الجزيرة:
2024-10-15@15:29:48 GMT

دراسة الطب البشري ما لها وما عليها

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

دراسة الطب البشري ما لها وما عليها

الدكتور فيصل خالد حديد*

يتساءل الكثيرون: هل تستحق دراسة الطب البشري هذ العناء؟ هذا السؤال لا يستطيع الإجابة عليه إلا أنت أيها الطالب القارئ الكريم بمساعدة عائلتك.

من المسلم به قبل الإقدام على أي خطوة في الحياة أنه يجب أن تكون مدروسة، مع الأخذ بعين الاعتبار الأسباب المادية والمعنوية، ضمانا لنجاح هذه الخطوة مستقبلا.

ومن هنا وجدت أن من واجبي التوضيح للآباء والأمهات والطلاب بعض النقاط الإيجابية والسلبية التي آمل أن تساعدهم في اتخاذ قرارهم حيال دراسة الطب البشري.

في البداية، إن دراسة الطب البشري والعلوم الطبية بشكل عام أمر سامٍ وعظيم، يقول الإمام الشافعي "لا أعلم علما بعد الحلال والحرام، أنبل من الطب".

فدراسة العلوم الطبية، وعلى رأسها الطب البشري، أمر مستحسن ومطلوب، ولكن أيها الآباء الأفاضل والأخوة الطلاب لا يجب علينا أن نغفل عيوب دراسة الطب، قبل خوض غمار الطب والتبحر في علومه وتحمل مشاقه.

قبل البدء باختيار كلية الطب، كأي تخصص جامعي آخر، يجب على الطالب وعائلته التفكير بتأنٍ ويقظة لعدة عوامل.

وأرى أن من أهم العوامل هي الرغبة والقدرة والمقدرة.

الرغبة هي ما تجده نفسك سهلا عليها، وتجد نفسك متحمسا ميالا له، وقادرا على المكوث ساعات تقرأ وتبحث وتتعمق فيه، هنا تكون الرغبة قد وجهتك توجيها صحيحا، أو على الأقل دفعتك لتقترب من الاختيار الصحيح.

– أما القدرة فهي استطاعة الشخص خوض غمار هذه التجربة والتمتع بها والاستفادة منها، فمثلا من لا يجد الجلد على أن يكون الكتاب رفيقه لعدة ساعات يوميا معظم أيام الأسبوع سيكون صعبا عليه دراسة الطب.

وأود الإشارة هنا إلى أن أهل الطالب يجب أن يشاركوه الرأي ويصارحوه في هذا العنصر، فعندما لا يكون الطالب قادرا وصبورا على القراءة عدة ساعات يوميا في المراحل الثانوية، فإن هذا يعد عنصرا سلبيا تجاه دراسة الطب البشري.

المقدرة، وهنا يجب أن يكون الإنسان صريحا جدا مع نفسه وابنه، فعلى سبيل المثال، هل أستطيع أن أتكفل بدراسة ابني في الكلية الفلانية لعدة سنوات علما أن التكلفة كذا وكذا؟ وماذا بعد الكلية؟ هل سيكفي تخصص البكالوريوس أم إن ابني بحاجة للاختصاص حتى يدخل سوق العمل؟

الدكتور فيصل خالد حديد: هذا المقال ليس للترغيب ولا للترهيب من دراسة الطب البشري (الجزيرة)

كما أسلفت دراسة الطب البشري أمر سامٍ جدا، ولكن وكأي تخصص جامعي يجب الأخذ بالأسباب، هل هذا الطالب -وإن كان هو ابني وفلذة كبدي- يناسبه هذا الاختصاص بعيدا عن أمنياتي ورغباتي؟ وهل تتحقق فيه الشروط الرئيسية الثلاثة كي يخوض غمار هذا التخصص، ألا وهي الرغبة والقدرة والمقدرة؟

الآن دعونا نبحر ونتعمق أكثر في تخصص الطب. فسنوات الدراسة في كلية الطب البشري تتراوح ما بين ست وسبع سنوات شاملة سنة الامتياز، وفي بعض الدول العربية تصل إلى ثمان سنوات، بعد هذه المدة يتخرج الطبيب طبيبا عاما.

