والتي يدرك الجانب الأوروبي أهمية ذلك في دفع التعاون الثنائي نحو آفاقٍ أرحب.
وأضاف أن المسار الثاني يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية وينتهج خلالها مجلس التعاون الخليجي سياسة واضحة وجليّة وترتكز على القانون الدولي وتشجع لغة الحوار والدبلوماسية وتخفيف التصعيد في المناطق التي تشهد اضطرابات ونزاعات.
وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أكّد معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على أن القمة الخليجية الأوروبية تمثل حافزًا أساسيًّا نحو تفعيل أكبر للعلاقات التجارية والاستثمارية بين الجانبين، معربًا عن أمله في التوصّل إلى توافق مع الجانب الأوروبي حول السبل المثلى للمضي قُدمًا في العلاقات التجارية والاستثمارية المشتركة.
من جانبها، أكدت سعادةُ رؤى بنت عيسى الزدجالية سفيرة سلطنة عُمان المعتمدة لدى مملكة بلجيكا ورئيسة البعثة لدى الاتحاد الأوروبي على أن القمة الخليجية الأوروبية تمثل محطة مهمة في مسار الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون ودول الاتحاد الأوروبي وتعكس التزام الجانبين بتعزيز العلاقات الثنائية في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة، مشيرة إلى أن القمة ستعمل على توطيد الدور البارز لدول مجلس التعاون الخليجي بصفتها شريكًا دوليًّا مهمًّا في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
ووضحت سعادتُها في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أن القمة سوف تتناول الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والتطورات الإقليمية والدولية بالإضافة إلى مناقشة أوجه الشراكة في مجالات التجارة والاستثمار وسبل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمناخ، مشيرة إلى أن هذه القمة تعكس حرص مجلس التعاون الخليجي على ترسيخ علاقاته الاستراتيجية مع مختلف الدول والتكتلات الإقليمية والعالمية.
وبيّنت أن تعزيز المصالح المشتركة بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي يتطلب تطوير آليات فعّالة لتعزيز التعاون في مختلف القطاعات من خلال اتفاقية التجارة الحرة التي هي قيد التفاوض بين الجانبين، وتشجيع الاستثمارات المشتركة والتركيز على مجالات الطاقة المتجدّدة والذكاء الاصطناعي وتبادل الخبرات في المجالات التقنية والأكاديمية.
من جانب آخر، عبر سعادةُ لويجي دي مايو الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الخليج عن شكره وامتنانه لسلطنة عُمان على استضافتها اجتماعات المجلس الوزاري الخليجي الأوروبي العام الماضي التي مهدت الطريق لهذه القمة التاريخية للمنطقتين حيث تعدّ هذه المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة دول مجلس التعاون الخليجي مع قادة دول الاتحاد الأوروبي في منصة واحدة.
وقال سعادتُه لوكالة الأنباء العُمانية أن القمة سوف تناقش آخر تطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط ومستجدات الأزمة الأوكرانية، مؤكدًا على أن الهدف الرئيس للقمة هو الارتقاء بمستوى التعاون والشراكة الاستراتيجية بين الجانبين الخليجي والأوروبي.
وأضاف أن القمة سوف تُركّز أيضًا على العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك في سياق الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين الجانبين أبرزها قضية المناخ، حيث تبذل الدول الخليجية والأوروبية جهودًا حثيثة في هذا الجانب.
وتحدث سعادةُ الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الخليج عن مساعي الدول الخليجية والأوروبية لتفعيل التعاون في مجال الطاقة المتجددة، مشيرًا في هذا السياق إلى اتفاقيات التعاون التي وقّعت عليها بعض الدول الأوروبية مع سلطنة عُمان في مجال الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر.
وتستند العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي إلى اتفاقية تعاون تم التوقيع عليها في عام 1989، وتؤسس لحوار منتظم حول التعاون بين الجانبين في العلاقات الاقتصادية وتغير المناخ والطاقة والبيئة والبحوث.
كما أسست اتفاقية التعاون مجلسًا مشتركًا بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي على مستوى وزراء الخارجية يجتمع بانتظام.
