صدى البلد:
2025-04-24@10:29:44 GMT

محمود يوسف يكتب: اتق الله

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

"اتق الله" هي جملة قصيرة، لكنها تحمل في طياتها معان عظيمة وثقيلة جدًا، فهي دعوة لكل شخص بأن يخاف الله في كل جوانب حياته، وأن يلتزم بالعدل والإنصاف، وأن يؤدي حقوق الناس بصدق وإخلاص.

اتق الله هي دعوة لأن يكون الإنسان أمينًا ونزيهًا في التعامل مع الآخرين، سواء في البيت أو في العمل أو في المجتمع ككل.

اتق الله في العمل

 تحمل "اتق الله" معان عميقة  تتعلق بالحقوق والواجبات في العمل، الإسلام أكد بشكل كبير على حقوق العامل وصاحب العمل على حد سواء، ومن أهم تلك الحقوق هو دفع الأجر في وقته وبدون تأخير، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ) رواه البخاري.


وهي دعوة صريحة لصاحب العمل بأن يحترم جهد العامل ويعطيه حقه دون تأخير أو مماطلة، تأخير الأجور ليس فقط ظلمًا للعامل، بل هو خرق للأمانة التي وضعها الله على صاحب العمل.

إن تأخير الرواتب أو عدم سدادها يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على حياة العامل، فهو يعتمد على هذا الأجر لتأمين ضروريات الحياة مثل الغذاء، السكن، وتوفير احتياجات عائلته، وفي حال تأخر الراتب، قد يضطر العامل إلى الاقتراض أو مواجهة ضغوط مالية صعبة، لذا، فإن الالتزام بتسديد الرواتب في وقتها يعد جزءًا لا يتجزأ من الأمانة التي يفرضها الدين والأخلاق.

اتق الله في الأسرة

الأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع، وتقوى الأسرة تعتمد على الحب، والتفاهم، والعدل بين أفرادها، "اتق الله" في أسرتك تعني أن تكون رحيمًا بزوجتك وأولادك، أن تحترمهم وتمنحهم حقوقهم، يقول النبي صلي الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله"، وهذا الحديث الشريف يوضح أن التعامل الجيد مع الأسرة هو من أفضل الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى الله.

الكثير من الناس ينشغلون بأعمالهم وأمور حياتهم اليومية، وينسون أن أسرتهم تحتاج إلى اهتمام ورعاية، "اتق الله" تعني أن تعطي وقتك وجهدك لأفراد أسرتك، وأن تكون عونًا لهم في حياتهم اليومية، الزوج الذي يعامل زوجته بحب واحترام، ويقدم لها الدعم النفسي والمادي، هو في الحقيقة يتقي الله في أهل بيته.

اتق الله في المجتمع

المجتمع يقوم على التعاون بين أفراده، و"اتق الله" في المجتمع تعني أن تكون عضوًا نافعًا ومسؤولًا، تتجنب الظلم والجور وتعمل على نشر الخير بين الناس، الإسلام يحث على الصدق في التعاملات المالية، وعلى الأمانة في التجارة والبيع والشراء، الغش والخداع في المعاملات يعتبر خرقًا صريحًا لأوامر الله، ويعتبر من الكبائر التي توعد الله أصحابها بالعذاب.

التحايل على الناس سواء في البيع أو الشراء أو في أي مجال آخر يؤدي إلى تفكيك الثقة بين أفراد المجتمع، لذلك، من يتق الله في تعاملاته مع الناس هو من يسعى لبناء مجتمع قائم على الصدق والإخلاص.

اتق الله في المال

المال هو وسيلة لتحقيق الحياة الكريمة، ولكن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نكتسب المال من مصادر حلال وننفقه في وجوه الخير، "اتق الله" في المال تعني أن تتجنب الكسب الحرام مثل الربا، والغش، وأي طرق غير مشروعة لكسب المال، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"، وهي أن تكون الأموال مكتسبة بطرق شرعية ومشروعة.

كما أن "اتق الله" في المال تعني أيضًا أن تنفقه بحكمة وأن تبتعد عن الإسراف والتبذير، الإنسان مطالب بأن يكون مسؤولًا في طريقة إنفاقه للمال، وألا يستخدمه في طرق تؤدي إلى الفساد أو الضياع.

