كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف السابق، أننا في وقت أحوج ما نكون فيه لرابطة إيمانية وإنسانية ووازع إيماني وإنساني يكف غلواء يد بعض البشر عن الفتك ببعض، مما يتطلب عملا دؤوبا لإيقاف الحروب حقنا للدماء ومنعا لاستهداف و قتل النساء والأطفال بلا وازع من دين أو ضمير إنساني حي في عالم يجنح نحو شريعة الغاب وتأصيل نظرية البقاء للأقوى، مما قد يفتح بابا لصراعات تسلح وحروب واسعة لا تبقي ولاتذر ما لم يتدارك ذلك حكماء الإنسانية.

ودعا خلال كلمته في مؤتمر "الإيمان في عالم متغير " الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء بالعاصمة المغربية الرباط، اليوم، إلى وقف العدوان على غزة ولبنان، مناشدا كل حكماء العالم ومنظماته الدولية سرعة العمل على وقف هذه الحرب قبل اتساع نطاقها، ودعا إلى وقف آلة الحرب وإحلال السلام في كل أرجاء الدنيا، فكل الأديان السماوية تجمع على حرمة الدماء والأموال والأعراض، وما يحدث من بعض المنتسبين إليها من سفك للدماء يقع إما بسوء قصد أو بسوء تأويل وكلاهما انحراف عن حقيقة الأديان.

وقال وزير الأوقاف، إننا في حاجة إلى وازع إيماني يعين المنكوبين على الثبات على دينهم وأرضهم من جهة وعلى تحمل الصدمات والنكبات القاسية من جهة أخرى، إذ لا قوة سوى الإيمان بالله عز وجل يمكن أن تخفف من آثار تلك الويلات المميتة للنفوس قبل الأجساد، وإلى ترسيخ الإيمان بالله في نفوس شباب يفزعهم هول ما يرون من جبروت عدو متغطرس يعيث فسادا في بعض بلادنا لا يثنيه عن سفك الدماء وصرخات النساء والأطفال شيء، مع عدم إدراك كثير من هؤلاء الشباب لسنن الله الكونية في الابتلاء والاختبار من جهة ، وضرورة التوازن بين قوة الإيمان وقوة الأخذ بالأسباب من جهة أخرى، فالمؤمن القوي هو الكيس الفطن الذي يأخذ بأسباب القوة الشاملة إيمانا وإعدادا واستعدادا.

وأكد وزير الأوقاف على ما يلي:

١- أنه لا أمن ولا أمان حقيقين إلا بإيمان صادق بالله عز وجل، حيث يقول سبحانه :" الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ" .

٢- أن الإيمان الصادق سبيل العزة والنصر، حيث يقول الحق سبحانه: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ "، شريطة أن نكون مؤمنين حقا .

٣- أن الإيمان الحقيقي قول وعمل وسلوك، يفهم ذلك من قول نبينا صلى الله عليه وسلم:"الإيمانُ بضعٌ وسبعون شعبةً، أعلاها قولُ لا إله إلا اللهُ ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان "، وقد عرف بعض أهل العلم الإيمان بأنه الصدق، فقال : الإيمان هو أن تقول الصدق مع ظنك أن الصدق قد يضرك, وأن لا تقول الكذب مع ظنك أن الكذب قد ينفعك, ليقينك أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك.

٤- أن الإيمان الحقيقي هو مبعث الفداء التضحية في سبيل الله، حيث يقول الحق سبحانه : " أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ"، ويقول سبحانه : " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "، إذ لا يستطيع الإنسان أن يجاهد عدوا وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له متحكم فيه، مع تأكيدنا الدائم أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وأن الحر الشريف يفتدي وطنه بنفسه وماله وكل ما يملك في ضوء ما ينظمه القانون والدستور في كل دولة من الدول ، وأن كل ما يسهم في قوة الوطن ورقيه وتقدمه وحفظ أمنه وأمانه هو مطلب شرعي ووطني وحياتي وإنساني .

٥- يؤكد كثير من علماء الأديان و المفكرين والفلاسفة على أهمية الإيمان في تشكيل الهوية والقناعات الوطنية والحفاظ على الأوطان، وأن ضعف أو خفوت الإيمان يشكل خطرا على ذلك، و قد يفتح أبوابا خطيرة للنكوص عن الوفاء بحق الوطن أو حتى موالاة بعض أعدائه.

