"اتق الله" هي جملة قصيرة، لكنها تحمل في طياتها معان عظيمة وثقيلة جدًا، فهي دعوة لكل شخص بأن يخاف الله في كل جوانب حياته، وأن يلتزم بالعدل والإنصاف، وأن يؤدي حقوق الناس بصدق وإخلاص.
اتق الله هي دعوة لأن يكون الإنسان أمينًا ونزيهًا في التعامل مع الآخرين، سواء في البيت أو في العمل أو في المجتمع ككل.
اتق الله في العمل تحمل "اتق الله" معان عميقة تتعلق بالحقوق والواجبات في العمل، الإسلام أكد بشكل كبير على حقوق العامل وصاحب العمل على حد سواء، ومن أهم تلك الحقوق هو دفع الأجر في وقته وبدون تأخير، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ) رواه البخاري.
وهي دعوة صريحة لصاحب العمل بأن يحترم جهد العامل ويعطيه حقه دون تأخير أو مماطلة، تأخير الأجور ليس فقط ظلمًا للعامل، بل هو خرق للأمانة التي وضعها الله على صاحب العمل.
إن تأخير الرواتب أو عدم سدادها يمكن أن يؤثر بشكل سلبي على حياة العامل، فهو يعتمد على هذا الأجر لتأمين ضروريات الحياة مثل الغذاء، السكن، وتوفير احتياجات عائلته، وفي حال تأخر الراتب، قد يضطر العامل إلى الاقتراض أو مواجهة ضغوط مالية صعبة، لذا، فإن الالتزام بتسديد الرواتب في وقتها يعد جزءًا لا يتجزأ من الأمانة التي يفرضها الدين والأخلاق.
اتق الله في الأسرةالأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع، وتقوى الأسرة تعتمد على الحب، والتفاهم، والعدل بين أفرادها، "اتق الله" في أسرتك تعني أن تكون رحيمًا بزوجتك وأولادك، أن تحترمهم وتمنحهم حقوقهم، يقول النبي صلي الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله"، وهذا الحديث الشريف يوضح أن التعامل الجيد مع الأسرة هو من أفضل الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى الله.
الكثير من الناس ينشغلون بأعمالهم وأمور حياتهم اليومية، وينسون أن أسرتهم تحتاج إلى اهتمام ورعاية، "اتق الله" تعني أن تعطي وقتك وجهدك لأفراد أسرتك، وأن تكون عونًا لهم في حياتهم اليومية، الزوج الذي يعامل زوجته بحب واحترام، ويقدم لها الدعم النفسي والمادي، هو في الحقيقة يتقي الله في أهل بيته.
اتق الله في المجتمعالمجتمع يقوم على التعاون بين أفراده، و"اتق الله" في المجتمع تعني أن تكون عضوًا نافعًا ومسؤولًا، تتجنب الظلم والجور وتعمل على نشر الخير بين الناس، الإسلام يحث على الصدق في التعاملات المالية، وعلى الأمانة في التجارة والبيع والشراء، الغش والخداع في المعاملات يعتبر خرقًا صريحًا لأوامر الله، ويعتبر من الكبائر التي توعد الله أصحابها بالعذاب.
التحايل على الناس سواء في البيع أو الشراء أو في أي مجال آخر يؤدي إلى تفكيك الثقة بين أفراد المجتمع، لذلك، من يتق الله في تعاملاته مع الناس هو من يسعى لبناء مجتمع قائم على الصدق والإخلاص.
اتق الله في المالالمال هو وسيلة لتحقيق الحياة الكريمة، ولكن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نكتسب المال من مصادر حلال وننفقه في وجوه الخير، "اتق الله" في المال تعني أن تتجنب الكسب الحرام مثل الربا، والغش، وأي طرق غير مشروعة لكسب المال، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"، وهي أن تكون الأموال مكتسبة بطرق شرعية ومشروعة.
كما أن "اتق الله" في المال تعني أيضًا أن تنفقه بحكمة وأن تبتعد عن الإسراف والتبذير، الإنسان مطالب بأن يكون مسؤولًا في طريقة إنفاقه للمال، وألا يستخدمه في طرق تؤدي إلى الفساد أو الضياع.
اتق الله في الأخلاقالأخلاق هي العمود الفقري الذي تقوم عليه العلاقات الإنسانية، الإسلام حث على الأخلاق الحميدة مثل الصدق، والأمانة، والتواضع، والعدل، "اتق الله" في أخلاقك تعني أن تتحلى بهذه الصفات في كل موقف من مواقف حياتك، سواء كنت في العمل، أو في المنزل، أو في الشارع.
الصدق في الحديث، والأمانة في التعامل، والتواضع في العلاقات الاجتماعية كلها صفات تجعل الإنسان محبوبًا بين الناس وتقربه إلى الله، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُعرف بأنه الصادق الأمين، وكان مثالًا للأخلاق الحميدة التي نقتدي بها في حياتنا اليومية.
"اتق الله" ليست مجرد عبارة تُقال، بل هي منهج حياة، هي دعوة لكل شخص بأن يتق الله في جميع تفاصيل حياته، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، "اتق الله" تعني أن تتحمل مسؤوليتك تجاه نفسك وتجاه الآخرين، أن تكون عادلًا وصادقًا وأمينًا في كل موقف.
التقوى هي أن تشعر بمراقبة الله لك في كل وقت وفي كل موقف، وأن تعلم أن الله يراك ويسمعك، وسيحاسبك على كل أفعالك، لذلك، من يتق الله في كل شيء هو من يسعى دائمًا للابتعاد عن الظلم والجور، ويسعى لإرضاء الله في جميع أعماله.
