لا شك في أن تأخر الضربة المتوقعة من قِبَل الكيان الصهيوني، ردا على الضربة الموجعة التي كانت إيران قد وجهتها إليه، راح يزيد من صعوبة الانتظار، وذلك لما يعنيه ذلك من تأجيل لتقدير الموقف القادم، بسبب ارتباطه بنوعية الضربة المتوقعة وحجمها، ومن ثم الرد الإيراني عليها، وما سيتركه الأمران من مستقبل للصراع المحتدم على جبهتيّ غزة ولبنان.
يستعيد حزب الله قدرته على ترتيب وضعه القيادي والميداني، وعودته لامتلاك زمام المبادرة إلى مستوى ما كان عليه، قبل عمليات الاغتيال، ومرورها بالجريمة الغادرة المؤلمة التي عرفت باسم جريمة تفجير البيجرات وأجهزة اللاسلكي، وقصف عميق لا مثيل له، استهدف قائد المقاومة السيد حسن نصر الله. وهو ما أخذنا نشهده يوميا، منذ قرار جيش العدو اقتحام الجنوب، وردعه قصفا في العمق، بأشدّ مما كان يحصل من قبل.
فميزان القوى عاد إلى سابق عهده، وهو ما تشهد عليه أيضا نتائج الحرب البريّة في قطاع غزة. وقد عبّر أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسّام، في طلته مؤخرا بأن المقاومة ما زالت قادرة، ولأجل غير مسمّى، على مواصلة القتال، وبالمستويات نفسها، وأعلى، مما يؤكد أن نتيجة هذه الحرب ستكون انتصارا للمقاومة، وهزيمة مدويّة للكيان الصهيوني وداعميه الدوليين.
إن انتصار المقاومة يقاس بعدم تحقيق العدو لأهدافه، وبإنجازاتها العسكرية والسياسية، لأنه ما من انتصار حققته مقاومة في التاريخ القديم والمعاصر، أو حققه جيش مقابل جيش، ارتبط بعدد الخسائر التي قُدّمت، سواء أكان من الأهالي أم من المتقاتلين.
وذلك أن معيار الانتصار والهزيمة يقرر بميدان القتال، ومدى تحقيق الأهداف. وهذا كقانون عام، فكيف إذا كانت الخسائر في قطاع غزة، ارتبطت بأغلبيتها شبه المطلقة بحرب الإبادة التي لا تدخل في عداد الحرب، ولا في عداد أي صراع عسكري أو غير عسكري؛ لأن القانون الدولي والعرف العالمي للحرب والصراع، يعتبران الإبادة جريمة قائمة بذاتها ولذاتها، ولا يسمح بتسويقها، أو إقحام أي سبب يمكن أن يبرّرها أو يفسّرها.
إنها فقط جريمة، ولتسكت كل الأصوات التي تبرّر وقوعها لأي سبب من الأسباب، بغير ارتكاب الجريمة، ونقطة على السطر.
ولهذا، فإن معيار الانتصار في الحرب البريّة في قطاع غزة، أو الحرب العدوانية في لبنان، يبدأ بفشل العدو من تحقيق أهدافه، ويمر بما أنزلت به من ضربات، وأخيرا وليس آخرا، باضطراره لوقف القتال، ومن ثم خروج المقاومة منتصرة موضوعيا، كما جهارا نهارا.
على أن ثمة إشكالية في اللحظة الراهنة، في تحديد موقف نتنياهو واستراتيجيته. فمن جهة، يعلن أهدافا كالتي أعلنها في قطاع غزة، مما يجعلها تحمل سمة الدفاع إلى حد الادّعاء، أنه يقاتل من أجل وجود الكيان الصهيوني، أو الأهداف التي حدّدها في القتال الذي فتحت جبهته في شمال فلسطين ضد حزب الله، وهو إبعاده وراء الليطاني، وإعادة "نازحي" الغلاف إلى مستوطناتهم. وهي أهداف أقرب لأن يكون في شبه الدفاع.
أما من الجهة الأخرى، ولا سيما بعد نقله ثقل الحرب ضد حزب الله إثر عملية البيجرات، واغتيال الشهيد قائد المقاومة السيد حسن نصر الله، فقد راح يضع أهدافا وصلت إلى القضاء على حزب الله، وإعادة تنظيم خريطة الشرق الأوسط، بأسرها، مما يعني أنه في حالة هجوم عام، كالذي فعلته بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى، أو أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية.