٦- نؤكد بأنه لم تسقط أمة ولا دولة عبر التاريخ الإنساني إلا كانت الخيانة من بعض المنتسبين إليها أحد أهم عوامل سقوطها، ونحذر من موجات الإلحاد الموجه ولاسيما نحو الأمم الشعوب المتحصنة بإيمانها، ولا شك أن التسلح بالإيمان والتحصن به يشكل حصنا حصينا للفرد والمجتمع والأمة من كل ذلك .

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: حادث قطاري المنيا مهرجان الجونة السينمائي طوفان الأقصى سعر الدولار أسعار الذهب الطقس حسن نصر الله حكاية شعب الهجوم الإيراني الانتخابات الرئاسية الأمريكية الدوري الإنجليزي محور فيلادلفيا التصالح في مخالفات البناء سعر الفائدة فانتازي محمد مختار جمعة لبنان غزة وزیر الأوقاف من جهة

إقرأ أيضاً:

خطيب المسجد النبوي: الاستغفار هو أكبر الطاعات وأصل أسباب المغفرة

تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا عن فضل الاستغفار واقترانه برحمة الله لعباده وغفران الذنب وقبول التوبة، مبينًا أن الاستغفار من أعظم الحسنات، وأكبر الطاعات، التي ينال بها العباد أفضل الثواب، ويدفع عنهم بها سوء العذاب.

وأوضح الشيخ الدكتور خالد المهنا في خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم، أن الله تعالى لما خلق آدم أبا البشر - عليه السلام - وخلق منه زوجه فطرهما على معرفته سبحانه ربًا خالقًا، وإلهًا أحدًا، مستحقًا لكمال المحبة والتعظيم مع غاية الذلّ، غير أنه سبحانه خلقهما وذريتهما مكلّفين مبتلين بالأمر والنهي، والشرّ والخير، إذ خلق سبحانه وتعالى النفوس، فأودع فيها الإرادة والحركة، والنيّة والهمّ، والحبّ والبغض، والتغيّر والتأثر، ولقد علِم سبحانه وهو الخلاّق العليم أن نفوس عباده وإن كانت مفطورةً على حبّ الخير واستحسانه إلا أنها لا تنفك عن إرادة الشر إذا ضلّت عن سواء السبيل، وأن لها إقبالًا على الطاعة، وإدبارًا عن المعصية، ورغبةً في الحسنة، وقصدًا إلى السيئة، ولكن رحمة الله تغلب غضبه سبحانه وتعالى.

وبيْن إمام وخطيب المسجد النبوي أن لرحمة الله الغالبة الواسعة، آثارًا عظيمةً على جميع خلقه في العالم السفلي والعلوي، وفي الدنيا وفي الآخرة، منها غفرانه تعالى ذنوب من شاء من عباده الموحدين المسلمين، فإنه جل وعلا واسع المغفرة، من أجل ذلك سمّى نفسه الغفور، والغفّار والغافر، وغفرانه جلّ جلاله الذنوب يكون بسترها عن أن يفضح بها أهلها في الدنيا والآخرة، مع محوها والتجاوز عنها، وعفوه عن العقوبة عليها، مالم تبلغ مبلغ الكفر أو الشرك الأكبر، فإنه الذنب الذي لا يغفر.

وذكر أن الاستغفار هو أصل أسباب المغفرة وأساسها، وأعظم موجباتها، من أجل ذلك أمر الله به خير خلقه، لتأتمر به أمته، وجعله تاليًا لأمره بالعلم بتوحيد، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير الاستغفار جدًا، وكان يُعدُّ له في المجلس الواحد مئة مرة قبل أن يقوم قوله :"رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور" وأخبر - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه أنه يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة.

وأضاف أن لشرف الاستغفار وفضله ألهم الله ملائكته المكرمين أن يستغفروا لعباده المؤمنين، وقال عليه الصلاة والسلام :"والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، مالم يؤذ فيه مالم يحدث" كما أن لفضل الاستغفار أرشد الله أن تختم به الليالي والأعمار، وقد كان الاستغفار آخر جملةٍ تحرك بها لسانه الطاهر عليه الصلاة والسلام أن قال وهو يعالج سكرات الموت: "اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى".

