جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-17@19:29:51 GMT

طريق التكامل والتعاون والسيادة

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

طريق التكامل والتعاون والسيادة

 

سالم بن محمد العبري

 

تأتي زيارات وزير الخارجية الإيراني للمنطقة العربية كدليل امتداد وثبات لسياسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ودليل قاطع وبرهان ساطع على أن إيران الإسلامية تنحو بتوجهاتها منذ قيام ثورتها المباركة، واستلامها الحكم في فبراير عام 1979، بقيادة تلك الشخصية الإسلامية العظيمة الإمام آية الله الخُميني، تنحو إلى بناء منطقة عربية إسلامية في هذه المنطقة الممتدة  من المحيط الأطلسي وإلى المحيط الهندي، ومن حدود روسيا الممتدة في قارتين شمالًا، وحتى الصحراء  الكبرى، وأدغال أفريقيا جنوبًا -إن لم نَقُلْ- كُلّ أفريقيا؛ لأن أفريقيا تَنْضَمُّ -إن لم نَقُلْ- تَنْتَسِب  للإسلام والعروبة؛ مما يجعلها جزءًا أصيلًا من المنطقة التي أعني.

حين تقود المنطقةَ سياساتٌ صحيحةٌ عادلةٌ، وتتولى قيادة المنطقة قيادات مُؤَلِّفة صالحة مصلحة عادلة، هذه المنطقة الكبيرة بمساحتها (حيث تربو على 20 مليون كم)، ومناسبة بعدد سكانها (حيث يربو على نصف مليار نسمة)، والمختزنة والمنتجة لكل الثروات؛ زراعية، وتعدينية، وبترولية -غازية ومائية- ولموقعها الوسطي في الكرة الأرضية؛ لذا فهي مطمع لكل الامبرطوريات التي وُجِدَتْ في الكون عَبْرَ مسيرة التاريخ البشري المُسَجَّل في الرسومات، أو بالكلمات، هذا وقد سال لعابها على منطقتنا تعاملًا بالحسنى، أو استعمارًا.

ومما أذكر للأستاذ أمين بسيوني- رحمه الله- مدير إذاعة صوت العرب، ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون بمصر، لما جمعتني به جلسة خاصَّة؛ حيث حَدَّثَنِي باستفاضة عن تاريخ هذه المنطقة والامبرطوريات التي سعت للسيطرة عليها، وكيف أنها مَطْمَعُ ومَقْصَدٌ لكل القوى الإمبريالية التي تسعى لبناء قوة عالمية لكي تُسَيْطِرَ على هذه الجوهرة من العالم، ولعل الأستاذ أمين كان يُمَثِّلَ أمين الأمة، وهو يُحَدِّثُنِي حديث القلب للقلب، وفي فترةٍ بَدَت أنها حُبْلَى بالأحداث.

نعم هذه هي المنطقة، وهذا حالها، نِعْمَةٌ ونِقْمَة؛ نعمةٌ حين يُدْرِكُ القادةُ أن كُلَّ واحد منهم مأكول حين يؤكل الثور الأبيض، وإن كان ثورًا أسود لا شية فيه، فَيَبْنُوا أوطانًا، ومنطقةً تُمَثِّلُ الجسد الواحد إذا اشتكي فيه عضو تَدَاعَتْ له سائر الأعضاء بالسَّهَرِ والحُمَى، كما في الحديث النبوي الشريف.

هكذا أَدْرَكَتْ كُلُّ دول الحضارات السابقة والدولة الإسلامية؛ بل ودولها الجزئية، وهكذا هُزِم الاستعمار الصليبي، وكذا نظر محمد علي وهو يحاول إقامة دولة مصرية عربية، وقبلها كانت الدولة العُمَانية بقيادة «اليعاربة»، ومن أعقبهم، وهكذا كانت هادفية الجمهورية العربية المتحدة بقيادة جمال عبد الناصر، وشكري القُوَّتْلِي؛ لمواجهة إسرائيل بصورة جماعية.