اتق الله في الأخلاق

الأخلاق هي العمود الفقري الذي تقوم عليه العلاقات الإنسانية، الإسلام حث على الأخلاق الحميدة مثل الصدق، والأمانة، والتواضع، والعدل، "اتق الله" في أخلاقك تعني أن تتحلى بهذه الصفات في كل موقف من مواقف حياتك، سواء كنت في العمل، أو في المنزل، أو في الشارع.

الصدق في الحديث، والأمانة في التعامل، والتواضع في العلاقات الاجتماعية كلها صفات تجعل الإنسان محبوبًا بين الناس وتقربه إلى الله، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُعرف بأنه الصادق الأمين، وكان مثالًا للأخلاق الحميدة التي نقتدي بها في حياتنا اليومية.

"اتق الله" ليست مجرد عبارة تُقال، بل هي منهج حياة، هي دعوة لكل شخص بأن يتق الله في جميع تفاصيل حياته، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، "اتق الله" تعني أن تتحمل مسؤوليتك تجاه نفسك وتجاه الآخرين، أن تكون عادلًا وصادقًا وأمينًا في كل موقف.

التقوى هي أن تشعر بمراقبة الله لك في كل وقت وفي كل موقف، وأن تعلم أن الله يراك ويسمعك، وسيحاسبك على كل أفعالك، لذلك، من يتق الله في كل شيء هو من يسعى دائمًا للابتعاد عن الظلم والجور، ويسعى لإرضاء الله في جميع أعماله.

"اتق الله" هي دعوة للبشرية كلها أن تكون عادلة، وأمينة، وراقية في تعاملاتها، هي رسالة للتفكير في الآخرين، في حقوقهم واحتياجاتهم، وعدم التعدي على حقوقهم سواء بالكلام أو الفعل، فالتقوى ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي عمل وجهد لتحقيق العدل والخير للجميع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: اتق الله دعوة العمل الأسرة المجتمع فی العمل هی دعوة تعنی أن أن تکون

إقرأ أيضاً:

حسين خوجلي يكتب: أيام الله السبعة

السبت:
سرقت عصابة دقلو مئات الملايين من الدولارات من الأسر السودانية في المدن والقرى والدساكر ولم تبق شيئاً، ونهبت أكثر من ترليون دولار، القيمة بالحد الأدنى من مؤسسات الشعب والجامعات والمدارس والمشافي والوزارات والقائمة تطول.

هذه الجريمة التي أثقلت كاهل الشعب السوداني وصدمته وأدخلته في نفق الأسى والحزن العميم، والأخطر والأكثر إيلاماً أن ما سرقوه من الشعب يستغلونه اليوم لقتل الشعب، ومجازر الجزيرة والخرطوم ومخيم زمزم وأبو شوك شاهدة على هذا الإجرام الممنهج وتتوالى الجرائم تباعاً، وبإختصار أن هذه الوصفة المسمومة التي ابتلعها الكرام من أبناء شعبنا، تغتالنا سراً وجهراً بحر مالنا.

الأحد:
القرار المخبوء عندهم والمكشوف عندنا، بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية الآثمة، والتي صرح بها نتياهو لأجهزته ناصحاً مع القيادات الصهوينية بواشنطن: (دعونا نجتاح غزة تقتيلاً للناس بلا تمييز وأسكتوا عنا حين نغلق المعابر لنقتلهم جوعاً، وساعدونا بالأموال والعتاد والدعم الإعلامي والأممي، وسنقوم بفتح الجحيم بالحد الأقصى والتدمير المباح حتى نضطر لقتل حراس حماس وتبعاً لذلك نقتل المختطفين الإسرائيليين، وتنتهي الحكاية والصداع ومن ثم ندمغ حماس بارتكاب الجريمة، ونقتل ثأراً كل أهل غزة بإعتبار أنهم كوادر من حماس القاتلة، فإذا بقيت المجموعة المنهكة سنقوم بترحيلهم جميعاً إلى المكان الذي نختاره حيث لا خيار لهم إما الموت وإما الهجرة القسرية، وبعدها تفضل سيدي ترامب لإقامة مشروعك السياحي على شط غزة الجميل، ومبروك على السياح الغربيين نسمات البحر المجانية).

