جدل حاد في فرنسا حول "سياسة ماكرون العربية"!
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
ما إن دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كافة الدول لتعليق تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، والتي تستخدمها في حربها ضدّ حركة حماس وحزب الله اللبناني، حتى اشتعل الجدل في المشهدين السياسي والإعلامي، وثارت التساؤلات حول طبيعة "السياسة العربية" لفرنسا في ظلّ ماكرون.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي جان مارك ألبرت، من جهته أنّ قرار الرئيس الفرنسي جاء بمثابة مفاجأة، وأنّ ماكرون أراد في ذلك اتّباع نهج أسلافه في العالم العربي "لكنّ الزمن تغيّر" حسبما يرى، طارحاً التساؤلات حول "سياسة فرنسا العربية.
La «politique arabe» de la France : affaire de géopolitique internationale ou de politique intérieure ? https://t.co/Nq5rCTsaak
— Le JDD (@leJDD) October 12, 2024 سياسة الأسلافوقال ألبرت إنّ الخيارات الجيوسياسية لرئيس الجمهورية تتطلب دائماً تفسيراً صبوراً. فمن خلال إعلانه، أنّ فرنسا ستعلق جميع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، أراد ماكرون اتّباع "السياسة العربية" التي انتهجها أسلافه البعيدون، في إشارة بشكل خاص لكل من فرانسوا ميتران وجاك شيراك ومن سبقهم وأعقبهم من الرؤساء الفرنسيين.
وأشار إلى أنّ فرنسا، دولة متوسطية لم تتوقف يوماً عن التطلع نحو بلاد الشام، حيث حملتها مصالحها وأوهامها إلى هناك منذ الحروب الصليبية. وهذا الثبات الدبلوماسي، الذي تبنّاه فيما بعد الجنرال شارل ديغول بنجاح متفاوت، لم يتم الحياد عنه قط منذ ذلك الحين، الأمر الذي عزز الطموح الفرنسي في التحوّل إلى منارة للعالم الثالث.
ولكنّ الوضع تغيّر اليوم، حسب المحلل السياسي الفرنسي، فقد مرّ وقت طويل منذ أن أثمرت هذه التحالفات غير الطبيعية ثماراً لصالح فرنسا التي تمّ طردها من بعض أفريقيا، وقاطعتها تركيا، وباتت مكروهة في الشرق الأوسط.
ومع ذلك، وفي طليعة العلاقات العربية الإسلامية، والتي يكون من الأفضل في بعض الأحيان حمايتها بدلاً من استغلالها، يُنبّه ألبرت إلى أنّ فرنسا تظل الدولة الأوروبية الأكثر تضرراً من هجمات الإسلامويين. لكن قبل كل شيء، وعلى مدى عقود، كان الوجود القوي للمُجتمعات الملتزمة بالقضية الفلسطينية على أرض فرنسا قد طغى على "سياسة فرنسا العربية"، التي استغلها البعض لأغراض ومصالح خاصة وبشكل غير قانوني.
Le faux pas d’Emmanuel Macron au Proche-Orient https://t.co/PkZsii2siA
— Le Point (@LePoint) October 8, 2024 الخطوة الخاطئة!ومن جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي لوك دوباروشيه، أنّ انتقاد الرئيس الفرنسي لإسرائيل والهجوم عليها والامتناع عن فعل ذلك تجاه إيران التي تُفرط في تسليح "الميليشيات الإرهابية" يعني تحميل الضحية المسؤولية والتغاضي عن المُعتدي، مُعتبراً أنّ إسرائيل تُقاتل من أجل بقائها. وذلك بينما يختار ماكرون أن يدعو موردي الأسلحة الرئيسيين، أي الولايات المتحدة إلى التوقف عن تسليمها إلى إسرائيل.
واعتبر دوباروشيه أنّ أقل ما يُمكن قوله هو أنّ ماكرون اختار وقت دعوته بشكل غير مناسب، تزامناً مع ذكرى هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كما أنّ تصريحه يُعاني من عدّة عيوب أخرى، إذ أنّه لا يُقدّم أي شيء لتجنّب مزيد من التصعيد.
وتصريحه يكشف كل الأخطاء في السياسة التي ينتهجها في مواجهة الأحداث في الشرق الأوسط، واصفاً إيّاها بـِ "النفاق، والتناقض، والرضا عن النفس تجاه إيران والميليشيات التابعة لها، والجهل للتهديد الذي يشكله الإرهاب الإسلاموي، والاستهانة بالموجة المُعادية للسامية التي تجتاح أوروبا".
Même un président a besoin de diplomates https://t.co/m3riLNd0gW #International via @LePoint
— Gérard Araud (@GerardAraud) October 13, 2024 مأزق الدبلوماسية الفرنسيةوبدوره، اعتبر جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق في واشنطن وتل أبيب، أنّ ماكرون، ومن خلال دعوته إلى وقف تسليم الأسلحة إلى إسرائيل، سلّط الضوء على الصعوبات التي تواجهها الدبلوماسية الفرنسية في إسماع صوتها.
