صدى البلد:
2024-10-15@15:21:50 GMT

محمود يوسف يكتب: اتق الله

تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT

"اتق الله" هي جملة قصيرة، لكنها تحمل في طياتها معان عظيمة وثقيلة جدًا، فهي دعوة لكل شخص بأن يخاف الله في كل جوانب حياته، وأن يلتزم بالعدل والإنصاف، وأن يؤدي حقوق الناس بصدق وإخلاص.

اتق الله هي دعوة لأن يكون الإنسان أمينًا ونزيهًا في التعامل مع الآخرين، سواء في البيت أو في العمل أو في المجتمع ككل.

اتق الله في العمل

 تحمل "اتق الله" معان عميقة  تتعلق بالحقوق والواجبات في العمل، الإسلام أكد بشكل كبير على حقوق العامل وصاحب العمل على حد سواء، ومن أهم تلك الحقوق هو دفع الأجر في وقته وبدون تأخير، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ) رواه البخاري.


وهي دعوة صريحة لصاحب العمل بأن يحترم جهد العامل ويعطيه حقه دون تأخير أو مماطلة، تأخير الأجور ليس فقط ظلمًا للعامل، بل هو خرق للأمانة التي وضعها الله على صاحب العمل.

إن تأخير الرواتب أو عدم سدادها يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على حياة العامل، فهو يعتمد على هذا الأجر لتأمين ضروريات الحياة مثل الغذاء، السكن، وتوفير احتياجات عائلته، وفي حال تأخر الراتب، قد يضطر العامل إلى الاقتراض أو مواجهة ضغوط مالية صعبة، لذا، فإن الالتزام بتسديد الرواتب في وقتها يعد جزءًا لا يتجزأ من الأمانة التي يفرضها الدين والأخلاق.

اتق الله في الأسرة

الأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع، وتقوى الأسرة تعتمد على الحب، والتفاهم، والعدل بين أفرادها، "اتق الله" في أسرتك تعني أن تكون رحيمًا بزوجتك وأولادك، أن تحترمهم وتمنحهم حقوقهم، يقول النبي صلي الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله"، وهذا الحديث الشريف يوضح أن التعامل الجيد مع الأسرة هو من أفضل الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى الله.

الكثير من الناس ينشغلون بأعمالهم وأمور حياتهم اليومية، وينسون أن أسرتهم تحتاج إلى اهتمام ورعاية، "اتق الله" تعني أن تعطي وقتك وجهدك لأفراد أسرتك، وأن تكون عونًا لهم في حياتهم اليومية، الزوج الذي يعامل زوجته بحب واحترام، ويقدم لها الدعم النفسي والمادي، هو في الحقيقة يتقي الله في أهل بيته.

اتق الله في المجتمع

المجتمع يقوم على التعاون بين أفراده، و"اتق الله" في المجتمع تعني أن تكون عضوًا نافعًا ومسؤولًا، تتجنب الظلم والجور وتعمل على نشر الخير بين الناس، الإسلام يحث على الصدق في التعاملات المالية، وعلى الأمانة في التجارة والبيع والشراء، الغش والخداع في المعاملات يعتبر خرقًا صريحًا لأوامر الله، ويعتبر من الكبائر التي توعد الله أصحابها بالعذاب.

التحايل على الناس سواء في البيع أو الشراء أو في أي مجال آخر يؤدي إلى تفكيك الثقة بين أفراد المجتمع، لذلك، من يتق الله في تعاملاته مع الناس هو من يسعى لبناء مجتمع قائم على الصدق والإخلاص.

اتق الله في المال

المال هو وسيلة لتحقيق الحياة الكريمة، ولكن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نكتسب المال من مصادر حلال وننفقه في وجوه الخير، "اتق الله" في المال تعني أن تتجنب الكسب الحرام مثل الربا، والغش، وأي طرق غير مشروعة لكسب المال، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"، وهي أن تكون الأموال مكتسبة بطرق شرعية ومشروعة.

كما أن "اتق الله" في المال تعني أيضًا أن تنفقه بحكمة وأن تبتعد عن الإسراف والتبذير، الإنسان مطالب بأن يكون مسؤولًا في طريقة إنفاقه للمال، وألا يستخدمه في طرق تؤدي إلى الفساد أو الضياع.

اتق الله في الأخلاق

الأخلاق هي العمود الفقري الذي تقوم عليه العلاقات الإنسانية، الإسلام حث على الأخلاق الحميدة مثل الصدق، والأمانة، والتواضع، والعدل، "اتق الله" في أخلاقك تعني أن تتحلى بهذه الصفات في كل موقف من مواقف حياتك، سواء كنت في العمل، أو في المنزل، أو في الشارع.

الصدق في الحديث، والأمانة في التعامل، والتواضع في العلاقات الاجتماعية كلها صفات تجعل الإنسان محبوبًا بين الناس وتقربه إلى الله، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُعرف بأنه الصادق الأمين، وكان مثالًا للأخلاق الحميدة التي نقتدي بها في حياتنا اليومية.

"اتق الله" ليست مجرد عبارة تُقال، بل هي منهج حياة، هي دعوة لكل شخص بأن يتق الله في جميع تفاصيل حياته، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، "اتق الله" تعني أن تتحمل مسؤوليتك تجاه نفسك وتجاه الآخرين، أن تكون عادلًا وصادقًا وأمينًا في كل موقف.