ومن هنا تأتي النظرة الإيرانية الإسلامية منذ نجاح الثورة، وقيام الدولة، لولا أن العرب تَصَمُّ آذانها، حين يأتيها منادٍ منها، وتفتح آذانها وعقولها للغو العدو الظاهر والباطن الذي «يُعْطِيكَ من طرفِ اللسان حَلَاوةًن ويَرُوغُ مِنْكَ كما يَرُوغُ الثَّعْلَبُ»، وزُيِّنَ ذلك الكلام غير المنطقي حين ساد أنَّ كُلَّ الأوراق (99%) بيد أمريكا، وأن السلم، والأمن، والنمو، والرفاهية، مُتَحَصَّلَة بالسلام مع الكيان الاستعماري (إسرائيل)؛ لذلك قُوبِلَت الثورة الإسلامية بالرفض، والحروب العسكرية، والكلامية المذهبية، ولم يُسْتَمَع لرأي العُقَلَاء من السَّاسَة العرب من عُمان، وسوريا، والجزائر، وشُنَّتْ حروب الكلام، وانتفع الكُتَّابُ المرتزقةُ الذين يكتبون بمستوى ما يُعْطَوْنَ، ولعل من أولويات ما كُتِبَ مطلع الثمانينات من القرن الماضي لشيخٍ نحترم علمه وعقله ومكانته، ورُبَّمَا لا تزال زوايانا تخنزن كُتَيِّبَهُ ذلك، وأظن أنه لو كان يملك الأمر قُبيل وفاته لأحرق تلك الوريقات، كما فعل الشاعرُ الفلسطينيٌّ عَلِيُّ هاشم رشيد، حين تَخَلَّصَ من أشعاره التي بها مَدْحٌ للبعض، والمدح المذموم هو مثل الكتابة المأجورة.

حين نَتَتَبَّعُ مسيرة كل الرئاسيات الإيرانية، نجد أن كلها سَعَت لإرساء توجهات صالحة مصلحة، جامعة مُوَحِّدَة، تعمل على التآلف لا التخالف، والاجتماع لا التفرق، وتَبَيَّنَ أن الفُرقة يريدها الأعداء، ويعملون على إشاعة روايات منافقة ضالّة مُضَلِّلَة، غاياتها بعثرة الأمة؛ لتبقي مُفَكَّكَة مرعوبة ممنوعة من البصيرة، وعَمَّقَ تلك الأجواء بعضُ المسئولين العرب الذين لا ينظرون إلا بعين الأعشى، فهم في الحقيقة غير مُؤَهَّلين لتولي مسؤلية، فكيف إذا كانوا يرسمون توجهات لعلاقات وأحداث المنطقة المتجاورة منذ بَدْء الخليقة وإلى يوم الدين، وبينها من الأواصر والتاريخ المشترك مكانيًّا، وزمانيًّا، وعقائديًّا، واجتماعيًّا أسبق، وأوثق، وأعمق، وأنقى، وأطهر من علاقات أمريكا بكل  العالم؛ لذلك كنت أقول للبعض: إن تحصين الأمة من أن تُعَاد تلك الحقبة السوداء التي بدأت من بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، عام (1991)، وتَوَلِّي عديمو الضمائر أمور الشئون الخارجية، وعصبة المال، وتبادل الهدايا والمنافع، كنت أقول على الحقوقين العرب والمسلمين أن يقيموا محاكمة معنوية لتلك الفترة السوداء التي أَتَتْ باتفاقية أوسلو ووادي عربة، وإلغاء قرار اعتبار الصهيونية، وإلغاء المقاطعة العربية الفاعلة لإسرائيل، وترويج إقامة العلاقات العربية مع هذا الكيان الدخيل على الوطن، والأمة، والعقيدة.

نعم يأتي الحِراك الإيراني –اليوم- في ظِلِّ مقاومةٍ عربيةٍ في غزة، والضفة، ولبنان؛ مقاومةٌ تُثْبِتُ بتضحياتها، وثباتها، واقتدارها أحقية وحتمية الوقوف معها إسنادًا بالسلام، والحرب إن أَبَتْ القوى الاستكبارية أن تنصاع لمنطق العدل والشرعية الدولية فيوقفوا العربدة الإسرائلية،  وينصاعوا معًا للقرارات الدولية منذ القرار (194)، وحتى القرارات الجديدة المصاحبة للحرب الحالية.