وأوضح الشيخ الدكتور خالد المهنا أن لفضل الاستغفار وعظم افتقار العبد إليه أرشد إمام المتقين أمته أن تفتتح به يومها وتختمه، فقال عليه الصلاة والسلام :"سيد الاستغفار أن تقول:- اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" مشيرًا إلى ما يتضمنه هذا الدعاء النبوي المبارك من موجبات قبول الاستغفار، من التوسّل العظيم لله بتوحيده في ربوبيته وألوهيته، والخضوع له بصفة العبودية، والإقرار لله بنعمته، واعتراف العبد بذنبه، وافتقاره إلى ربه في غفرانه، حيث لا يملك الغفران إلا هو سبحانه، وذلك من خصائص الربوبية التي ليست لأحد سوى الله.

وأكد أن ارتكاب الذنوب ظلم للنفس، وذلك أن النفوس مفطورةٌ على حبّ الخالق وتعظيمه، فإذا ارتكب العبد الذنب فقد ظلمها بمخالفة من فطرت على حبّه وتعظيمه، وعرضها لعذاب الدنيا والآخرة، فالدعاء المشتمل على الاعتراف بالذنب مع الثناء على الربّ والتوسل إليه بصفاته، هو دعاء العارفين العظيم قدره وثوابه، الدال على معرفة المستغفر بعيوب نفسه، وندمه على خطيئته، وانكسار قلبه، وذهاب العجب عنه، وهو الدعاء المرجو إجابته، الواجد قائله برد الغفران، مبينًا أن الاستغفار هو ترجمان ما في القلب من ندم على الذنب، وتقصير في حق الرب.

وتابع مذكرًا أن من تأمل صفتي المغفرة والرحمة لله جلّ جلاله، وجدهما مقترنتين في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، تربو على سبعين آية، إذ تجيء صفة الرحمة فيها تاليةً صفة المغفرة، وسرُّ ذلك والله أعلم أن رحمة الله تعالى بعبده أقرب ما تكون إليه حين يستغفره، فالاستغفار موجب الرحمة، فتحلُّ على المستغفرين رحمة الله التي لاحدّ لها من سِترِ الذنب والتجاوز عنه، ومنع العذاب الذي يوجبه الذنب، وتبديل السيئة حسنة، والهداية لنور الطاعة وحبها وإلفها، وكُره المعصية والنفرة منها.

وحثّ على فعل الأسباب من الأعمال الصالحة التي توجب مغفرة الله جلّ وعلا، سمبينًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل ربّه موجبات رحمته وعزائم مغفرته، وهي أعمال البر والطاعة وأفعال الخير التي تتأكد بها مغفرة الذنوب وتتعزم، وتدلّ على صحة توبة العبد وصدق إنابته.

واختتم خطبة الجمعة موصيًا العباد إلى الإكثار من الصلاة والسلام على النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ليغفر لهم الذنوب، ويكفيهم الهموم، داعيًا الله جلّ وعلا أن يحفظ بلادنا وقيادتها ولاة أمرنا من شرّ الأشرار، ومكر الماكرين الحاقدين الفجّار، وأن ينصر إخواننا في فلسطين على الصهاينة الغاصبين، ويُبدل فزعهم أمنًا، ويكشف كربهم، ويرفع عنهم الغمّة، وأن يحفظ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين المتربصين، وأن يحفظ جميع بلاد المسلمين.

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يفتتح مسجد السيدة عواطف بأكتوبر بحضور عدد من الوزراء
  • الأزهر للفتوى: تحويل القبلة يؤكد وسطية أمة الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجدين الحرام والأقصى
  • الاتحاد الإفريقي يدعو لوقف فوري للقتال في السودان
  • أوقاف مطروح تفتتح مسجدين بإدارة الحمام استعدادا لشهر رمضان
  • تحذير من أزمة غير مسبوقة بالسودان والاتحاد الأفريقي يدعو لوقف القتال
  • خطيب المسجد النبوي: الاستغفار هو أكبر الطاعات وأصل أسباب المغفرة
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس.. الاستغفار أعظم موجبات المغفرة
  • وزير الأوقاف يشهد احتفال الوزارة بليلة النصف من شعبان
  • رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في السودان
  • الخارجية الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي بتحرك عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية