خالد مرشد الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا وتقنية المعلومات في “إي آند الإمارات”: “إي آند الإمارات” تواصل ريادتها في دفع عجلة التطور التكنولوجي في دولة الإمارات
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
قال خالد مرشد الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا وتقنية المعلومات في “إي آند الإمارات”: تواصل “إي آند الإمارات”ريادتها في دفع عجلة التطور التكنولوجي في دولة الإمارات، وبالشكل الذي يؤكد التزامها بتعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي للتفوق الرقمي. وفي بداية العام الجاري 2024، حققت الشركة إنجازاً جديداً تمثل بإجراء أول تجربة ناجحة لتقنية (50G PON) في الشرق الأوسط، وهي تقنية متطورة تمكّن من تقديم سرعات استثنائية في خدمات النطاق العريض الثابت تصل إلى 50 جيجابت في الثانية الواحدة، ومن شأن هذه القفزة النوعية أن تُحدث نقلة كبيرة في مستوى الاتصال، ما يمنح المستخدمين من الأفراد والشركات تجربة اتصال لا مثيل لها عبر شبكات الألياف الضوئية.
1. ما هي أبرز جهود “إي أند الإمارات” فيما يتعلق بتفوق دولة الإمارات العربية المتحدة في سرعة تنزيل البيانات باستخدام شبكة الجيل الخامس؟
تواصل “إي آند الإمارات” ريادتها في دفع عجلة التطور التكنولوجي في دولة الإمارات، وبالشكل الذي يؤكد التزامها بتعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي للتفوق الرقمي. وفي بداية العام الجاري 2024، حققت الشركة إنجازاً جديداً تمثل بإجراء أول تجربة ناجحة لتقنية (50G PON) في الشرق الأوسط، وهي تقنية متطورة تمكّن من تقديم سرعات استثنائية في خدمات النطاق العريض الثابت تصل إلى 50 جيجابت في الثانية الواحدة، ومن شأن هذه القفزة النوعية أن تُحدث نقلة كبيرة في مستوى الاتصال، ما يمنح المستخدمين من الأفراد والشركات تجربة اتصال لا مثيل لها عبر شبكات الألياف الضوئية.
ولم تتوقف “إي آند الإمارات” عند هذا الإنجاز فحسب، بل نجحت في إدراج هذه التقنية ضمن بنيتها التحتية بحلول منتصف العام نفسه، ما أدى إلى تحسين كبير في سرعات تحميل وتنزيل البيانات، فضلاً عن تعزيز قدرات بث المحتوى عالي الوضوح وتشغيل الأجهزة الذكية المتعددة بكفاءة أكبر.
إضافة إلى ذلك، سجلت الشركة إنجازاً عالمياً جديداً بتحقيق أسرع اتصال بالإنترنت عبر شبكة الجيل الخامس بسرعات وصلت إلى 30.5 جيجابت في الثانية. هذا الرقم القياسي لا يعكس فقط التفوق التقني للشركة، بل يمثل أيضاً نقلة نوعية في مسيرتها لتعزيز استخدامات الجيل الخامس بما في ذلك التطبيقات المتقدمة مثل الواقع الافتراضي والمعزز، والسيارات ذاتية القيادة، والمدن الذكية.
ومن خلال هذه الجهود الرائدة، تواصل “إي آند الإمارات” مساهماتها في تعزيز قدرات البنية التحتية للدولة وبما يضعها في طليعة الدول التي تقدم أعلى مستويات الأداء الرقمي، ويعزز جاهزيتها لمواكبة التطورات المستقبلية وتلبية متطلبات العصر الرقمي الجديد.
2. كم مشترك بخدمات الجيل الخامس على الهاتف المتحرك من “إي آند الإمارات” في الإمارات حالياً وما العدد المتوقع بنهاية 2024؟ وما نسبة النمو المستهدفة مقارنة بالعام 2023؟
نطمح في “إي آند الإمارات” إلى تحقيق نمو استثنائي في عدد مشتركي خدمات شبكة الجيل الخامس للهاتف المتحرك بحلول نهاية العام 2024. حيث تستهدف الشركة الوصول إلى نسبة 57% من إجمالي مشتركي خدمات الهاتف المتحرك عبر شبكة الجيل الخامس بحلول ديسمبر 2024، وهو ما يمثل زيادة تصل نسبتها إلى 46% مقارنة بالعام 2023.