هنا نشأت الإشكالية في تحديد أين يقف نتنياهو، هل هو في الدفاع، أم هو في الهجوم العام المتوهم؟ لقد مضى على إعلان الهجوم العام في جنوب لبنان واستمرار قصف الضاحية حوالي عشرة أيام، من دون أن يتقدم خطوة واحدة ملموسة في احتلال جزء من الجنوب، ومن دون أن ينخفض قصف حزب الله، خطوة واحدة أقل، بل زاد عمقا، وصولا إلى حيفا وتل أبيب. وإذا أضفنا المعارك التي خاضتها المقاومة في غزة، خلال الفترة نفسها، يمكننا القول إن نتنياهو وأمريكا عادا للمأزق، فيما عادت المقاومتان الفلسطينية واللبنانية إلى أفضل مما كان عليه وضعهما المتقدّم السابق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة حزب الله المقاومة لبنان نتنياهو لبنان إسرائيل غزة نتنياهو حزب الله مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی قطاع غزة حزب الله
إقرأ أيضاً:
مفاجآت من العيار الثقيل .. هل أموال إعمار غزة سبب رفض عباس حل أزمة إدارة القطاع بعد الحرب؟
سرايا - لا يزال ملف إدارة قطاع غزة بعد انتهاء من العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، يثير جدلاً واسعًا في الشارع الفلسطيني، بعد تقلب مواقف السلطة الفلسطينية وإبلاغ موقفها الرسمي والنهائي للجانب المصري بالرفض الكامل لهذا الطرح ومحاولة البحث عن حلول أخرى تُعيد للسلطة الفلسطينية “مكانتها وهيبتها” في غزة.
ورغم أن السلطة في رام الله وحركة “فتح” وحتى الحكومة، كانوا جميعًا من الداعمين والمؤيدين لفكرة تولي إدارة قطاع غزة بمشاركة “حماس” وغيرها من الفصائل والشخصيات المستقلة بعد انتهاء الحرب، وفق رؤية مصرية طُرحت في السابق، لكن هذه المواقف سرعان ما تبدلت وحلت مكانها مواقف متشددة ومتصلبة.
موقف السلطة برئاسة محمود عباس، كان صادمًا للشارع الفلسطيني خاصة لأهل قطاع غزة اللذين يتعرضون لأبشع وأشد أنواع الإبادة والحروب، وكان بالنسبة لهم التوافق بهذا الملف خطوة جيدة ومتقدمة قد تساعد بلملمة ويلات وجراح الحرب الدامية والبدء بمرحلة التعويض والإعمار والبناء فور انتهاء الحرب دون أي خلافات، لكن الواقع كان صادمًا، مما فتح باب التساؤل عن أسباب هذا الرفض ودوافعه ونتائجه على سكان غزة.
وقالت مصادر فلسطينية، إن الرئيس محمود عباس رفض حتى الآن إصدار قرار بتشكيل لجنة إدارة غزة ما عرقل تحقيق أي تقدم في هذا الملف، وتابعت “الجهود المصرية الرامية إلى التوصل إلى اتفاق بين حركتي فتح وحماس بشأن تشكيل لجنة مشتركة لإدارة قطاع غزة، توقفت منذ فترة، وذلك بعد فشل آخر لقاء جمع ممثلي الحركتين في القاهرة”.
وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رمزي رباح، أكد رفض اللجنة لمقترح تشكيل لجنة الإسناد بغزة، وقال رباح في تصريح له، إن اجتماعًا عقد للجنة التنفيذية “لم يشارك فيه”، حيث صوّت الأعضاء خلاله برفض تشكيل اللجنة.
كما أعلن القيادي في حركة “فتح” عبد الله عبد الله، رفض حركته مقترح تشكيل “اللجنة المجتمعية لإسناد قطاع غزة”، وقال عبد الله عبد الله في تصريحٍ صحفي، إن حركته وبعد نقاشٍ عميق أبلغت مصر رسميًا، رفضها مقترح تشكيل لجنة الإسناد”، لأنه من وجهة نظرها يُكرس الانقسام بين شطري الوطن قطاع غزة والضفة الغربية، وفق وكالة “سند” للأنباء.