سنوات كلية الطب تقسم إلى قسم علوم أساسية وعلوم تطبيقية ومن ثم علوم سريرية تقريبا نصف بنصف، السنوات الأولى منها تكون الأصعب والأكثر جفافا وستأخذ من الطالب جهدا مضاعفا، ومن ثم تكون المرحلة السريرية (يتم فيها التعامل مع المرضى) التي تكون أخف بقليل كون العلوم بدأت تصبح أكثر عمليا منها كمواد جافة.

وفي كلا المرحلتين يحتاج الطالب لساعات طويلة بعد انتهاء دوامه الجامعي أو تدربيه السريري لكي يذاكر دروسه، ويحفظ المعلومات التي سيستخدمها في حياته اليومية بصفة طبيب.

ولا أخفيكم سرا أن مرحلة الاختبارات لأي مرحلة من هذه المراحل هي مرحلة استنفار وانعزال لطالب الطب كي يستطيع مراجعة المعلومات الغزيرة ليبلي بلاء جيدا في الاختبارات، مما يحتاج دعم الأهل للتخفيف عن الطالب ومؤازرته.

بعد الانتهاء من كلية الطب، يحتاج الطبيب في معظم الأحيان خبرةً لا تقل عن سنتين لكي يحصل على رخصة مزاولة المهنة طبيبا عاما، وفي معظم الأحيان تكون بمقابل مادي بسيط أو دون أي مقابل، لكن معظم الأطباء يتجهون لدراسة التخصص، أي اختيار تخصص معين كالجراحة العامة أو الباطنية أو الأطفال.. إلخ. وأقل هذه التخصصات زمنا لا يقل عن أربع سنوات.

وحسب اطّلاعي فإن معظم دول الوطن العربي يكون الاختصاص فيها بمقابل مادي بسيط أو دون مقابل، مما يضطر بعض الزملاء لكي يعمل في القطاع الخاص بالإضافة لدوامه في الاختصاص كي يسدد بعض التزاماته.

أما بعد الاختصاص فهناك عدة خيارات، منها:

1 – البدء في العمل، وهذا عادة يكون محصورا على بلدك فقط، إذ إن "معظم الدول" تطلب خبرة بعد الاختصاص لا تقل عن سنتين إلى ثلاث سنوات كي تستطيع العمل خارج بلدك.

2- الحصول على اختصاص دقيق لا يقل عن ثلاث سنوات، ويكون في أغلب الأحيان بمقابل مادي بسيط، وفي كثير من الأحيان دون مقابل.

ومن هنا عزيزي القارئ يجب وضع النقاط على الحروف والأخذ بجميع العناصر المذكورة كي تضع أمامك وعائلتك ما أنت مقدم عليه، ويجب على العائلة التنبه إلى أن الطبيب في معظم الأحيان يحتاج دعما ماديا ونفسيا لفترة ليست بالقصيرة.

أما أنت عزيزي طالب الطب فمتى اجتزت السنة الأولى فإياك والتراجع أمام الصعوبات فكل ذلك سيزول مع الوقت.

وفي النهاية هذا المقال ليس للترغيب ولا للترهيب من دراسة الطب البشري، إنما هو للتوضيح لمساعدة كل من العائلة والطالب على الاختيار الصحيح.
________________

* اختصاصي أطفال، واختصاصي أمراض المخ والأعصاب عند الأطفال، مستشفى سدرة للطب، قطر

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات کلیة الطب

إقرأ أيضاً:

فيروسات زئبقية من العصر الجاهلي

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

كانت خلافاتنا نحن العرب بسيطة ومحدودة وتحت السيطرة. خلافات هامشية – قروية – بدوية – فلاحية – عشائرية، قد تتفجر احيانا داخل ملاعب كرة القدم فتصبح فوضوية تنحاز فيها جماهيرنا إلى هذا الفريق أو ذاك، لكنني اكتشفت الآن أحقاداً عميقة يبدو انها كانت مدفونة في نفوس الغالبية العظمى من العرب. .
لا ادري من القائل ؟ (ربما نجيب محفوظ): ان المؤامرات التي حاكها العرب ضد انفسهم أكبر وأخطر عشرات المرات من المخططات الاستعمارية والاستحمارية التي استهدفت بلدانهم. .
قديماً احتلّ الإغريق طروادة باستخدام حصان مصنوع من الخشب، واليوم يبدع أشقاؤنا بقيادة القوى الظلامية في طمس الحقائق بحوافر البغال والحمير الذين استحوذوا على منصات التواصل الاجتماعي، حتى صاروا خبراء وأساتذة وفيترچية في علوم التلفيق والتسقيط والتشويه والثرثرة الفارغة. بل تحولت معظم فضائياتنا إلى أبواق متخصصة ببث سموم الفتنة بكل أنواعها وألوانها ومعلباتها الجاهزة. .
تشعر انك تعرضت للإصابة بفيروسات زئبقية مراوغة كلما تابعت نشرات الاخبار العربية، وكلما قرأت توقعات المحللين الاستراتيجيين، الذين تتناقض تحليلاتهم وتتقاطع من محطة إلى أخرى، ومن برنامج إلى آخر. .
يحق لنا ان نطلق اصطلاح: (إعلام الصرف الصحي)، أو (إعلام الببغاوات)، أو (شبكات السيرك السياسي) على معظم المضخات والمراكز الخبرية، التي تكاثرت بالانشطار فتركت رواسبها في نفوس الصغار والكبار، وفي نفوس المتعلمين وغير المتعلمين. كلهم يتحدثون الآن بلغة واحدة، ويستخدمون العبارات الملغومة نفسها في رسائلهم وكتاباتهم المنحازة 100% إلى معسكرات القوى المعادية للعرب. قلما تجد كاتبا محصنا من أعراض الإصابة بتلك الفيروسات الزئبقية اللعينة. .
عندما تتابع المقالات العبرية المترجمة إلى العربية على صفحات يديعوت احرونوت، أو هاآرتس، أو معاريف، أو جيروزاليم بوست. تشعر انها اخف وطأة علينا من معظم المواقع الإعلامية العربية، بل أهون بكثير من ضراوة الرسائل المتداولة بيننا. .
لا احد يحدثك الآن عن الأحقاد المستفحلة ضد العرب، حتى لو رسم الغزاة خرائطهم التوسعية من النيل إلى الفرات، وحتى لو حملوا تلك الخرائط فوق أكتافهم، وحتى لو استعرضوها بالصوت والصورة أمام ممثلي شعوب الأرض تحت سقف الامم المتحدة. معظم العرب يصفقون بحماس لهذا التوسع، ويتقبلونه برحابة صدر، لم يعد الغزاة خصومنا الحقيقيين، وهذا ما ينبغي ان نسمية: (الغزو من الداخل)، ذلك الغزو الذي تنبأ به شاعرنا الكبير عبدالله البردوني، بقوله: غزاة لا أشاهدهم وسيف الغزو في صدري – فقد يأتون تبغاً في سجائر لونها يغري – وفي أهداب أنثى في مناديل الهوى القهري – وفي سروا

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • الحزن يخيم على دكرنس بعد مصرع طالب بالطب البيطري صدمه قطار
  • تطبيق نظام الساعات المعتمدة بالجامعات.. 3 سنوات دراسة بدلا 4
  • مبادرة "ابدأ مشروعك" ندوة بكلية الطب البشري بجامعة الفيوم
  • جامعة الفيوم تنظم ندوة "ابدأ مشروعك" بكلية الطب البشري
  • الإدراكُ والتّنميةُ البشريّةُ
  • النعماني يشارك باجتماع مجلس قسم جراحة العظام بكلية الطب البشري بسوهاج
  • النعماني يشارك بإجتماع مجلس قسم جراحة العظام بكلية الطب البشري بسوهاج
  • فيروسات زئبقية من العصر الجاهلي
  • انخفاض درجات الحرارة في معظم المحافظات اليمنية .. وصنعاء تسجل أقل درجة