التقوى هي أن تشعر بمراقبة الله لك في كل وقت وفي كل موقف، وأن تعلم أن الله يراك ويسمعك، وسيحاسبك على كل أفعالك، لذلك، من يتق الله في كل شيء هو من يسعى دائمًا للابتعاد عن الظلم والجور، ويسعى لإرضاء الله في جميع أعماله.

"اتق الله" هي دعوة للبشرية كلها أن تكون عادلة، وأمينة، وراقية في تعاملاتها، هي رسالة للتفكير في الآخرين، في حقوقهم واحتياجاتهم، وعدم التعدي على حقوقهم سواء بالكلام أو الفعل، فالتقوى ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي عمل وجهد لتحقيق العدل والخير للجميع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: اتق الله دعوة العمل الأسرة المجتمع فی العمل هی دعوة تعنی أن أن تکون

إقرأ أيضاً:

هل تكون الحرب في لبنان نقطة تحول نحو الوحدة وسد الفراغ السياسي؟

لبنان اليوم على شفا أزمة كبرى، حيث تزداد التوترات الإقليمية والتدخلات الخارجية، وتتعقد الأمور بسبب عدم التوافق الداخلي على القضايا الرئيسية، وعلى رأسها انتخاب رئيس جديد للجمهورية. هذا الملف أصبح أكثر حساسية في ظل الانقسامات الحادة بين الأطراف السياسية اللبنانية، والتي تتباين مواقفها بشأن المقاومة والعلاقات الخارجية.

وفي ظل هذه التوترات، تشهد الساحة السياسية اللبنانية حراكًا غير مسبوق، حيث تتسارع الجهود من قبل الأحزاب والقوى السياسية للتوصل إلى توافق حول الملف الرئاسي. يُنظر إلى هذا الملف على أنه مفتاح لاستعادة الاستقرار، إلا أن الخلافات العميقة حول شخصية الرئيس المقبل تزيد من تعقيد المشهد.

أزمة لبنانهل تتولد انفراجة من رحم الأزمة؟

من جانبه، أوضح المحلل السياسي الدكتور خالد شنيكات، أن لبنان كدولة صغيرة في المنطقة، يتأثر بشدة بالقوى الإقليمية والدولية، ويتضاعف هذا التأثير بسبب الانقسامات الداخلية في المجتمع اللبناني، والتي تتفاقم بفعل النظام السياسي الطائفي السائد. 

وأضاف في تصريحات لـ “صدى البد”، أن الدول الكبرى، مثل إسرائيل، الولايات المتحدة، وإيران، تمتلك أهدافًا متباينة في لبنان، بينما تحاول القوى المحلية إيجاد حلول للمشكلات المعقدة التي يواجهها البلد. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يكمن في أن لبنان يُدار على أساس طائفي وليس كدولة موحدة، حيث تتصرف كل طائفة ككيان مستقل، مما يعوق تحقيق الشراكة الوطنية.

وتطرق شنيكات إلى أهداف إسرائيل في لبنان، موضحًا أنها تسعى إلى نزع سلاح حزب الله وإضعاف أي مقاومة قد تواجهها، سواء من الحزب أو من أي جهة أخرى. كما تهدف إلى تعزيز سيطرة الجيش اللبناني ليكون الجهة الوحيدة التي تتعامل معها إسرائيل، بدلاً من التعامل مع الفصائل المختلفة. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تتشارك هذا الهدف مع إسرائيل، حيث تعمل على فرض ما تسميه "هيبة الدولة" على جميع الأطراف اللبنانية، مع التركيز على إضعاف حزب الله كجزء من هذا المسعى.

وأوضح شنيكات أن هذا الملف يمثل تحديًا كبيرًا للبنان فاختيار رئيس الجمهورية يعتمد بشكل كبير على موقفه من المقاومة. فإذا كان مؤيدًا لها، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيرفضونه، بينما يسعى حزب الله إلى دعم رئيس يوفر له الغطاء اللازم لاستمرار مقاومته. هذا التعقيد يجعل من الصعب التوصل إلى توافق حول شخصية الرئيس الجديد، ما يعمق أزمة القيادة في لبنان.

مقالات مشابهة

  • حزب الله: لولا الولايات المتحدة لما استطاعت إسرائيل أن تكون بهذه السيطرة
  • هل تكون الحرب في لبنان نقطة تحول نحو الوحدة وسد الفراغ السياسي؟
  • علي يوسف السعد يكتب: «أصيلة».. جوهرة الشمال المغربي
  • تعرف على شخصية عمرو يوسف في فيلم «درويش»
  • محمود قابيل يتحدث عن حرب أكتوبر وإصابته ثلاث مرات
  • د.حماد عبدالله يكتب: الإقتصاد الرسمى والمهن الصغيرة "المنسية" !!
  • أحمد ياسر يكتب: ربما ابتلعت إيران الطُعم الإسرائيلي
  • عصام الدين جاد يكتب: "لوعة النص".. بين الأحلام والحب
  • د.حماد عبدالله يكتب: "اتقوا الله فى بلادنا "مصر المحروسة" !!