الاثنين:
هي رسالة ما بين العتاب والحزن والرجاء للأخوة الشعراء، التيجاني سعيد، وعبدالقادر الكتيابي، وصديق مجتبى، والدكتور خالد فتح الرحمن، والأستاذ علي يس، والأستاذة روضة الحاج، والشاعر الكبير إسحق الحلنقي، ورفيق دربه هلاوي، والتجاني حاج موسى، وبقية العقد النفيس.

ليس هذا تساؤلي أنا فقط بل تساؤل كل الشعب السوداني، لماذا هذا الصمت الرهيب والمريب؟ ويتواصل التساؤل المشروع، لم توقف فيض الشعر المبين والقصائد الجياد؟ هل يا ترى انكسرت المنابر أم جف العود أم تصحرت المشاعر أم أن النكبة كانت فوق الإحتمال والتدفق والإبداع؟

الرد الوحيد الذي نتوقعه، إن أجبتم اضطراراً أو اختياراً، هو أعلانكم عن مجموعاتكم الشعرية الجديدة وقصائدكم التي تعيد للشعب السوداني ذلك الزهو القديم ولا شيء غير هذا يا أبناء وادي عبقر.

الثلاثاء:
من أصدق ما قرأته أخيراً عن العلائق بين الناس أن هنالك خصومة قامت بين سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل الأخير رسالة إلى سيدنا علي مفادها، إن أتتك رسالتي هذه فهلم إلي لأصالحك؟ فسأل سيدنا علي الصحابي متعجباً لم لم تحضر أنت لتصالحني؟ فقال الصحابي: لقد سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: (خيرهم من يبدأ بالسلام)، وأنت يا أبن عم الرسول أفضل مني وأسبق مني للإسلام.

الأربعاء:
سألني أحد الصحفيين الشباب المهتمين بالأدب والشعر، بصراحة أنت يا أستاذ قد حببت لنا شعر وشاعرية أحمد بن الحسين المتنبي، ولذا فإني أرغب في حفظ بعض روائعه فمن أين أبدأ وماذا تقترح؟ فأمليت عليه أحدى اعتذارياته القصيرة، وعتابه لسيف الدولة إذ حاول خاله أبو العشائر اغتياله بنبال مجموعة من غلمانه، وفكتبها وهو يغادر سراً إلى القاهرة للقاء كافور الأخشيدي (غلطة عمره):
وَمُنتَسِبٍ عِندي إِلى مَن أُحِبُّهُ
وَلِلنَبلِ حَولي مِن يَدَيهِ حَفيفُ
فَهَيَّجَ مِن شَوقي وَما مِن مَذَلَّةٍ
حَنَنتُ وَلَكِنَّ الكَريمَ أَلوفُ
وَكُلُّ وِدادٍ لا يَدومُ عَلى الأَذى
دَوامَ وِدادي لِلحُسَينِ ضَعيفُ
فَإِن يَكُنِ الفِعلُ الَّذي ساءَ واحِداً
فَأَفعالُهُ اللائي سَرَرنَ أُلوفُ
وَنَفسي لَهُ نَفسي الفِداءُ لِنَفسِهِ
وَلَكِنَّ بَعضَ المالِكينَ عَنيفُ

الخميس:
تشهد دار القضاء ببورتسودان محاكمة العصر، المتهم فيها عصابة آل دقلو، الذين اغتالوا حاكم ولاية غرب دارفور، الشهيد خميس آدم أبكر، ومهما كانت نتيجة الحكم، طالهم العقاب الرادع أم لم يبلغهم، تظل هذه الجريمة البشعة تدمغ وجوههم الحوالك حتى يغيبوا في التراب، بشاعة تثير اللواعج في قلوب الشعب السوداني وتثير عاصفة الأسى والأسف في قلوب قبيلة المساليت العريقة المسالمة المجاهدة التي كسر الغزاة قلبها، وصاح القضاء والقدر والمشيئة إن الثأر قادم وإن في القصاص حياة يا أولي الألباب.
الجمعة:
من له خالُ كخالي؟
كاد الشهر أن يتولى منذ رحيل الشريف بن الأشراف الكرام المهندس محمد سعيد أحمد أبو زيد المهدي، أحد الأنجم المنيرات في تاريخ البلاد والعباد والشرفة الصابرة، والذي ترك رحيله الفاجع رنة حزن بالغة لا تنطفئ لا بغزير الأدمع ولابغصاة الصدور ولا بنفثات القلوب.
درس الفقيد الهندسة في سبعينات القرن الماضي بجمهورية الصين، فأجاد صنعة الهندسة مثلما أجاد أسرار اللغة الصينية العجيبة، تحدثاً وكتابة وتأليفاً، فصار بخلقه الفياض وسيرته العطرة وكرمه العامر مهوى لقلوب العرب والسودانيين، حيث صار منزله خلوة وفندق مجاني وصار مكتبه محطة للسند والمساعدة والنصيحة.