كما نتوقع أن يصل عدد مستخدمي شبكة الجيل الخامس إلى 5.4 مليون مشترك بنهاية العام 2024. هذا التوسع في قاعدة المشتركين هو جزء من التزامنا بتطوير بنيتنا التحتية لشبكة الجيل الخامس وتعزيز تجربة المستخدمين، من خلال توفير تقنيات الاتصال المتقدمة التي تلبي تطلعاتهم وتواكب التحولات الرقمية المتسارعة.
3. ما هي أحدث تجارب الشركة لتطوير سرعات نقل البيانات؟
تركز “إي آند الإمارات” على تطوير سرعات نقل البيانات من خلال استثمارات مكثفة في شبكات الجيل الخامس والتقنيات الحديثة الأخرى. وفي هذا السياق، استثمرنا في تطوير وتوسيع شبكات الهواتف المتحركة، بهدف تعزيز أداء شبكة الجيل الخامس، والمساهمة في تحسين جودة الاتصال وسرعات نقل البيانات وذلك سعياً لتقديم تقنيات مبتكرة تدعم التحول الرقمي وزيادة كفاءة نقل البيانات.
ونجحت “إي آند الإمارات” في تحقيق أعلى سرعة مجمعة عالمياً لشبكة الجيل الخامس المتقدمة (5G-Advanced) بلغت 62 جيجابت في الثانية، ما يجعل سكان دولة الإمارات العربية المتحدة مستقبلاً أول من يختبر هذه السرعات القياسية على مستوى العالم.
وحققت “إي آند الإمارات” إنجازاً غير مسبوق بتسجيل أسرع اتصال بشبكة الإنترنت عبر شبكة الجيل الخامس، وبسرعة وصلت إلى 30.5 جيجابت في الثانية. هذا الإنجاز يعزز مكانة الشركة كرائد تقني عالمي في الجيل الخامس، ويفتح المجال أمام رفع مستويات السرعة وتعزيز الأمان في نقل البيانات من خلال استخدام هذه التقنية المبتكرة في شريحة واسعة من الأعمال.
كما تنعكس جهود “إي آند الإمارات” على صعيد الشبكات في تصنيف دولة الإمارات في المركز الأول لمتوسط سرعات التنزيل لكل من الهاتف المتحرك والنطاق العريض الثابت وفقاً لعدة تقارير صادرة عن مؤشر Speedtest من Ookla.
4. ما نسبة تغطية “إي آند الإمارات” لشبكات الألياف الضوئية في الدولة؟
تتصدر “إي آند الإمارات” طليعة مقدمي خدمات الألياف الضوئية عالمياً، حيث بلغت نسبة تغطية شبكة الألياف الضوئية الموصولة للمنازل في الدولة 99.3%. ومن خلال هذا الإنجاز احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في نفاذ شبكة الألياف الضوئية للمنازل منذ أعوام.
ويعكس هذا التفوق التزام “إي آند الإمارات” بالاستثمار في تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز الاقتصاد الرقمي، لضمان تحقيق أقصى استفادة من التكنولوجيا الرقمية، مع خطط لتعزيز الابتكار والاتصال السريع في مختلف القطاعات مما يمهّد الطريق لمزيد من التطورات، ويتيح للمستخدمين الاتصال بسرعات عالية ويعزز من قدرات التحول الرقمي للقطاعات المختلفة، مثل التعليم، الصحة، والأعمال.
5. ما هي آخر مشاريع “إي آند الإمارات” المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في قطاعات مثل: التجزئة والترفيه والسيارات ذاتية القيادة وغيرها من القطاعات؟
افتتحنا مؤخراً الفرع الثاني لمتجر EASE الذاتي المدعم بتقنية الذكاء الاصطناعي في دبي مول. ونهدف من خلال هذا المتجر إلى ترسيخ ريادة “إي آند الإمارات” لمستقبل قطاع البيع بالتجزئة مع هذا المفهوم الجديد والمبتكر الذي يوفر تجربة تسوق سلسة بأقل وقت وجهد. ونحن حريصون على تحقيق تغيير إيجابي في تجربة العملاء وإرساء معايير جديدة في مجال البيع بالتجزئة في قطاع الاتصالات من خلال إطلاق هذا المتجر، الذي يسلط الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة وقدرتها على إعادة تعريف تجربة التسوق وجعلها أكثر سهولة وسلاسة.