إنَّ التكامل والتعاون وبناء منظومة أمنٍ، وسيادةٍ، وتنميةٍ مُشتركةٍ مَرْعِيةً ومَبْنِيَّةُ من الجميع  لمصلحة الجميع،  وتنمية متوازنة شاملة مُحَدَّدَة بنُظُمٍ ومَواثيقَ صحيحة هي المدخل لما تدعو له إيران، و قبلها مصر، وسوريا، وكل المفكرين، والكُتَّابِ العَرَب.. فإلى مُحَدِّدَات ذلك في القادم بعون الله تعالى.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

التأمين الصحي الشامل: نولي اهتمامًا بالغًا لتحقيق التكامل بين مختلف المؤسسات الصحية لتحقيق الاستفادة القصوى

الملتقى الإعلامي للتأمين الصحي الشامل تحت شعار "التأمين الصحي الشامل... تطورات وتحديات"3.75 مليون مستفيد بنسبة تتعدى نحو 82%، مع التأكيد على حماية غير القادرين.عدد مقدمي الخدمة المتعاقدين مع النظام بلغ نحو 406 مقدم خدمة و26% من القطاع الخاص.التأمين الصحي الشامل: نسعى لتحقيق التكامل بين مختلف مقدمي الخدمات من القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية لتوفير تغطية صحية شاملة ومتكاملة للمستفيدين.التغطية الصحية الشاملة "حق أساسي" لجميع المواطنين ويجب أن تظل جزءًا من الأهداف الرئيسية لأي نظام صحي.التأمين الصحي الشامل "حجر الزاوية" في رؤية الدولة المصرية لتحسين النظام الصحيالتأمين الصحي الشامل: نولي اهتمامًا بالغًا لتحقيق التكامل بين مختلف المؤسسات الصحية لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة

نظمت الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، ملتقى إعلامي تحت شعار "التأمين الصحي الشامل... تطورات وتحديات"، من أمس الخميس 16 حتى 18 يناير 2025.

ويشارك في الملتقى كبار ممثلي الجهات الحكومية والخبراء من المنظمات الدولية المعنية بتطبيق نظام التأمين الصحي الشامل، مثل وزارة الصحة والسكان، هيئة الرعاية الصحية، هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، منظمة الصحة العالمية، فضلًا عن كبار الإعلاميين والصحفيين من مختلف الصحف ووسائل الإعلام.

ويهدف الملتقى إلى تعزيز التواصل بين الإعلاميين وصانعي السياسات والتنفيذيين في مجال التأمين الصحي الشامل، وتوفير منصة لمناقشة تطورات وتحديات النظام الصحي في مصر، كما يستهدف تعزيز التواصل الفعّال مع الإعلاميين وتزويدهم بالمعلومات الدقيقة حول منظومة التأمين الصحي الشامل، فضلًا عن تعزيز الوعي المجتمعي حول المنظومة، وتوضيح أهم التطورات والتحديات، بما يسهم في تحسين الفهم العام لمشروع التأمين الصحي الشامل الذي يهدف إلى التغطية الصحية الشاملة لكل المصريين.

وبدأت فعاليات اليوم الأول من الملتقى بجلسة افتتاحية متميزة، قدم خلالها كل من: الدكتور إيهاب أبو عيش، نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، ومي فريد، المدير التنفيذي للهيئة، والدكتور عوض مطرية، مدير التغطية الصحية الشاملة والنظم الصحية بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، لمحة شاملة عن التأمين الصحي الشامل وتطوراته في مصر.

وعرض الدكتور إيهاب أبو عيش، نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، ملامح النظام الصحي في مصر ووضوح الأدوار بين الهيئات والمؤسسات الصحية المختلفة، فضلًا عن الجهات الدولية.

إيهاب أبو عيش

وقال "أبو عيش"، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، قد أطلق منظومة التأمين الصحي الشامل في بورسعيد عام 2019، ومنذ ذلك الحين تم إطلاقها رسميًا في خمس محافظات من المرحلة الأولى، وهي بورسعيد، الأقصر، الإسماعيلية، جنوب سيناء، السويس (إطلاق رسمي)، بالإضافة إلى أسوان التي تشهد تشغيلًا تجريبيًا." 

وأضاف: "بلغ عدد المستفيدين المسجلين بمحافظات المرحلة الأولى نحو 3.75 مليون مستفيد بنسبة تتعدى نحو 82% من إجمالي التعداد السكاني بتلك المحافظات، مع التأكيد على حماية غير القادرين." وأضاف، أنه من المتوقع دخول محافظة أسوان خلال الشهرين القادمين ليصل عدد المستفيدين إلى أكثر من 5 مليون مستفيد.