وخلال المجلس المشترك الذي عُقد في بروكسل في فبراير 2022، أقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي برنامجًا للتعاون المشترك للفترة من 2022-2027، والذي تم تحديثه في أكتوبر 2023.
ويحدد البرنامج أنشطة مشتركة محددة وتعاونًا أعمق عبر العديد من القطاعات التي تشمل التجارة والاستثمار، وتغير المناخ، والتحول الأخضر، ومكافحة الإرهاب.
وقد استضافت سلطنة عُمان في شهر أكتوبر من العام الماضي اجتماعات الدورة الـ 27 للمجلس الوزاري المشترك بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، بمشاركة أكثر من ثلاثين وفدًا رسميًّا مثلوا دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون، إضافة إلى مفوضية الاتحاد الأوروبي والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقد أكّد الاجتماع على أهمية تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى مناقشة قضايا الأمن والسلام.
وتناول الاجتماع أيضًا الجهود المبذولة لتعزيز الشراكة بين دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة المتجدّدة والتغير المناخي والأمن السيبراني والهيدروجين الأخضر، وتبادل الخبرات والتعليم، وتعظيم الاستفادة من التقنيات المتنوعة والذكاء الاصطناعي، وتعزيز التنسيق المشترك بين الجانبين في مجال المساعدات الإنسانية.
وتشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي نموًّا مطردًا، إضافةً إلى العلاقات الثنائية بين الدول التي تشكل هاتين المجموعتين الاقتصاديتين المهمّتين.
وتعد أوروبا شريكًا تجاريًّا رئيسًا لدول الخليج، حيث تسهم صادرات النفط والغاز الخليجية بشكل كبير في تلبية احتياجات الطاقة الأوروبية.
وفي المقابل، تستفيد دول الخليج من التكنولوجيا والخبرات الأوروبية في قطاعات البنية الأساسية، والتعليم، والتكنولوجيا المتقدمة.
وبلغ حجم التبادل التجاري لدول مجلس التعاون مع الاتحاد الأوروبي نحو 204.3 مليار دولار أمريكي في عام 2022م، أي نحو 13.2% من إجمالي حجم التبادل التجاري السلعي لمجلس التعاون، بحسب البيانات الصادرة عن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي.
أما بالنسبة لقيمة الصادرات والواردات السلعية كلٍّ على حدة، فقد بلغت قيمة صادرات مجلس التعاون إلى الاتحاد الأوروبي نحو 106.3 مليار دولار أمريكي في عام 2022م مقابل واردات بنحو 98.0 مليار دولار، وبذلك بلغ الفائض التجاري نحو 8.3 مليار دولار.
ومن أهم السلع المصدرة من مجلس التعاون إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2022م يأتي في الصدارة الوقود والزيوت المعدنية بقيمة 77.3 مليار دولار أمريكي، أي نحو 72.7% من إجمالي الصادرات السلعية من مجلس التعاون إلى الاتحاد الأوروبي.
ويأتي في صدارة السلع التي استوردها مجلس التعاون من الاتحاد الأوروبي الآلات والمعدات الآلية بقيمة 14.6 مليار دولار أمريكي، أي نحو 14.9% من إجمالي الواردات السلعية إلى مجلس التعاون من الاتحاد الأوروبي، تليها منتجات الصيدلة بنحو 9.8 %، والسيارات والعربات وأجزاؤها بنحو 9.0 %.
وارتفع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر للاتحاد الأوروبي في مجلس التعاون بشكل كبير منذ عام 2017م ليبلغ 233.6 مليار دولار أمريكي في عام 2022م، وفي حين كان يشكل نسبة 22.9 من إجمالي استثمارات العالم الخارجي في مجلس التعاون في عام 2010م، ارتفعت هذه النسبة لتبلغ نحو 40.8% في عام 2022م.
كما ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر لمجلس التعاون في الاتحاد الأوروبي بشكل ملحوظ خلال العقد الماضي ليبلغ 177.8 مليار دولار أمريكي في عام 2022م.
وفي تصريح لوكالة الأنباء العُمانية، أكدت السّيدة الدّكتورة جمانة بنت سعيد البوسعيدية مديرة دائرة شؤون مجلس التعاون بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار على متانة العلاقات التجارية والاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي.
وترى أن النمو المطرد للعلاقات التجارية يعكس إيمان الجانبين بأهمية تعزيز المجالات التجارية والاستثمارية خدمةً للمصالح المشتركة، في وقت تسعى فيه دول مجلس التعاون الخليجي إلى تنويع اقتصادها مع دول الاتحاد الأوروبي، وفي المقابل ترغب الدول الأوروبية في البحث عن نوافذ أوسع لقطاعات المرحلة القادمة منها على سبيل المثال مجالات الطاقة والتكنولوجيا.
وقالت إن الدول لم تعد تعيش في عزلة عن العالم الخارجي، وهي منفتحة عليه بشكل متسارع في ظل تطور وسائل الاتصال المختلفة وفي ظلّ العولمة التي بات معها العالم عبارة عن قرية واحدة فالتأثر بما يحدث في الدول أمر محتوم، ومن هنا تأتي أهمية هذه القمة التي نأمل أن تصدر عنها قرارات تخدم جميع الدول وتضمن انسيابيه سلاسل التوريد وعدم انقطاعها الأمر.
وأعربت عن تطلعها في أن تسهم القمة الخليجية الأوروبية المرتقبة بشكل واضح ومباشر في فتح قنوات جديدة لسبل التعاون التي من شأنها معالجة التحديات والصعوبات المشتركة من خلال أدوات التعاون الدولي، مثل توقيع اتفاقيات ومذكرات التفاهم أو من خلال حوكمة الإجراءات وتعزيز الحوافز لإيجاد مناخ استثماري مستقطب للفرص المشتركة.
جديرٌ بالذكر أن الاتحاد الأوروبي قد تم إنشاؤه بشكل رسمي في شهر نوفمبر من عام 1993 وهو يشكل حاليًّا مجموعة من 27 دولة في القارة الأوروبية ويبلغ عدد سكانه 449.2 مليون نسمة ويتكلمون نحو 24 لغة مختلفة.
ويضم الاتحاد الأوروبي مجموعة من أكبر الدول في العالم وأهمها اقتصاديًّا مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا التي تعدّ من أكبر عشرة اقتصادات في العالم.
وكمجموعة أوروبية، فهو يشكل ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ نحو 18.3 تريليون دولار أمريكي في عام 2023م، أي 17.5% من حجم الاقتصاد العالمي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: بین مجلس التعاون الخلیجی والاتحاد الأوروبی مجلس التعاون لدول الخلیج العربیة القمة الخلیجیة الأوروبیة دول مجلس التعاون الخلیجی التجاریة والاستثماریة دول الاتحاد الأوروبی التجارة والاستثمار لمجلس التعاون بین الجانبین الأوروبی ا التعاون فی من إجمالی هذه القمة أن القمة
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان والبحرين.. روابط تاريخية متينة ومرحلة واعدة من التعاون المثمر
تتطلع سلطنة عمان ومملكة البحرين الشقيقة إلى مزيد من الشراكات بما يعكس الروابط المتينة بين البلدين، وما القمة العمانية البحرينية بعد غدٍ الثلاثاء بقصر العلم العامر بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وأخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين -حفظهُما اللهُ ورعاهما- إلا تجسيد لهذا العمق التاريخي والتعاون الاستراتيجي والتنسيق المستمر.
وتمثل العلاقات العمانية - البحرينية نموذجا يُحتذى في مسيرة مجلس التعاون الخليجي، خصوصا وأن جذور هذه الروابط تمتد إلى عقود طويلة، وقامت على أسس متينة من الأخوة والتفاهم المشترك، وبُنيَت على أسس صلبة منذ مرحلة ما قبل التاريخ لصيد اللؤلؤ وتجارته، وتجارة اللُبان، حيث كانت رائجة بين البلدين والشعبين، وخاض الأجداد والآباء العُمانيون والبحرينيون في غمارها عباب البحار.
وقد مثلت حضارتا "مجان" و"دلمون" حجر الأساس لعلاقة قوية واستراتيجية، تزداد متانة وصلابة عاما بعد عام، وصولا إلى عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وأخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة -حفظه الله- لترسم معالم المستقبل المشرق بين البلدين.
وأكدت زيارة جلالته -أيدهُ اللهُ- إلى مملكة البحرين عام 2022م التي شهدت التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية، العزم والإرادة الصادقة لترجمة علاقات البلدين العريقة بمنافع ماثلة وملموسة.
ومنذ عام 2015، سجلت العلاقات التجارية بين سلطنة عمان ومملكة البحرين نموا متواصلا، حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 2.16 مليار ريال عماني حتى نهاية سبتمبر 2024م. وأظهرت البيانات أن الواردات من البحرين إلى عُمان تجاوزت 1.7 مليار ريال عماني، بينما سجل إجمالي الصادرات العمانية نحو 450 مليون ريال عماني، كما بلغت قيمة إعادة التصدير من عُمان إلى البحرين 54.3 مليون ريال عماني.
ووفقا للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، تشمل أبرز السلع المستوردة من البحرين إلى عُمان خامات الحديد والأجبان، بالإضافة إلى ديزل للأغراض الصناعية. في المقابل، تضم الصادرات العمانية إلى البحرين كابلات كهربائية، ومحضرات هشة مثل الفشار، وقضبان الحديد والصلب، ومنتجات نصف جاهزة من الحديد والصلب.
وعلى الرغم من التراجع في إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 247.1 مليون ريال عماني في 2023م مقارنة بـ423.1 مليون ريال عماني في 2022م، إلا أن الصادرات العمانية إلى البحرين سجلت زيادة، حيث وصلت إلى 48.4 مليون ريال عماني، مقارنة بـ69.1 مليون ريال عماني في العام السابق، كما تراجعت الواردات من البحرين إلى عُمان لتصل إلى 198.7 مليون ريال عماني في 2023م مقابل 353.9 مليون ريال عماني في 2022م.
وفيما يتعلق بالاستثمارات، أظهرت البيانات أن عدد الشركات البحرينية في سلطنة عمان وصل إلى 315 شركة حتى أكتوبر 2024م، حيث تبلغ القيمة الإجمالية لمساهماتها حوالي 27.7 مليون ريال عماني، وهو ما يمثل 80.1% من إجمالي رأس المال المستثمر في هذه الشركات، وتوزعت هذه الاستثمارات على عدد من القطاعات، بما في ذلك تجارة الجملة والتجزئة، وإصلاح المركبات، والأنشطة الغذائية والإقامة، والتشييد، بالإضافة إلى القطاعات المهنية والعلمية والتقنية.
الاتفاقيات الثنائية
تم توقيع عدد من الاتفاقيات بين سلطنة عمان ومملكة البحرين بهدف تعزيز التعاون الثنائي، حيث شملت اتفاقيات في مجالات مثل التعاون الدبلوماسي والقنصلي، والخدمات الجوية، فضلا عن إنشاء لجنة مشتركة للتعاون بين الحكومتين، كما تم توقيع مذكرات تفاهم في مجالات الرياضة والشباب، وحماية المنافسة، والرقابة على الاتجار في المعادن الثمينة والأحجار الكريمة.
وقال سعادة السفير السيد فيصل بن حارب البوسعيدي سفير سلطنة عمان المعتمد لدى مملكة البحرين في تصريح خاص لوكالة الأنباء العمانية: إن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة سيحل ضيفا كبيرا على سلطنة عمان قيادة وحكومة وشعبا، بين أهله وإخوانه، في زيارة تاريخية بكل المقاييس تجسد عمق العلاقات الثنائية الراسخة والوثيقة، وتترجم طبيعة ومتانة العلاقة بين القيادتين الحكيمتين والشعبين الشقيقين في مختلف المجالات إلى جانب ما وصلت إليه العلاقات الآن من تقدم وازدهار.