أما بالنسبة لما نقدمه خلال هذه النسخة من معرض أسبوع جيتكس للتقنية، يسعدنا أن نشارك بتقديم العديد من الابتكارات والتقنيات الجديدة التي تعتمد بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي، ومن أهمها “التعرف على الصور بالذكاء الاصطناعي”، وهو حل يعتمد على الذكاء الاصطناعي يضيف مرحلة جديدة ومتطورة في عمليات التحقق من العملاء، ما يقلل عدد الزيارات الفعلية المطلوبة للمواقع.
وتشمل العروض التي نقدمها في جيتكس 2024 تحقيق سرعات فائقة لأول مرة عالمياً عبر تقنية الجيل الخامس المتقدمة، وعرض لتوضيح أهمية تقنية تقسيم شبكة الجيل الخامس، وخدمة جديدة في تقنية الهولوجرام لمساعدة العملاء والرد على استفساراتهم. كما نعرض للزوار (متحف الذكاء الاصطناعي) وهو قسم مخصص لعرض أهم استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاعات متنوعة مثل الصحة، والمصارف، والأعمال، والنماذج اللغوية،
6. ما حصة “إي آند الإمارات” من سوق خدمات الاتصالات الموجهة للقطاع الحكومي والخاص؟
تحظى “إي آند الإمارات” بمكانة رائدة في سوق الاتصالات للقطاعين الحكومي والخاص في دولة الإمارات، ونخطط أيضاً لمواصلة الاستثمار في توسيع تغطية شبكات الجيل الخامس وانتشار الألياف الضوئية، لنتيح للقطاعين الحكومي والخاص تقديم خدمات متصلة ومتطورة. كما نستهدف تعزيز الابتكار وتقديم حلول رقمية مبتكرة تخدم كلا القطاعين، مثل الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء وحلول الأمن السيبراني.
هذه الجهود تدعم مسيرة “إي آند الإمارات” نحو تعزيز مكانتها وموقعها كالشريك المفضل لحلول الاتصالات لدى العديد من الجهات، مما يمكّننا من الحفاظ على ريادتنا في سوقٍ تتسم بالتنافسية.
7. كيف تعمل “إي آند الإمارات” على تعزيز الاستدامة باستخدام التكنولوجيا؟
تشكل الاستدامة جوهر استراتيجية شركتنا. فنحن ملتزمون بتقليل بصمتنا البيئية والحد من الانبعاثات واستخدام مصادر الطاقة المتجددة في مراكز البيانات الخاصة بنا. ومن المبادرات الرائدة في مجال الاستدامة، نشرت “إي آند” المعدات اللاسلكية الموفرة للطاقة في مواقع شبكة الهاتف المتحرك الخاصة بها، مما ساهم في تقليل استهلاك الطاقة مقارنةً بالمعدات التقليدية، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً. كما أطلقنا أول موقع لشبكة الجيل الخامس بصفر انبعاثات كربونية ويعتمد على تقنية (Massive MIMO) في مدينة إكسبو دبي، حيث يعمل الموقع المدعوم بالكامل بالطاقة المتجددة على موائمة الاستدامة مع التكنولوجيا اللاسلكية المتطورة لتحسين السعة والتغطية والارتقاء بتجربة العملاء.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: شبکة الجیل الخامس جیجابت فی الثانیة الذکاء الاصطناعی فی دولة الإمارات الألیاف الضوئیة إی آند الإمارات الهاتف المتحرک نقل البیانات من خلال
إقرأ أيضاً:
قراءة في نص “تأسيس” نيروبي: نسبهم الثوري في أكتوبر، أبريل، وديسمبر (1/2)
ملخص
لا أعرف وثيقة احتفت بالثورة السودانية للتغيير مثل "تأسيس" في ديباجتها. فاحتفت بانتفاضات أكتوبر1964، فأبريل 1985، إلى ديسمبر 2018 كنسب ثوري لما اجتمعوا حوله في نيروبي. فسمتها الديباجة ثورات السودان السلمية "المجيدة التراكمية" ضد الأنظمة الديكتاتورية العسكرية تعبيراً عن تمسك شعوبنا المستميت للحرية والحياة الكريمة. وتستغرب مع ذلك لهذه الحفاوة بهذه الثورات من جماعة "تأسيس" التي قامت في أيديولوجيتها وحربها ليومنا ضد دولة 56 الشمالية نخباً وجمهرة. فمن وراء هذه الثورات أطياف واسعة ممن عرفوا بـ"الشماليين" المتهمين بارتكاب دولة 56 دون مسلحي نيروبي وسلفهم بكثير.