"اتق الله" هي دعوة للبشرية كلها أن تكون عادلة، وأمينة، وراقية في تعاملاتها، هي رسالة للتفكير في الآخرين، في حقوقهم واحتياجاتهم، وعدم التعدي على حقوقهم سواء بالكلام أو الفعل، فالتقوى ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي عمل وجهد لتحقيق العدل والخير للجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اتق الله دعوة العمل الأسرة المجتمع فی العمل هی دعوة تعنی أن أن تکون
إقرأ أيضاً:
عادل عبد الرحيم يكتب.. أحكي لكم عن طفولتنا "السعيدة" في وداع رمضان واستقبال العيد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق ** حلابسة وبالوظة وكازوزة وحرب أطاليا.. ياللا انشالله ما حد حوش
أعترف لكم أعزائي القراء، المعدودين على أصابع اليد الواحدة، بأنني لست من هواة البكاء على اللبن المسكوب ولا الحزن على ما فات حتى ولو كانت أيام وساعات العمر المعدودات.. لكن الشهادة لله لازم برضه أقر وأعترف بأن جيل "اليومين دول" في منتهى الحرمان من الفرحة والسعادة اللي كنا بنشعر بيها في المناسبات والأعياد وذلك رغم بساطة الامكانيات وندرة الأموال .. لكننا نحن جيل السبعينيات على سبيل المثال كنا نحاول اختلاس لحظات فرحة أو متعة بأي شيء وكل شيء .
فالأجيال الحالية، ومهما كان سعر الموبايلات التي يحملونها والتي ربما تصل للأيفونات مئوية الآلاف، لكنها وبكل أسف تعاني حرماناً خطيراً من الشعور بالسعادة.. ولن أتفلسف واستخدم عبارات تم استهلاكها من باب الانعزالية والتوحد اللتان تصيبان كل من يفرط في استخدام هذه التقنيات الحديثة، ولكنني سأكتفي بضرب مثال واحد.
كنا نقضي ساعات الصوم ما بين ذهاب للمدرسة ثم العودة لشراء مستلزمات المنزل التي تطلبها الأم أو يأمر بها الأب، ثم نأخذ قسطاً من الراحة لنستيقظ بعد وقت قصير على صوت الشيخ محمد متولي الشعرواي وهو يفسر القرآن العظيم بطريقته السهلة الممتنعة، ثم نستمع إلى صوت من الأصوات الملائكية لقراء القرآن الكريم بداية من الشيخ محمد رفعت أو صديق المنشاوي أو الطبلاوي أو حتى عبد الباسط عبد الصمد ثم ابتهالات "مولاي" للشيخ سيد النقسبندي التي ما أن تسمعها حتى يقشعر جسدك وتدمع عيناك أوتوماتيكياً.
وبعد الإفطار وعلى خلفية هذه الوجبة الإيمانية الرائعة.. نستمتع بمشاهدة فوازير نيللي، وبعدها بأعوام الفنانة شيريهان، ثم نلتف جميع أفراد الأسرة حول التليفزيون لمشاهدة المسلسل العربي وغالبا ما يكون إما كوميدي (صيام صيام) أو تاريخي (الفرسان) أو اجتماعي (ليالي الحلمية ـ أرابيسك).
وإذا قررنا الاستمتاع بـ"فسحة على ما قسم" فالوصفة سهلة، الوصفة هايلة.. فما عليك إلا أن تختار ما يحبه قلبك، وعلى طريقة "شبيك لبيك تطلب إيه" ستجد كل متع الطفولة الجميلة متاحة أمامك، فما عليك إلا أن تتحدى الكل والرغبة في النوم بعد الفطار ثم تنزل الشارع لتجد كل ما يسر الناظرين، حلابسة (حمص الشام فيما بعد) بالوظة (مهلبية) كازوزة (حاجة ساقعة أقصد).. أما لو حبينا نتشاقى ونعمل فيها عيال خطرة كنا نروح نشتري "حرب أطاليا" وهي عبارة عن كبسولات صغيرة جداً تحتوي على مادة متفجرة مثل البارود .
ونكمل ملحمة "الترويش" أو قل "الروشنة" ليلة الوقفة حيث نسهر طوال الليل حتى يحين موعد صلاة العيد فنذهب للمسجد ونبتهل بجوار الإمام ونحشر ألسنتنا في الميكروفون ونحن نردد "الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله".. بعدها نتفرغ لجمع العيديات من الأهل والأقارب ونشوف لنا فسحة لجنينة الحيوان ولا سينما علي بابا.
أما أطفال وشباب اليومين دول يا عيني عليهم لا بيحسوا ببهجة ولا لذة ولا متعة، إلا فيما ندر بطبيعة الحال، فالانكفاء على "الملعون"، عفواً المحمول أقصد، ينسج لهم عالماً من الخيال يسحبهم من الواقع فلا يكادون يرفعون وجوههم من المشاهدة فيه وكأنهم يبحثون عن حل لغز خطير أو ربما يفتشون عن كنز ثمين.
وبعد التعب والإرهاق من "البحلقة" في هذا الجهاز الساحر لا يملك الشباب والأطفال إلا استسلام الجسد لأقرب سرير أو حتى كرسي للحصول على استراحة بعد طول معاناة، وما أن يستفيقوا حتى تكون فاتتهم جميع هذه اللحظات الجميلة التي لا نملك الآن إلا سردها على من يمكنه السماع إلينا، أو الترحم عليها بعد التأكد من أنها أيام ولت ولن تعود.
على أية حال كل سنة وانتو وإحنا طيبين وبالعيد فرحانين وعن اللي ما يتسمى المحمول مستغنيين.. عيد فطر سعيد عليكم يارب.