وحسب رأيه، فقد أثار رئيس الجمهورية انفعالاً كبيراً عندما اقترح وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل إلى حين إعلان وقف إطلاق النار في غزة. ولم يُثر هذا التصريح ردّ فعل مُهيناً من جانب بنيامين نتانياهو فحسب، بل أدّى إلى غضب شديد بين المُدافعين الفرنسيين عن إسرائيل، كاشفاً عن مأزق دبلوماسية فرنسا.
« Le rôle crucial des élus républicains pour résister à l’importation du conflit »
@phaddad_off, maire de Sarcelles, plaide pour une réaffirmation des valeurs républicaines & une lutte contre les discriminations pour maintenir la cohésion sociale. https://t.co/kFezXmUIhB
وأما باتريك حداد، رئيس بلدية سارسيل، فقد شدّد على أهمية الدور الحاسم للمسؤولين الجمهوريين المُنتخبين في مقاومة استيراد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني للأراضي الفرنسية، وذلك من خلال البقاء مُتمسّكين بقوة بمبادئ الدولة، حيث يجب أن تكون البوصلة الدبلوماسية واضحة: احترام التشريعات الدولية، والحق في السيادة والأمن لكلا الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وإطلاق سراح الرهائن، وحلّ الدولتين.
وحذّر من أنّه، وفي كل من أقصى اليسار واليمين المتطرف، يتم استخدام الصراع في الشرق الأوسط لتحويله إلى خط صدع سياسي داخلي، لتحقيق أهداف انتخابية، واصفاً ذلك بالديماغوجية المقززة التي تزيد من انقسام المُجتمع الفرنسي، والذي أصبح بالفعل فريسة لمخاوف الهوية.
Editorial #LeMonde Le lâche abandon du Liban – via @lemondefr https://t.co/SuxkfYZ50a
— Hélène Sallon (@helenesallon) October 12, 2024 التخلّي الجبان عن لبنانوتحت هذا العنوان، جاءت افتتاحية صحيفة "اللو موند" التي نبّهت إلى أنّ السلطات الإسرائيلية، وفي حربها ضدّ حماس وحزب الله، تبدو اليوم أقل اهتماماً بوقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي باتت واشنطن لا تتحدث عنه إلا قليلاً، مُقارنة بفرصة تسوية الحسابات القديمة وإغراء إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بالقوة وحدها.
واستنكر المحرر السياسي لليومية الفرنسية، التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، والتي زاد فيها من استفزازاته، مُهدداً أرض الأرز بنفس مصير قطاع غزة الذي تحوّل إلى ميدان من الخراب الدموي، إذا لم يقم اللبنانيون بالثورة ضدّ الحزب الذي تدعمه إيران.
واعتبرت "لو موند"، أنّ هذه الغطرسة مُثيرة للقلق، فلقد شهد الشرق الأوسط في الماضي القريب الأخطاء التي يؤدي إليها الشعور بالقدرة العسكرية المُطلقة. وعلى المستوى الدبلوماسي، فإنّ هذه الغطرسة تُترجم إلى وصم أيّ شيء يُمكن ربطه بالأمم المتحدة، العاجزة عن فرض الحل السياسي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الرئيس الفرنسي إسرائيل إسرائيل وحزب الله لبنان فرنسا الأسلحة إلى إسرائیل الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
فرنسا تثمن لغة الضاد في اليوم العالمي للغة العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، التزام بلاده بتعزيز اللغة العربية وتقويتها وتعليمها.
وقال بأن اللغة العربية تعد هذا العام ثاني أكثر اللغات تحدثًا في فرنسا حيث يوجد ما يقرب من ثلاثة ملايين متحدث وثاني أكثر اللغات تدريسًا ضمن شبكة التعليم الفرنسي في الخارج.
وأكد بأنه في الدبلوماسية، تعتبر اللغة العربية رصيداً كبيراً لوكلائنا وسفاراتنا، باعتبارها لغة التواصل والعمل، لا سيما في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط وداخل المنظمات الدولية والإقليمية، وإنها علامة على التنوع اللغوي في عالم متعدد وغني، موضحاً أنه كما ذكر رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، فإن فرنسا تؤكد مجددا الحاجة إلى عالم متعدد اللغات.
بالتعاون مع شريك الوزارة معهد العالم العربي (IMA)، الذي أنشأ شهادة معترف بها دوليا لإتقان اللغة العربية (CIMA)، وبدعم من مركز الدراسات العربية التابع لوكالة التعليم الفرنسي في الخارج (AEFE) بالرباط فإن وزارة أوروبا والشؤون الخارجية في حالة تأهب كامل لتعزيز تاريخ هذه اللغة وثرائها.