لا يُذكر اجتماع التحالف الذي انعقد في نيروبي الأسبوع الماضي تمهيداً لقيام حكومة موازية على أراض تسيطر عليها قوات "الدعم السريع" إلا قريناً بنذر انقسام السودان. والسبب بسيط. فالصفوي لزيم هاجس تشقق السودان منذ انفصال جنوبه عام 2011. فصارت كل صيحة مثل تلك التي في نيروبي عليهم. وهذا الهاجس المخيم قريب من عبارة سودانية تقول إن كل زوجة مهجسة ما عاشت بـ"طلقة" من زوجها. وربما كان هذا هو السبب من وراء اقتصارنا على النذر من اجتماع نيروبي لا ما اجتمع حوله، أو صدر عنه. وصدر عنه مع ذلك ما استحق أن يناقش في حد ذاته لإذكاء عادة الثقافة في سياستنا التي غلبت فيها عادة المعارضة. فتكاثرت التحالفات في بيئة المعارضة التاريخية حد الإملال وتناسخت الوثائق عنها فلا جديد، أو هكذا خُيل لنا.
ثورات تراكمية
لا أعرف وثيقة احتفت بالثورة السودانية للتغيير مثل "تأسيس" في ديباجتها، فاحتفت بانتفاضات أكتوبر1964، فأبريل 1985، إلى ديسمبر 2018 كنسب ثوري لما اجتمعوا حوله في نيروبي. فسمتها الديباجة ثورات السودان السلمية "المجيدة التراكمية" ضد الأنظمة الديكتاتورية العسكرية تعبيراً عن "مدى تمسك شعوبنا وشوقها الدائم للحرية والحياة العزيزة الكريمة". وقَلّ حتى بين أحسن مؤرخي التاريخ السوداني المعاصر من رأى هذا الخيط الثوري الناظم لعملية التغيير السياسي في السودان. فتجد من يقطع ما بينها إرباً فيستحسن واحدة دون أخرى. بل تجد جماعة منهم قالت إن ما جرى خلال أكتوبر 1964 مثلاً ليس بثورة أصلاً.
وتستغرب مع ذلك هذه الحفاوة بهذه الثورات من جماعة "تأسيس" التي قامت في أيديولوجيتها وحربها ليومنا ضد دولة 56 الشمالية نخباً وجمهرة. وسبب الاستغراب أنه كان من وراء هذه الثورات أطياف واسعة ممن عرفوا بـ"الشماليين" المتهمين بارتكاب دولة 56 دون مسلحي نيروبي وسلفهم بكثير. فحتى في نيروبي اشتكى عبدالعزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال من تلك النخب والأطياف المقاومة لمركز دولة 56 قائلاً إنهم من كانت "تجيشهم" نخب مركزهم ضد الآخر الإثني والديني مما يفهم المرء منه أن نخبهم كانت تخادعهم عن الآخر في الوطن فينخدعوا لها. وهذا بخلاف ما جاء في ديباجة "تأسيس" التي احتفت بهم براء من مركزهم طليعة في الثورات التي أحسنت الديباجة تثمينها.
وصح السؤال بعد هذا إن كان المسلحون ممن سبق جماعة تأسيس والجماعة نفسها من انتصر لتلك الثورات، التي ذكروها بامتنان، حين استنجدت بهم لاستكمال دوراتها؟
نقيضة بين التكتيكين
في لب تاريخ حركة الثورة السودانية نقيضة بين التكتيكين المدني والعسكري في طلبهما إحداث التغيير السياسي. وهي نقيضة ساقت الثورة المدنية أعوام 1964 و1985 و2018، حتف أنفها للفشل في كل مرة تندلع. فما انتصرت الثورة المدنية حتى اعتزلها المقاوم العسكري بنظرية أن الثورة ما هي تغيير صفوة خرطومية بأخرى منهم، فلا تلد قطط مركز الخرطوم العمياء إلا قططاً عمياء. وأظهر ما كان ذلك في إطلاق العقيد جون قرنق زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، تسمية "مايو 2" على المجلس العسكري بعد ثورة 1985. فكل ما حدث في قوله هو أن ورث عسكريو الرئيس جعفر نميري أنفسهم الحكم منه. وكان نميري تولى الحكم بعد انقلابه خلال الـ25 من مايو 1969 وهذه "مايو 1". أما "مايو 2" في مصطلح قرنق، فهي انقلاب ضباط القيادة العامة على نميري في سياق ثورة أبريل الشعبية السلمية. وبدلاً من أن يلقي قرنق ثقله مع التجمع النقابي، الذي قاد الثورة وانتظر منه ذلك الثقل، اعتزله، بل طلب منه أمراً صعباً وهو أن يتخلص من المجلس العسكري قبل أن يبارك لهم وينضم إلى ركبهم.