وأوضح أبو عيش، أن عدد مقدمي الخدمة المتعاقدين مع النظام حتى الآن، بلغ نحو 406 مقدم خدمة، منهم أكثر من 26% من القطاع الخاص، وذلك انطلاقًا من إيمان الهيئة بأحقية المواطن المصري في اختيار مقدم الخدمة الذي يناسب احتياجاته."

من جانبها، أكدت مي فريد، المدير التنفيذي للهيئة: "أن الهيئة تسعى إلى تحقيق التكامل بين مختلف مقدمي الخدمات من القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية، لضمان توفير تغطية صحية شاملة ومتكاملة للمستفيدين." 

وأضافت: "نحن في الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل نسعى لضمان أن جميع المصريين يمكنهم الوصول إلى خدمات صحية شاملة وفعّالة."

وأشار الدكتور عوض مطرية، مدير التغطية الصحية الشاملة والنظم الصحية بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، إلى الوضع العالمي والإقليمي للتغطية الصحية الشاملة، موضحًا أن العديد من البلدان، بما في ذلك مصر، حققت تقدمًا ملحوظًا في تحسين وصول مواطنيها إلى الخدمات الصحية بشكل تدريجي، مع تغطية جميع مكونات النظام الصحي وضمان العدالة والمساواة والإدماج الاجتماعي والحماية المالية للجميع.

وأكد: "إن التغطية الصحية الشاملة هي حق أساسي لجميع المواطنين ويجب أن تظل جزءًا من الأهداف الرئيسية لأي نظام صحي، ويجب إعادة توجيه النظام الصحي نحو الرعاية الصحية الأولية، حيث يمثل ذلك الأساس لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، بما يشمل تحسين الوصول للخدمات، المشاركة المجتمعية، والاعتماد على التكنولوجيا الرقمية."

وفي الجلسة الثانية من الملتقى، تناول الدكتور حسام عبد الغفار، مساعد وزير الصحة للتطوير المؤسسي والمتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، الدور الرقابي والإشرافي لوزارة الصحة في تنفيذ النظام الصحي الشامل. 

الدكتور حسام عبد الغفار

وقال عبد الغفار، إن التأمين الصحي الشامل هو حجر الزاوية في رؤية الدولة المصرية لتحسين النظام الصحي، ونحن نولي اهتمامًا بالغًا لتحقيق التكامل بين مختلف المؤسسات الصحية لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة."

ومن المتوقع أن تستمر فعاليات الملتقى في اليوم الثاني بمناقشات متعمقة حول دور كل من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية والهيئة العامة للرعاية الصحية في تطبيق التأمين الصحي الشامل بشكل فعال، بالإضافة إلى ما تقوم به الإدارات المختلفة بالهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل واللجنة الدائمة للتسعير من جهود تساهم في تعزيز قدرات النظام الصحي في مصر وتحقيق رؤية الدولة المصرية في مد المظلة التأمينية الصحية الشاملة للجميع.

مقالات مشابهة

  • الحصادي: ينبغي تحقيق التكامل بين عمل مجلسي النواب والدولة وجهود البعثة الأممية
  • التأمين الصحي الشامل: نولي اهتمامًا بالغًا لتحقيق التكامل بين مختلف المؤسسات الصحية لتحقيق الاستفادة القصوى
  • فاتن حمامة.. سيدة الشاشة العربية التي لم يطوِها الغياب
  • أشرف زكي: الدراما المصرية شكلت وجدان المنطقة العربية.. فيديو
  • مديرة منظمة المرأة العربية: وقف إطلاق النار في غزة خطوة نحو استقرار المنطقة
  • ندوب الحرب التي لن تبرأ بصمت المدافع
  • الزعاق يؤكد: التغير المناخي في المنطقة العربية يحميها من كآبة الشتاء.. فيديو
  • الاتحادات العمالية العربية تؤكد دعم الأمة لمواجهة التحديات الراهنة
  • الجميّل: لم نقصِ أحدًا ومددنا يد الشراكة تحت سقف القانون والسيادة والدستور
  • مصادر مطلعة لـ"البوابة نيوز": "العمال العرب" يناقش نقل دولة المقر من دمشق للقاهرة