عندما عاد إلى بلاده بعد هجرة طويلة أتى بكل تلك الفضائل والقيم والكرم المطبوع، الذي ينافس به الغيث والسحب السواكب، إلى أن انقض عليه الداء العضال وأنشب أظافره في الجسد الناحل الطاهر فوجده أسداً هصوراً لا ينثني، حيث غالب في جلد وشجاعة رمضاء المرض، بصبر يماثل صبر أيوب والأولياء الصالحين والزهاد والمتصوفة العارفين.
وأذكر أنه في آخر لقاء تم بيننا بالسودان قبل النكبة، سألته أن يكتب سفره الموعود (مذكرات سوداني في بلاد الصين)، ابتسم دون أن يجيبني، كأنه أراد أن يقول لي دون أن يهمس بمفردة، إن فيك فطانة، ولم أراجعه بعدها.
مضى أبو عقيل في العشر الأواخر المباركات، وكان يتمنى أن يشهدها مع الناس صياماً وقياماً واعتزالاً وخلوة، وقد فاضت روحه الطاهرة في ليلة مباركة من ليالي هذا الشهر الكريم، وبفقد محمد سعيد فقد السودان واحدًا من أبنائه الأتقياء الأخفياء الكبار، فيا لهف نفسي على بيوت اليتامى والأرامل التي كان ينفق عليها في خفاء وصمت، وعندما هاتفني الناعي بالخبر الصدمة، لم أجد عبارة أبلغ من عبارة المطصفى صلي الله عليه وسلم في حق الصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، حين دخل عليه والصحابة حضور وقال قولته التي ملأت الدنيا والآفاق والأنفس: (من له خال كخالي)، وعندما فاضت الدموع سترت بالمعاني الخوافي ذلك الحزن النبيل.
يارب العباد ضاوي العيون بالشوف
ود أب زيد حِداك رُكّازة الملهوف
ستار الغريب من الألم والخوف
أهديهو الجنان وعقيل يقود الطوف
وعندما عاد الجمع المذهول بالفراق من المقابر بالقاهرة الحبيبة همس الجميع بالآية الكريمة فكأنما كانوا يسمعونها لأول مرة من القارئ المجيد والمترحم المجيد، (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ *الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
صدق الله العظيم.

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البيجيدي يتجه لإلغاء دعوة “حماس” لمؤتمره بعد موقف محمود عباس وتفكيك تنظيم “الإخوان” في الأردن
  • "حرام الجسد" رجعني لزمن دعاء الكروان.. أحمد عبد الله محمود: أنا ابن مدرسة تحب الفن مش الإيرادات
  • كيف أتعلم القناعة والرضا بقضاء الله؟ أمين الفتوي يوضح
  • في زمن التيه.. الرجولة أن تكون من أنصار الله
  • حسين خوجلي يكتب: أيام الله السبعة
  • إبراهيم النجار يكتب: محادثات مسقط.. هل تكون بداية النهاية؟!
  • محمود مهنا: دعوة الرئيس السيسي لتحويل المساجد لمراكز علمية تجسد سنة النبي محمد
  • اليمن.. يوسف بين إخوته
  • مفتي الجمهورية يكتب: عَرَضٌ يَزُولُ وَيَبْقَى الإِمَام الطيب
  • رانيا يوسف: كنت بهرب من المدرسة وأروح الديسكو وماما عارفة