وأضاف سعادتُه إن زيارةَ "دولة" يقوم بها جلالة الملك تؤسس مرحلة واعدة من البناء الجاد والتعاون المثمر المشترك في مختلف المجالات، حيث ستشكل منعطفا مهما في طبيعة العلاقة الأخوية والتعاون الثنائي وفق الرؤية الحكيمة للقيادتين -حفظهما الله ورعاهما.
ووضح سعادتُه أن هذه الزيارة تعد شاهدا على العلاقات العمانية البحرينية التاريخية وتمثل دلالات كبيرة وقيمة سياسية مهمة تزيد من قوة العلاقات بين البلدين نحو آفاق أرحب وأوسع تنعكس على البلدين وتطلعات الشعبين الشقيقين، وستعمل على مزيد من التعاون والتكامل والانسجام في المجالات كافة في ضوء ما للبلدين من مشترك في رؤيتيهما: عُمان 2040، والبحرين 2030.
ولفت سعادتُه إلى أن هذه الزيارة تشكل فرصة لتبادل وجهات النظر في ظل ما تمر به المنطقة وما تواجهه من خطر وتهديدات، وتجسد التزام البلدين بالعمل معا لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وتعزز الأمن والاستقرار في المنطقة، مبينا أن هذه الزيارة ستعود بالخير والنماء على بلديْنا وشعبيْنا الشقيقين وستعمل على الارتقاء ودعم التعاون الثنائي في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، مما يلبي طموحات الشعبين الشقيقين.
وعلى الصعيد الاقتصادي قال سعادتُه إن العلاقة التجارية والاقتصادية بين سلطنة عمان ومملكة البحرين علاقة كبيرة وقديمة ممتدة منذ ميناء سمهرم ودلمون، والمملكة من أهم الشركاء التجاريين لسلطنة عمان، كما أن اللقاء الأخوي الذي سيجمع جلالة السلطان وأخاه جلالة الملك -حفظهما الله ورعاهما- سيبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية واستدامة الشراكة بين البلدين في مختلف مجالات التعاون الثنائي؛ بما يحقق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة.
وأضاف سعادتُه إنه في ظل النوايا الصادقة المتبادلة بين الجانبين، ستُسهم هذه الزيارة في زيادة التعاون والتنسيق المشترك في الشأن الاستثماري والاقتصادي، مبينا أن سلطنة عمان تعد أحد أكبر الشركاء التجاريين للبحرين في مجالي الاستيراد والتصدير.
ونوه سعادته إلى أن الزيارة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه - إلى مملكة البحرين في أكتوبر 2022م شهدت آفاقا رحبة للتعاون المشترك في مختلف القطاعات عبر جملة من الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، وبلغ عددها 24 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرامج تنفيذية بين سلطنة عمان ومملكة البحرين وشملت المجال الأمني، ومجالات النقل البحري وحرية الملاحة البحرية وتطوير نقل الموانئ، والتعاون بين مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة وجامعة السلطان قابوس في مجال الدراسات والبحوث، والاتفاق على تأسيس شركة عمانية بحرينية قابضة في المجالات الاستثمارية، ومنح سلطنة عمان حق السيادة على معلومات المشتركين التابعين لها في الخدمات الإلكترونية المقدمة ومراكز الحوسبة السحابية القائمة بمملكة البحرين، ومنح سلطنة عمان صفةَ الشريك المعتمد للمركز العالمي لخدمات الشحن البحرية والجوية.
وبين سعادته أن الزيارة شهدت أيضا توقيع سلطنة عمان ومملكة البحرين على (18) مذكرة تفاهم وبرنامجا تنفيذيا مشتركا، شملت التعاون بين حكومتي البلدين في مجالات تقنية المعلومات والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والتدريب المهني، والتعاون في المجالين العلمي والتربوي للعامين الدراسيين (2022-2023 و2023-2024)، والتعاون في مجالات حماية المنافسة ومنع الاحتكار، وعلوم وتقنيات الفضاء، والملاحة الجوية، والعمل البلدي، والتنمية الاجتماعية، وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، والعمل الثقافي والتراثي والمتحفي للأعوام (2023-2026)، والتعاون السياحي بين البلدين للأعوام (2022-2026)، والتوثيق التاريخي وإدارة الوثائق والمحفوظات، والمجال الزراعي والحيواني والسمكي لعامي (2022-2023)، وحماية البيئة للفترة بين (2023-2024)، والمجالات الشبابية للأعوام (2023-2025)، إضافة إلى التوقيع على برنامج تنفيذي بين وزارتي الخارجية في البلدين خلال عامي 2023 و2024، والتوقيع على اتفاقية بشأن تداول شركات الوساطة عن بُعد من خلال نظام التداول الإلكتروني "تبادُل هاب" الذي يربط بورصتيْ البلدين وتمكين التداول المباشر بينهما.