ولو اكتفى قرنق بذلك لما كان في البطن مغصة كما نقول. الأنكى أنه واصل الحرب فعبأ العسكرية لمواجهته في حلف مع الحركة الإسلامية انتهى بانقلاب يونيو1989 ليعود ويتصالح مع دولة ذلك الانقلاب في اتفاق السلام الشامل عام 2005. وبلا دخول في التفاصيل كان ذلك نفسه مصاب ثورة أكتوبر 1964 التي اعتزلتها حركة أنيانيا القومية الجنوبية المسلحة بينما كان ينعقد مؤتمر المائدة المستديرة (1965) في الخرطوم. وهو المؤتمر السوداني الأول منذ الاستقلال الذي تداعى أهله ليناقشوا "مسألة" الجنوب لا "تمرده". أما مسلحو دارفور فجاؤوا بها من قصيرها كما يقولون. فأتوا إلى ثورة 2018 يداً بيد مع العسكريين في مجلس السيادة في خصومة مع الحكومة الانتقالية المدنية ليتواثقوا على اتفاق "سلام جوبا" (2021). وخرج من ثنايا الاتفاق مجلس عرف بـ"مجلس الشركاء" كان مبتغى العسكريين، من دبروا للقضاء على الثورة، للاستغناء عن مجلس وزراء الحكومة الانتقالية. وانتهت الثورة، التي اعتزلها سائر المسلحين، بانقلاب الـ25 من أكتوبر 2021.
بين المدني والمسلح
وكان فساد علاقة المقاومة المدنية والعسكرية أو ارتباكات الأخيرة موضوع نقد أطراف عركت المقاومة المسلحة. فلم يتفق للام أكول عضو المجلس القيادي العسكري للحركة الشعبية عام 1985 البرود الذي لاقى به زعيمها العقيد قرنق خبر الثورة على الرئيس نميري في حين كان جنوده في معسكراتهم يطلقون الرصاص حفاوة بها. وكتب ياسر عرمان القيادي في الحركة الشعبية "نحو ميلاد ثان لرؤية السودان الجديد" قبل ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019 قال فيها إنه جاء الوقت لمراجعة تجربة الكفاح المسلح، ورد الاعتبار للعمل السلمي الجماهيري دون أن يعني هذا التخلي عن هذا الكفاح. فلن تخرج الحركات المسلحة من عنق الزجاجة إلى تحقيق أهدافها الاستراتيجية، في قوله، من دون التوصل إلى استنتاجات سليمة "حول أهمية العمل السلمي الديمقراطي في داخل المدن" واستنهاض جماهيرها.
وصوب شريف حرير الأكاديمي والقيادي في التحالف السوداني الذي هو ضمن منظومة حركات دارفور المسلحة، نقده لـ"افتتان" هذه الحركات بالمقاومة العسكرية التي هي تكأتهم في تبخيس النضال المدني حتى حين يقضي سلمياً على نظم مركزية كلفتهم حمل السلاح ضدها. والعسكرة في قوله، "وسيلة لعمل سياسي وليست في غاية حد ذاتها". وقال إن على الحركات المسلحة ألا تخدع نفسها بأنها تكوين عسكري فيقولون إنهم عسكريون على الجادة بينما ساء السياسيون مصيراً. فذكرهم حرير بأنهم سياسيون في الأساس وليسوا عسكراً. وفي هذا صدى من عبارة مذكورة لأمليكار كابرال زعيم حركة تحرير غينيا بيساو من الاستعمار البرتغالي خلال الستينيات. فقال كابرال يحذر حركته من العزة بالسلاح والفجور به إلى أن الحركة المسلحة ليست عصبة عسكرية (military)، بل مناضلين تأبطوا سلاحاً مُكرهين (militant).
ونواصل
ibrahima@missouri.edu