وزعم عبد الله أنّ البديل يتمثل في أن تتولى منظمة التحرير الفلسطينية، المشهد والتحرك السياسي كاملًا؛ “ونحن كفلسطينيين نتفاهم على كل المصالح الداخلية.
وفي وقت سابق، أكدت حركة “حماس” موافقتها على المقترح المصري الرامي إلى تشكيل لجنة إسناد مجتمعي تقود الأوضاع في قطاع غزة، بانتظار موافقة حركة فتح، بعدما توجه وفد الحركة إلى رام الله وعرض المقترح على الرئيس محمود عباس.
وخلال الأسابيع الماضية، عقدت اجتماعات فلسطينيّة ثنائيّة وثلاثيّة مع الجانب المصريّ، طرحت خلالها تفاصيل تشكيل لجنة تحمل اسم “لجنة الإسناد المجتمعيّ لقطاع غزة”، المعنيّة بإدارة القطاع في “اليوم التالي” لانتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وعلى إثرها؛ انتشرت على وسائل إعلام عربية نسخة من وثيقة تشكيل “لجنة الإسناد المجتمعيّ” لإدارة قطاع غزة، وهي مكوّنة من صفحتين توضّح محددات تشكيل اللجنة، ومرجعيتها، ومهامّها وصلاحياتها، وهيكلها التنظيمي.
وجاء في الورقة أن مرجعية اللجنة الإدارية تابعة لحكومة الفلسطينية، وتتبع اللجنة النظام السياسي الفلسطيني الموحد، دون فصل غزة عن باقي الأراضي، وتتشكل اللجنة من 10 إلى 15 عضوًا من الكفاءات الوطنية المستقلة.
مصدر فصائلي مطلع على مجريات مناقشة لجنة الإسناد المجتمعي؛ كشف عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلف موقف حركة “فتح” من رفض المشاركة باللجنة؛ والتي تقف جميعها خلف سبب رئيسي وهو “جلب أموال قطاع غزة”.
وأوضح المصدر، بحسب موقع “الرسالة”، أن حركة فتح تطالب وتشترط استلام أموال غزة؛ وأموال الاعمار أيضا؛ وترفض فكرة صندوق يتم انشائه لتمويل الاعمار؛ واضطلاعه بقيام تولي المهمة، وذكر أن الوفد الذي ارسله عباس مؤخرا للقاهرة؛ طالبها بصراحة “كل ليرة تدخل غزة نريد أن تصل إلى وزارة المالية برام الله”.
وأضاف المصدر: “أن وفد فتح لم يتحدث عن التبعية السياسية للحكومة للمنظمة ولا غيرها؛ وتخوفه الوحيد كان البحث عن أموال غزة تحديدا مال الاعمار”.
وتابع: “فتح لديها شكوى تقدمت به أن الأطراف العربية الممولة للإعمار لا ترغب بدور مباشر للسلطة بها؛ وهو ما دفعها للطلب مباشرة أخيرا أن تسأل “من سيستلم مال الاعمار؟!”
وعند حصولها على إجابة الصندوق الخاص بالتمويل الذي ستشرف عليه مصر وقطر والأمم المتحدة؛ أجاب وفد فتح “الاعمار يمر عن طريق السلطة ووزارة المالية؛ كشرط للمشاركة في اللجنة”.
يكشف المصدر أيضا، أن فتح وضعت شرط استلام أموال غزة؛ مقابل أن توافق على اللجنة؛ والا فهي سترفضها.
ويبقى التساؤل..
لمصلحة من هذا الموقف؟ وهل أصبحت “أموال إعمار غزة” غنيمة؟ ومن الخاسر بهذه الصراعات؟
راي اليوم
إقرأ أيضاً : وسط تطلعات لإنهاء الحرب .. وسم " وقف إطلاق النار" يعتلي منصات التواصل الاجتماعي إقرأ أيضاً : حماس: لم نسلم ردنا على مسودة الاتفاق بسبب تأخر "إسرائيل" في تسليم الخرائط التي توضح المناطق التي ستنسحب منها إقرأ أيضاً : الرئيس الإيراني: لا نسعى للحصول على السلاح النووي ونُحذر ترامب من خطر اشعال “حرب” ضد الجمهورية الإسلامية
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #مصر#ترامب#اليوم#الحكومة#الله#غزة#باب#حلول#محمود#الرئيس#الخاص#القطاع
طباعة المشاهدات: 1310
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 15-01-2025 11:33 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...