وأشار سعادة السيد سفير سلطنة عمان المعتمد لدى مملكة البحرين إلى أن اللجنة العمانية البحرينية المشتركة وعبر اجتماعاتها الدورية بين مسقط والمنامة نجحت في تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات كافة، حيث شهدت اجتماعات الدورات الثماني للجنة التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.
وختم سعادته تصريحه بأن جمعية الصداقة العمانية البحرينية جاءت لتشكل جسرا جديـدا مـن جـسـور المحبة والأخـوة بما يعكس مستوى الترابط والعلاقات الأخوية التي تجمع الشعبين الشقيقين، وتقوم بدور فاعل في مختلف البرامـج الشبابية والرياضية والثقافية والاجتماعية عبر تنظيم المعارض والملتقيات وحلقات العمل.
من جانبه وضح سعادة السفير الدكتور جمعة بن أحمد الكعبي سفير مملكة البحرين لدى سلطنة عمان أن زيارة "دولة" يقوم بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ملك مملكة البحرين إلى سلطنة عمان تأتي تجسيدا للعلاقات الأخوية التاريخية الراسخة منذ عقود من الزمن، وتستند إلى قواسم مشتركة من أواصر المحبة والأخوة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
وأضاف سعادتُه في تصريح خاص لوكالة الأنباء العُمانية: إن الزيارة تحمل دلائل بعمق العلاقات التاريخية وستفتح آفاقا كثيرة للتعاون في مختلف المجالات وصولا إلى التكامل، مبينا أنه سيتم خلال الزيارة التوقيع على اتفاقيات مذكرات تفاهم في مجالات عدة تتعلق بالتكنولوجيا المالية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والأمن الغذائي والاستثمار وتنمية الصادرات بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، كما سيتم إشهار الشركة البحرينية العمانية للاستثمار التي تم التوقيع على عقد تأسيسها في البحرين أثناء الزيارة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- لمملكة البحرين، وستشكل انطلاقة جديدة لتحقيق مشروعات استثمارية تعود بالنفع على البلدين وعلى الشعبين الشقيقين.
ووصف سعادة السفير العلاقات البحرينية - العمانية بأنها علاقات تاريخية راسخة أرساها الآباء والأجداد، وهي علاقات أخوية ضاربة في أعماق التاريخ من حضارتي دلمون ومجان، وما يربطهما من علاقات استراتيجية وثقافية وتجارية تستند إلى أواصر المحبة ووشائج القربى وهي اليوم في أوج عهدها بفضل التوجيهات السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وأخيه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة -حفظهما الله ورعاهما- ورؤاهما النيرة وفكرهما الثاقب في كل ما من شأنه تعزيز العلاقات والمضي بها قُدما نحو آفاق أرحب.
وأشار سعادته إلى أنه منذ تأسيس اللجنة البحرينية العمانية المشتركة، تم التوقيع على 8 اتفاقيات و30 مذكرة تفاهم و10 برامج تنفيذية في مختلف المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والرياضية والبيئية وغيرها، لافتا إلى أن توصيات اللجنة البحرينية - العمانية المشتركة تستهدف تعظيم حجم التعاون في كل المجالات التنموية التي حققت نتائج مثمرة تواكب رؤيتي البلدين الشقيقين.
وقال سعادة السفير الدكتور جمعة بن أحمد الكعبي سفير مملكة البحرين لدى سلطنة عمان: إن مجلس الأعمال البحريني - العماني الذي يجمع بين غرفتي التجارة والصناعة في كلا البلدين الشقيقين يعمل على تعزيز آفاق التعاون في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية لتحقيق التكامل بين رؤيتي عُمان 2040 والبحرين الاقتصادية 2030م، مشيرا إلى أن هذا التعاون أثمر عن تأسيس الشركة العمانية - البحرينية للاستثمار برأسمال قدره 10 ملايين ريال عماني، حيث بدأت وضع أهدافها الاستراتيجية وتحديد المشروعات الاستثمارية لتعظيم حجم التبادل التجاري بين البلدين وتلبية احتياجاتهما من أمن غذائي وسلع استهلاكية وتوفير الطاقة النظيفة وغيرها من المشروعات التي تسهم في تحقيق تنمية مستدامة شاملة.
وأشار سعادته في هذا الصدد إلى أن حجم الاستثمارات البحرينية في سلطنة عمان بلغت نحو 430 مليون دينار بحريني، أي ما يقارب مليارا و 145 مليون دولار أمريكي، كما يتراوح حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين في عام 2023 بين 850 مليون دولار و1.4 مليار دولار، حيث بلغ حجم صادرات البحرين إلى سلطنة عمان نحو 843 مليون دولار في العام 2023م، وفي المقابل بلغ حجم صادرات سلطنة عمان إلى البحرين نحو 558 مليون دولار في العام نفسه.
ووضح سعادته أن عدد الشركات البحرينية العاملة في سلطنة عمان تبلغ نحو 876 شركة، فيما يبلغ عدد الشركات العمانية العاملة في مملكة البحرين نحو 270 شركة، وهناك 1336 مستثمرا عمانيا يمتلكون أسهما في الشركات المدرجة ببورصة البحرين، بينما بلغ عدد المستثمرين البحرينيين الذين يمتلكون أسهما في الشركات المدرجة في بورصة مسقط 696 مستثمرا.
وفي مجال السياحة أضاف سعادتُه أن عدد السياح القادمين من سلطنة عمان إلى مملكة البحرين وصل إلى 57 ألف سائح خلال 2023، فيما وصل عدد السياح القادمين من مملكة البحرين إلى سلطنة عمان الشقيقة إلى 47 ألفا، وهذا مؤشر نعمل على زيادته خلال الفترة القادمة.
ولفت سعادته إلى أن حجم الاستثمار البحريني في سلطنة عمان وصل إلى 470 مليون دينار أي نحو مليار و250 مليون دولار أمريكي، بينما بلغ حجم الاستثمار المباشر العماني في البحرين نحو 290 مليون دينار أي ما يقارب 772 مليون دولار أمريكي، مشيرا إلى أن هذه الأرقام ترسم خريطة طريق ورؤية مستقبلية لاستكشاف المزيد من فرص الاستثمار المتاحة في البلدين.
وفيما يتعلق بالتعاون في مجال التعليم وضح سعادته أنه تم اعتماد جامعات عمانية في البحرين وعددها حوالي 12 جامعة، بينما بلغ عدد الجامعات البحرينية المعتمدة في سلطنة عمان 8 جامعات، وجار دراسة إضافة جامعات أخرى لاعتمادها في كلا البلدين، مشيرا إلى أن 300 من الطلبة العمانيين يدرسون بالجامعات البحرينية فيما يدرس نحو 120 من الطلبة البحرينيين بالجامعات العمانية.
وفي المجال الثقافي والأكاديمي وضح سعادته أنه تم التوقيع على مذكرة التفاهم في هذا المجال في أكتوبر 2022 وهي قيد التنفيذ على الواقع، حيث تمت إقامة الأسبوع الثقافي البحريني، وجار التحضير لإقامة مهرجان الهوية العمانية والبحرينية، وهناك تنسيق بين سفارتي البلدين لوضع خطة عمل مشتركة في كيفية تعزيز الثقافة العمانية والبحرينية مع التركيز على الجانب السياحي والاستثماري.
إن عزم القائدين -حفظهما الله ورعاهما- لتطوير العلاقات بين البلدين يرفع روح التعاون والأُخوة ويحفظ عمق الروابط التاريخية الوثيقة ويبشر بمستقبل زاهر يحمل الخير للبلدين والشعبين الشقيقين.